وقائع بلا ضفاف: رؤية لبعض أحداث ثورة أكتوبر الاشتراكية (الجزء السابع)


جودت شاكر محمود
2019 / 2 / 15 - 17:47     

كان (Lenin) بلا شك واحدا من أعظم الثوريين في عصرنا، الذي توجت جهوده بانتصار أكتوبر (1917) والذي غير بسيرته مسار تاريخ العالم. فقد تحولت الثورة الاشتراكية بواسطة(Lenin) من الأقوال إلى الأفعال. وأصبح (لينين) بين عشية وضحاها "الرجل الأكثر كرها والأكثر شعبية على وجه الأرض".
التاريخ هو علم اجتماعي، وكعلم اجتماعي يحاول القضاء على التحيز قدر الإمكان. هل هناك قدر معين من الوقت بين الوقائع وكتابة التاريخ الذي يسمح بإزالة التحيز الذاتي والتاريخي؟ هل يمكن أن يكون التاريخ موضوعيا؟ من هنا، أعتقد أن الموضوعية التاريخية مستحيلة. نحن نتشكل من خلال ما ندرس، وما ندرس يشكلنا. فمن خلال بناء تفسيرات ذاتية كحقيقة نخلق الأفكار المسبقة والخرافات الخطيرة.
أن وجهات نظرنا السابقة حول حياة وأعمال الزعماء والقادة والشخصيات ذات التأثير في العالم، تستند بشكل كبير إلى الأساطير التاريخية العادية، وليس على معرفة عميقة بالحقيقة التاريخية الحقيقية. لذا علينا استخدام مواد وقائعية مهمة وممارسة نهج تحليلي متعمق، كي نصل إلى الحقيقة. هذا ما يشير إلية(Vladimir Sergeevich Gorak) في كتابه ("شخصيات بارزة: قصة بدون خرافات") مع (Mashkin Alexander Nikolaevich).
لقد كان هناك دائما اسئلة رئيسية وغير مريحة عن زعيم البروليتاريا العالمية. هي: هل مات (لينين) متأثرا بالطلقات التي أصيب بها عام (1918)، أم بسبب السكتة الدماغية أو بمرض الزهري المزمن، أم بالسم؟ ومن هو (Vladimir Ilyich) حسب الجنسية؟ ولماذا أصبح اسمه لينين؟ وهل هو روسي أصيل أم لا؟ وماذا عن يهوديته؟ وماذا سيحدث لو مات(لينين) قبل قيام ثورة أكتوبر؟ إلى جانب العديد من الأسئلة التي أثيرت ولا تزال تطرح على الساحة السياسية والتاريخية، من مختلف الاتجاهات، أن كانوا أعداء ومؤيدين له.
قبل (95) عاما، في (21) كانون الثاني/ يناير (1924)، توفي فلاديمير لينين، الماركسي العظيم وزعيم الثورة الروسية. (Vladimir Ulyanov) الرجل الذي، بعد وصوله إلى السلطة في روسيا، أنشأ الدولة الاشتراكية الأولى، وبالتالي غير مسار التاريخ العالمي. ولحد الان لا يزال النقاش جاريا حول أساليب النضال والقيادة لدى زعيم البروليتاريا العالمية.
ومنذ ذلك الحين، كانت هناك حملة مستمرة لتشويه سمعته واسمه وتشويه أفكاره، بدءا من المؤرخين البرجوازيين والمدافعين إلى مختلف الإصلاحيين والليبراليين والأناركيين المتنوعين. لقد كانت مهمتهم تشويه سمعة لينين والماركسية والثورية الروسية في مصلحة الحكم "الديمقراطي" للمصرفيين والرأسماليين.
يوضح البروفيسور (Robert Service)، في قراءته للتاريخ الحديث: "لينين: حياته السياسية، الحلقة الحديدية" ما يلي: "لا أحد يستطيع أن يكتب عن لينين بدون تحيّز. وتعصبه وقمعه لا يزال يرعبني".
وهناك مؤرخ آخر، هو (Anthony Read)، يذهب إلى حد التأكيد، دون أي دليل فعلي، على أن (Lenin) وجماعته في مؤتمر الحزب (1903) كانوا أقلية، واختار ببساطة اسم "البلاشفة" (الكلمة الروسية التي تعني الأغلبية)، كما أن (Lenin) لم يفوت أبدا فرصة لتعزيز الوهم بالسلطة. ومنذ البداية، تم تأسيس البلشفية على كذبة، ووضع سابقة يجب اتباعها خلال التسعين عاما القادمة".
ويستمر السيد "" بخطابه: "لم يكن لدى لينين وقت للديمقراطية، ولا ثقة في الجماهير، ولا مشاعر بشأن استخدام العنف". كل ذلك جاء في كتابه الموسوم (The World on Fire: 1919 and the Battle with Bolshevism) الذي صدر عام (2008).
لا يوجد شيء جديد في مثل هذه الادعاءات الكاذبة التي تعتمد، ليس على كتابات لينين أو معاصريه، ولكن بشكل كبير على خيال العديد من الكتاب والمؤرخين. ومن بين هؤلاء كلا من البروفيسور (Orlando Figes) و(Robert Service)، وهما "خبراء" في "شرور" لينين والثورة الروسية. المليئة بالمرارة، جميعهم ينشرون الكذبة التي خلقتها الستالينية.
