كروبوسكايا: كيف درس لينينن ماركس


عالية محمد الروسان
2018 / 6 / 29 - 12:24     

ترجمة: عالية الروسان.
مراجعة وتدقيق: عبد المطلب العلمي.

بسبب تخلف الصناعة في روسيا فأن تطور الحركة العمالية فيها لم يبدأ الا في التسعينيات، حينها كان نضال الطبقة العاملة قد بدأ بالفعل في عدة دول اخرى، فكانت تجربة الثورة الفرنسية المجيدة، وثورة عام 184، تجربة كومونة باريس عام 1871. حيث كان القادة الايدولوجيين للحركة العمالية العظام ـ ماركس وانجلز ـ قد تشكلو في نيران النضال الثوري، و اشارت دراسات ماركس الى الأتجاه الذي سيسلكه التطور الأجتماعي، حتمية انحلال المجتمع الرأسمالي، استبدال هذا المجتمع بالمجتمع الشيوعي، المسارات التي ستتخذها الأشكال الاجتماعية الجديدة، مسار الصراع الطبقي، مسار الثوره الاشتراكيه، وكشفا دور البلوريتاريا في هذا الكفاح، وحتمية انتصارها.
تطورت حركتنا العمالية تحت راية الماركسية، ولم تنمو بشكل اعمى تتلمس مسيرها على غير هدى، ولكن كان هدفها ومسارها واضحين.
لقد بذل لينين جهودا جبارة ليضيء طريق نضال البلوريتاريا الروسية بنور الماركسية. خمسون عاما مضت على موت كارل ماركس، لكن بالنسبة لحزبنا فأن الماركسية لاتزال هي دليل للعمل. فاللينينية هي فقط تطويرإضافي للماركسية وتعميق لها.
ومن هنا يتضح انه لمن الأهمية بمكان أن نلقي الضوء على مسألة دراسة لينين لماركس.
كان لينين يتمتع بمعرفة رائعة عن ماركس. عندما أتى إلى سان بطرسبرج في عام 1893، أدهشنا جميعا نحن الماركسيين في ذلك الوقت لمعرفته الهائلة بأعمال ماركس وإنجلز.
في التسعينات، عندما بدأت الحلقات الماركسية بالتشكل، تم في المقام الأول دراسة المجلد الأول من "رأس المال" ، و رغم الصعوبات الكبيرة فقد كان الحصول على مجلد "رأس المال ممكنا. لكن الأمر كان اصعب بكثير بالنسبة لأعمال ماركس الأخرى، فمعظم أعضاء الحلقات لم يتمكنوا حتى من قراءة "البيان الشيوعي". أنا، على سبيل المثال ، لم اتمكن من قرائته للمرة الأولى الا عام 1898 ، عندما كنت في المنفى، باللغة الألمانية .
ماركس وانجلز كانا محظورين تماما، يكفي ان نذكر انه في العام 1897، في مقالته ”خصائص الرومنسية الاقتصادية“ التي كتبت ل جريدة “نوفيه سلوفا“(اي الكلمه الجديده-المترجمه)كان لينين مجبرا على تجنب ذكر كلمتي ”ماركس“ أو ”الماركسة“ والتكلم عن الماركسية بصورة غير مباشرة حتى لا يسيء للجريدة .
فَهِم لينين اللغات الأجنبية، وبذل ما بوسعه لإستخراج كل ما يستطيع من ماركس وانجلز بالاألمانية والفرنسية. تخبرنا ”أنًا اللينيشناا“كيف قرأ ”بؤس الفلسفة“ لماركس باللغة الفرنسية مع شقيقته ”اولجا“. كان عليه ان يقرأ كثيراباللغة الألمانية. وقد ترجم لنفسه بالروسية المقاطع التي نالت جل اهتمامه من عمال ماركس وانجلز.
في عمله الكبير الأول، والذي نشر بشكل غير قانوني في العام 1894، تحت عنوان ”من هم اصدقاء الشعب و كيف يقاتلون ضد الاشتراكيين الديمقراطيين؟“ وضع مقتطفات من ”البيان الشيوعي“، ”نقد الأقتصاد السياسي“، ”بؤس الفلسفة“، ”الأيدولوجية الألمانية“، ”رسائل ماركس الى روج في عام 1843“، ومن اعمال انجلز اقتبس من ”ضد دوهرنج“ و ”اصل العائلة والملكية الخاصة والدولة “.
انه عمله ”اصدقاء الشعب“ قد ساهم بشكل كبير في توسيع افق الماركسية لدى غالبية الماركسييين انذاك، والذين كانت معرفتهم بأعمال ماركس محدودة جدا، حيث تناولت عددا من المسائل المهمة بطريقة جديدة تماما، وكان ناجحا للغاية.
عمل لينين التالي، ”المحتوى الاقتصادي لتعاليم النارودنيةرونقدها في أعمال ستروفه“ نجد بالفعل مراجع من” الثامن عشر من بروميير“ ، ”الحرب الأهلية في فرنسا“ , ” نقد برنامج جوتة“ والمجلدين الثاني والثالث من ”رأس المال“.
لاحقا، اتاحت حياة المنفى للينين التعرف على جميع اعمال ماركس وانجلز ودراستها.
