حزب العمال الشيوعى المصرى بين النقد الذاتى وتسفيه الذات المضاد للثورة


سعيد العليمى
2019 / 4 / 27 - 08:48     

دعونى هنا أورد رأى بعض الكتاب ممن لم يكونوا على أية صلة بحزب العمال الشيوعى المصرى ممن ذكروه فى كتاباتهم . يقول الكاتب الراحل د . غالى شكرى فى كتابه الثورة المضادة فى مصر , الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب عام 1997 , وبعد تقويمه النقدى لإتفاقية سيناء وماورد بصددها فى مجلة الطليعة القاهرية – إفتتاحية عدد أكتوبر 1975 , وتوجيه نقد صارم مبدئى , وحاد , لموقف ( التيار الثورى ) الذى أيد سلطة السادات , والإتفاقية , ودعا لعدم التظاهر ضدها , ولضرورة مساندتها وتأييدها , إنتقد بيان الحزب الشيوعى المصرى ( المصدر مذكور ص 279 ) وخاصة بسبب تشوشه بشأن الطبيعة الطبقية للسلطة التى رأى فيها عناصر عميلة وخائنة , وعناصر مزدودجة ومترددة , وعناصر تؤمن بالخط الوطنى الناصرى , وأبصر فى ذلك ثغرات قاتلة واصفا إياه بأنه " تحديد ينتمى جوهريا الى العقلية اليمينية التى سادت بعض أوساط الشيوعين المصريين فى الستينات وقادتهم الى حل تنظيماتهم " ص 280 , وقد إنتهى بعد عرضه لمواقف عدة قوى حزبية , وغير حزبية إلى : ( وتنظيم حزب العمال الشيوعى المصرى أكثرها يسارية منذ أصدر مجموعة من الموضوعات كتبت بين عامى 1970 و 1971 تحت عنوان طبيعة السلطة , وقضية التحالف الطبقى , وفى هذا الكتيب مقولات صحيحة منهجيا , وبعض مقولاته تنطوى بغير شك على نبوءة علمية ... ثم يتناول البيان الذى أصدره الحزب بمناسبة اتفاقية سيناء السابقة على كامب دافيد , وهو البيان المعنون : فلنقاوم إستسلام النظام المصرى أمام الإستعمار الأمريكى وإسرائيل فى 13 – 9 – 1975 الذى إنتهى إلى طرح شعار الإطاحة الثورية بالسلطة المصرية , وبعد تقويمه للبيان , ورفضه لشعار الإطاحة الذى طرحه حزبنا وبرهن كامل تطور مجرى الأحداث اللاحق على صوابه وصحته , إنتهى الى القول بأن هناك وجها ايجابيا لامعا فى تحليل ح ع ش م لايجوز تجاهله بل التأكيد عليه وتطويره دائما , هو الإطار العربى الذى تفرضه اتفاقية سيناء سلبا وإيجابا ... ( أنظر فى ذلك ص ص 267 – 290 من الكتاب المذكور ) . وقد أشار الكاتب الراحل أحمد صادق سعد فى دراسته المعنونة : حاجتنا لإستراتيجية إشتراكية جديدة - قراءة ثانية فى أحداث يناير 1977 – التى نشرت نشرة مدققة حسب ماصدر فى الكتاب الدورى – الراية العربية - من قبل د . شريف يونس والأستاذ عادل العمرى – الإنترنت , إلى أنه بالنسبة لحزب العمال الشيوعى المصرى , يأتى التذكير بإستراتيجية الحزب الإشتراكية بصورة أقوى وأكثر تكرارا من أى من المنظمات الأخرى القائمة جميعا , ويورد من جريدة الإنتفاض فى عددها الصادر بتاريخ 7 – 8 – 1976 تحت عنوان حول إنتخابات مجلس الشعب , واستفتاءات السادات , وفى العدد الصادر بتاريخ 31 – 7 – 1976 بعنوان لا للسادات وفى غيرهما موقف الحزب حول ضرورة الإطاحة بالنظام القائم ( بأساسه السياسى والإقتصادى والإجتماعى – الرأسمالى الرجعى دون أية تحفظات .. ولايحول بيننا والنضال المباشرحول شعارات إسقاط النظام