مقالات صديقه.العراق:مأزق الرأسمالية اليوم والبديل الاشتراكي بقلم الرفيق- كارزان عزيز-


تيار الكفاح العمالى - مصر
2019 / 1 / 26 - 21:02     


في مايو1917، ألقى لينين خطابًا بعنوان "الحرب والثورة". في ذلك الوقت حيث تخوض الدول الأمبريالية حربها الضارية، الحرب العالمية الأولى. حيث شاركت العديد من الدول في الحرب التي قادت العالم إلى مزيد من انقسام المعسكرات العدوانية و العدائية وأزهقت أرواح الملايين. كانت البرجوازية في الدول المختلفة تصرح بأنها كانت تناضل من أجل مصالحها الوطنية. هذا التصريح بالنسبة للشعب المسلح تسبب في اندلاع "حروب شنت تحت الراية الوطنية" لكي تتمكن البرجوازية المختلفة من دعوة الناس الى حمل السلاح ودخول الحرب للدفاع عنها. بالنسبة للينين لم يكن لدى الاشتراكيين، ولا الشعب الثوري فهم وإجابة دقيقة للحروب، ولاتقديم بديل للخروج من الحرب. اعتقد لينين أن المفاهيم الصحيحة أو الخاطئة والبدائل الصحيحة أو الخاطئة للحرب كانت متشابكة ولأنه لم يكن لدى أي منهم المفهوم الصحيح للحرب ، فعندئذ لا يمكن لأي منها أن يقترح بديلاً، وعلى وجه الخصوص، بديل اشتراكي للحرب. تم تسليم الخطاب قبل أشهر قليلة من ثورة أكتوبر عام 1917 والإستراتيجية التي أعلن عنها لينين في ذلك الخطاب كانت حجر الزاوية لنجاح الثورة. هناك، عبر عن استراتيجيته البلشفية بوضوح للخروج من الحرب. الحرب التي اعتبرت حتمية لدى الجميع. استراتيجية لينين كانت مبنية على الفهم الماركسي المادي للتاريخ الذي تبين من خلال الأسئلة الموجهة إلى الناس الذين يستمعون إليه: أي الطبقات خاضت الحرب، وما المصلحة في شن الحرب، وما هي الظروف المادية للحرب؟ سعى لينين وعبر طرح هذه الأسئلة للتخلص من الأسئلة الشائعة آنذاك: أي بلد شن الحرب، من الذي أطلق الرصاصة الأولى، ومن هو البرجوازي الأول، أو الملك الذي أعلن الحرب؟.
بالنسبة للينين، كانت هذه الأسئلة مجرد خداع برجوازي مفروض على الجماهير، بما في ذلك الجماهير الثورية، إضافة إلى ذلك، أثبت أنه للإجابة على الأسئلة التي طرحها سابقاً، يجب معرفة الممارسات السياسية والاقتصادية للحكومات التي شنت الحرب حتى تتمكن من الوصول إلى إجابات اشتراكية علمية. ونتيجة لذلك، كان يعتقد بقوة أن المصالح الوطنية كانت خدعة للبرجوازية وكانت الحرب متجذرة بعمق لعقود في التاريخ، حتى قبل حرب المنافسة الرأسمالية والعداء حول المزيد من تركيزرأس المال بين عدد قليل من الأقطاب أو المعسكرات البرجوازية مثل بريطانيا، ألمانيا، وروسيا وفرنسا.
كانت الاستراتيجية الرئيسية لكل تلك الأقطاب، كما قال لينين، هي ضم المزيد من الأمم والأراضي من أجل جمع المزيد من الثروة ورأس المال ، حيث كانت بريطانيا قد اجتازت تلك الاستراتيجية في إفريقيا والهند لمدة قرن. ولكن الآن، كانت ألمانيا، المفترسة البرجوازية الجديدة المولودة والمتطورة، تسعى إلى إعادة توزيع جديدة للثروة ورأس المال في العالم. . كانت ألمانيا صاخبة للغاية وتقول: "يجب إعادة رسم الخريطة السياسية الاقتصادية القديمة". وقد طالبت بذلك لأن ألمانيا كقوة رأسمالية شابة وقوية لديها رأس مال هائل وبضعة بنوك مع بريطانيا في ذلك الوقت. كانت الحرب تحديًا لتلك القوى لأنها لم تستطع الوصول إلى خريطة جديدة لمصالحها من خلال معاهدات جديدة، لا سيما في مصلحة ألمانيا وحدها التي كانت قبل كل شيء تسعى إلى إعادة رسم خريطة العالم. كانت روسيا قطبًا آخر في الحرب من أجل مصالحها لأنها ضمت بعض الأراضي أيضًا. وقف لينين ضد جميع تلك الاقطاب بما في ذلك الحكومة القيصرية