ان سيرة ماركس التي كتبها لينين في عام 1914 للقاموس الموسوعي الروسي ”جرانات: انسكلوبيديا“ توضح بجلاء معرفة لينين الرائعة بأعمال كارل ماركس.
ويظهر ذلك أيضًا من خلال المقتطفات التي لا حصر لها، والتي كان يصيغها لينين بأستمرار اثناء قراءته لأعمال ماركس. في معهد ماركس-انجلز- لينين توجد العديد من الكراريس الملأى بأقتباسات ماركس.
استعمل لينين هذه المقتطفات في اعماله، قرأها مرارا وتكرارا ودون الملاحظت حولها. ” لم يكن لينين يعرف ماركس فقط، بل تعمق في التفكير في جميع تعاليمه. في كلمته الى المؤتمر الثالث لعموم روسيا للشبيبه الشيوعيه عام 1920، خاطب لينين الشباب بضرورة: ” الاخذ بجموع المعرفة والثروات الفكرية التي أبدعتها الإنسانية، وبهذه الطريقة لن تكون الشيوعية شيئا محفوظا بطريقة الية، لكنها ستكون شيئا فكرتم به بأنفسكم، ويشكل استنتاجًا حتميا من وجهة نظر التعليم الحديث. "(المجلد الخامس والعشرون)."ان الشيوعي الذي يدعي الشيوعية على أساس الاستنتاجات الجاهزة، دون أن يقوم بالكثير من العمل، الجدي والصعب جدا، دون أن ينظر بعين ناقدة إلى الوقائع التي يترتب عليه أن يتبصر بها بفكر ناقد نافذ ، إن مثل هذا الشيوعي ليدعوك للرثاء له. ” (المجلد الخامس والعشرون).
لم يكتفي لينين بدراسة اعمال ماركس بل درس ما كُتب عن ماركس والماركسية بواسطة معارضيه في معسكر البرجوازية والبرجوازية الصغيرة. وفي الجدل معهم يشرح المواقف الأساسية للماركسية.
في عمله ”من هم اصدقاء الشعب وكيف يقاتلون ضد الاشتراكين - الديمقراطيين (رد على مقالة في الثروة الروسية ضد الماركسيين)، حدد الإختلاف بين وجهة نظرر الناردنيون (ميخائيلوفسكي ، كريفينكو ، يوجاكوف) ووجهة نظر ماركس.
في المقال، ”المحتوى الاقتصادي لتعاليم النارودنية ونقدها في أعمال ستروفه“ اظهر لينين كيف تختلف أفكار ستروفه عن افكار ماركس.
عند دراسته للمسألة الزراعية، الفَ كتاب: ”المسألة الزراعية و نقد ماركس ” (المجلد الرابع)، حيث تناقضت وجهة نظر ماركس مع وجهة النظر البرجوازية - الصغيرة للأشتراكيين – الديمقراطيين الألمان، ديفيد، هيرتز، والنقاد الروس، شيرنوف، وبولجاكوف.
”الحقيقة تنشأ من التضارب في الآراء“ مثل فرنسي، احب لينين ان يطبقه، فكان يلقي الضوء بإستمرار على وجهاتِ النظرِ الطبقية المتناقضة على أساس أسئلة الحركة العمالية.
من المميز جداً كيف يضع لينين وجهات النظر المختلفة جنباً إلى جنب. ويتم إلقاء الكثير من الضوء على هذ في المجلد التاسع عشر من اعماله الكامله، حيث جمعت المقتطفات، المفاهيم، ومسودات المقالات .. الخ.، حول المسألة الزراعية للفترة ما قبل عام 1917.
يلخص لينين بعناية مقولات "المنتقدين"، فيختار وينسخ أوضح العبارات وأكثرها تميزًا ويضعها في مجابهة مقولات ماركس. وفي تحليل دقيق لمقولات "المنتقدين"، يحاول ابراز جوهر الإصطفاف الطبقي في مقولاتهم، طارحا الأسئلة الأكثر اهمية والحاحا في موجز مركز.
