كيف أصبحت ستالينيا


عليه اخرس
2019 / 3 / 6 - 18:06     

كيف أصبحت ستالينيا
ترجمة عليه اخرس تنقيح يسار مشعل
ايها الأصدقاء! (والأعداء) تلقيت عددًا من الرسائل الخاصة والتعليقات من معارف ومن أشخاص قد لا اعرفهم وتعرفوا علي من خلال الصور التي نشرت، حيث شاركت في الحدث المسمى " قرنفلتان اثنتان للرفيق ستالين". علي أن أقول على الفور انني تلقيت دعم حوالي 86 ٪ من أولئك الذين كتبوا لي . لكن، بالطبع، هذا ليس كل شيء. لذلك ،أعتقد أن من المهم أن أشرح الاشياء قليلا .. في الحقيقة، قبل خمس أو سبع سنوات كنت عدوا لدودا للستالينية، نعم. ومع ذلك، فقد أظهرت تجربتي الشخصية أن هذا كان في المقام الأول نتيجة لجهلي الخاص في هذه المسألة. وبطبيعة الحال، كان نتيجة للتأثير على العقل الهش في بيئة المعلومات التي تربينا جميعا فيها. كيف حدث أنني غيرت وجهة نظري بشكل جذري إلى عهد ستالين؟!
لقد عودونا على الاعتقاد جميعاً بأن "ستالين" كان، في المقام الأول، "حاكمًا سيئًا"، وأن البلد في عهده "كان منفوخاً كالخميرة". وأنه كان يجب على الناس الذين عاشوا في عصره أن يكرهوه. ولكن على العكس فقد كنّ له الناس على أقل تقدير الاحترام . هذا ما كان يمكن قراءته أحياناً بين السطور، ويقال احيانا أخرى في العلن ودون مواربة.
بعد ستالين، اتى إلى السلطة "القادة الجيدون". لكن المؤشرات الاقتصادية، ونمو وتطور البلاد في ظل خروتشوف بدأت في الانخفاض. فأصبح واضحا لي أن الأمور سارت على غير ما يقولون. ثم، في ظل عهد بريجنيف، توقفت البلاد وتسمرت في مكانها أصلاً، وبدلاً من حل المشاكل المهمة، تم تأجيلها بكل بساطة. هذا الحال اتى في النهاية بنتيجة عكسية في أواخر الثمانينيات، وعلى نطاق أوسع بكثير، وفي نهاية المطاف جعل انهيار الدولة ممكناً.
هم "جيدون" إذاً وستالين "سيئ". تناقض فاضح.. هذا الـ"لغز" لم يجد له حلاً في رأسي.
لن أتحدث هنا تفصيلاً عن شخصيات "الحكام الجيدين"، وعما دفع خروشوف "لفضح عبادة الفرد" ذاك، فمن يهمه الأمر، سيفهم هذا بالتأكيد..
القمع. نعم، لقد حصل . ومع المذنبين، لسوء الحظ، أدين أناس أبرياء. كان هناك قمع في بداية الثورة ضد رجال الدين. ومع ذلك، فإن اللوم الرئيسي يقع على رئيس الاستخبارات نيكولاي يجوف. مع وصول بيريا إلى رئاستها حصل العكس، فانتهت الفوضى وأعمال القمع التي سادت خلال عامي 1937-1938. (لكن دأبوا على تعليمنا عكس ذلك، أليس كذلك؟) وعلى الرغم من أن دور ستالين نفسه في هذا القمع لم يكن كبيرًا ومباشراً وواضحاً تماماً كما كان معتقداً، إلا أن المسؤولية عن تعزيز دور اجهزة القمع تقع على عاتق جوزيف ستالين. نعم، وهو أيضا لم يعف نفسه من تحمل المسؤولية، حسب معلوماتي .
في النقاش مع العديد من المصنفين "مناهضين للستالينية" الذين يزعمون أنهم يتعرضون لوخز ضمير شديد بسبب االضحايا الأبرياء والأشخاص الذين تعرضوا للقمع والتعذيب، صادفت مرارًا وتكرارًا حقيقة أنهم لم يتمكنوا أبدًا من إعطاء أية أرقام مفهومة ومعقولة. أي يبدو أنهم قلقون للغاية بشأن مصير هؤلاء الناس، لكنهم لم يكلفوا أنفسهم عناء السؤال، كم كان عدد هؤلاء بشكل عام؟ كيف؟ على ماذا؟ متى؟ على كل هذه الاسئلة كانت لديهم إجابة واحدة - "الكثير! .. عشرات الملايين.
هناك من سمع عن 40 مليوناً كعدد شبه رسمي، وهناك من اعتمد على أعمال سولجينتسن الادبية واشارته الى 60 مليوناً ..اما في وسائل الإعلام الغربية، فالعدد يصل الى 100 مليون. ولكن محفوظات استخبارات NKVD الستالينية لا يزال عليها ختم السرية، كما يزعمون، لذلك لن نعثر على الحقيقة ابدا، لذلك هم يقولون، كثيرا جدا" وهذا كل شيء ...
هذا علماً أن المعلومات متوفرة. وهي علنية منذ فترة طويلة . أولئك الذين أرادوا حقًا معرفتها - وجدوها بسهولة. في أوائل عام 1954، تم وضع شهادة في وزارة الشؤون الداخلية السوفييتية أرسلت إلى خروتشوف تقول: خلال الحكم الستاليني، تمت إدانة 3.777.380 شخص لأسباب سياسية. أنا بت أعرف هذا الرقم عن ظهر قلب. وهنا لا ينبغي الاعتقاد بأنه تم إعدامهم جميعا. من إجمالي عدد المدانين، تم تنفيذ الإعدام في حق 642،980 وهذا على امتداد 32 سنة.
من اين اتى بعضهم، بالمناسبة، بأنهم كانوا جميعا أبرياء؟! لقد كان هناك بالفعل خونة وعملاء، جلاوزة لدى العدو المحتل،عصابات تابعة لفلاصوف وبانديرا، لكن، أقول مرة أخرى، كان هناك أبرياء أيضا بينهم. ومع ذلك، ما هو الأهم في الأرقام المذكورة أعلاه؟
الشيء الأكثر أهمية هو أنهم كانوا يخدعوننا. خدعونا لفترة طويلة. وعمدا. وبشكل واع وهادف.

