الاحزاب الحاكمة في تونس: لادين ولاملة


منير الضاوي
2018 / 12 / 31 - 15:05     

الاحزاب الحاكمة في تونس: لادين ولاملة
طرحت الاحزاب خلال حملاتها الانتخابية العديد من البرامج لكنها لم تنجز شيئا وظلت الوعود الزائفة حبرا على ورق وحلّت مكانها الصراعات الرجعية الضيقة ومصالح الاشخاص من اجل المواقع والمال الفاسد فلم يحترم النواب الناخبين القلائل وعمت الرشوة
و"السياحة الحزبية وتغيّر الكتل البرلمانية" بمفهوم “الغنائمية السياسية” والولاء لهذا السمسار اوذاك والبيع والشراء بالمزاد العلني تحت قبة البرلمان فتنقل النواب من حزب الى آخر ومن كتلة الى اخرى حسب العرض والطلب ووفق المصالح الشخصية والمطامع الذاتية.فلا اخلاق ولامبادئ ولاوفاء لمن انتخب بل السمسرة باصوات الناخبين لبيع البلاد واستعباد العباد لذلك تحوّل مجلس النواب الذي وقع انتخابه من قبل اقلية نظرا لنجاح المقاطعة السلبية تحوّل الى عناصر مرتزقة تنفذ اوامر صندوق النقد الدولي وتخدم مصالح لوبيات اثرت على حسلب الشعب.
وقد تفطن الشعب الى هذه الحقيقة فقاطع الانتخابات البلدية التي لم تتجاوز فيها نسبة المشاركة 33 بالمائة (26 بالمائة في تونس العاصمة)أي لم يتجاوز عدد الناخبين مليون و800 الف تقريبا من 5369843 من المسجلين وما يقارب 8 ملايين من لهم حق التصويت.
وهكذا ظلت هذه الاقلية العميلة والمنتخبة من قبل اقلية تتناحر طوال 8سنوات وتحاول قلب موازين القوى لصالح هذا الطرف دون الاخر غير مهتمة باوضاع الشعب الذي ملّ" من سياسة "الطرابلسية الجدد" اللاوطنية : اخوان ومشتقات النداء.
وبفعل تواصل الصراع الرجعي وانتهاء سياسة التوافق بين النهضة والنداء تغيّرت تركيبة البرلمان أكثر من مرّة فبعد ان كان النداء في الصدارة اثر انتخابات 2014 ب86 نائبا تليه النهضة ب69 نائبا اصبحت الان النهضة في الصدارة ب68 مقعدا وفيما يلي الترتيب الحالي:
- كتلة حركة النهضة: 68
- كتلة حركة نداء تونس: 51
- كتلة الائتلاف الوطني: 39
- كتلة الجبهة الشعبية: 15
- كتلة الحرة لحركة مشروع تونس: 14
- الكتلة الديمقراطية: 12
- كتلة الولاء للوطن: 11
- غير المنتمين إلى كتل: 7
تنكر رئيس الحكومة -الشاهد-الى حزبه الذي اقاله كما تنكر للسبسي-الرئيس- الذي عينه على راس الحكومة والتحق بالنهضة وتمكن من تشكيل تحالف جديد ضمن له البقاء على راس الحكومة استعدادا لانتخابات 2019 ويتكون هذا التحالف الجديد من النهضة والائتلاف الوطني المنشق عن النداء ومشروع تونس المنشق عن النداء كذلك وحزب المبادرة التجمعي-مرجان- وبذلك نجح الشاهد في تمرير تركيبته الحكومية المعدلة التي أقرها البرلمان بمعدل 130 صوتا تقريبا لكل وزير جديد -بفضل أصوات حركة النهضة (68 نائبا) وكتلة الائتلاف الوطني (42 نائبا) وحزب مشروع تونس (14 نائبا) وآخرين-
فحسم الصراع ظرفيا مع نجل السبسي والنداء –الحزب الذي كان ينتمي اليه-
وأكّد رئيس كتلة الإئتلاف الوطني بالبرلمان مصطفى بن أحمد-المتلوّن كالحرباء، نجاح تقارب الإئتلاف الوطني الحرة مع كتلة حركة مشروع تونس وتقدم الحوار معها وقال خلال ندوة صحفية بالمجلس، إنه تتم دراسة تجميع ما وصفه بالشتات الواسع الذي نتج عن حزب نداء تونس، حتّى يتم الإعلان رسميا عن شكل التقارب السياسي الذي سيتم الاتفاق حوله في شهر جانفي 2019، بين الإئتلاف الوطني وكتلة المشروع-مرزوق المرتزق-
وبذلك تتوضح صورة الفاعلين الرسميين الاساسيين في انتخابات 2019-حزب الشاهد المرتقب او الائتلاف والمشروع والنهضة من جهة والنداء ومشتقاته من جهة ثانية.