لطالما شحذ لينين أسألة حادة عن عمد، وإعتبر ان نبرة الصوت لم تكن الشيء المهم، اذ يمكنك ان تعبر عن رأيك بشكل خشن وعنيف، ولكن ألمهم، هو ان تكون قادرا على التعبيرعن جوهر الموضوع. في مقدمة مراسلات ”اف. أ. زورجه“ قدم اقتباسا عن ’ميهرينج’ من مراسلاته مع ’سورج’ فيقول: ان ميهرينج كان محقا عندما قال ان ماركس وانجلز لم يعيرا الكثير من الأهتمام ‘للنبرة العالية‘. لم يتوقفا كثيرا للتفكير قبل توجيه الضربة، لكنهما لم يإنا عند كل ضربةٍ تلقياها“. (المجلد الحادي عشر). كان الحسم في الشكل والأسلوب من طبيعة لينين، تعلمها من ماركس، يقول:“ يروي ماركس كيف قاتلاهو وانجلز، ناضلا بإستمرار ضد النهج البائس للحزب “الأشتراكي الديمقراطي“ و في اغلب الحالات نضالا حادا. (المجلد الحادي عشر). لم يخشى لينين كونه حادا ولاذعا، ولكنه طالب بأن يكون التركيز والنقد على الموضوع. للينين كلمة مفضلة كثيرا ما إستخدمها: ”المراوغة“. اذا ما بدأ الجدال ينحرف عن الموضوع، واذا بدأ الناس ينتقون التفاهات، أو يتلاعبون بالحقائق، كان يقول: ”هذه مجرد مراوغة.“ لقد تصدى لنين بقوة اكبر ضد المجادلات التي لم تهدف لتوضيح المسألة ولكن لتصفيه ضغائن فئوية وضيعة، والذي كان اسلوب المناشفة المفضل. متسترين خلف إقتباسات من ماركس وانجلز، أُخرجت عن سياقها وعن الظروف التي كتبت فيها، لتحقيق أهدافٍ فئوية خالصة. في مقدمة رسالاته ال ”اف. أ. زورجه“، كتب لينين:“ الأعتقاد بان النصائح التي قدمها ماركس وانجلز لحركة العمال ’الانجلو - اميركيين’ يمكن تكييفها مباشرة ببساطة على الظروف الروسية هذا معناه استخدام الماركسية، ليس كمنهج لمعرفه الاسلوب، ولا لدراسة الخصوصيات التاريخية الملموسة للحركة العمالية في البلدان المحددة ، ولكن من أجل الضغائن الفئوية للنخبة المثقفة "(المجلد الحادي عشر).
هنا نصل الى السؤال مباشرة، ” كيف درس لينين ماركس؟!“ . جزئيا هذا واضح في الاقتباس السابق، عن ضرورة تفهم منهج ماركس، لنتعلم من ماركس كيفية دراسة خصوصيات الحركة العمالية في البلدان المحددة. وهذا ما قام به لينين. بالنسبة للينين فإن تعاليم ماركس كانت دليل عمل و ليست دوغما. استعمل في مرة التعبير التالي:“ من يرغب بالتشاور مع ماركس؟“ .. تعبير ممز للغاية. فقد كان لينين دائم التشاور مع ماركس. عند اصعب نقاط التحول في الثورة، كان لينين يعود لقراءة ماركس، اذا ماذهبت لغرفته في بعض الاحيان، سترى الجميع حوله يتناقش بإنفعال، بينما كان لينين منغمسا بعمق في قراءة ماركس لا يتزحزح عنه الا بالكاد. لم تكن تلك محاولة منه لتهدئة اعصابة، ولا ليسلح نفسه بالايمان بقوة الطبقة العاملة وبنصرها الحتمي. فإيمان لينين كان وافيا قاطعا، وانما إنغمس في قراءة ماركس ليتمكن من ”التشاور“ معه ، ليجد عنده إجابات على الأسألة الملتهبة للطبقة العاملة. في مقالة ” اف. ميهرينج، عن الدوما الثانية“. كتب لينين: ”تستند حجج هؤلاء الناس على مجموعة من الأقتباسات الغير دقيقه. انهم يتخذون موقفا عاما: من دعم البرجوازية الكبيرة ضد ’البرجوازية - الصغيرة’ الرجعية، دون انتقادات، ويسقطونها على الكاديت الروسي والثورة الروسية. ’مهرينج’يلقن هؤلاء درسا جيدا: ”يجب على أي شخص يريد التشاور مع ماركس حول مهام البروليتاريا والثورة البرجوازية أن يأخذ بمنطق ماركس، الذي ينطبق على وجه التحديد على حقبة الثورة البرجوازية الألمانية.“ وليس اعتباطا وبخوف شديد تجنب المناشفة هذا المنطق، فنحن نرى في هذا المنطق التعبير الأكمل والأوضح للنضال الذي لا هوادة فيه ضد البورجوازية التوفيقية ،الذي كان يقوده’البلاشفة، الروس في الثورة البرجوازيه الروسية. (المجلد الحادي عشر.)
كانت الية لينين هي: ان يأخذ بأعمال ماركس التي تعامل من خلالها مع ظروف مشابهة وتحليلها بدقة، ومقارنتها مع اللحظة الراهنة، وإكتشاف التشابهات والأختلافات، وتطبيقه لهذاالنهج في تعاملة مع ثورة (1905 -1907) مثال جلي على ذلك.
في كراسته، ”ما العمل؟“ في 1902، كنب لينين:
“ان التاريخ يلقي على عاتقنا الآن مهمة عاجلة وهي المهمة الأكثر ثورية من جميع المهمات العاجلة الموضوعة أمام البروليتاريا في أي قطر آخر. وإن تنفيذ هذه المهمة، وهي تدمير المركزالأقوى ليس فقط للرجعية الأوروبية بل (من الممكن ان نقول الآن) للرجعيه الأسيويه، سيجعل من البروليتاريا الروسية طليعة بروليتاريا الثورية العالمية.
