يحق للعامل أجرٌ في العمل الإضافيِّ .


يوسف حمك
2019 / 1 / 11 - 19:58     

النفوس تهدأ ، و القلوب تطمئن ، و المجتمعات ترقى ، و الدول تتحضر . بسن القوانين الصائبة التي تصب في مصلحة عامة الشعب .
كما وضع قواعد لضبط العمل على أسسٍ سليمةٍ .
فما لم يندرج في قائمة مصالح العامة ، يرتد تلقائياً لصالح فردٍ ، أو شريحةٍ تحتكر كل شيءٍ ، تسد المنافذ ، و تبسط يدها لحجب كل الأضواء من أجل منافعها .
إن لم يكن مفتعلاً ، فلجهلٍ بأمور القيادة ، أو عدم نضج مستشاريه .
فتقصير المسؤول وصمةٌ سوداءٌ على جبهته ، و صمته إهمالٌ بحق العامل ، و تجاهله غصةٌ مريرةٌ في حلق المواطن تقتله مئات المرات في اليوم ، و دفنٌ للثقة بينه و بين ولي أمره ، و انعزالٌ فتاكٌ يشل حركة واجب التقاسم في الهموم بينهما ، كما انحدار سلوكٍ و تراكمٌ للأخطاء يضيف إلى سيئاته .

لن ندخل في تفاصيل قوانين العمل النظامي بقدر ما يهمنا العمل الإضافي .
من المتعارف في كل أصقاع العالم أن الدوام الفعليَّ لا يتجاوز ثماني ساعات في اليوم الواحد ، و ما زاد عليه يعتبر عملاً إضافياً .
في الفترة النظامية يكون العمل فيها ملزماً ، و بكامل ساعاته مقابل أجرٍ حددته الجهة الراعية للمؤسسة .
أما الفترة الإضافية يكون العامل فيها طوع أمره . و له حرية الاختيار . إن أراد العمل فبأجرٍ يستحقه خارج ساعات العمل الأصلية ( حسب مدة العمل و نوعه ) .
و للعمل الإضافيِّ منفعةٌ بزيادة دخل العامل ، كما للمواطنين بتوفير مستلزماتهم ، و تأمين احتياجاتهم ، و سد نواقصهم .

قالكهرباء على سبيل المثال تصعق الحياة باستشراء انقطاعها . و بديمومة استمرارها تحلو الحياة ، و تترفه المعيشة .
يحدث في الكثير من المناطق أن إصلاح الأعطال الكهربائية خارج أوقات الدوام النظاميِّ محظورٌ . و قد يعاقب المخالف بالطرد أو الفصل . بذريعة قطع الكهرباء لفترةٍ و جيزةٍ ريثما يتم إزالة الخلل و سريان مفعول التيار . أو لتقاضي العامل أجراً من صاحب العطل ( إن كان رب منزلٍ ، أو مالك متجرٍ ) .

و لأن الأعطال الكهربائية قد تحدث في أية لحظةٍ ، فقد تخصص فرق الطوارئ لإصلاح الخلل فور حدوثه في المؤسسات ، و المتاجر الخاصة ، أو دور السكن .

و لكن ماذا لو حدث خللٌ كهربائيٌّ خارج أوقات الدوام ، أدى إلى قطع التيار ؟ . ألا يقع على عاتق عناصر ورشة الطوارئ إصلاح ذاك الخلل ؟ . و ألا يستحقون أجراً مقابل مجهودهم ؟ .
المؤسسة أو الجهة الراعية ملزمةٌ بمنحهم ثمن أتعابهم . و إن تنصلت من مسؤوليتها ، فقد أسقطت عن نفسها لتقع على عاتق صاحب العطل مرغماً . فتقبله بالأمر الواقع - و إن كان مكرهاً - لا يعفيه من الدفع ( كضريبةٍ مفروضةٍ عليه من الدولة ) . و ليس أمام العامل سوى قبول ثمن أتعابه .
إنه أجرٌ مشروعٌ . ولا يعني قبوله رشوةً كما يروق لبعض المنحرفين تسميته ، لتعكير العلاقة بين المواطن و المسؤول و العامل ، و الصيد في الأجواء المتوترة .