وبالمثل، فإن الستالينيين، بعد أن حولوا (Lenin) إلى رمز بريء، شوهه أفكاره لخدمة جرائمهم والخيانات. كانت أرملة لينين، (Krupskaya)، مولعة باقتباس كلامه: "كانت هناك مناسبات في التاريخ حين تم تشويه تعاليم الثوار العظماء بعد موتهم. لقد جعلهم رجال في أيقونات بريئة، وعندما تم تكريم أسمائهم، ثلموا الحدة الثورية في تعاليمهم".
في عام (1903)، عقد المؤتمر الثاني لـ RSDLP، والذي كان في الأساس المؤتمر التأسيسي. كان هناك رفاق (Iskra)(35) وقد وضعوا أنفسهم على أنهم الاتجاه السائد في الحزب. ومع ذلك، حدث انقسام مفتوح في وقت متأخر من الإجراءات حول المسائل التنظيمية بين Lenin)) و(Martov)، وهما محرري الإيسكرا. أصبحت الأغلبية حول (Lenin) تعرف باسم "البلاشفة" والأقلية حول (Martov) باسم "المناشفة".
هناك العديد من الأساطير التي تحيط بهذا الانشقاق، والتي فاجأت معظم المشاركين، بما في ذلك لينين. لم تكن هناك خلافات سياسية في ذلك الوقت. ولكن، هذه الخلافات لم تظهر إلا في وقت لاحق. حاول لينين المصالحة بين الفصائل، لكنه فشل. وفي وقت لاحق وصف الانقسام بأنه "توقع" لاختلافات مهمة لاحقة.
ظهرت هذه الاختلافات على وجهات نظر الثورة في روسيا. نظرت جميع الاتجاهات إلى الثورة القادمة على أنها "ديموقراطية برجوازية"، أي أنها وسيلة لاجتثاث النظام الإقطاعي القديم وإزالة الطريق أمام التطور الرأسمالي. غير أن المناشفة ذكروا أنه في هذه الثورة، سيحتاج العمال إلى إخضاع أنفسهم لقيادة البورجوازية. من ناحية أخرى، اعتقد البلاشفة أن البرجوازية الليبرالية لم تكن قادرة على قيادة الثورة لأنها كانت مرتبطة بالملكية العقارية والإمبريالية، لذلك يجب على العمال أن يقودوا الثورة بدعم من الفلاحين. وأنهم سوف يشكلون "دكتاتورية ديمقراطية للبروليتاريا والفلاحين"، والتي من شأنها إثارة الثورة الاشتراكية في الغرب. في المقابل، سيأتي هؤلاء لمساعدة الثورة الروسية. ألقى (تروتسكي) وجهة نظر ثالثة: اتفق مع لينين على أن العمال سيقودون الثورة، لكنه يعتقد أنه يجب ألا يتوقفوا عند منتصف الطريق، ولكن يجب أن يستمروا في الإجراءات الاشتراكية، كبداية لثورة اشتراكية عالمية. في النهاية، أكدت أحداث عام (1917) تشخيص (تروتسكي) لـ"الثورة الدائمة".
في روسيا التي يبلغ عدد سكانها (180) مليون نسمة ولديها امبراطور يحكم، كان ما يقرب من (%80) من السكان لا يستطيعون القراءة. لهذا السبب، وبالكاد أصبح(لينين) رئيس الحكومة، أمر في نفس اليوم بمنح كل الناس الفرصة للدراسة مجاناً. والآن بعد الردة تمت مصادرة هذا الحق.
لم يكن (Ilyich) مؤلفا للكلام، ولكن حتى في خضم الجدل لم يطلب استسلام ألمانيا أو استبدال القيصر الروسي بالقيصر الألماني. في المسيرة الدولية في برلين، شرح لينين: لا روسيا ولا ألمانيا أو أي قوة عظمى أخرى لها الحق في الحديث عن "حرب دفاعية": كل القوى العظمى تشن حربا إمبريالية رأسمالية، وحرب مفترسة، وحرب لقمع الدول الصغيرة والأجنبية، الحرب من أجل الأرباح لصالح الرأسمالية، والتي هي معاناة مروعة الجماهير، من دماء البروليتاريا، لابتزاز المليارات من العائدات من الذهب الخالص.
يتفق المؤرخون اليوم على أن جنود الجيش القيصري لا يريدون القتال. وقد أشار (لينين) فقط إلى السبب: لم يشعروا بعدالة هذه الحرب، كما أن الحرب كانت على أراضٍ أجنبية، وحتى في تحالف مع بريطانيا العظمى وفرنسا، الذين حاولوا فيما بعد استقطاع القرم من روسيا، وها هم اليوم يسعون مرة ثانية لتحقيق ذلك.
كان لينين مهووسا بحلم انتصار الثورة الاشتراكية العالمية، لكنه قدم للناس برنامجا مفهوما طال انتظاره: "الخبز للجوعى، السلام للأمم، المعامل للعمال، الأرض للفلاحين، "بالإضافة إلى التعليم المجاني والطب المجاني.