اننا نعلم ان النضال الثوري لعام 1905 أعلى الدور العالمي للطبقة العاملة الروسية، في حين ان الأطاحة بالنظام الملكي القيصري عام 1917 جعلت من البلوريتاريا الروسية بالفعل في طليعة البروليتاريا الثورية العالمية، لكن هذا لم يحدث الا بعد مرور 15 عاماعلى كتابه لينين لكراس ”ما العمل؟“. في عام 1905، بعد إطلاق النار على العمال في التاسع من كانون ثاني في ساحة (دفورستوف) ، بدأت الموجة الثورية تعلو وترتفع، والسؤال الذي طُرِح بشكل عاجل حينها: ’ إلى أين يتوجب على الحزب ان يقود الجماهير، أي سياسة يجب أن يتبع؟’ . وهنا، تشاور لينين مع ماركس، وإقتبس باهتمام خاص أعمال ماركس التي تتعامل مع الثورات البرجوازية الديمقراطية الفرنسية والألمانية عام 1848: ”صراع الطبقات في فرنسا1848 - 1850“ والمجلد الثالث من التراث الأدبي لماركس وانجلز،“ نشر بواسطة اف. ميهرنج و المتعلق بالثورهالألمانية.
في حزيران - تموز، 1905، صاغ لينين كتيب ” تكتيكانللاشتراكية الديمقراطية في الثورة الديمقراطية“ حيث تناقض تكتيك المناشفة ، الذين سارو في طريق التوفيق مع البرجوازية الليبرالية ، مع تكتيكات البلاشفة الذين دعوا الطبقة العامله الى مواصلة الكفاح بلا هوادة وبإصرار لا يقبل التوافق ضد الملكية الى حد التمرد المسلح.
كان من الضروري وضع حد للقيصرية، كتب لينين في ”التكتيكان“ : ”لقد نسي كونفرنس (الاسكريون الجدد) ايضا، انه طالما بقيت السلطة في يد القيصر، فان اي قرار سيتخذه اي ممثل سيظل كلاما فارغا مثيرا للشفقة تماما كقرارات (برلمان فرانكفورت) الشهيرة في تاريخ الثورة الألمانية عام 1848. ولهذاالسبب بالذات، صب ممثل البروليتاريا الثوريه ماركس جام سخريته دون رحمة في جريدته ( الجريدة الرينانية الجديد) على التحرريين الليبراليين في فرانكفورت لانهم تفوهو بكلمات ممتازة، واعتمدوا جميع أنواع "القرارات" الديمقراطية ، وأقروا جميع أنواع الحريات، ولكن في الواقع تركوا السلطة في ايدي الملكية، ولم ينظموا الكفاح المسلح ضدها. وبينما كان تحرريي فرانكفورت يتحدثون، كسب النظام الملكي الوقت، وعزز قواته العسكرية، واسس للثورة المضادة، معتمدا على قوة حقيقية، وأطاح بالديمقراطيين بكل قراراتهم الجميلة“ (المجلد الثامن.)
يطرح لينين هذا السؤال: ”اذا كان بامكان البرجوازية ان تدمر الثورة الروسية بالأتفاق مع القيصيرية، ”او“ كما قال ماركس مرة، ”ألتسوية مع القيصرية على طريقة ’البلبيليين [1] .“ ”عندما تنتصر الثورة انتصارا حاسما، سوف نتفق مع القيصرية على نسق اليعاقبة أو إذا اردتم على نسق البلبيليين“ كتب ماركس في (الجريدة الرينانية الجديدة) في عام 1848: ”ان كل الأرهاب الفرنسي، ليس الا اسلوب البلبيليين للتسوية مع الاعداء من البرجوازيين، مع الحكم المطلق، الاقطاع، السيطرة البوليسية.(انظر الى تراث ماركس الأدبي ــ المنشور بوساطة ميهرينج).
هل فكر هؤلاء الذين خوفوا العمال الروس الاشتراكيين - الديمقراطيين بغول ’اليعقوبية’ في عهد الثورة الديمقراطية يوما في معنى كلمات ماركس هذه؟ (المجلد الثامن.)
قال المناشفة أن تكتيكاتهم هدفت "ليظلوا حزب المعارضة الثورية المتطرفة". وأن هذا لم يستبعد إستيلاءاً جزئيا على السلطة من وقت لآخر وتشكيل الكومونات الثورية في بلدة أو أخرى. ماذا تعني "الكومونات الثورية"؟ ، لينين يسأل، ويجيب:
إن تشوش الأفكار الثورية يقود (الاسكريون الجدد)[2]..، كما يحدث غالبا، إلى ”عبارات ثورية". اذ ان استخدام عبارة "الكمونة الثورية" في بيان ممثلي الحزب الديمقراطي الاشتراكي هي عبارة ثورية في ظاهرها خالية من مضمونها. لقد ادان ماركس هكذا عبارات في اكثر من مرة، عندما يتم اخفاء المهمات المستقبلية خلف عبارات الماضي الميت المهدئة. ان سحر المصطلحات الذي لعب دورا في التاريخ ، يصبح في حالات كهذه ثرثرة فارغة بل مضرة. وعند المعمعة. يجب أن نعطي العمال والشعب ككل فكرة واضحة لا لبس فيها عن سبب رغبتنا في إنشاء حكومة ثورية مؤقتة. ما هي التغييرات التي سننفذها بالضبط عندما نمسك بزمام السلطة، ما المستقبل الذي نستشرفه، عندما يبدأ التمرد الوطني تحقيق انتصاراته. هذه الأسئلة التي تواجه القادة السياسيين. (المجلد الثامن.)
