الورقة الثامنة .... مما تبقى من الذاكرة


عامل الخوري
2018 / 7 / 9 - 14:33     

الورقة الثامنة .... مما تبقى من الذاكرة
التنقل الغجري الدائم ....
اخترنا مدينة الموصل لأقامة البيت الحزبي لعدة أسباب ، وكان البدء في شهر اكتوبر / تشرين الاول عام ١٩٨١، منها ، ان عائلتي هي موصلية أصلا ،مما يساعد على قبولنا اجتماعيا اسهل لو لم نكن منها ، خاصة ان أهالي الموصل معروف عنهم الفضولية لمعرفة الجار ومن يكن ، ربما هذا ليس استثناءً خاصة بأهالي الموصل عن بقية المدن العراقية ، والسبب الآخر المهم ، هو ان هذه المدينة محسوبة على القوى القومية والرجعية وبالتالي على النظام القأئم آنذاك ، وهذا يعني انها لا تتعرض للضغوطات الأمنية مثل بقية المدن العراقية ، ولكن هذا لا يعني ان مواطني المدينة كانوا يمتلكون كامل حريتهم في الحركة ، خاصة ان نظام البعث الفاشي لا يثق بأقرب المقربين له والأمثلة على ذلك كثيرة ومعروفة .
اعتاد النظام ، من اجل وضع الجميع تحت أنظاره ، من يقيم هنا وماهو عمله. ومن هم الاخوة والاخوات والأعمام والاخوال والخالات ... الخ من الأقارب ، ومن منهم يؤدي او لا يؤدي الخدمة العسكرية او من هو منظوي في قواته الثانية ، الجيش الشعبي ، ومن هو المخالف .
ومن ابشع أشكال المراقبة ، اجراء احصاء سنوي تقريبا لكل البيوت في المناطق في استمارة يملؤها ولي البيت ، وهي تتضمن عشرات الأسئلة التي تتكرر سنويا حول ما أوردته أعلاه . تترك الاستمارة عند رب الاسرة على ان يملأها بالمعلومات ويسلمها الى مقر المنظمة خلال يوم او يومين . والمخالف عقوبته الإعدام بلا أدنى شك .
من الطبيعي ان وضعنا، ووثائقنا المزورة التي لا تتوافق على اننا عائلة ، والمسؤول الاول مقيم في البيت ايضا ، ولو بشكل سري ( باعتبار ام علي وانا ، واجهة البيت العلني !!!) ، فأننا نلجأ الى الانتقال الى بيت آخر ، في مناطق كان الجرد ( او الإحصاء كما كان يسمى ) قد جرى فيها من قبل . فأسعى بالاتصال مع المعارف في العمل بأيجاد بيت جديد للأيجار ، وكذلك تدبير سيارة ( پيك آپ ) وليس إيجارها من احد ، كي لا يعرف السائق بيتنا الجديد و نقع بما لا تحمد عواقبه ، فأعثر على سيارة بحجة شراء اثاث جديدة او نقل حمل بسيط ... الخ ، واحيانا تدبير سيارة من رفيق من مدينة اخرى ،
نؤجر البيت وننتقل اليه خلال ليلة او ليلتين ، وفجأة تجد المنظمة البعثية ، البيت خاليا في الصباح ، بعدما أكملنا النقل ليلا . ودائما يجب ان نعثر على بيت بعيد جدا عن البيت السابق ..
تتكرر الحالة بعد سنة او تزيد قليلا لتبدأ رحلة الغجر من جديد و بأنتظار جرد جديد لامحال من قدومه . في الموصل التي أقمنا فيها بيتنا الحزبي حوالي أربعة سنوات ، تنقلنا فيها خمس مرات .

عامل الخوري