شجون مصرية.. حزب التجمع.. وتحديث الخطاب اليسارى

عادل وديع
2019 / 4 / 17 - 09:44     


لم يعد التصنيف التقليدي للأحزاب بوصفها يسارية أو يمينية تصنيفاً واقعياً، فالتغيرات الدولية فرضت نفسها على الإيديولوجيتين، فلا يمكن إنكار التأثير السلبي لإنهيار الاتحاد السوفيتي ولا تأثير العولمة على دول العالم أجمع، هذا بجانب المصالح الاقتصادية التي أصبحت المحرك للسياسات الدولية.
وفى منتصف القرن الماضي لم يكن الوفاق على أكمله بين القطبين الشيوعيين- الاتحاد السوفيتي والصين وكنا نسمع عن مصطلح الانقسام السوفيتي الصيني. فقد كانت الصين لا ترضي عن التطبيق السوفيتي لمبادئ الشيوعية برغم كل النجاحات التي لازمت الاتحاد السوفيتي ذلك الوقت حتى أصبح رائداً للفضاء وقوة عالمية مسيطرة وقطبا يناطح القطب الأمريكي، وما يحدث الآن هو تخلي عن المبادئ الشيوعية الصرفة، حيث انطلقت الصين بكل قدراتها لتغزو العالم صناعياً وتجارياً وأصبحت أكثر ثالث قوة اقتصادية فى العالم بعد أمريكا واليابان، بينما كان ترتيبها التاسع والعشرين أيام ماوتسي تونج.
وفى الاتحاد السوفيتي فاز حزب روسيا الموحدة الذي يرأسه بوتين وأضيف له حزبان هما: الليبرالي وروسيا العادلة ولم يستطع الحزب الشيوعي الوقوف أمام شعبية بوتين وحصل على قدر محدود من مقاعد الدوما واليوم يوصي كبار القادة الاشتراكيين المجتمع السوفيتي والصيني بالتزام أكثر باقتصاد السوق والتحالف مع الوسط.
أما فى فرنسا فتمثل الساركوزية هزيمة فكرية لليسار بسبب جموده وعدم إنبثاق نطرية سياسية جديدة تعبر عن اشتراكية القرن الحادي والعشرين. وقد رصد الإعلام النتيجة السيئة التي حصل عليها المرشحون الذين يقفون على يسار الحزب الاشتراكي، وبهذا التهميش لم يعد اسم اليسار مقرونا بالشيوعية، وإذا وجد حزب يساري مفرط فى يساريته لا يمكن أن يمتد للوسط بذلك لا يمكن تعزيز هذا الحزب ودعمه جماهيرياً، لأن التحالف مع الوسط هو ما يسمى « القوة الثالثة « المنبثقة من إندماج الاشتراكية مع الوسط التي ترعي مصالح المواطن البسيط والعامل والفلاح وتحقق العدالة الاجتماعية والانفتاح على المنافسة الدولية والتقدم العلمي.
وفى فرنسا أيضا، دعا ميشيل روكا عندما كان رئيسا للوزراء للتخلي عن الخطاب الأحادي ودعا أيضا لحركة واسعة تضم جميع من يناضلون اليوم فى سبيل حقوق الإنسان.
أما فى مصر، فالظروف السياسية والاقتصادية تعد مناخا مثاليا لتفعيل دور اليسار، فسياسيا هناك تحرش إسرائيلي أمريكي بمصر، وهناك قضية التطبيع ومشكلة الدعم الأمريكي المشروط لمصر، واقتصاديا مشاكل البطالة والعشوائيات والغلاء والخصخصة وبيع القطاع العام وتعظيم دور رأس المال ورجال الأعمال والاحتكار بجانب قضايا الفساد كل هذا أدى إلى تغير اجتماعي خطير تاه وسطه المواطن.
لذلك فدور حزب التجمع الذي يضم اليسار بكل أطيافه يعتبر ضرورة ملحة حيث أن حزب التجمع يعتبر أهم أحزاب المعارضة، وليعترف الجميع بالمتغيرات الحادثة والعولمة والتخلي عن بعض الشعارات القديمة التي لا تناسب الواقع العالمي الآن.

د. عادل وديع فلسطين