ولكن، هناك من يشير الى أن (لينين) لم يكن يحمل أي قطرة من الدم الروسي، وبذلك فهو لا يمثل الشعب الروسي. بالمناسبة، لدى نيكولاي الثاني حصة من الدم الروسي تقدر بـ(%0.78).
بشكل مثير للدهشة، على مدى سنوات السلطة السوفيتية وحتى يومنا هذا في روسيا، لم يكن هناك كاتب واحد من شأنه أن يكتب كتابا بيولوجيا مثيرا يستند إلى وثائق حول مؤسس الدولة الأكثر تفردا: الاتحاد السوفييتي، الذي تخدم ثماره الإبداعية البشرية والى الآن. ولكن، في الواقع، اليوم لا اليسار ولا اليمين ولا الأحمر ولا الابيض مهتمون بعمل تلك الوثائق. ويقول مدير(RGASPI)(36) اندريه سوروكين، التاريخ كتوب لنا من قبل رواة القصص.
كان جد لينين، (Alexander Danilovich Blanca)، وهو من أصل طبقة التجار الأرثوذكس من الألمان الترويس(Russification)(37) كان له نفس الاسم الكامل، وهو أيضا رجل طب، لكنه خدم في المستشفيات والمنظمات الخيرية ، وليس في الخدمة العامة. ولأنه لم يستطع الحصول على المكانة او الرتية في المجتمع السلطوي النخبوي، لذا منح أحقية النبلاء، وملكية الأرض. علما بأنه لم يكن هناك مثل هذا الحق للأشخاص الذين لديهم جذور يهودية. في حين وصل جد لينين إلى رتبة مستشار في المحكمة، وحصل على حق لقب النبلاء الوراثي. لكن السير الذاتية لهؤلاء الناس تم خلطها عن عمد من قبل مزورين التاريخ. على ما يبدو، لم يوثق أحد حتى الآن نسخة من جذوره (Kalmyk)(38) المحتملة.
يمكن القول إن (فلاديمير إيليتش لينين)، الرجل الأكثر تأثيراً في القرن العشرين، ولد (فلاديمير إيليتش لينين) في عام (1870) باسم فلاديمير إيليش أوليانوف(Vladimir Ilyich Ulyanov). ومع نشأته، ازداد انخراطه في الحركة الثورية في أواخر القرن التاسع عشر. وقد استخدم العديد من زملائه الثوريين أسماء مستعارة في محاولة لحماية عائلاتهم ولتشويش الشرطة والسلطات القيصرية. لذا فقد جرب (Ilyich) عددا من الأسماء المستعارة المختلفة قبل العثور على اسم أحبه، وهو أسم(لينين).
لماذا اختار (Ulyanov) مثل هذا الاسم المستعار لنفسه، على الرغم من أنه سأله عنها أكثر من مرة. لكن زعيم الطبقة البروليتارية العالمية لم يصرح عن ذلك أبدا.
البعض يشير الى أن اختياره للاسم اعتمادا على أن اسم (لينين) مستوحى من نهر ليناLena)) السيبيري. لكونه كان في المنفى السيبيري فترة من الزمن. وهو في ظل هذا الاسم الجديد، نشر عددا من الأعمال المؤثرة في صحيفة(Iskra) التي نُشرت في الخارج ومن ثم تم تهريبها إلى داخل روسيا. ولكن، هناك رأي آخر. من أن اختياره لهذا الاسم المستعار(لينين). تم في عام (1900)، عندما كان (Vladimir Ilyich Ulyanov) بحاجة للسفر إلى الخارج، لذا قدم طلب باسم حاكم (Pskov) لإصدار جواز سفر أجنبي. ومع ذلك، فإنه كان يخشى من عدم حصوله على جواز سفر بسبب الأنشطة الثورية. لذلك، لجأت زوجته (Krupskaya) إلى صديقتها في المدرسة المسائية، (Olga Nikolaevna Lenina). والتي سألت إخوانها (Sergey) و(Nikolai)، اللذين عرفا (فلاديمير أوليانوف) في الجمعية الاقتصادية الحرة. وخلال رحلة عمل إلى(Pskov)، قدم (Sergey) لـ(Ulyanov) جواز سفر والده، (Nikolai Yegorovich Lenin). في جواز السفر، تم تزوير تاريخ الميلاد وفقا لعمر(Ulyanov). صحيح أن ((Vladimir Ulyanov لم يكن مضطرا لاستخدام جواز السفر هذا، علما بأن (Nikolai Lenin) كان عضوا في مجلس الدولة. في عام (1900)، استخدم (Vladimir Ulyanov) لأول مرة اسم (Lenin) كاسم مستعار، لكنه وقع في حب هذا الاسم. علما بأنه خلال حياته، استخدم هذا الاسم المستعار حوالي (800) مرة. وبعد وفاة لينين، تم أطلاقه على العديد من المدن والبلدات والشوارع.
