التوسر: الشيوعية كحركة مناهضة للشمولية والفاشية!


طلال الربيعي
2019 / 6 / 13 - 21:52     

كتبت تعليقا على مقالة لوي التوسر
الماركسية بوصفها نظرية محدودة
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=597706
هذا نصه
"حزب حكومي يكرْس سلطة الدولة الكومبرادورية
على عكس ما يفعله الحزب الشيوعي العراقي الذي احال نفسه الى حزب حكومي بهدف اصلاح رأسمالية الدولة وبذلك فهو يكرْس سلطة الدولة الكومبرادورية, يقول بحق المفكر الماركسي الكبير لويس التوسر
-على الحزب (الشيوعي) أن لا يعتبر نفسه أبداً، في المبدأ، ”حزباً حكومياً“ء حتى لو يمكنه، في ظروف معينة، أن يشارك في الحكومة. في المبدأ، على الحزب، وفقاً لغايته السياسية والتاريخية، أن يقف خارج الدولة في كلا من: الدولة البورجوازية وبشكل أكثر في الدولة البروليتارية. على الحزب أن يكون أداة تدمير الدولة البورجوازية، قبل أن يصبح، شيئاً فشيئاً، أحدى أدوات تحلل الدولة. الصفة الخارجية السياسية للحزب فيما يتعلق بالدولة هو المبدأ الأساسي الذي يمكننا أن نستخرجه من النصوص الشحيحة لماركس ولينين حول هذه المسألة. من دون هذه الإستقلالية للحزب (وليس للسياسة) في علاقته بالدولة، لن نخرج أبداً من الدولة البورجوازية؛ مهما أردنا ”إصلاحها“.-

وقد عقب مشكورا الصديق العزيز عبد الحسين سلمان على تعليقي كالتالي
"العنوان الخطأ
تحياتي الحارة للدكتور الصديق طلال الربيعي.

عنوان المقال باللغة العربية خاطئ تماماً و ترجمة العنوان ترجمة سيئة ولا تؤدي المطلوب.

عنوان المقال الاصلي في اللغة الفرنسية هو:
Le marxisme comme théorie finie »

وفي الانكليزية هو:
Marxism as a Finite Theory

والمصطلح théorie finie أو Finite Theory هو مصطلح علمي رياضي منطقي mathematical logic , لا يعني مطلقاً : نظرية محدودة . بل يعني : المنطق الرياضي الذي يستد على العلاقة بين علم النظم syntax وعلم الدلالة semantics. وهذه النظرية هي وثيقة الارتباط بالجبر الرياضي mathematical algebra .

لذلك اعتقد ان العنوان الصحيح هو : الماركسية بوصفها نظرية غير اللاَّمتناهي. ...بمعنى لها نهاية والنهاية هي كما يقول التوسير , نهاية نمط الإنتاج الرأسمالي.
ولنا عودة للموضوع."

و بسبب طول تعقيبي (على تعقيبه) ارتأيت نشره كمقالة ومن اجل توسيع الحوار في الامور قيد النقاش!
.........
شكري الجزيل على تعقيبك, واتفق معك ان ترجمة التوسر الى العربية ليست بالامر الهين! ولكني سبق لي وان قرأت هذه المقالة بالانكليزية
Marxism as a Finite Theory (1978)
Louis Althusser December 14, 2017
https://www.viewpointmag.com/2017/12/14/marxism-finite-theory-1978/