هؤلاء الماركسيون المبتذلون لم يفكروا أبداً في كلمات ماركس عن ضرورة استبدال سلاح النقد بالنقد بأستخدام السلاح. بإستخدام اسم ماركس في كل مكان ، فإنهم في الواقع يضعون حلاً تكتيكيًا بالكامل بروح الثرثره البرجوازية في فرانكفورت، وينتقدون بحرية الاستبداد ، ويعمقون الوعي الديمقراطي ، دون ان يفهموا أن وقت الثورة هو وقت العمل ، في القمة والقاع . (المجلد الثامن).
يقول ماركس: "الثورات هي قاطرات التاريخ". بالإشارة إلى ماركس ، يقيّم لينين دور الثورة الذي بدأيتكشف.
في تحليله المستقبلي لأقوال كارل ماركس في (الجريدةالرينانية الجديد) ، يوضح لينين ما تعنيه الدكتاتورية الديمقراطية الثورية للبروليتاريا والفلاحين. لكن عند رسم هذا المقارنة ، يسهب لينين في السؤال حول الطريقة التي تختلف بها ثورتنا الديمقراطية البرجوازية عن الثورة الديمقراطية البرجوازية الألمانية عام 1848. ويقول:
فقط في أبريل من عام 1849 ، بعد مرور عام على صدور الصحيفة الثورية ، (الجريدةالرينانية الجديده) (التي بدأت بالصدور منذ 1 يونيو 1848) ، حيث اعلن كل من ماركس وإنجلز عن تأييدهما لصالح إنشاء منظمة عمالية منفصلة. عندها قاموا ببساطة بإنشاء "جهاز الديمقراطية" والذي لم يكن مرتبطا بأي ارتباط تنظيمي مع حزب عمالي مستقل. هذه الحقيقة - وحشية وغير محتملة من وجهة نظرنا المعاصرة - تبين لنا بوضوح الإختلاف الهائل الذي كان بين حزب العمال الاشتراكي الديمقراطي الألماني حينها والروسي الحالي. هذه الحقيقه هذا يظهر لنا كيف كانت ملامح الخط البلوريتاري للحركة في الثورة الديمقراطية الألمانية اضعف . (بسبب تخلف ألمانيا في عام 1848 ، اقتصاديًا وسياسيًا وغياب وحدة الدولة).
من المثير للاهتمام بشكل خاص مقالات فلاديمير إيليتش التي تعود إلى عام 1907 والمكرسة لمراسلات ونشاط ماركس.
وهي "تقدمة لترجمة رسائل ماركس إلى ك. ل. كوغلمان" ، و "مهرنغ عن الدوما الثانية" ، و "مقدمة لرسائل إلى ف. أ. زورغه". تلقي هذه المقالات الضوء بشكل خاص على الطريقة التي درس بها لينين ماركس. والمقالة الأخيرة ذات أهمية استثنائية. وقد كتبت في الفترة التي اخذ فيها لينين يدرس الفلسفة بجدية مرة أخرى ، فيما يتعلق باختلافاته مع بوجدانوف، وفيها نالت قضايا المادية الجدلية جل اهتمامه.
بينما كان يدرس في نفس الوقت أقوال ماركس التي تشير إلى أسئلة مشابهة لتلك التي تبزغ بيننا فيما يتعلق بإنهيار الثورة، والأسئلة المتعلقة بالمادية الجدلية والتاريخية ، تعلم لينين من ماركس كيفي يطبق النظرية المادية الجدلية على دراسته لتطور التاريخ.
في "المقدمة إلى المراسلات مع ف. أ. زورغه" كتب:
"إن مقارنة ما كان يقوله ماركس وإنجلز بشأن مسائل الحركات العمالية الأنغلو-أمريكية والألمانية أمر مفيد للغاية. إذا أخذنا في الاعتبار أن ألمانيا، من جهة، وبريطانيا العظمى وأمريكا، من جهة أخرى، واللتان تمثلان مراحل مختلفة من التطور الرأسمالي ، والأشكال المختلفة لحكم البرجوازية كطبقة في الحياة السياسية ككل لهذه الدول، فإن المقارنة المذكورة تفترض اهمية خاصة. فمن وجهة النظر العلمية لدينا هنا عينة من الديالكتيك المادي ، وامكانية المضي قدما والتأكيد على النقاط والجوانب المختلفة للمسألة في تطبيقها على الخصوصيات الأصيلة لمختلف الظروف السياسية والاقتصادية. من وجهة نظر السياسة العملية وتكتيكات حزب العمال ، لدينا عينة على الطريقة التي حدد فيها مبدعو "البيان الشيوعي" مهمة البروليتاريا المناضلة كما تم تطبيقها على المراحل المختلفة للحركة العمالية الوطنية في الدول المختلفة ".
ثورة عام 1905 دفعت إلى الواجهة سلسلة من الأسئلة الجوهرية الجديدة، وخلال حلها اتجه لينين بعمقأكبر إلى أعمال كارل ماركس. إن الطريقة اللينينية (الماركسية حتى النهاية) في دراسة ماركس قد صيغت في نيران الثورة.
