لنتحدّد قبل ام نتوحّد!


جورج حداد
2018 / 11 / 27 - 12:49     


" لنتحدّد قبل ام نتوحّد!"
لينين

بصرف النظر عن جدوى ـ او لا جدوى ـ الفعل الدبلوماسي لمؤتمرات القمة العربية، والنوايا الصادقة، لدى هذا الطرف او ذاك، فلم يعد خافيا ـ حتى على مؤيدي مؤتمرات القمة، من الوطنيين والتقدميين الحقيقيين ـ ان اوساطا معينة حاولت وتحاول ان تستخلص من مؤتمرات القمة "روحا" تفاهمية، تريد ان تنسج منها ستارا، تغطي به الاسباب الذاتية العميقة لتهافت الجبهة العربية، بحجة تأمين وحدة الصف، او وحدة الكلمة، او وحدة الهدف، او ما اشبه من التعبيرات، بعد تجريدها من اي معنى حقوقي.
على ان المناقشة، التي تتسع دائرتها باستمرار، بين مختلف الاتجاهات السياسية، في داخل الجمهورية العربية المتحدة، وفي جميع البلدان العربية الاخرى، تلقي الضوء على الواقع، وتبين بجلاء قصر الستار عن تغطية المسرح. فعدوان الخامس من حزيران وضع على المحك العملي جميع "الاسلحة" الفكرية التي كانت ولا تزال تتسلح بها جميع الاحزاب والفئات ومراكز الاستقطاب العربية.
ولا نقصد هنا بعبارة الاسلحة الفكرية، النظريات المجردة بوصفها نظريات وحسب، وانما النظرية في التطبيق، ومن خلال الفعل ذاته... اي، بكلمات اخرى، مقدار استيعاب الجماعة المعينة للنظرية او الافكار التي تتبناها، ومقدار عملها بموجبها، وقدرة هذه الجماعة على عكس واقعنا الحي، في شعاراتها وخططها وبرامجها العملية، بالاستناد الى المنطلقات النظرية.
ويمكن القول دونما مبالغة انه لم يبق مواطن عربي شريف لم يتأثر او ينفعل بالعدوان. كما يمكن القول انه لم يبق حزب او فئة او مركز سياسي لم يخضع للنقد التلقائي من قبل المواطن العربي العادي. فكل شيء يتعرض الان للتقييم واعادة التقييم، من تحت، على ضوء العدوان ونتائجه، وردود الفعل التي تركها داخل المؤسسات السياسية العربية القائمة.
ويبدو كأنما المناقشة الدائرة تشق طريقها عنوة، او برغم بعض اطرافها الرئيسية، من التفاهميين، لتعكس، الى درجة ما، عملية التقييم "التحتية". بل ان المبادرة الى النقاش تأتي، في احيان عديدة، من التفاهميين انفسهم، الذين نجحوا في فرض منطقهم على مستوى الحكومات والقيادات، ولم ينجحوا على مستوى الجماهير. ولذلك يحاولون "تمرير" هذا المنطق ـ او على الاقل تبريره ـ من اجل الاحتفاظ بمواقعهم السابقة.
فلقد اثار العدوان موجة عارمة من الغضب الجماهيري والتحفز الثوري، في طول البلدان العربية وعرضها... واهمية هذه الموجة تكمن ليس فقط في ضخامتها واتساعها، بل ـ وقبل كل شيء ـ في محتواها العميق. فلأول مرة في تاريخ العرب الحديث تصاب الجماهير العربية بهزة بهذا العنف، تدفعها دفعا للتخلص من الانبهار السلبي المنفعل، وللخروج من تحت اية وصاية فكرية لاي حزب او فئة، ومهما كانت تلك الوصاية تقدمية او وطنية او ثورية. فالجماهير هي التي ستختار، بعد الان. وهذه هي الخطوة الضرورية نحو خلق الحزب الطليعي الحقيقي، الذي ينبع من قلب الشعب، وتشده اليه الوشائج الفكرية ـ التنظيمية المجسمة والحية.
ولا نستنتج من ذلك ان الجماهير ستنبذ اوتوماتيكيا جميع المؤسسات ومراكز الاستقطاب السياسية، التي كانت قائمة حتى ما قبل 5 حزيران 1967. كلا! فهذا تبسيط لحركة الحياة الواقعية، لدرجة التسخيف. انما الذي اصبحنا نتحقق منه، اكثر فأكثر، ان هزيمة الخامس من حزيران ـ التي كانت امتحانا عمليا كرس فشل النظام الفكري، كليا او جزئيا، الذي سير عمل المؤسسات والاقطاب السياسية المسؤولة، حتى عشية العدوان ـ ان االهزيمة، وبصورة أدق: اسباب الهزيمة، كانت بمثابة درس قاس للجماهير ذاتها، التي تعودت السماع والانفعال والتحرك، بدفع من "الخارج"، اي من الحزب او الفئة السياسية او الزعيم، الذين كانوا يمثلون بالنسبة للجماهير "القطب الموجب نحو القطب السالب". وفحوى درس الهزيمة ان موقف الانتظار، موقف التلقي وحيد الجانب، موقف الانبهار والانفعال، هو التربة التي اينعت فيها اسباب الهزيمة. فالحركة الثورية الناجحة المنتصرة لن تكون في يوم من الايام الا حركة ذاتية، حركة الجماهير الثورية ذاتها، وليس حركة من اجل الجماهير، تحدها مفاهيمم واعتبارات ومصالح غير مفاهيم واعتبارات ومصالح الجماهير المعنية اياها.