غير ان الشعب لم يعد يثق في هذه الاحزاب وقد اثبتت الاحتجاجات الاخيرة ذلك خاصة وان الاتحاد العام التونسي للشغل يهدد باضراب عام في 17 جانفي وهو اضراب –وإن له صبغة مطلبية مشروعة-يندرج في الصراع الرجعي الدائر حاليا ويصطف الى جانب القصر ضد حكومة الشاهد المدعومة من النهضة اساسا.
وفي خضم هذه الاوضاع المتفجرة برزت العديدة من الحملات التي تريد ركوب الاحتجاجات وكان آخرها الاعلان عن "ميلاد مبادرة المجلس الأعلى للشباب من تنظيم مجموعة من الجمعيات والمنظمات الشبابية الوطنية داعية شباب تونس إلى التنظم والالتحاق بها لاسترجاع بلاده والأخذ بزمام الأمور والقرار" وهي مبادرة حسب بيانها تتضمن توجهات اخوانية قد يكون هدفها معارضة "الستارات الحمراء"المدعومة من القصر- او حملة "باسطا"= يزيكم" التي يقف وراءها حزب العمال الانتهازي.
أين القوى الثورية؟
اشتعلت شرارة الانتفاضة من جديدة في العديد من الجهات اثر اقدام الصحفي الرزقي على الانتحار(مع ترقب الابحاث) وواجه النظام كعادته هذه الاحتجاجات بالقنابل المسيلة للدموع والقمع المفضوح ودافع مجلس الشورى-النهضة- على استعمال العنف لصد "المجرمين" حسب قوله وحاول البعض عبثا الركوب على هذه التحركات العفوية لكن القوى الثورية لم تبلغ المستوى السياسي والتنظيمي لتأطير مثل هذه الانتفاضات.
فهي لم تستوعب بعد برنامج الثورة الوطنية الديمقراطية ولم تتسلح باستراتيجيا تتماشى والواقع الموضوعي وما تفرضه التناقضات الحالية من مهام كما لم تهتد الى التكتيكات اللازمة فانخرط البعض في قانون الاحزاب والنضال القانوني ولم يعد معنيا بالمهام الثورية اما بعض الاخر الذي ينادي بحزب شيوعي جديد مخترق من قبل المخبرين يسعون الى تفكيك الحركة الشيوعية والحيلولة دون توحّد فصائلها.
لقد شاركت العناصر الثورية من مختلف المجموعات في الاحتجاجات ولم تتخذ هذه المشاركة طابعا جماعيا إذ لم تتحرك كجسد موحّد قادر على تدريب الجماهير على التنظيم والمواجهة.فعلى هذه العناصر الثورية ان تضع قضية وحدة القوى في الصدارة وتتحدى القيادات التي تعمل على شق الصفوف وتبلور برنامج الحد الادنى والحد الاقصى الذي سينير نضالات الجماهير ويعزز قدرتها التنظيمي
منير الضاوي
31 ديسمبر 2018