الطريقة التي درس فيها ماركس سلحت لينين للنضال ضد تحريف الماركسية الذي يؤدي الى تفريغها من جوهرها الثوري. نحن نعلم اهمية الدور الذي لعبه كتاب لينين "الدولة والثورة" في تنظيم ثورة أكتوبر والسلطة السوفيتية. هذا الكتاب يستند بالكامل على دراسة عميقة لتعاليم ماركس الثورية حول الدولة. وهنا يكتب لينين:
تخضع تعاليم ماركس الآن لنفس المصير الذي عصف اكثر من مرة على مر التاريخ بتعاليم المفكرين الثوريين الآخرين وقادة الطبقات المضطهدة التي تناضل من أجل التحرر. فقد استُهدف الثوريين العظماء، على طوال حياتهم بأضطهاد لا هوادة فيه من قبل الطبقات المٌضطَهِدة، وقوبلت تعاليمهم بالعداء الأكثر وحشية، والغضب المتمايز غيظا، وحملات قاسية من الأكاذيب والافتراءات. بعد موتهم، عادة ما تُبذل المحاولات لتحويلهم إلى قديسين غير مؤذيين، شهداء، كما كان، واستثمار أسمائهم بهالة معينة وسيلة "مواساة" للطبقات المضطهدة، وموضوع لخداعهم. بينما في نفس الوقت، يقومون بإضعاف وإبتذال الجوهر الحقيقي لنظرياتهم الثورية، إضعاف حدتها الثورية. في الوقت الحاض، يتعاون البورجوازيون والانتهازيون داخل الحركة العمالية على تزييف الماركسية. إنهم يحذفون، يطمسون، ويشوهون الجانب الثوري في التعاليم، روحها الثورية، ويدفعون إلى الواجهة ويمجدون ما هو مقبول، أو ما يبدو، مقبولا للبرجوازية. جميع الاشتراكيين الشوفينيين هم الآن "ماركسيون" – هل تمزحون؟ [2]! وهناك المزيد والمزيد من الأساتذة البورجوازيين الألمان، الأخصائيون السابقون في هدم ماركس، يتحدثون الآن عن ماركس "الوطني-الألماني" ، الذي، على سبيل المثال ـ حقا! ـ ”ثقفَ الطبقة العاملة المنظمة بشكل رائع للحرب الضارية الحالية“. في هذه الظروف، عندما يكون تشويه الماركسية واسع الأنتشار فإن مهمتنا الأولى هي إحياء الطبيعة الحقيقية لتعاليم ماركس حول موضوع الدولة. (الصفحة الأولى في "الدولة والثورة".)
في كتابه "أسس اللينينية" كتب الرفيق ستالين: ”حين صارت قضية القضاء على البرجوازية قضية عملية مباشرة، حين أصبحت مسألة القوى الاحتياطية للبروليتاريا (أي مسألة الستراتيجية) مسألة من أخطر المسائل الحيوية، وحين برزت، بوضوح تام، جميع أشكال النضال والتنظيم – البرلمانية وغير البرلمانية (التكتيك). وفي هذه المرحلة بالذات، أخرج لينين إلى وضح النهار، أفكار ماركس وانجلس العبقرية عن التكتيك والستراتيجية، هذه الأفكار التي كان إنتهازيو الأممية الثانية قد طمسوها ووضعوها على الرف. غير أن لينين لم يقتصر على بعث هذه أو تلك من مبادىء ماركس وانجلس التكتيكية، بل طورها إلى أمام وأكملها بأفكار ومبادىء جديدة، ووحّد كل ذلك في مجموعة من القواعد والمبادئ التوجيهية لقيادة نضال البروليتاريا الطبقي. إن مؤلفات لينين، مثل: ما العمل؟ و خطتان و الاستعمار و الدولة والثورة ، و الثورة البروليتارية والمرتد كاوتسكي ، و المرض الطفولي ، تدخل، دون ريب، في كنز الماركسية المشترك، في ترسانتها الثورية كمساهمة من أثمن المساهمات. إن الستراتيجية والتكتيك في اللينينية، هما علم قيادة نضال البروليتاريا الثوري“.
( ستالين ،" مسائل اللينينية).
"كتب ماركس وإنجلز ”إن تعليماتهم" ليست دوغما، بل هي دليل عمل“ . كلماتهم هذه كان يكررها لينين بإستمرار. المنهج الذي درس به أعمال ماركس وإنجلز، والممارسة الثورية ، كل الظروف التي شهدهتها حقبة الثورات البروليتارية ، ساعدت لينين على تحويل الجانب الثوري فقط من ماركس في دليل حقيقي للعمل.“
سأركز في مسألة ذات أهمية حاسمة. منذ وقت ليس ببعيد احتفلنا بالذكرى السنوية الخامسة عشرة للسلطة السوفيتية. وفي هذا الصدد، اعدنا الى الذاكرة الكيفية التي تم بها التنظيم للإستيلاء على السلطة في أكتوبر. والذي لم يكن فعلا عفويًا ، بل كان فعلا فكر فيه لينين بعمق مسترشدا بتوجيهات ماركس المباشرة فيما يتعلق بتنظيم الإنتفاضة.
إن الأمر الحاسم الذي قامت به ثورة اكتوبر، هو وضع الديكتاتورية في أيدي البروليتاريا، مما غير بشكل جذري جميع شروط النضال ، وهذا لم يتحقق إلا لأن لينين لم يكن يسترشد بحرفية تعاليم ماركس وإنجلز، بل بجوهرها الثوري، لأنه كان يعلم كيف يطبق الماركسية أيضًا على بناء الاشتراكية في عهد ديكتاتورية البروليتاريا.
