أدعياء الشيوعية أعداء الشيوعية


فؤاد النمري
2018 / 9 / 20 - 18:07     

أدعياء الشيوعية المفلسون هم في حقيقة الأمر أعدى أعداء الشيوعية وقد عرف الشيوعيون منهم أسوأهم، أولهم خروشتشوف الغبي الرخيص الذي وصل لأن يكون الأمين العام للحزب الشيوعي السوفياتي، الحزب الذي كان قد قدم الشيوعية للعالم بقيادة لينين وستالين، ثم لافرنتي بيريا وزير أمن الدولة السوفياتية الذي اغتال ستالين بالسم، وبعده المارشال جوكوف وزير الدفاع ومرشح المكتب السياسي الذي قام بانقلاب ضد الحزب في يونيو حزيران 1957 وطرد أعضاء المكتب السياسي من الحزب، وأخيراً أندروبوف الذي دبر انقلابين ضد القوى الإشتراكية في الجزائر وفي سوريا، ثم غورباتشوف الذي انهار الاتحاد السوفياتي على يديه . وكان من أضرابهم أيضاً في ألمانيا المرتد كاوتسكي والمنحل بيرنشتاين مؤسسا الحزب الإشتراكي الذي اشتهر بموبقات خيانة الطبقة العاملة .
من هؤلاء "الشيوعيين" أعداء للشيوعية من لا يخفون عداءهم إذ يعلن أحدهم بلا حياء أو خجل، وهو الدكتور طلال الربيعي، أمنيته في الحياة وهي ألا تعود الشيوعية السوفياتية إلى الحياة مرة أخرى . وعديدون من هؤلاء الأدعياء الأعداء يكتبون في الحوار المتمدن ويمنعون التعليق على مقالاتهم كيلا يُفضح اعتوار ماركسيتهم العرجاء من مثل عبد السلام أديب من المغرب . العلة في أدعياء الشيوعية وهم في الحقيقة أعداؤها هي أنهم لم يدركوا بعد ألفباء الماركسية ويرطنون بلغات لا تمت للماركسية بصلة .

ما دفعني إلى كتابة هذه المقالة القصيرة السريعة ليس هو إعلان الربيعي عداءه للشيوعية الأمر الذي لا قيمة له في سيرورة العمل الشيوعي بل هو مقالة عبد السلام أديب عن أزمة الإمبريالية المتمثلة بزعمه بأزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة في العام 2008 والتي منع التعليق عليها كيلا يفتضح اعتوارها وهو ما كلفني هذه الكتابة . لا أدري كيف لدعيّ للماركسية أن يعتبر أزمة اسمها "أزمة الرهن العقاري" هي أزمة النظام الرأسمالي وكأن الإتجار بالعقارات هي تجارة رأسمالية !؟
كل الشوعيين في العالم ومنهم ماركس وإنجلز ودعيّ الشيوعية المغربي عبد السلام أديب ما كانوا ليكونوا شيوعيين إلا لأن هناك تناقضاً صارخاً في النظام الرأسمالي سيطيح به قبل أن تبدأ الحياة الشيوعية . دعي الشيوعية عبد السلام أديب لم يعلم بعد طبيعة التناقض الذي سيودي بالنظام الرأسمالي وهو أمر في غاية الغرابة بالنسبة لشخص يدعي الشيوعية .
التناقض الرئيس الذي توقف عنده ماركس طويلاً ويمكن اعتباره المحرك الأولي لبناء كل النظرية الماركسية هو التناقض الذي لا بد وأن يودي بالنظام الرأسمالي وهو أن مجموع أجور العمل هي أقل من مجموع قيمة البضائع الناتجة عن العمل ؛ وعليه فإن هناك فائضاً للإنتاج لا يستطيع المجتمع المحلي استهلاكه أو استبداله بالنقود، فإن لم يُصدّر ليستبدل خارج الحدود فذلك يؤدي بالقطع إلى توقف عجلة الإنتاج وإلى انهيار النظام الرأسمالي . التوسع في إنتاج العمارات والمساكن ليس تجارة رأسمالية وليس أدل على ذلك من أن المساكن كانت في غاية الضيق عندما كانت الرأسمالية في أوج قوتها، خليك عن أن الأبنية والعمارات غير قابلة للتصدير ولذلك لا يمكن أن يغامر الرأسمالي بإنتاجها . البنك الذي أنفق كل أمواله في بناء المساكن والشقق لم يعد عليه أي فائض للقيمة بل هو باع المساكن والشقق بكلفة قيمتها وقد اعتمد في هذه التجارة غير الرأسمالية على الفوائد المصرفية على القروض طويلة الأجل حيث يسترد البنك في نهاية الأجل ما يقارب ضعف قيمة العقار . وبالعموم فإن تجارة البنوك ليست تجارة رأسمالية وموظفو البنوك لا ينتجون فائضاً للقيمة .

أهم مكتشفات ماركس كما جاء في أحدى رسائله هو فائض القيمة (Surplus Value) أي أن العمل البشري ينتج قيمة أكبر من قيمته التبادلية في النظام الرأسمالي مما يضطره إلى تصدير فائض الإنتاج إلى خارج الحدود كيلا يموت النظام الرأسمالي غريقاً في محيط فائض إنتاجه . من أين يحصل الرأسمالي على فائض القيمة وهو الهدف الأوحد للنظام الرأسمالي ؟ الأجور هي في النهاية ما ينتج فائض القيمة . الأجور هي ما يجدد قوة العمل في أجسام العمال وقوة العمل هي ما تخلق قيمة أكثر من قيمتها . هذه القيمة الزائدة هي التي تدفع بالرأسمالي لأن يغامر برأسماله ويغرق في الإنتاج واستئجار المزيد من العمال . بالمقابل البنك الذي يرتهن العقار مقابل القرض الذي على المالك الجديد أن يسدده مع الفوائد المصرفية خلال مدة العقد فهو يزود المالك الجديد بمسكن لا يعود عليه بأية أموال بل يضيف مصاريف آخرى هي الخدمات والصيانة للمنزل . وأما تسديد القرض فعلى المالك الجديد أن يتدبر الأمر من أجوره في أعمال أخرى . علاقة المالك الجديد للعقار مع البنك هي علاقة سلبية أي أن المالك الجديد يدفع للبنك القسط المالي الذي من شأنه أن يحد من تجديد قوى العمل في المالك الجديد بعكس العلاقة الإيجابية بين الرأسمالي والعامل فالرأسمالي هو من يدفع للعامل أجره المالي الذي يجدد قوى عمله .
الدمغة الفارقة على أن أزمة الرهن العقاري في خريف 2008 ليست هي أزمة النظام الرأسمالي التي حدد سببها ماركس وهو فيض الإنتاج بينما أزمة الرهن العقاري حدثت والسوق الأميركية تغص بالبضائع الصينية وهو ما يدل على أن المصانع الأميركية تعاني من قصور في الإنتاج وهو العكس تماما من الأزمة الرأسمالية .
إفلاس البنوك من جهة وإغراق الأسواق الأميركية بالبضائع الصينية والشرق أسيوية من جهة أخرى دلالة قاطعة على أن الشعب في أميركا يستهلك أكثر مما ينتج وهو ما يقطع بأن نظام الإنتاج في أميركا لم يعد رأسمالياً أو إمبريالياً .
من لا يدرك هذه الحقيقة الماركسية الدامغة من أدعياء الشيوعية عليه أن يتفقد نفسه كمنحرف عن الماركسية وكعدو للشيوعية .