الرأسمالية المعولمة وتناقضات بنيتها الدولية


لطفي حاتم
2019 / 2 / 28 - 13:09     



ــ افضى انهيار التشكيلات الاجتماعية في الدول الاشتراكية الى سيادة التشكيلة الرأسمالية العالمية بطوابقها الثلاث الدول الكسموبولتية ـ الدول الرأسمالية المتطورة ــ والدول الوطنية .وعلى اسا تلك المستويات تعيش التشكيلة الرأسمالية العالمية تناقضات متعددة الاشكال بين اطرافها الثلاث يمكننا تحديدها بشكلين أساسيين يتلخص أحدهما بتناقضات أساسية ، أما ثانيهما فيتجلى بتعارضات ثانوية بين اطراف التشكيلة الرأسمالية المعولمة .
انطلاقاً من ذلك التمايز المنهجي نتوقف عند تلك التناقضات والتعارضات والتي يمكن رصدها بالرؤى الفكرية التالية ــ
اولا ــ التناقضات الاساسية
ــ تعد التناقضات بين العمل وراس المال تناقضات أساسية في التشكيلة الرأسمالية العالمية وتتجلى تلك التناقضات بالنزاعات الطبقية حول خيار التطور الاجتماعي ، مستقبل البلاد السياسي وتحالفاتها الدولية .
ــ يكتسب الكفاح الوطني المناهض لوحدانية التطور الرأسمالي عناوين وطنية ـ دولية عامة بين طوابق الرأسمالية المعولمة وتشكيلاتها الاجتماعية ، تتلخص في سبل ادارة النزاعات الوطنية بين الدول انطلاقا من حدة المنافسة بين الرأسماليات الوطنية وما تحمله صراعات جديدة .
ــ تقود التناقضات بين اطرا ف التشكيلة الاجتماعية الدولية الى المنافسة الحادة وما تحمله تلك المنافسة من مخاطر فرض العقوبات الاقتصادية والنزاعات بين الدول الكبرى بأشكال عسكرية .
ـ تكتسب التناقضات الدولية المشار اليها اهميتها من انتقال الرأسمالية الاحتكارية الى مرحلتها المعولمة التي تعني الهيمنة الدولية الشاملة وما تجره من تعميم قوانين التبعية والتهميش .
ــ انتقال الرأسمالية الاحتكارية الى مرحلتها المعولمة تشترط الهيمنة في العلاقات الدولية الامر الذي يساعد على تنمية الروح العسكرية بين الدول وما تجره تلك الروح من نزاعات عسكرية دولية .
ــ تتركز التناقضات الاساسية في البنية الداخلية للرأسمالية المعولمة بين نهجها الهادف الى الهيمنة الدولية وبين الاستقلال والسيادة الوطنية .
ــ تدفع التناقضات بين مستويات الرأسمالية المعولمة الدول المتطورة الى فرض نهج العقوبات الاقتصادية والتدخلات العسكرية فضلا عن تشجيع الحروب الاهلية في الدول الوطنية .
ــ تفرز العولمة الرأسمالية تناقضات حادة في العلاقات الدولية بين الدول الكبرى والدول الدول الوطنية تتلخص بين الاستقلال والتنمية الوطنية وبين ميول التبعية والتهميش التي تعتمدها الرأسمالية المعولمة.
ــ تتمثل التناقضات الأساسية بين الاستقلال الوطني والتنمية الوطنية وبين التبعية والتهميش التي تعتمدها الرأسمالية المعولمة ؟
ــ تقود التناقضات بين الاستقلال الوطني و التنمية الوطنية وبين التبعية والإلحاق الى التدخلات العسكرية وتفتيت التشكيلات الاجتماعية الوطنية .
ـ أخيرا يمكن التأكيد على تماثل الرأسمالية المعولمة مع المرحلة الكولونيالية بشأن الدولة الوطنية والهادف الى تبعيتها وتجريدها من أمكانية تنمية تشكيلاتها الاجتماعية وتحجيم فعالية طبقاتها الهامشية .
ثانياــ التعارضات بين اطراف التشكيلة الرأسمالية العالمية .
تسود العالم الرأسمالي وحدة ايديولوجية تتلخص في سيادة نمط الانتاج الرأسمالي وهيمنته في العلاقات الدولية ورغم تلك الوحدة الأيديولوجية فان علاقات الانتاج الرأسمالية تتسيد فيها تناقضات وتعارضات مصالح اطرافها الدولية وعلى اساس ذلك يمكن للباحثين رصد الكثير من التعارضات والتي يمكن تحديد اهمها ـ
ــ التعارضات بين الدور الرأسمالية الكبرى حول السيادة الفعلية على موارد وأسواق الدول الوطنية.
ـ التعارضات بين الدول الرأسمالية الكبرى الهادفة الى الهيمنة وتعميم قوانين التبعية والتهميش على الدول الوطنية.
ــ تعارضات بين اطراف الرأسمال المهيمن في الدول الرأسمالية الكبرى على تصدير راس لمال واستغلال العمل الرخيص في الدول الوطنية .
ــ التعارضات بين قوى اليمين المتطرف المتشح بالوطنية في الدول الرأسمالية الكبرى وبين العولمة الامريكية الكسموبوليتية الهادفة الى التبعية والإلحاق .
ـ تعارضات بين أطراف التشكيلة الرأسمالية العالمية حول النزعة الديمقراطية ومحاولة تحجيم نزعاتها في الدول الوطنية .