واعتقد ان فيها كثيرا من الافكارالخصبة التي تعيد تعريف المفهوم الماركسي التقليدي لديكتاتورية البروليتاريا الذي ادخله حراس المعبد وكهنته من الستالينيين القدامى والجدد في مأزق لا مخرج منه وهم يسدون بذلك خدمة لا تقدر الى اعداء الشيوعية, التي يساوونها مع الديكتاتورية, وذلك اعتمادا على فهم نظري متخلف وجمود عقائدي لا مثيل له. وهؤلاء يرددون المصطلحات كالببغاوات وكأنهم حفظوها ظهرا عن قلب, وتحولت الماركسية على اياديهم الى نظرية للاستعباد وغلق العقول ومماشاة التيار السائد واغفال التطورات الهائلة الاخيرة في مجال العلوم الطبيعية والانسانية والاجتماعية, وهم يخشون مراجعة افكارهم لانهم يعتبرون الماركسية كلية وشمولية, و يسقطون بذلك نرجيستهم المفرطة وشعورهم بالعظمة على الماركسية, وهذا خطأ فضيع ايضا بكل المقاييس لاسباب فلسفية واخرى منطقية رياضية كما في نظريتي اللاتكامل للمنطقي الرياضي كورت غودل التي تنطبق استخراجاتها على كل نظام معرفي وبضمنه النظرية الماركسية
On the Philosophical Relevance of Godel s Incompleteness Theorems
https://www.cairn.info/revue-internationale-de-philosophie-2005-4-page-513.htm#

ان مقالة التوسر تلقي حجرا في الماء الراكد وتدعونا الى اعادة فهم العديد من المفاهيم الماركسية التي جرى تحريفها عن قصد او بسبب سوء فهم نتيجة قراءة سوقية لها اعتمادا على كتيات ستالين المبتذلة التي قلبت الماركسية رأسا على عقب.

ان الشيوعية هي لحظة راهنة وليست مرحلة غائية يسعى التاريخ وفق فلسفته الى تحقيقها اوتوماتيكيا او عبر فعاليات هامشية او حتى مناقضة لروح الماركسية ويتم تصويرها وكأنها نضال شيوعي سيصب في المحصلة لصالح بلوغ المرحلة الشيوعية. ان هذا هراء وهذا الفهم الغائي هو لعب على الحبال لقمع النظر في اللحظة الراهنة واعتبارها لحظة شيوعية من خلال نفيها وباعتبار انها توفر بديلا شيوعيا ممكنا مناقضا للنظام الرأسمالي او النظام التابع-الكومبرادوري في منطقتنا.

ان اضفاء صفة الغائية على الماركسية والتكلم عن مراحل تطورية على المجتمعات المرور بها لتحقيق البديل مثل ما يسميه عجائز وافندية الشيوعية "المرحلة الوطنية الديموقراطية" هو كلام يناقض نفسه بنفسه! فاذا كانت المرحلة وطنية وديموقراطية بحد ذاتها فعلام نفيها بنظام آخر باسم الماركسية-هذا اذا غضضنا النظر, اعتباطا, عن ان مفهوم الوطنية حاليا, بفضل العولمة, اصبح مفهوما عائما ولربما بعيد المنال؟ كما ان الماركسية تعتبر كل الانظمة الطبقية انظمة لا ديموقراطية والواقع يؤكد ذلك بكل يقين.

ان تشويه الماركسية من خلال نظرية المراحل او وجود غائية للتاريخ, حسب فلسفة التاريخ, او ان الشيوعية تخلق الانسان الكامل وتحقق جنة الله على الارض وغيرها من المفاهيم هي كلها مفاهيم شمولية ورجعية ولاعلمية ومرفوضة, وهي ترديد لأضداء الفلسفة الوضعية و مساواتها الرثة للعلم بالعلم الطبيعي الكلاسيكي, وهي تغفل, كما ورد اعلاه, استناجات نظريات مثل نظرية الكم او نظرية الفراشة التي تقلب قانون هيغل الديالكتيكي بتحول الكم الى كيف رأسا على عقب.