وهذه ليست فلسفة عويصة، وانما هي حقيقة بسيطة تعني ان الثوري لن يكتفي بعد اليوم بالتلقي وحسب، بل سيناقش، ويتطلب، ويشترط، ويسهم في التنظيم والتنفيذ، انطلاقا من "المناقشة" والتطلب والاشتراط.
وانه لمن باب الاحكام المجردة المطلقة، القول بنبذ او عدم نبذ المؤسسات السياسية التي كانت موجودة قبل الهزيمة. فربما نبذت احزاب وزعامات برمتها، وربما طرحت بعض الاجنحة والقيادات، وربما ـ بالمقابل ـ بقيت احزاب وقيادات. ولكن الشيء الاكيد، ان الذي سيبقى ـ وحتى يبقى ـ سيبدأ من الان فصاعدا ان يكون غير ما كان، من حيث المفاهيم الفكرية واساليب العمل وقواعد التنظيم، وعلى العموم، من حيث طبيعة العلاقات مع الجماهير. إذ من المحتم، حتى يستطييع من يبقى ان يلعب دوره كحزب قائد للجماهير، ان يصبح جزءا لا يتجزأ من الجماهير، ايديولوجيا وتنظيميا وحياتيا، فلا يتعالى عليها، "بامتلاك" نظرية طليعية (هي نظرية للجماهير اصلا)، ولا يعلو عليها بامتيازات مادية ومعنوية، تفصل الثورة عن الثوريين، وتشوه النضال الثوري إذ تظهره وكأنه تفضّـل ومنة من اجل الغير، يحتاح الى مكافأة خاصة.
هذه باختصار فحوى الموجة العارمة من الغضب الجماهيري والتحفز الثوري، اللذين ولدهما العدوان الاستعماري ـ الصهيوني الغاشم، الذي قصد الى كسر شوكة الثورة العربية، وتأبيد هيمنة الاستعمار والصهيونية والرجعية على الارض العربية. واذا صرفنا النظر عن بعض التظاهرات على السطح، فالذي يميز هذه الموجة انها تعمل في الاغوار، اكثر بكثير مما تبدو للعيان. وما طلائع الانفجارات في فلسطين المحتلة، سوى اولى البشائر.
ولعله مما يؤسف له ان الاحزاب والجماعات السياسية العربية التقدمية ـ الحاكمة وغير الحاكمة ـ لم تستطع حتى الان الارتفاع الى مستوى هذه الموجة الثورية التجديدية، بل ان نشاطاتها الفكرية، واساليب عملها، لا تزال حتى الان شبيهة الى حد كبير بما كانت عليه حتى ما قبل العدوان. وهذا دون ان ننكر ان بعض القوى الثورية العربية تحاول جاهدة وباخلاص اللحاق بالموجة الجماهيرية. الا ان "العوائق الداخلية" الذاتية، والتيارات الخارجية المعاكسة، التي اوجدها منطق الخرطوم والهزيمة نفسها، تصعّب محاولات الانفتاح على الجماهير الثورية والاندماج فيها.
ان هذه القوى تبنت وتتبنى شعارات وخطوطا ستراتيجية تعبر حق التعبير عن متطلبات المرحلة التاريخية الحاضرة، مثل "حرب التحرير الشعبية" و"وحدة القوى الثورية" الخ... وهذه خطوة هامة في الطريق الصحيح. ولكن هذه القوى عينها لا تزال مقصرة عن تجسيد الشعارات التي اخذت تتبناها، وإعطائها محتواها الحقيقي، في التطبيق العملي. فحرب التحرير الشعبية، مثالا، التي هي مفهوم ستراتيجي سياسي ـ عسكري، ثوري، تقتضي اول ما تقتضي وحدة سياسية ـ تنظيمية كفاحية للجماهير الشعبية، تتجلى في لجان الادارة الذاتية المنتخبة في القرى والاحياء والمدن، والوحدات الانتاجية ـ الدفاعية الذاتية، وتكوين الجيش الشعبي، واشاعة الدمقراطية التامة الصارمة، في الجيش النظامي وفي جهاز الدولة، وتحويلهما الى اداة ثورية رئيسية، والى جزء لا يتجزأ من الشعب الكادح المناضل. والدمقراطية ـ بالمناسبة ـ ليست قطعا طريقة الانتخاب البرجوازية التي هي، على العموم، تشويه للدمقراطية ووسيلة استعباد "لطيفة" للجماهير.