ان التناقضات والتعارضات الملازمة لعلاقات الانتاج الرأسمالية بمراحلها المختلفة تشترط على اليسار الاشتراكي صياغة رؤى جديدة تتجاوب وطبيعة المرحلة الرأسمالية المعولمة وتأثيراتها على التشكيلة الاجتماعية الوطنية المعاق تطورها من الخارج الدولي .
بهذا الاطار نحاول اثارة بعض الموضوعات الفكرية التي ربما تساعد على تحليل الموضوعات الجديدة التي نراها ملازمة للطور الجديد من التوسع الرأسمالي .
ثالثاً ـ الرأسمالية المعولمة وكفاح القوى الديمقراطية
بداية لابد من التأكيد على ان الدول العربية وبسبب سيادة علاقات الانتاج الرأسمالية في تشكيلتها الاقتصادية تتأثر بما يجري في المستويات الاخرى من التشكيلة الرأسمالية العالمية عليه من الضروري دراسة تلك التأثيرات استنادا على آليات الهيمنة والسيطرة التي تتخذها الدول الكبرى على الدول الوطنية والتي تأخذ ابعادا متنوعة في الطور الموسع من التطور الرأسمالي يمكن اجمالها بـ
1 ـ العقوبات الاقتصادية
تسعى الدول الامبريالية المعولمة الى فرض العقوبات الاقتصادية على الدول الوطنية بهدف جرها الى تبعية حركة راس المال المعولم ، وبهذا الاتجاه تعمد الدول الرأسمالية الكبرى الى اضعاف قدرة الدول الوطنية على النمو والتطور استنادا الى إضعاف بنيتها لاقتصادية وتفتيت تشكيلتها الاجتماعية وإفقار طبقاتها الاجتماعية المكافحة من اجل الاستقلال والسيادة الوطنية .
2 ـ التدخلات العسكرية
تعمل الدول الامبريالية الكبرى الى فرض التدخلات العسكرية في الشؤون الداخلية للدول لوطنية والإطاحة بالحكومات الوطنية لغرض املاء شروطها الاقتصادية والسياسية على السلطات الجديدة التي تنتهجها التدخلات العسكرية وفرض هيمنتها الاقتصادية والسياسية على الدول المفتوحة بالقوة السلاح خلافا للشرعية الدولية .
3 ـ مساندة اليمين المتطرف في النزاعات الوطنية
تسعى الدول الامبريالية الكبرى الى مساندة اليمين المتطرف في النزاعات الوطنية ومساندته دبلوماسيا وعسكريا في النزاعات الوطنية لغرض تقرير مسار البلاد السياسي .
3 ــ تفتيت التشكيلة الاجتماعية الوطنية
مساندة اليمين المتطرف استنادا الى نهج الضغوطات و التدخل الخارجي تستطيع الطبقات الفرعية التجارية و أجزاء من الطبقة المالية اقامة تحالفات طبقية داخلية ضامنة لمصالح الرأسمال الدولي وما ينتجه من تفتيت المنابع الطبقية لنمو وتطور الطبقات الفاعلة البرجوازية الوطنية والطبقة العاملة الضامنة لنهوض الدولة الوطنية المستقلة .
4 ــ مساندة الحكومات الديكتاتورية
تقود التبدلات في انظمة الحكم الوطنية الى اقامة السلطات الديكتاتورية باعتبارها حليفا للرأسمال الدولي وتدخلاته العسكرية وكابحا سياسيا للتغيرات في البنية الطبقية الوطنية .
5 ـ تجريف الحدود الطبقية للطبقات الاجتماعية في التشكيلة الوطنية وذلك من خلال خلق الظروف الاقتصادية والسياسية لسيادة الطبقات الفرعية الكمبورادورية والمالية المساندة للحليف الخارجي ,
ـ تسعى الرأسمالية المعولمة الى تفكيك الدول الوطنية التي انتجتها حركة التحرر الوطنية الأمر الذي يشترط صياغة رؤى وطنية تعتمدها قوى اليسار الاشتراكي والقوى الديمقراطية في كفاحها المناهض للهيمنة الاجنبية والذي اراه في المحددات التالية ـ
المحدد الاول ـ تمتين الجبهات السياسية الوطنية الرافضة للتدخلات العسكرية والهيمنة الدولية المسندة من اليمين المتطرف والفئات الطبقية الفرعية المناوئة للتغيرات الديمقراطية .
ــ اقامة الجبهات الوطنية السياسية بين الطبقات الاجتماعية الراغبة في مناهضة التدخلات الخارجية والهادفة الى بناء الدولة الوطنية على اساس الشرعية الديمقراطية .
المحدد الثالث ـ زيادة فعالية التضامن الأممي من خلال الاصطفاف مع الدول الوطنية المناهضة للهيمنة والتسلط الخارجي والهادفة الى تعزيز الشرعية الدولية وسيادتها في العلاقات الدولية.
المحدد الرابع ـ مكافحة الطبقات الفرعية المتحالفة مع القوى الخارجية ومحاصرة انشطتها المتسمة بالتبعية والتهميش .
المحدد الخامس ـ اعتماد الشرعية الديمقراطية المستندة على الشرعية الانتخابية وتحصين السلطة السياسية من محاولات العودة بالبلاد الى الانظمة الديكتاتورية .
ان الدالات المشار اليها والتي ازعم بأنها كفيلة بتحصين الدول الوطنية من الحروب الاهلية والهيمنة الدولية عبر التدخلات العسكرية .