وسأتناول بعض النقاط فقط. فالعمل البحثي الدقيق ضروري هنا: سأختار كل ما أخذه لينين عن ماركس وإنجلز، بالأشارة الى الفترات وفيما يتعلق بمهام الحركة الثورية. اني حتى لم ات على ذكر مسائل هامة كالمسألة الوطنية، والإمبريالية ، الخ. إن نشر أعمال لينين المجمعة الكاملة يجعل هذا العمل أسهل. إن طريقة لينين في دراسة ماركس في جميع مراحل النضال الثوري من البداية إلى النهاية سوف يساعدنا على ان نفهم بشكل أفضل وأن نذهب اعمق، ليس فقط في ماركس، بل في لينين نفسه ، في طريقته في دراسة ماركس وألية تحويل تعاليم ماركس إلى دليل للعمل.
هناك جانب آخر من دراسة لينين لماركس، والذي يجب ذكره نظرا لأهميته الكبيرة. لم يكتف لينين بدراسة ما كتبه ماركس وانجلز وما كتبه نقاد الماركسية عنها فقط، ولكنه درس الطريقة التي قادت ماركس إلى وجهات نظره المختلفة ، والأعمال والكتب التي حفزت أفكار ماركس وقادتها في اتجاه معين. لقد درس، إذا جاز التعبير، مصادر الفلسفة الماركسية، ماذا وكيف أخذ ماركس بدقة من هذا الكاتب أو ذاك. كان مهتمًا بشكل خاص بإجراء دراسة عميقة للنظرية المادية الجدلية. في عام 1922، في مقال "حول معنى المادية المناضلة"، قال لينين:“ إنه على محرري دورية "تحت راية الماركسية" تنظيم العمل من أجل دراسة منهجية لجدل هيجل من وجهة النظر المادية. كان يعتقد أنه بدون أساس فلسفي جدي يستحيل الصمود في النضال ضد ضغوط الأفكار البرجوازية ومنع عودة الفلسفة البرجوازية. بناء على تجربته الخاصة كتب لينين عن طريقة دراسة جدل هيغل من وجهة النظر المادية. نعرض هنا الفقرة المقابلة من مقال لينين "حول معنى المادية المناضلة".
ولكن من أجل تفادي التجاوب مع ظاهرة كهذه بشكل مجاف للفطنة، يجب علينا أن نفهم أنه لا علم طبيعي، لا مادية ايا كانت، يمكنهم الصمود في النضال ضد هجوم الأفكار البرجوازية وعودة الفلسفة البرجوازية دون أساس فلسفي صلب. من أجل دعم هذا النضال والسير به نحو النتائج المرجوة، على عالِم الطبيعية ان يكون ماديا حديثا - واعيا وملتزما باالمادية التي يمثلها ماركس، أي، يجب أن يكون ماديًا جدليًا. ولتحقيق ذلك، يجب على طاقم "تحت راية الماركسية" تنظيم دراسة ممنهجة لدراسة الدياليكتيك الهيجلي من وجهة النظر المادية، أي، الديالكتيك الذي طبقة ماركس بأصالة في رأس المال واستخدمه في أعماله التاريخية والسياسية. . . .
... إستندناً إلى الطريقة التي طبق بها ماركس المفهوم المادي على الديالكتيك الهيغلي، يجب علينا العمل على هذا الدياليكتيك من جميع الجهات. على المجلة ان تنشر مقتطفات من الأعمال الرئيسية لهيجل؛ يجب تفسرها ماديا، وتقديم أمثلة عن الآلية التي طبق فيها ماركس الديالكتيك، وكذلك أمثلة من الديالكتيك من مجال العلاقات الاقتصادية والسياسية. التاريخ الحديث، خاصة الحرب الإمبريالية الحديثة والثورة اللذان يقدمان أمثلة لا حصر لهذا. بإعتقادي، يجب على المحررين والموظفين في مجلة "تحت راية الماركسية" إن ينظموا نوعا من "رابطة الأصدقاء الماديين للفلسفة الهيغلية." سيجد علماء الطبيعة الحديثة (إذا كانوا يريدون وإذا ما تعلمنا مساعدتهم) في التفسير المادي للدياليكتيك الهيجيلي عدد من الأجوبة لتلك المسأئل التي برزت في الواجهة والتي ادت بالمفكرين المعجبين بالأنماط البرجوازية ، الى "الإنزلاق". إلى المعسكر الرجعي. (ص 41 ، لينين حول الدين ، مكتبة لينين الصغيرة ، المجلد السابع.)
المجلد التاسع، والمجلد الثاني عشر من الأعمال الكاملة للينين التي تم نشرها في الأتحاد السوفييتي. كشفا المنهجية الكاملة لفكر لينين عندما كان يعمل على إعمال هيجل الرئيسية، وأظهرا كيف طبق المنهج المادي الجدلي في دراسته لهيجل، والى اي مدى ربط بين دراسته هذه ودراسته العميقة لمقولات ماركس، مع القدرة على تحويل الماركسية الى دليل عمل في اشد الظروف تنوعا.