وشبه سياسات هذه الاقطاب بسياسة سلب ونهب الدول الصغيرة والضعيفة لمصالحهم الخاصة. كانت استراتيجيته بالنسبة للشعب الثوري عدم الانغماس في الحرب وخلق قوتهم الخاصة لتحويل الحرب الإمبراطورية الروسية إلى ثورة داخلية لإسقاط الحكومة المؤقتة وإقامة حكومة الطبقة العاملة. لقد نجح في هذه الإستراتيجية بعد ثورة أكتوبر من خلال إنشاء حكومته وسحب روسيا حتى لا تكون جزءًا من الحرب الامبريالية بعد الان. إن الرأسمالية اليوم والصراع بين اقطابها الجديدة ترسم خريطة اقتصادية جديدة: الأقطاب الرأسمالية ليست أقل الآن، ولكن أكثر؛ ومصالحهم ليست أصغر، ولكنها أكبر وخلافهم أقوى من ذي قبل. وهذا يعني أن الحربين العالميتين لا يمكنهما أن يحلا العداء الرأسمالي السابق والأزمات، بل عمقتهما.
كان سقوط جدار برلين توسعًا جديدًا للرأسمالية الأمريكية والأوروبية، وكان من المتوقع أن تكون هناك جنة أمام الرأسمالية الأمريكية للتوسع بحرية وتهيمن بشكل رئيسي على الشرق الأوسط خاصة بعد العمليات العسكرية الأمريكية وحلفائها على العراق وأفغانستان. ما أود قوله هو أن الولايات المتحدة قد اكتشفت التالي: اولاً: تكاليف الحرب أكثر من مكاسبها حتى الآن. ثانياً: الهيمنة الروسية والتركية والإيرانية في المنطقة أكبرمن الهيمنة الأمريكية. في الآونة الأخيرة، أعرب دونالد ترامب، في أماكن ومناسبات مختلفة، بوضوح عن هذه المخاوف حيث شكل قرار الانسحاب من سوريا جزءاً من هذه المخاوف. إن الرأسمالية اليوم في تعيش أزمات كبيرة سواء على المستوى المحلي أو العالمي، ولأجل الوصول إلى حل رأسمالي داخلي، داخل بلد ما أوخارجيا مع الأقطاب الرأسمالية الحالية هو الأكثر صعوبة في تاريخ الرأسمالية. ومن هذا المنظور، هناك مظاهرات حاشدة في إيران والعراق وفرنسا والهند والسودان والعديد من البلدان الأخرى حول العالم، وملايين اللاجئين من ضحايا الحروب والفظائع الكبيرة جراء الهيمنة الروسية و الأمريكية على بلدانهم ما هي إلا براهين على أزمة الرأسمالية ومأزقها. هناك طريقان للخروج من هذه الأزمات. يقع الأول على عاتق الجانب البرجوازي، والآخر على الجانب الثوري الاشتراكي. حيث يتحتم على الاقطاب الرأسمالية أولاً: إعادة رسم خريطة العالم السياسية والاقتصادية باتجاه مصلحتهم الخاصة، وثانياً: سوف يتجهون نحو حرب إمبريالية أخرى إذا لم يتمكنوا من الاتفاق على المعاهدة أوالخريطة الجديدة. هذا لا يعني أنه يمكن تجنب الحرب الامبريالية، قد يمكن تأجيلها إلا أن التناقضات والأزمات الرأسمالية لن تحل حتى بعد الحرب الامبريالية القادمة أو الخريطة الجديدة، بالضبط كما حدث خلال الحرب العالمية الأولى والتي أعقبتها الحرب العالمية الثانية. من المؤكد أن كلتا الطريقتين ستجلب المزيد من البؤس والفظائع للبشرية جمعاء والمنطقة، خصوصاً. البديل الاشتراكي هو الحل للشعب الثوري والماركسيين ضد البورجوازية المحلية والعالمية. وهذا يكمن في الوقوف ضد جميع سياسات البرجوازية في العالم وخاصة الروسية والأمريكية والأوروبية من جهة، وحلفائهم في المنطقة من جهة أخرى. هذا هو البديل الوحيد الذي يمكن أن يوقف الجشع الرأسمالي والتوسع الذي كان دائماً يفرض المزيد من البؤس على الشعوب في المنطقة والعالم أيضاً. يجب على الشعوب الثورية في مختلف بلدان المنطقة أن تتحد وتنظم صفوفها لأسقاط الأنظمة البرجوازية في المنطقة وإنشاء حكومات خاصة بها. وفي النهاية، ستحتاج الشعوب الثورية في المنطقة إلى إقامة روابط فيما بينهم من جهة، وبينها و بين دول العالم من جهة الأخرى.

اواخر كانون الثاني 2019