لن أكتب هنا بالتفصيل عن إنجازات عهد ستالين لانكم لن تستطيعوا قراءتها حتى الصباح: )) وإذا كان ممتعًا لكم حقًا، فستكتشفون ذلك بسهولة.
في هذه الأثناء، أنظر حولي، وكل ما أراه هو الشوارع الواسعة، والبنايات الشاهقة والكبيرة المضاءة .. ومترو الأنفاق، والكتابات والنقوش التي يمكن أن يقرأها الجميع .. والسماء الصافية فوق رؤوسنا، في نهاية المطاف!
كل هذا نحن مدينون به لعهد ستالين، للملايين من أبناء الشعب السوفييتي الذين أنشأوا في ظل قيادة ستالين بلدًا بكل معنى الكلمة وأهدونه لنا، . بلداً كان يتهاوى ويتفتت عام 1917. دولة وشعباً تمكنوا من حفظهما، رغم الحروب الأكثر فظاعة في تاريخ البشرية.
علاوة على ذلك، من المهم أن نفهم أن الشعب السوفياتي، بقيادة يوسف ستالين، لم يخلص نفسه فقط في الواقع، بل أنقذ العالم كله. تسألونني: هل كنت سأرغب أن أعيش في تلك الحقبة بنفسي؟ لا أعرف .. ربما لا.
أنا متأكد من أنه لو كان بإمكان المرء حتى أن يسأل يوسف ستالين نفسه هذا السؤال، لكان فكر في الأمر عميقاً ولفترة طويلة في ما إذا كان يرغب أو لا. لقد كانت تلك أوقات اختبار صعبة .
كانت هناك اخطاء. ولكني أعتقد أن الوقت قد حان لتكريم الشخص الذي قام بالكثير من أجلنا. عندما تحتفل بوالديك، فأنت لا تفعل ذلك لأنهم لم يخطئوا أبداً، أو أنهم بلا خطية مطلقاً؟ لا، أنت ممتن لهم على جميع الأشياء الجيدة والمهمة التي قاموا بها من أجلك.
أنا لا اقوم بتحريض احد ليصبح ستالينياً. لكني أعارض الموقف الأحادي الجانب من هذا الموضوع. لقد تم خداعنا لفترة طويلة جدا، ولم يظهروا لنا إلا قمة "جبل الجليد" ولم يظهروا لنا إلا "غيضاً من فيض"، و"جبل الجليد" إياه لم نره قط.
الآن فهمت "اللغز" كله في النهاية.
هل تعرفون اي احساس شعرت به عندما اقتربت من قبر ستالين؟
(لن تحزروا )!! لقد انتابني الشعور بالذنب والعار. لأننا استسلمنا لكل هذه الأكاذيب. وافقنا عليها وتصالحنا معها. اشحنا بوجهنا عن وطننا نفسه . لقد اضعنا وقتا طويلا وثميناً عبثا. وكنا على وشك فقدان آخر بقايا تراث اسلافنا العظيم. وكنا بالنهايةعلى وشك فقدان أنفسنا .
لم أستطع أن أحبس دموعي، لقد انفجرت في البكاء مثل امرأة .. أعترف، باني فقط لم أكن أتوقع ذلك من نفسي. ثم انضم إلى كل هذا رنين اجراس الكرملي وأشراق الشمس فوق برج سباسكي ليزيدا من دفق مشاعري.
هكذا، أصبح الأمر مزعجًا ومؤلماً لي! من جراء ما أصاب كل تاريخنا امن تحريف وتشويه . من جراء الافتراء على جميع أسلافنا.
أقول لكم إنها لطاقة قوية كانت تلفحني عند جدار الكرملين. وبصعوبة هدأ روعي ..
هناك الآن أمام بلدنا، امامنا جميعا - تحديات خطيرة. وإذا لم نتعلم دروسًا هامة من تاريخنا، فلن نكون قادرين على تحمل هذه المواجهة. ففي العديد من المسائل المتعلقة بعهد ستالين، وفي نموذج الدولة، تكمن إجابات على اسئلة الحاضر. لذلك، من المهم دراسة هذا الموضوع، وليس تكرار الأخطاء. من المهم بمكان تبني تجربة إيجابية بنتيجة ذلك.
أليكسي لوفتشيف 07 مارس 2016
ترجمة عليه اخرس
تنقيح يسار مشعل