شيوعي يعلن إفلاسه


فؤاد النمري
2018 / 10 / 6 - 20:14     


الدكتور محمد علي مقلد هو أفضل الشيوعيين المفلسين الأمر الذي يدفعني إلى الكتابة عنه بالإسم تقديراً لشخصه الكريم فهو الشيوعي المفلس الوحيد كما أعلم الذي يجاهر بأسباب انسحابه من الثورة الشيوعية العالمية التي أعلنها قائد انتفاضة أكتوبر البولشفية فلاديمير لينين في صباح السادس من آذار 1919 . الدكتور مقلد ليس مثل كل قادة الأحزاب الشيوعية العربية بصورة خاصة الذين انسحبوا هم أيضاً من الثورة الشيوعية وتحولوا إلى ساسة إصلاحيين كأعداء للثورة الشيوعية تبعاً لماركس وللينين دون أن يعلنوا سبباً واحداً من أسباب الإنسحاب .
بعض الرجال الجوف من الشيوعيين المفلسين يدعون أن ماركسية ماركس ليست هي ماركسية ستالين دون أن يذكروا أية سياسة ستالينية تتعارض مع أسس المنهج الماركسي لكن الدكتور محمد علي مقلد ليس من هؤلاء الجوف وإن هو يعلن أن يقينيات السياسات السوفياتية لا تتفق وروح الماركسية بل ويزيد على ذلك بأن النصوص الماركسية واللينينية لم تعد تتفق مع عصرنا الحالي وهي لذلك تؤسس لأصولية ماركسية كما في الأصوليات الدينية. ثم يقول .. " أن انهيار التجربة الاشتراكية خلخلت تلك اليقينيات وكل البناء الفكري السياسي الذي شيدته الحركة الشيوعية عليها " ويتوقف مقلد عند اليقينية الستالينية التي تقول .. " ثورة أكتوبر دشنت العصر الذي سمته الأساسية هي الانتقال من الرأسمالية إلى الاشتراكية" .
يبدو أن الدكتور مقلد لم يقرأ خطاب لينين يختتم أعمال الإجتماع التأسيسي للأممية الشيوعية في 6 آذار 1919 وهو لذلك يقول " انهيار التجربة الاشتراكية خلخلت تلك اليقينيات وكل البناء الفكري السياسي الذي شيدته الحركة الشيوعية عليها " . خطب لينين يختتم أعمال الإجتماع التأسيسي للأممية الشيوعية فقال، لينين وليس ستالين كما يشير مقلد ..
"victory of the proletarian revolution on a world scale is assured. The founding of an international
Soviet republic is on the way".
أي أن انتصار ثورة البروليتاريا على صعيد العالم هو أمر مؤكد والعالم في طريقه لبناء دولته السوفياتية .
لينين وليس ستالين هو من أكد أن ثورة أكتوبر قد نقلت العالم إلى مسار جديد يقضي بالتحول من النظام الرأسمالي إلى النظام الإشتراكي .
يطلع علينا الدكتور مقلد ليقول، مبرراً تنصله من الثورة الشيوعية, أن تأكيدات لينين عن الإنتصار المؤكد للثورة الشيوعية في العالم ثبت بطلانها من خلال انهيار المعسكر الإشتراكي .

لئن كانت مزاعم الدكتور مقلد صحيحة فسيترتب علي عندئذٍ أن أنسحب من المساهمة الفعالة في الثورة الشيوعية بعد 70 عاماً مشاركا في أشد حروبها . والبرهان على صحة مزاعم مقلد هو في غاية السهولة وهو أن يثبت مقلد على أن النظام الإقتصادي في الولايات المتحدة ما زال اقتصاداً رأسمالياً الأمر الذي يعني حينئذٍ أن النظام الرأسمالي كان أن هزم النظام الإشتراكي وتغلب عليه . أما إن لم يكن النظام في الولايات المتحدة ليس رأسماليا فكيف للسيد مقلد أن يثبت أن انهيار النظام الرأسمالي لم يكن بسبب الثورة الشيوعية التي أعلنها لينين في العام 1919 ؟ كيف له أن يثبت أن ثورة البلاشفة بقيادة لينين لم تنقل العالم من مسار إلى مسار آخر مختلف ؛ بل ولنا أن نسأل أيضاً ما هو هذا المسار المختلف ؟ للمساعدة على الإجابة على هذا السؤال الإضافي نشير إلى الإجتماع الرباعي الذي عقد في لندن وراء أبواب مغلقة في أواخر أيام القرن العشرين وضم ثلاث رؤساء اشتراكيين، بلير من بريطانيا وجوسبان من فرنسا وشميدت من ألمانيا مع كلنتون الرئيس الأميركي، وانفض الإجتماع دون أن يصدر أي بيان عن الاجتماع، ورفض المشاركون الإفصاح عما كانوا يبحثون إلا أن كلنتون وفي مواجهة ضغط الصحفيين أعلن أنهم كانوا يبحثون خلال كل الأيام الثلاثة عن نظام الطريق الثالث الذي لا هو اشتراكي ولا هو رأسمالي لكنهم انتهوا إلى الفشل .
الفشل التام لرؤساء أكبر أربع دول رأسمالية يؤكد مشروعية سؤالنا للدكتور مجمد علي مقلد وهو .. ما هو النظام القائم اليوم في الولايات المتحدة بل وفي العالم ؟
الإجابة الصحيحة على هذا السؤال الحدي هي ما تكشف عن حقيقة هجومات الدكتور مقلد المتوالية على أصولية الماركسيين على الرغم من أن ألفباء الماركسية تقول أن الشيء ليس هو نفسه في نفس اللحظة ومن لا يقول ذلك فهو لا يمت إلى الماركسية بصلة .