ان وحدة القوى الثورية حول برنامج واحد ومركز قيادي واحد، هي وسيلة اساسية، لتحقيق الاهداف الضرورية، المطروحة في المعركة مع الاستعمار والصهيونية والرجعية، لا بل انه لا يمكن تصور تحقيق هذه الاهداف من دون الوصول الى الوحدة. الا ان اي وحدة ستكون وحدة صورية، وشكلا من اشكال التفاهمية الضارة، اذا تمت عن طريق الجمع الميكانيكي للمؤسسات القائمة، دون تمحيص للمواقف الفكرية والمنهجية والعملية، وبمعزل عن رأي الجماهير نفسها.
فالوحدة الحقيقية للقوى الثورية، لن تتم الا من خلال الوحدة السياسية ـ التنظيمية الكفاحية للجماهير الشعبية. وهذا يتطلب من المؤسسات السياسية القائمة، ومن كل مناضل، وكل وطني، وكل ثوري، ليس فقط وعي ظروف المعركة ومتوجباتها، بل ـ وقبل كل شيء ـ وعي الذات، اي وعي النفس ووعي الآخرين، واجراء عملية مسح لخريطة القوى السياسية، ونقد جدي و"نفض" لجميع المواقف المتخاذلة، والانتهازية، والتفاهمية، وللجماعات التي تقف حجر عثرة في وجه الوحدة الكفاحية، وان يكون التوجه مباشرة نحو الجماهير، وتعبئتها، هما المنطلق في الموقف الخاص، وفي الموقف من الاطراف الاخرى.
كما يتوجب ايضا المباشرة في تنفيذ ما امكن من الخطوات العملية، التي تكتمل مقوماتها والظروف الملائمة لها، دون اي تردد، وقبل الحصول على اجماع الفئات الاخرى، او موافقة اكثريتها، لان تنفيذ اي عمل فعلي، من الخطة او الشعار الصحيحين، يكون له من قوة الاقناع، ومن قوة التحريك الجماهيري، اكثر بكثير مما للدعاية النظرية المجردة. واذا كان من المسلم به ان مقياس كل نظرية، وكل برنامج وخطة وشعار، هو التطبيق العملي، فالان، وبعد العدوان بالاخص، يمكن القول مع التشديد، بأن الاعمال اصبحت وسيلة الاقناع الرئيسية ايضا، ليس فقط بصحة الخطة المعينة، بل ـ وبالدرجة الاولى ـ بجدارة الحزب او الجماعة التي تتبنى هذه الخطة، واهليتها لتحقيقها، وحيازة ثقة الجماهير على هذا الاساس.
وهكذا، فإن وحدة القوى الثورية، الضرورية، يجب ان تكون وحدة "من تحت" ووحدة بالاعمال، وهي تنفي نفيا باتا كل تفاهمية، لان المعركة التي نخوضها، والاعداء الذين نواجههم، لا مجال فيها ومعهم للتفاهم من اي نوع كان. وكل تفاهم انتهازي سيكون على حساب مصالح الوطن العليا، وعلى حساب مصالح الجماهير الشعبية العربية، وعلى حساب اجهاض الثورة العربية، في المرحلة التاريخية الراهنة، وربما الى زمن طويل.
ومأثرة كل حزب، وكل مركز استقطاب وطني، وتقدمي، وثوري، ليس بعد الان في "الصفح النبيل" ومسامحة النفس والآخرين، وإغماض العين عن العيوب والاخطاء والنواقص والعجز، والتعويض عن ذلك بالتبجحات الديماغوجية، ولبس مسوح "الحكماء" والوعاظ، بل في مجاراة المد الثوري ومباشرة الاعمال الثورية، وفي الانفتاح التام على الجماهير.
ومن خلال الانجذاب في العمل الثوري، والتفاعل مع جماهير الثورة، من خلال ذلك فقط يمكن صهر مختلف الفئات والاحزاب الوطنية والتقدمية الثورية، في بوتقة واحدة للحركة الثورية الواحدة، ولا يعود من مجال للتردد والتسامح مع الانحرافات، بل يصبح من الضروري والمحتم مجابهة اي انحراف، ومن اي جهة اتى...