كما أن هناك من يروج بأن لينين لم يكن ذكيا جدا، لكنه ببساطة أحاط نفسه بأغبياء وبدأ في الظهور بشكل أفضل قليلا عن خلفية الصورة؟
لينين رجل دخل كلاسيكيات الفكر الفلسفي. لكنه لم يكن فيلسوفا من حيث المهنة. لقد تخرج لينين من الخارج، وكان واحدا من أكثر الناس تعليما في عصره. لكنه كان مهتما فقط بالسياسة، وبناء الدولة، ولم يكن مهتما بالثقافة، والموسيقى، والخيال، وهنا كان رجلا عاديا، وهو لم يخفي ذلك أبدا.
البعض لم يتوقف عند هذه الادعاءات. ولكن، يطرح أمنياته ورغباته كعوامل تفسير للأحداث التاريخية، ولكن، التاريخ لا يكتب بالرغبات والامنيات. يكتب بالعمل والكفاح، بقطرات عرق الكادح ودماء المناضل. لذا يتساءل العددين: ماذا كان سيحدث لو أصيب لينين بسكتة دماغية قاتلة في منتصف عام (1917) أو قبل ذلك؟
على الرغم من إنها صورة مشوهة لمجريات التاريخ. في عام (1917)، لم يكن حتى البلاشفة ولا (لينين) مستعدين للثورة الاشتراكية، كما يشرح (Richard Pipes) في كتابه The Russian Revolution)) "الثورة الروسية":" بعد أربعة أسابيع من الإطاحة بالقيصرية، كان لينين يصدر حكما علنيا بالإعدام(وهو الاستيلاء على السلطة). كان هذا الاقتراح يتعارض مع مشاعر غالبية أتباعه، ظهر غير مسؤول و"مغامر"، لدرجة أن ما تبقى من الليل ... قضوه في نقاش حاد". هنا يتحدث عن التحول في توجهات (لينين) حول الثورة وضرورة القيام بها وذلك بعد أن تنازل القيصر عن سلطته، ووصول حكومة فبراير المتعاونة مع الغرب والعميلة له.
عندما دافع لينين عن الثورة الاشتراكية الفورية كتابيا في ("أطروحات أبريل"): رفض مجلس التحرير في (البرافدا) طباعته بحجة عطل ميكانيكي في مطبعته. وأصدر اجتماع الجنة المركزية البلشفية في (6) أبريل قرار سلبيا بشأنها ... كذلك اجتمعت لجنة (Petrograd) في (8) أبريل لمناقشة ورقة لينين. وكان حكمها سلبيا أيضا، حيث صوت اثنان لصالحها، في حين صوت ثلاثة عشر ضدها، مع امتناع مندوب واحد. كان رد الفعل في المدن الإقليمية مماثلة أيضا...
وفي النهاية ومن خلال مجهود كبير، استطاع (لينين) كسب أتباعه إلى موقفه. ولكن، في حالة موت (لينين)، عندها، من المحتمل جدا أن يتعاون البلاشفة مع الحكومة "البرجوازية الديموقراطية. ويضيفوا هؤلاء الحالمين بأن هناك الكثير من التأثيرات ستكون مذهلة لذلك الحدث:
لو لم يكن (لينين) وقيامه بالثورة ربما لم تكن هناك حرب أهلية روسية أو مجاعة نتيجة الحرب الشيوعية المروعة (وهنا يتناسى هؤلاء التدخل الأجنبي واستقطاع الكثير من أجزاء الإمبراطورية الروسية، من قبل تلك الدول).
فبدون حركة (لينين)، لم يستطع البلاشفة أن يحكموا روسيا. ولم يكن باستطاعة البلاشفة كسب السلطة بشكل ديمقراطي. لأنهم لم يكونوا قادرين حتى على الفوز في أول انتخابات بعد انقلابهم هذا (ثورة أكتوبر).
بدون ثورة البلاشفة، فإن محاولة الثورات الاشتراكية في ألمانيا، والمجر، وأماكن أخرى ربما لم تكن لتحدث أيضا. كما أن ظهور معادة السامية في أوروبا هو نتيجة لثورة أكتوبر وكون العديد من قادتها من اليهود. مما انعكس ذلك على اليهود في أوروبا.
بدون الخوف من البلشفية، من المحتمل جدا أن (Mussolini) لن يتمكن من الاستلاء على إيطاليا، ومن المرجح جدا أن (هتلر) لن يصل إلى السلطة في ألمانيا. وبذلك لن تكون هناك حرب عالمية ثانية. وبذلك، فأن موت لينين قبل أن تقوم ثورة أكتوبر، يكون سبب وجيه للاعتقاد بأن العالم كان بإمكانه تخطي عقود من إراقة الدماء والفقر والإرهاب والعقيدة الاستبدادية.
من نافلة القول بأن ثورة أكتوبر كانت نتيجة استياء الجنود والعاملين في المدن الكبرى. كانوا يبحثون عن قائد. إذا توفي لينين قبل موعد القيام بالثورة فأن شخص آخر سوف يتولى الدعوة والتحريض لها وقيادتها. كما أنه إذا اتخذ الحزب البلشفي الاتجاه المعتدل، فإن بعض الأحزاب الأخرى ستكون أكثر عدوانية. علما بأن من قادة الثورة في (بتروغراد) هو (تروتسكي) وليس (لينين)، لأن (لينين) كان خارج روسيا. كما غاب عن ذهن هؤلاء بأن الثورة هي عمل جماعي وليست نشاط فردي، على الرغم من كونها عمل جماعي، لكن، لا يمكن أن ينكر دور القائد والزعيم والمحرض عليها.
