أمُنيات 2019


راغب الركابي
2019 / 1 / 1 - 06:00     


أمُنيات 2019
سأستقبل  معكم العام الجديد بهذه الترنيمة  :  (  يامبدل الليل والنهار ، ويامُغير الحول والأحوال ، حول حالنا إلى أحسن الحال  )  ، وأقول للجميع عاماً سعيداً تتحقق فيه الأماني والأحلام  .
 والحق أقُول لكم لقد أصبحت أحلامنا هباء  ،  إذ  كنا نحلم  أن يكون لنا وطن  تسود فيه قيم  الحرية والعدل والسلام ، وإذ  كنا نحلم بوطن يحكمه القانون والنظام ، وإذ  كنا نحلم بدولة ليس فيها تسيب وفساد ورشى  ، وإذ  كنا نحلم بأشياء وأشياء كثيرة ، منطلقين في  أحلامنا تلك  من قناعة متوارثة عن طبيعة شعبنا وقدرته على صنع المعجزات ، لكن واقع الحال تحدث  عن غير هذا  كله  ،  فلم يتحقق لشعبنا ولا واحدة من هذه الأحلام ، بل سادت فيه  كل أنواع الفساد والجريمة والتخلف وضيق الأفق ، وساد فيه  الترهل وإنعدام الشعور بالمسؤولية  ، وأبتعدت أو بُعدت  عنه  بعيداً قوى النهضة والتقدم ، وما تبقى منها فغدى كهشيم تذروه الرياح .
واليوم غدونا نتمنى أن يتعافى هذا الوطن من أمراضه ، وأن ينهض من كبوته ، وأن يعاد  له بعض ألقه وبريقه ، صحيح إن بعض القوم منا إنحرف كثيراً وخلق لأبناء جلدته  الكثير من الأزمات  ، وبعض البعض أساء من حيث لا يقصد  ،   فتنمر ذوي العاهات والمعاقين فكريا وتسيد الساحات من ليس لهم أهلية  أو كفاءة  ، وشارك في هذه الفوضى رجال كنا نعدهم من الأخيار ، ولا ندري أهو الطمع أم المحابات أم الخوف  أم ماذا ؟  .
 في ظل هذه السوداوية أطل في بلادي نور لولاه لكنا وكان الشعب والدولة رهينة الظلام والذل والعبودية ، كان الإنتصار على قوى الإرهاب من داعش وأخواتها هذا النور الذي نتفيء  في ظلاله الآن ، ولم يكن ذلك ممكنا لولا تلك الفتوى التي عدلت مسار الأمور ، فراحت جحافل الخير تتسابق من أجل نيل أحدى الحسنيين ، لقد كانت فتوى السيد  السيستاني هي من أعادت  للعراق اليوم  بعض  طعمه ولونه  وتاريخه الحافل   ، تلك هي الحقيقة التي يجب التذكير بها لمن يهمه الأمر ومن لا يهمه  ، كانت إذن هي  المنقذ التي وفرت للجميع الطمئنينة  حين فر البعض  من المواجهة .
ونحن إذ  نستقبل العام الجديد  ،  نقول كنا على طول الخط مؤيدين وناصرين وشادين على  أيدي الحكومة  ،  داعين  لكي لا تضيع الفرصة  التي إن مرت فلن تعود   ،   ومن أجل هذا  ندعوا لتطهير النفوس من هوس الضعف  والفوضى  وعدم الدقة  والمفارقة المرصودة ،  وندعوا لتصحيح المسار عبر العمل الجاد المثمر ، الذي يخلصنا من الطائفية والفئوية وضيق الأفق والشعور بالدونية والحقارة ، والتي  جرت على البلاد ويلات ومحن ليس أقلها  السرقات والفساد والتسابق في كل فائنه .
 إن أملاً يراودني في إن تغيير الحال ممكن   ،  في حال غيرنا نظام الحكم الفوضوي هذا ، وألغينا هذه المحاصصة المقيتة التي تفسد ولا تصلح ، والتغيير يتم عبر العودة الى النظام الرئاسي المنتخب من قبل  الشعب ، وحل البرلمان هذا  والدعوة لإنتخابات نزيهة حقاً ، وتشكيل مجلس شيوخ ومجلس إدارة ينظم ويراقب عمل المؤوسات والأجهزة في الدولة ، وإلغاء الكثير من بنود الدستور المتخلف لكي يتناسب وطبيعة المتحول الجديد ، إذ لا يعقل   [  وحتى الساعة ليس للعراق نشيد وطني خاص به   ،  ولا علم للدولة  العراقية  يميزها عن الحقب المظلمة الماضية  ]   ، هناك حاجة للتركيز على الهوية الوطنية   ،  والتخفيف من حدة الشعارات الدينية والقومية والمناطقية ، هناك حاجة لكتابة عقد إجتماعي جديد يحدد ملامح دولة المستقبل ، أما الإجترار والتكرار ففشل يقود إلى فشل  .
 والديمقراطية أيها السادة اصبحت كابوسا بدل أن تكون  هي الحل لمعضل الدكتاتورية ، حتى رأينا من البعض الشوق والتمني للدكتاتورية بعد ما خلفته  ديمقراطيتنا البائسة   وأزلامها الحرامية ، كنت أتمنى أن لا أكتب عن هذه البلوى ونحن نستقبل العام الجديد ، لكن قبح الحياة وتكرار الخطأ والتجربة والمعانات جعلتني أكتب من غير الإلتفات إلى لزومية الإبتهاج أو التهاني حسب العادات المعمولة .
إنها أمنيات خرجت من النفس اللوامة على أمل أن تجد صدى أو سماع أو إستجابة أو خلوص نية ، هي أمنيات راجياً أن يتحقق البعض منها أو بعض البعض وذلك أضعف الإيمان ..
وكل عام وأنتم بخير
راغب الركابي