لقد عملت الطبقات الاستغلالية، والفئات والجماعات الرجعية والمحافظة، طوال سنوات، على تغيير ازيائها القديمة، بقصد امتصاص المد الجماهيري الثوري، وقصره على حدود معينة. وحتى في البلدان العربية المغرقة في الرجعية، اجرت الطبقة المسيطرة بعض التجديد في واجهتها، وبعض "التطوير" في اساليب حكمها. وكان اخطر ما توصلت اليه الجماعات الرجعية، هو التغلغل في الحركات الثورية، وبث ايديولوجيتها فيها، واحتلالها بهذه الدرجة او تلك من الداخل. ومما يؤسف له انها نجحت في ذلك الى حد كبير. اولا، بسبب انحراف القيادات الشيوعية، وتشويهها للماركسية ـ اللينينية، مما حرم الحركة الثورية العربية من الكاشف الذي ينير لها سواء السبيل. وثانيا، بسبب الايديولوجية البرجوازية الصغيرة، نصف الثورية وذات الوجهين، في الاحزاب والحركات والقيادات غير الشيوعية.
واليوم، وبصرف النظر عن حسن النوايا، فإن بعض الاوساط التقدمية العربية تتواطأ، من حيث تعلم او لا تعلم، على شد عجلة التاريخ الى الوراء، وتعطيل حركة الثورة، وتضليل الجماهير وحرفها عن الطريق القويم، حينما تتفاهم، او تسكت عن التفاهم، مع الرجعية الداخلية، وبالتالي مع الاستعمار واسرائيل ذاتها. وهي بذلك تكشف "هويتها" الحقيقية، او على الاقل تكشف مدى تغلغل العناصر المحافظة في صفوفها، وتشربها بالايديولوجية البرجوازية، اي الوصولية الانتفاعية والاستغلالية، التي هي اجبن من ان تواكب المد الثوري، وتخوض المعارك المصيرية، بل ان "مصالحها" تتعارض مع السير بالثورة الى الامام، ولا تبعد ابدا عن حدود التسويات وتقاسم "الغنائم" مع الاعداء.
كما ان بعض الاطراف الاخرى التي ابدت، بهذا الشكل او ذاك، عدم سيرها في الخط التفاهمي، ولكنها لا زالت تبالغ في مراعاة التفاهميين، ترتكب هي ايضا خطأ فادحا، وتفسح المجال للشك في عدم ثقتها، هي ذاتها، بالخط الثوري الجماهيري. فالسكوت عن تضليل الجماهير هو مساهمة غير مباشرة فيه.
ولا يعني ذلك البتة تحويل الجهود والانظار نحو المشاحنات "النظرية" العقيمة، والجدل البيزنطي الفارغ. فإن كل الجهود يجب ان تنصب على تأليف جميع القوى الثورية، وتعبئتها في المعركة ضد العدو، وان لا يغيب العدو عن البال، في اي لحظة، وفي كل كلمة، وكل خطوة مهما كانت. وكشف التفاهميين، وعزلهم عن الجماهير، يجب ان يكون من خلال المجابهة الشاملة مع العدو. بل ان هذه المهمة هي احد الشروط الرئيسية، التي لا يمكن بدونها ان تتم المجابهة، لان وظيفة التفاهميين، ودورهم في كل مناسبة، الالهاء عن العدو في الحالتين: في حالة السكوت عنهم، والتغافل عن نشاطهم التخريبي المضيّع والمبعثر للقوى والمعنويات. وفي حالة تناسي العدو الرئيسي، والاكتفاء بمجابهتهم.
ان كلمة السر التي تجمع الان "الواقعيين" القدماء والجدد، اي الرجعيين والتفاهميين، هي محاولة الايهام، باقصى ما يكون من "الموضوعية" والمظاهر "العقلانية"، بأن نقطة الارتكاز في المعركة، هي قوة العدو وضخامتها، وليست قوة وتنظيم واساليب نضال الجماهير الشعبية. ولو كان الامر كذلك لما انتصرت ثورة اكتوبر الاشتراكية الروسية، ولما انتصرت اية ثورة اخرى، ولما تحرر اي بلد مستعمر، ولكان هلاكنا، وهلاك كل شعب مناضل ومظلوم امرا محتما.
وهذه الحقيقة بالضبط ـ حقيقة موضع نقطة الارتكاز في المعركة ـ هي ما يفسر لنا الخط الفاصل الحاد، الذي رسمه العدوان، بين الموجتين المتناقضتين تماما، من رد الفعل داخل الامة العربية:
ـ رد الفعل الجماهيري الثوري.
ـ ورد الفعل الرجعي، الانتهازي والتفاهمي.
وواجب القوى الثورية العربية الحقيقية، الحاكمة وغير الحاكمة، المنظمة وغير المنظمة، القديمة والجديدة، ليس في ان تقوم الان "باقناع" اعداء الثورة والاشتراكية، و"كسبهم"، بل في ان تستوضح، هي ذاتها ولنفسها، خريطة المعركة، وان تنضم الى معسكر الجماهير الثورية.
(كتب في تشرين الاول 1967)