أن الطريقة الوحيدة التي من خلالها يستطيع (Kerensky) منع حدوث ثورة أكتوبر كانت أن يخرج من الحرب بطريقة ما. ومع ذلك، فإن الثورة الروسية سوف تطور في نهاية المطاف نوعا من الاشتراكية الديمقراطية. كذلك في بقية أوروبا، لن يكون الوضع مختلفا كثيرا عما كان عليه. فالحركة الاشتراكية ستكون قوية جدا، ربما أقل ثورية، ولكن ليس كثيرا. ولكن، في عقود لاحقة، ستنشأ حركة فاشية ونازية قوية في أوروبا كلها، باستثناء روسيا. لن يرى الفاشيون فرقا كبيرا بين الحزب الاشتراكي الثوري أو الأناركيين أو اللينينيين.
هناك الكثير من المغالطات والمتناقضات التاريخية وهي إشكالية ولكنها في ذات الوقت غير مثيرة للاهتمام. أن هذه الامنيات يمكن أن تقال عن أي زعيم نضمر له الكره، ومن أي دولة كان، وفي أي زمن.
بادئ ذي بدء، فإن الفكرة القائلة بأن الأوروبيين لن يشاركوا في فظائع معادية للسامية في القرن العشرين في غياب انقلاب للبلاشفة في روسيا هو مجرد هراء. عند النظر الى التاريخ أواخر القرن التاسع عشر في أوروبا كله، لرأينا ما يشير إلى إحياء المواقف المعادية للسامية. وما إذا كانت المذبحة مدفوعة بالخوف من البلاشفة اليهود، يتبادر السؤال التالي: إذن لماذا كانت هناك مذابح في روسيا طوال القرن التاسع عشر؟ لماذا تم إدانة دريفوس(Dreyfus)؟(39)
هناك العديد من الأدلة على أن معاداة السامية كانت في اوجها بل وتزايدت طوال القرن التاسع عشر في جميع أنحاء أوروبا، وهذا الدليل لا يتناسب مع السرد الذي يقدمه هؤلاء من كون البلاشفة اليهود كانوا مكروهين وهم السبب وراء انتشار معاداة السامية. أما ظهور (هتلر) أو (موسوليني) في القرن العشرين، فأن ذلك هو نتاج طبيعي جداً للفكر الليبرالي المتنور وبيروقراطية النظام الجمهوري غير المرضية في القرن التاسع عشر.
أن فشل (ويلسون)، (كليمنصو)، (لويد جورج)، و(أورلاندو). في فرساي، في عام (1919)، هي التي ضمنت (هتلر) فيما بعد في مؤتمر لوزان في عام 1932. في حين لم يكن لـ(لينين) أي صلة بذلك. ولكن، لو عدنا إلى خطة قهر العالم من خلال الحروب العالمية الثلاث، التي بشر بها (Albert Pike)(40).
وبالعودة إلى التاريخ نتعرف على أن عصبة الأمم الماسونية قامت بكل شيء لدفع (هتلر) لذهاب ضد (ستالين). على وجه الخصوص، ألغت القوى الغربية العقوبات الاقتصادية والمالية ضد ألمانيا النازية. وبالتالي، خلق الظروف اللازمة لتهيئة (الفوهرر) للحرب ضد الاتحاد السوفيتي.
وفي ديسمبر(1936)، أعلن الرئيس الأمريكي (روزفلت)، الماسوني الشهير، سياسة الدفاع الجماعي عن نصف الكرة الغربي. في الحقيقة، الماسونيون يعزلون الاتحاد السوفيتي عن بقية العالم ويتركونه بمفرده في مواجهة(هتلر). في الواقع، هذه مؤامرة صريحة. (ستالين) لم يأخذه ذلك بجدية، مما سيؤدي به إلى دفع الثمن.
يذهب (Igor Khokhlov) إلى أبعد من ذلك في استنتاجاته: كان كفاح الحكومة السوفييتية ضد الجمعيات السرية مفيدا للماسونيين. "في الواقع، وضعت الحربين العالميتين الأولى والثانية على نفسها مهمة تدمير النظام الاستعماري الذي كان قائما. ولكن، في نهاية الحرب العالمية الأولى، لم يتحقق هذا بالكامل. لكن في نهاية الحرب العالمية الثانية، تم تدمير النظام الاستعماري القديم". كما أن هناك أدلة على أن (هتلر) في وقت ما كان عضوا في المحفل الماسوني أيضا. ومع ذلك، فإن الخبير في الرايخ الثالث، (Elena Syanova)، تدحض هذا. في شبابه، كان (الفوهرر) لبعض الوقت عضوا في مجتمع (Thule)(41) السري. ولكن، هذه المنظمة بعيدة جدا عن الماسونية وكان أكثر اهتماما بمسألة أصل العرق الآري. (هتلر)، مثل ستالين، بعد أن وصل إلى السلطة، قام بتدمير تنظيم البنائين. ولكن هذا المجتمع لم يقمع، زال من الوجود ببساطة من نفسه. لكن لم يتعرض أي عضو من أعضائه إلى الإهانة أو الملاحقة. لسبب بسيط للغاية: لأن هذا المجتمع هو في أعماق الحزب الذي أنشأ. والذي أطلق عليه لاحقً NSDAP. لقد شكل ذلك المجتمع العمود الفقري لهذا الحزب.