وانت ايضا تقول بحق
"وأكاد اجزم ان حشع منذ ١٩٣٤ ولحد اليوم لم يعرف معنى ديكتاتورية البروليتارية بالمفهوم الماركسي نعم الاستاذ و حشع يعرفونها بصيغتيها اللاتينية والمعربة كمصطلح كما ورد في المقال"
وتضيف
"هذه العناصر الاربعة هي حسب رؤية ماركس وتسبق المرحلة الشيوعية وهي مرحلة انتقالية و وكانت خاصة بكومونة باريس ولم يقفز ماركس الى القوقاز او نيجيريا او الارجنتين"
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=406769&r=0
وهذا حسب اعتقادي قريب جدا لما يقوله التوسر في هذا المقطع الذي يعرف فيه التوسر ما يعنيه بمحدودية الماركسية
I believe that Marxist theory is “finite,”-limit-ed: that it is-limit-ed to the analysis of the capitalist mode of production, and of its contradictory tendency, which opens up the possibility of the transition to the abolition of capitalism and its replacement by “something else” which already appears implicitly in capitalist society. I believe that Marxist theory is entirely the opposite of a philosophy of history which “encompasses” the whole future of humanity, and which would thus be capable of defining the “end”: communism, in a positive manner.
Marxism as a Finite Theory (1978)
(الرابط اعلاه. المقطع مترجم ضمنا ايضا في الرابط )
هذا, وان كنت اعتقد ان محدوديتها, بعرف التوسر, قد تقلصت الآن بعد انهيار الاتحاد السوفيتي و بهيمنة النظام الرأسمالي عالميا بحيث ان دول ما قبل رأسمالية كالعراق اصبحت بعد الاحتلال احدى حلقات النظام الرأسمالي, وهذا الكلام ينطبق على العديد من دول العالم الاخرى التي ادخلت عنوة في النظام الرأسمالي بسبب العولمة كنظام اقتصادي وفكري عابر للحدود والقوميات, ولذلك اسمح لي ان اختلف بعض الشئ مع استنتاجك
"حشع (الحزب الشيوعي العراقي) يسير بشكل بطئ و تدريجي ليتحول من حزب شيوعي على الطراز اللينيني الى حزب اشتراكي ديمقراطي على طراز الاحزاب الاشتراكية الديمقراطية في اوروبا الغربية"
فالحزب هذا هو في واقع الحال حزب نيوليبرالي.
حزب نيوليبرالي يتَجَلبَبَ بجِلْبَابَ الشيوعية!
http://www.ahewar.org/DEBAT/s.asp?aid=524989

والصيغة الليبرالية للرأسمالية او دولة الرفاه هي سمة للرأسمالية لفترة الحرب الباردة وهي لن تتكرر تاريخيا بأعتقادي في مجتمعاتنا وحتى انها على وشك ان تلفظ انفاسها الاخيرة في دول الرفاه الكلاسيكية, لذا اني اتفق مع تحليل سمير امين بان الخيار الوحيد لدول مثل العراق هو الخيار الاشتراكي, ولما كان خيار الاشتراكية الديموقراطية اصبح خارج التاريخ الآن فاني اعتقد اننا يجب ان نبحث عن طريق لا يهدف الى تحقيق الاشتراكية من خلال التعاون او الاصطفاف مع البرجوازية العراقية التافهة والرثة والتي فقدت الآن, وحتى من قبل, وبالكامل كل نَفَسْ ثوري او امكانيات ابداعية او قدرة علمية على فهم نفسها او التاريخ! ومأزق الحزب الشيوعي العراقي هو نفسه مأزق هذه البرجوازية (اي انه مأزق اجتماعي!), التي هي برجوازية فقط بمعنى كونها وكيلة للرأسمال الدولي, وهي لذلك برجوازية طفيلية ولربما من الاصح تسميتها ب "برجوازية المافيات". والمافيات يجب ان يقبعوا في السجون في دولة القانون لا ان يتولوا السلطة او يتم التحالف معهم, اي ان هؤلاء يتحالفون مع جلاديهم وفق ملازمة ستوكهولم او وفق مازوخية تكون وجه العملة الآخر لسادية الآخر او السلطة مما يعبد الطريق نحو الفاشية. وعلى الشيوعية, كحركة, دوما وابدا اذا ارادت ان تكون ديموقراطية بالفعل وليس بالكلام, ان تكون معادية لكل انواع الشموليات والفاشيات مثل فاشية الاسلام السياسي!

شكري الجزيل ثانية على الحوار!