حول تظاهرة عمال الشركة العامة للصناعات الجلدية


حسام كريم
2018 / 12 / 26 - 14:54     

حول تظاهرة عمال الشركة العامة للصناعات الجلدية
في خطوة معد لها مسبقا وليست بالمفاجئة في عراق الديمقراطية البريمرية العصاباتية, اقدمت وزارة الصناعة والمعادن, والتي ترضخ تحت شروط صندوق النقد والبنك الدوليين, اقدمت على بيع واحدة من اقدم واهم الشركات الفاعلة والمنتجة في العراق- الشركة العامة للصناعات الجلدية- الى شركة من القطاع الخاص, والتي بدورها ستحولها الى "مول" كبير.
وفي ردة فعل عفوية على هذا القرار تظاهر العشرات من عمال الصناعات الجلدية يوم الأحد المصادف 23/ 12/2018 داخل مقر الشركة الكائنة في بغداد الكرادة, نتيجة نقل العمال إلى شركة أخرى بسب بيع الشركة, ان عمال الجلدية مستمرون في التظاهرات داخل أروقة مصانع الشركة حيث منع الاعلام والنقابات العمالية من الدخول الى مقر الشركة وتغطية الحدث مما ادى بالعمال الى اعتلاء المنصة الرئيسية والهتاف بأعلى اصواتهم مطالبين بوقف الهجمة القذرة التي تتعرض لها شركتهم.
الجدير بالذكر ان الشركة العامة للصناعات الجلدية انشأت سنة 1976 كحصيلة لدمج الشركة العامة للجلود التي تأسست سنة 1945 مع شركة باتا العامة التي تأسست سنة 1932، وحولت إلى شركة عامة بموجب قانون الشركات.
تشغل مصانع الشركة العامة للصناعات الجلدية اكثر من" ثلاثة الاف "عامل وعاملة وتتنوع منتوجاتها، من السترات الواقية من الرصاص والاحذية العسكرية "البساطيل" اضافة الى انتاجها الدروع والاحزمة والسترات الجلدية المدنية ، والحقائب المدرسية، والنسائية بأنواعها، ودباغة الجلود، واستطاعت الشركة تغطية احتياجات وزارتي الدفاع والداخلية من منتجاتها. ولقد جهزت مصانع هذه الشركة بخطوط إنتاجية جديدة ومن مناشئ عالمية.
يأتي هذا القرار بتحويل الشركة الى سوق كبير "مول" ضمن السياسة الهيكلية الجارية في العراق والتي جاءت تحت عنوان "الاصلاح الاقتصادي" والتي تكاد تكون مطابقة لمجمل التجارب التي جرت في العديد من البلدان، انها وصفات وشروط صندوق النقد والبنك الدوليين السيئا الصيت، والتي تتكرر بشكل واضح جداً، حول رسم سياسة اقتصادية ذات طابع نيوليبرالي يهدف الى تقليل الانفاق العام وهيكلة وتصفية القطاع الصناعي في العراق، ان السياسية التي تفرضها الحكومة هي سياسة افقار للعمال وتحويل الثروة العامة الى ملكية افراد ومجاميع وعصابات نهابة للمال العام.
ان هذه السياسة اتت بفرض القوة من قبل الاحتلال الامريكي وترسيم نظام سياسي في العراق قائم على شرذمة من تيارات وقوى الاسلام السياسي، حيث لعبت هذه القوى وهذه العصابات ومنذ مجيئها بعد احداث 2003دورا تخريبيا وهداما لكل البنية الصناعية في العراق، فتحول البلد الى سوق كبير لكل البضائع, وبأسعار زهيدة جدا، مما حدا بأغلب الصناعات الى التوقف، فمثلا من بين المئات من معامل الاحذية المنتشرة في بغداد والمحافظات الاخرى، والتي كانت تحوي على الالاف من العمال، والتي كانت منافس للبضاعة الاجنبية، لم يتبق منها غير مجموعة تعد على اصابع اليد، وغيرها الكثير من الصناعات التي اختفت وتلاشت بسبب هذا الدور التخريبي. فهل للشركة العامة للصناعات الجلدية من مكان وسط فوضى السوق هذه.
ان القوانين والقرارات التي تصدر من قبل هذه الشرذمة الذيلية الحاكمة، ما هي الا النتيجة الطبيعية للتبعية للرأسمال العالمي وقوانينه، ولقد اصبح واضحا ان هذه السياسة لا تنفك ان تتوقف الا بتصفية كل القطاع الصناعي في العراق، ولقد اصبح عمال شركات وزارة الصناعة معتادين على سماع هذه العبارات ((الشركات الخاسرة، الاحالة على التقاعد، الاجازة اربع سنوات، دمج الشركات, هيكلة الشركات، الخ)) وفي كل كلمة من هذه العبارات هناك سرقة او فساد، والا ما معنى "شركات خاسرة" ولماذا خاسرة، ولماذا بعد 2003 اصبحت خاسرة؟ الا اذا كان الهدف هو سرقة مكان تواجدها، او سرقة معداتها بعد تصفيتها، وما معنى الاجازات الطويلة هذه؟ والتي حسب الاحصائيات فأن اغلب الذين منحت لهم هم من عمال "وزارة الصناعة"، والذين هم اقل الرواتب في العراق، واكثر العمال مهددين بالتسريح او بتوقف رواتبهم.
انها سياسة مقصودة ومبيته ولن تتوقف عند هذا الحد، فعلى جميع العمال في العراق وبالأخص عمال شركات وزارة الصناعة الحذر لما تبيته هذه الشرذمة الذيلية من قوانين وقرارات سيئة وخبيثة، هدفها سرقة ما تبقى من موجودات الثروة العامة من مصانع وشركات وحتى اموال النقابات التي هي الان قيد السرقة.