ومع انتصار الثورة الروسية عام (1917) وجه الماركسيون وأعدائهم في جميع أنحاء أوروبا انتباههم إلى الاتحاد السوفيتي. لو لم تكن هناك ثورة روسية، لربما كان الشيوعيون الألمان سيضغطون بقوة على الثورة في ألمانيا، حيث كان ماركس يتوقعها. ربما لأصبحت ألمانيا مركز الشيوعية العالمية، وليس مركز الفاشية. وكذلك في دول أخرى كان من المرجح فوز الماركسية فيها، ومنها الدول الاوربية وامريكا.
معاداة السامية في روسيا كانت عنيفة وقاتلة وشرسة، ولو أن البيض قد فازوا بالحرب الأهلية، فليس هناك أدنى شك من أن الهولوكوست مصغر كان هو الأكثر احتمالا.
لم يكن موت لينين هو موت للأفكار الشيوعية، بل كان يعني ببساطة فشل الشيوعية في روسيا.
أن موت لينين لا يحدث فرقا واضحا، ومع ذلك، يستبعد أن يكون لروسيا مستقبل مختلف بشكل جذري عن ما حدث في أكتوبر (حكومة أكثر اشتراكية في كل الاحتمالات) وبالتالي فإن الشيوعية كانت ستنجح في تحقيق أهدافها مع الزمن. كما أن كل ذلك هو تبسيط مبالغ فيه لتاريخ أوروبا في القرن العشرين.
يشير (Mark Mazower) أن أوروبا لم تكن مهيأة على الإطلاق للديمقراطية في أوائل القرن العشرين، وأن العوامل التي أدت إلى ارتقاء هتلر إلى السلطة كانت أكثر تعقيدا من مجرد الخوف من البلشفية. وتشمل هذه، على سبيل المثال لا الحصر، تسوية فرساي.
يشير العالم (Yohanan Petrovsky)(42) في كتابه(Lenin s Jewish Question) الى أن التاريخ يتشكل من خلال كيفية إدارة المعلومات وإتاحتها، وهو يعتقد أنه عندما يتعلق الأمر بالتجربة الروسية، فإن اليهود على وجه الخصوص لهم مصلحة كبيرة في سلامة عملية كتابة التاريخ.
في عام (1991) وبعد رفع السرية عن العديد من الوثائق، وجد دليلا لا يمكن دحضه على أن جدّ للأم لينين كان يهوديا شهيرا يدعى (Moshko Blank). وسواء كان لينين على علم بهذه المعلومة أم لا، وهو أمر غير مؤكد، لكن بحلول وقت وفاته في عام (1924)، كانت أخته تمتلك تلك الحقائق، وبأمر من اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، اضطرت إلى إبقائها، سرا.
الامر لا يتعلق بيهودية (لينين)، ولكن بالدور في التلاعب بالحقيقة من قبل القوميين المناهضين لليبرالية اليوم، الذين كانوا عازمين على المبالغة في تقدير الدور اليهودي في ثورة أكتوبر. الحقيقة، في حالة لينين، لم يكن هناك شيء يهودي حول الرجل.
أن واحدة من أدوات البحث هي علم الأنساب. بادئ ذي بدء، تحول(Moshko)، الجد الأكبر، إلى الأرثوذكسية الروسية في عام (1844). وكان قد شاهد بالفعل تحول أبناءه قبل ربع قرن. بعد ذلك، (Alexander) ابن Moshko)) الذي تعمد روحيا (أي جد لينين) تزوج من امرأة مسيحية من أصل ألماني.
وأخيرا، (Maria)، ابنة هذا الزواج، الذي كان من الواضح أنه ليس يهوديا بأي حساب، تزوجت من الأرثوذكس الإسرائيلي (Ilya Ulianov). وهكذا، بحلول الوقت الذي نصل فيه إلى ابنهما (Vladimir Ilyich)، نحن على بعد أربعة أجيال من السلف اليهودي الأصلي، نفسه، كما رأينا، قد اعتنق المسيحية.
أما بالنسبة لـ(Vladimir Ilyich)، فقد أصبح أمميا شاملا، حيث عالج بصرامة الانتماءات العرقية بجميع أنواعها كشرور مؤقتة بحتة. ولا يمكن صنع أي شيء من صداقته وتعاونه مع اليهود. وراء كل تحالفات لينين، لا توجد سوى حسابات براغماتية وأيديولوجية. "عندما تنضم إلى البلاشفة"، يكتب قائلا: "أنت تفكر في الطبقة وليس الإثنية". علاوة على ذلك، عندما تنضم إلى(RSDRP) فإنك تطمس عرقك وتصبح طبقة. "علم الأنساب في حد ذاته هو تافه لا يدرك قوة القرارات البشرية التي تحدد المصير التاريخي".