الرأسمالى القائم من أجل الجمهورية الإشتراكية سوى الوزن الضعيف للطبقة العاملة وحلفائها من الجماهير الشعبية ... إلا أن هذا لن يتم إلا عبر النضال حول شعار مرحلى , شعار الجمهورية الديموقراطية الذى يحقق إسقاط شكل الحكم الرجعى الفردى مطلق السلطات وإقامة شكل ديموقراطى جديد .. ) . وفى التقرير الإستراتيجى العربى الصادر عن مركز الدراسات السياسية , والإستراتيجية بالأهرام لعام 1987 , الذى أشرف عليه الإستاذ السيد ياسين يرد فيه عن حزب العمال الشيوعى المصرى من ضمن مقال عنوانه : القوى المحجوبة عن الشرعية ( ص ص 358 – 382 ) مايلى فى مواضع متفرقة : ( يعد حزب العمال واحدا من أكثرالمنظمات الماركسية فى مصر تشددا من حيث الموقف السياسى , ورؤيته لنظام الحكم , ومن حيث المهام التى يطرحها على الطبقة العاملة من أجل تغيير هذا النظام .. وفى مواقفه النظرية بل وحتى ذات الطابع البرنامجى التفصيلى .. ولعب حزب العمال فى خضم أحداث الإنتفاضة الطلابية فى عامى 1972 و 1973 دورا بارزا وكان أقوى فصائل الحركة الماركسية تأثيرا وسط صفوف الطلاب فى ذلك الحين , بل ونجح فى إدارة الإنتفاضة الطلابية بما فى ذلك ربط القيادات الطلابية غير المنتمية له بخطط وحركة الحزب .. إمتلك حزب العمال منذ نشأته ... أساسا نظريا متينا نسبيا , ومقولات سياسية راديكالية أعطت لعناصره روحا حماسية , وأحيانا قتالية عالية , وخاض حزب العمال بلاشك كثيرا من المواجهات العنيفة ضد نظام حكم الرئيس السادات , وتعرضت عناصره لإعتقالات كثيرة وربما بنسب أكبر مما تعرضت له فصائل أخرى – وأضيف من عندى أن هذا كان ملحوظا فى قضية إنتفاضة يناير 1977 بصفة أخص . حيث فاق عدد " المتهمين " من الأعضاء المنتمين إلى حزب العمال أعداد الرفاق من تنظيمات أخرى . ويعرف القراء المطلعين مواقف ونظرات الاستاذ سيد ياسين التى لايمكن وصفها بالتعاطف مع الإتجاهات الماركسية الثورية ولا حتى الرجعية , ولم يكن ماورد فى التقرير الآنف يأتى إلا فى سياق سلبى عموما . وكتب المناضل المعروف كمال خليل فى مذكراته "حكايات من زمن فات " فى موقعه " عيون الكلام " الحلقة الثامنة (وكان حزب العمال الشيوعي أو "تشم" في ذلك الوقت يمثل الإتجاه الراديكالى و الأكثر جذرية في مواجهة الدولة ... أستمر هذا التنظيم أو حزب العمال الشيوعي فعالاً وحيويًا حتى انتفاضة يناير 1977 ). وينتقد الكاتب السموأل راجى مناضلى حزب العمال الشيوعى المصرى فى مقاله المعنون : حزب العمال الشيوعى المصرى بين ضرورة التأريخ وجحود المناضلين فى موقعه على الحوار المتمدن ( نَسِيَ عُمّال وشعب وطلائِع ثورة مصر صفحاتٍ ملحمِيّة إختَطَّتْـها أيادِي الرِّفاق خِلال عقدَيْن في حِزب العُمّال الشّيُوعِيّ المِصْرِيّ وجحدُوا تاريخهُم وأدارُوا أقفِيَتَهُم لتِلْك الملحمَة ونَهَق النّاهِقُون مُنذُ أمدٍ غير طوِيل حول إنتِفاضة يناير/كانون الثّانِي 1977 ولم أرى ذِكْرًا لأعظَم وأنْبَل تجرِبَة تنظِيمِيّة شَرَّفَت قُوى الثّورة والثّورِيِّين في مِصْر وألهَبَت مشاعِل عُمُوم اليَسَار.) ومامن شك ان هناك نواة واقعية حقيقية تغلفها تلك الرومانسية الثورية .