لكن هيجل لم يكن الموضوع الوحيد لدراسة لينين، لقد قرأ رسالة ماركس الى إنجلز في تشرين ثاني عام 1859، التي إنتقد فيها وبشدة كتاب لاسال، ”فلسفة هيراقليطس، ظلام أفسيس“ (من مجلدين)، ووصفه بعمل ” هاوٍ “. يطرح لينين ، في البداية صيغة مقتضبة من نقد ماركس: ”ببساطة، ان لاسال يكرر هيجل، يصفه، بيجتر ملايين المرات اقوالا معينة لهيراقليطس، ييهرج عمله بوفره من السفطسه الخاليه من المعنى، ولكن مع ذلك، ينغمس لينين في دراس عمل لاسال هذا، يصيغ منه مفاهيم ومقتطفات، ويكتب حولة الملاحظات، ويلخصة هكذا ”ان نقد ماركس في مجمله صحيح، فكتاب لاسال هذا لا يستحق القراءة“. لكن العمل على هذا الكتاب منح لينين فهما اعمق لماركس: فهم تماما لماذ أزعج كتاب لاسال ماركس إلى هذا الحد.
في الختام ، سأذكر شكلاً آخر من اشكال عمل لينين على ماركس - تعميم تعاليم ماركس (تبسيطها). إذا ما اخذ من يعمل على تبسيط اعمال ماركس عمله "بجدية" ، إذا كان هدفه إعطاء صورة بسيطة ومفهومة لتفسير جوهر هذه النظرية أو تلك، فإن هذا العمل سوف يساعده كثيراً.
لقد تعامل لينين مع هذا العمل بجدية بالغة حقا. وكتب من المنفى إلى بليخانوف وأكسلرود: "لا يوجد شيء أود القيام به اكثر أن اكون قادراً على الكتابة للعمال“
أراد أن يشرح ويقرب تعاليم ماركس الى الجماهير. في التسعينيات، عندما عمل في خلايا العمال، سعى إلى ان يشرح لهم قبل كل شيء المجلد الأول من "رأس المال" ، ووضح الفرضيات المقدمة فيه بأمثلة من حياة مستمعيه. في عام 1911 ، في مدرسة الحزب في لونجوميو (قرب من باريس)، حيث كان لينين يعمل بجد لإعداد كوادر القادة للحركة الثورية الناشئة، حاضر في العمال في الاقتصاد السياسي، وحاول أن يقدم لهم بأبسط طريقة ممكنه أسس تعاليم ماركس. في مقالاته في البرافدا، حاول إيليتش أن يعمم نقاطًا متنوعة من تعاليم ماركس. عينة من التعميم اللينيني هو توصيفه خلال نزاعات عام 1921 حول نقابات العمال عن طريقة دراسة الموضوع مع تطبيق المنهج الجدلي. قال لينين:
لمعرفة الموضوع بدقة، يجب على المرء أن يحيط بجميع جوانبه ويدرسها، كل الصلات وأمكانها الصحيحة في حالة معينة. ولن نتمكن من تحققق ذلك بشكل كامل ابدا، الا ان السعي لتغطية العديد من الجوانب سيجعلنا نتجنب الأخطاء والقصور الذاتي. هذا يأتي أولاً. ثانياً، يتطلب المنطق الجدلي أن يتم أخذ الموضوع في تطوره ، في "حركته الذاتية" (كما يقول هيغل) وتغييراته. ثالثاً، على الممارسة البشرية أن تركز على "تعريف" كامل للموضوع، كمعيار للحقيقة، بالإضافة الى مؤشر عملي على إرتباط الموضوع بحاجة الإنسان. رابعاً، المنطق الديالكتيكي يعلمنا أنه "لا توجد حقيقة مجردة ، الحقيقة دائما ملموسة" ، كما أحب الراحل بليخانوف، ان يكرر هيغل.
هذه السطور القليلة هي خلاصة ما توصل اليه لينين كنتيجة لسنوات طويلة من العمل على مسائل فلسفية، والتي طبق فيها دائما النظرية المادية الجدلية، بالإضافة الى"التشاور" مع ماركس طوال الوقت. بشكل مكثف، تشير هذه السطور إلى كل ما هو أساسي، ويجب أن يكون دليلاً للعمل ، أثناء دراسة الظواهر.
الطريقة التي عمل بها لينين على ماركس هي درس في كيفية دراسة لينين نفسه. حيث ترتبط تعاليمه بشكل لا ينفصم مع تعليم ماركس، إنها الماركسية في التطبيق، إنها الماركسية في عهد الإمبريالية والثورات البروليتارية.

ملاحظات:
[1] البلبيليين: مجلس العامة عند الأغريق
[2] الايسكرا الجديده (الشراره الجديده) هي التسميه التي حملتها جريده الايسكرا التي اسسها لينين، و ذلك بعد استيلاء بليخانوف عليها و تعينه زاسولتش و مارتوف محررين فيها و بالطبع انسحاب لينين من رئاسه تحريرها. اي انها اصبحت لسان حال المناشفه.
[3] لا تضحك .
[4] رابط المقال: https://www.marxists.org/archive/krupskaya/works/howleninstudiedmarx.htm#_ednref1