لكن واجب المؤرخ لا يتوقف عند هذا الحد. وكما يوحي عنوان(Petrovsky-Shtern) فإن مسألة يهودية لينين كانت مرتبطة ارتباطا وثيقا، في عقول الحكام السوفييت، بـ"المسألة اليهودية" نفسها. وتضمنت رتب هؤلاء الحكام اليهود العرقيين على أعلى مستويات الحزب الشيوعي. اذن، لماذا أصروا على طمس أصول لينين؟ يعتقد (Petrovsky-Shtern) أن السبب هو أن الحزب كان بحاجة إلى صورة مؤسس روسي "خالص". في الواقع، كان ترويس(Russification) لينين، الأممي البارز، جزءا من عملية متناقضة لإزالة الطابع الدولي للشيوعية، وإعادة تشكيلها كأيديولوجية متشابهة مع القومية الروسية.
الغريب في الامر، يلاحظ (Petrovsky-Shtern)، هؤلاء المنظرين الشيوعيين القدماء لديهم نظرائهم من كارهو الأجانب اليوم في روسيا، الذين يشيرون إلى حقيقة كون لينين "يهوديا" هو دليل إضافي على أطروحتهم بأن الشيوعية كانت انحرافا في التاريخ الروسي، وهي زرع مخرب وغريب كليا بدون جذور في ماضي روسيا ما قبل الشيوعية. هكذا يتم عمل تشويها متعمدا في الحقيقة التاريخية من خلال صورة منعكسة عنها.
ولم تقتصر حياة (Moshko) على البلدة الصغيرة اليهودية، بل كشفت السجلات، أنه أصبح مخبرا ضد اليهودية نفسها. ونحن نراه يحث القيصر على "إصلاح" يهود روسيا عن طريق الالزام، واقتراح إجراءات لتقييد ممارسة الدين اليهودي بالقوة ودفع اليهود نحو المسيحية. وبناء على ذلك، لم يعد اليهود المتحولون، سواء كانوا مسيحيين أو شيوعيين، ولا ينبغي المطالبة بيهوديتهم أو توجيه الاتهام إليهم على هذا النحو. وهن، علينا أن نبدي تحفظنا على أصوله "اليهودية". وذلك، لأن هكذا مواضيع تكون مثيرة للاهتمام فقط بالنسبة لدعاة معاداة السامية.
والآن كيف نظر المؤرخون من مختلف الاتجاهات الى وفاة (لينين) والظروف الغامضة التي أحاطت بها، والتي لا زالت تثير الكثير من الجدل في الأوساط البحثية. علما، ولحد الآن، لم يتفق الأطباء والمؤرخون والباحثون الحديثون على وجهة نظر مشتركة حول سبب وفاة (لينين).
كان الكل يتمنى الخلاص من هذا القائد الذي هز عرش الامبريالية والاقطاع ليس في روسيا فقط، بل في جميع ارجاء العالم. وأول تلك الاعمال هي محاولة الاغتيال التي تعرض لها. ففي أغسطس (1918) قامت (Fanny Kaplan)(43) بمحاولة لاغتيال لينين. حيث كان لينين يتحدث في أحد المصانع في موسكو، وبعد انتهاء الخطاب توجهت إليه (Fanny Kaplan) أثناء مغادرته المبنى، طالبة منه الإجابة على بعض الأسئلة، ومن ثم أطلقت عليه النار ثلاث مرات. أصابته الرصاص في رئتيه وكتفه. أصيب لينين بجروح بالغة ولم يتعاف تماما. ومن المفترض كما يشير البعض إلى أن إطلاق النار ساهم في السكتات الدماغية التي تعرض لها بعد ذلك، والتي أدت الى وفاته في وقت لاحق من عام (1924). ولكن هل حقا كانت تلك الرصاصات هي السبب؟

(يتبع)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هوامش:
(35) Iskra كلمة روسية تعني باللغة العربية "الشرارة"، هي صحيفة روسية كان يصدرها لينين خارج روسيا لنشر الأفكار الاشتراكية. في عام 1901، قام جوزيف ستالين بتوزيع العدد الأول منها بشكل سري، وقد قاد ستالين وكيتشوفيللي وكراسين الجناح الراديكالي في الحزب الاشتراكي الديمقراطي في جورجيا وحصلوا على المطبعة التي طبعت الإسكرا بواسطتها.
(36) تعني (RGASPI) أرشيف الدولة الروسية للتاريخ الاجتماعي والسياسي.
(37) الترويس(Russification) أو الروسنة هو شكل من أشكال عملية الاستيعاب الثقافي حيث تتخلى المجتمعات غير الروسية، طوعا أو غير ذلك، عن ثقافتها ولغتها لصالح اللغة الروسية.
(38) Kalmyk الكالميك هم فرع من مغول Oirat، التي سكنت اراضي الرعي القديمة والتي هي في الوقت الحاضر أجزاء من كازاخستان، روسيا، منغوليا والصين. وهم الأويرات في روسيا، الذين هاجر أسلافهم جونغاريا عام 1607. وقد أنشأوا الكالميك خانات في 1630-1724 في منطقة شمال القوقاز الروسية. اليوم يشكلون الأغلبية في الجمهورية ذات حكم ذاتي قلميقيا على الشاطئ الغربي من بحر قزوين. ويعتقد بأنهم الورثة الأبوية لجنكيز خان. وجابت هذه القبائل البدوية في السهول العشبية في غرب آسيا الداخلية، بين بحيرة بلخاش في الوقت الحاضر شرق كازاخستان وبحيرة بايكال في روسيا الحالية شمال وسط منغوليا. قاموا بنصب خيامهم وحافظوا على قطعان من الماشية وقطعان الأغنام والخيول والحمير والجمال.
(39) كانت قضية دريفوس(Dreyfus) فضيحة السياسية التي قسمت الجمهورية الفرنسية الثالثة من 1894 حتى حلها في عام 1906. غالبا ما ينظر إلى هذه القضية على أنها رمز حديث وعالمي للظلم، وما زالت واحدة من أبرز الأمثلة على الإخفاق المعقّد للعدالة ومعاداة السامية. بدأت الفضيحة في ديسمبر 1894 بإدانة الكابتن ألفريد دريفوس بالخيانة، وهو ضابط في الجيش الفرنسي من أصل يهودي أسباني. حكم على دريفوس بالسجن مدى الحياة بتهمة توصيل أسرار عسكرية فرنسية للسفارة الألمانية في باريس، وسجن دريفوس في جزيرة ديفل في غويانا الفرنسية، حيث قضى ما يقرب من خمس سنوات. في نهاية المطاف اتضح أن جميع الاتهامات ضد دريفوس لا أساس لها من الصحة. في عام 1906، تمت تبرئة Dreyfus واعادته باعتباره رائد في الجيش الفرنسي. خدم خلال الحرب العالمية الأولى بأكملها، منهيا خدمته برتبة مقدم. توفي في عام 1935.
(40) Albert Pike الذي تلقى رؤية، وصفها في رسالة كتبها إلى مازيني، بتاريخ 15 أغسطس 1871. وضعت هذه الرسالة رسمياً خططا لثلاث حروب عالمية كان يُنظر إليها على أنها ضرورية لتحقيق النظام العالمي الأوحد، ويمكننا أن نتعجب بمدى دقة التنبؤ بالأحداث التي حدثت بالفعل. كما أنه من مؤسسي (كو كلوكس كلان) وهو اسم يطلق على عدد من المنظمات الأخوية في الولايات المتحدة الأمريكية منها القديم ومنها من لا يزال يعمل حتى اليوم. تؤمن هذه المنظمات بالتفوق الأبيض ومعاداة السامية والعنصرية ومعاداة الكاثوليكية.
(41) مجتمع (Thule) هو في الأصل مجموعة دراسية للآثار الجرمانية. كانت مجموعة عرقية ألمانية غامضة، تدعي امتلاك "معرفة الخفية". تأسست في ميونيخ مباشرة بعد الحرب العالمية الأولى، سميت باسم دولة شمالية أسطورية ضمن الأساطير اليونانية. وهي المنظمة التي رعت الرابطة الألمانية (حزب العمال الألماني)، والتي أعاد تنظيمها في وقت لاحق من قبل (أدولف هتلر) إلى حزب العمال الألماني الاشتراكي الوطني (الحزب الديمقراطي الاشتراكي أو الحزب النازي).
(42)Yohanan Petrovsky-Shtern (من مواليد 6 أبريل 1962) هو مؤرخ أمريكي وفيلوغرافي وكاتب مقالات، ولاحظ على وجه الخصوص في دراساته لمؤسسة كانتونيز، التي انتقد فيها كتاب ألكسندر سولجينتسين المثير للجدل حول اليهود في روسيا، مائتا عاما معا، وكذلك ترجمات لأعمال خورخي لويس بورجيس إلى اللغة الروسية. يدرس التاريخ اليهودي الحديث والعصري والشرقي الأوروبي الشرقي في جامعة نورث وسترن.
(43) Fanny Kaplan والمعروفة أيضا باسمي فاني كابلان ودورا كابلان ثورية روسية، كانت عضوا في الحزب الثوري الاشتراكي الذي زعم أنه حاول اغتيال فلاديمير لينين. بصفتها عضوا في الثوريين الاشتراكيين، نظرت (كابلان) إلى لينين على أنه "خائن للثورة"، عندما حظر البلاشفة حزبها. في 30 أغسطس 1918، اقتربت من لينين بينما كان يغادر مصنعًا في موسكو، وأطلقت ثلاث طلقات، مما أدى إلى إصابته بجروح خطيرة. تم القبض على فانيا كابلان، وكانت ترتدي ثياباً سوداء، شعرها أسود وعيناها تعبتان ومحاطتان بالأسود، وكانت برودتها غير طبيعية، وبعد استجوابها من قبل الشيكا(هيئة الطوارئ الروسية لمكافحة الثورة المضادة والتخريب)، رفضت تسمية أي من المتواطئين معها، وبعد أربعة أيام أعدمت فانيا كابلين رمياً بالرصاص في فناء الكرملين من دون أن تعلم إن كانت قد نجحت في اغتيال لينين أم لا. وأثارت محاولة كابلان واغتيال (مويسي أوليتسكي) الحكومة السوفيتية لإعادة عقوبة الإعدام بعد إلغاءها في 28 أكتوبر 1917.