الفاشية الجديدة : الحلف الصهيوني لنتنياهو و ترَمپ و آل سعود 6-10


حسين علوان حسين
2018 / 6 / 8 - 19:13     

6. موجز تاريخي لفاشية الحركة الصهيونية
لا يحتاج المتتبع لتاريخ الحركة الصهيونية العالمية المتطرفة كثير بحث ليكتشف حالاً حقيقة جوهرها الفاشي : اختلاقها لخرافة أرض الميعاد لليهود ، و توكيدها على التفوق العنصري لليهود "شعب الله المختار" (كذا !) على بقية البشر ، و استخدامها أسلوب القتل و الترهيب ضد المواطنين العرب الأصليين لفلسطين بغية اغتصاب أراضيهم و تشريدهم و تركيع من تريد أن يبقى منهم " في خدمة" الرأسمال الصهيوني . الفاشية الصهيونية هي الأيديولوجيا المؤسسة لدولة إسرائيل العنصرية ، مثلما الاستعمار البريطاني هو المقص المُفصِّل لأرضها . و من المعروف أن هذه الفاشية حريصة على الربط الدائم بين احتلالها لفلسطين و تقتيلها و تشريدها لسكانها الأصليين من جهة ، و بين المتاجرة بالمعادات للسامية و المحرقة من جهة أخرى . بدون اللاسامية ما وجدت الصهيونية ، و بدون الصهيونية لا تستمر اللاسامية . و من الضروري الإيضاح هنا بأنه ليس كل صهيوني هو يهودي ، و لا كل يهودي هو صهيوني . فالعبقري آينشتاين ، مثلاً ، كان يهودياً اشتراكي التوجه ، و لكنه مناهض ثابت للفاشية الصهيونية مثل غيره من ملايين اليهود ؛ و ونستون تشرتشل كان أنغليكانياً إنجليزياً ، و لكنه صهيوني عتيد . كل حكام آل سعود و آل زايد و آل خليفة و آل الصباح هم عرب مسلمون ، و لكنهم صهاينة حتى النخاع ، و مثلهم كان شاه أيران السابق محمد رضا بهلوي . و بالمناسبة ، و لأن الصهاينة عنصريون متطرفون فإنهم يضعون أنفسهم أعلى منزلة من كل بقية خلق الله طراً ، لذا ، فإنهم يرفضون اعتبار خَدَمِهم الأغيار (من غير اليهود) صهاينة أنداداً لهم ، بل مجرد "أصدقاء" متمسحين أدنى مرتبة بشرية منهم و موضعاً للتندر في جلساتهم الخاصة . كما يستحيل الجمع بين الأممية الشيوعية و العنصرية الصهيونية البتة لكونهما ضدين مُتقاطِبَين و متقاطعين : إما شيوعي أممي يؤمن بتساوي كل البشر في كل الحقوق و الواجبات ، أو صهيوني متعنصر يؤمن بخرافة وجود "حق تاريخي" إضافي للصهاينة حصراً دون غيرهم من البشر على حساب غمط حقوق الفلسطينيين الثابتة في وطنهم . لذا ، فإن الشيوعي المتصهين هو صهيوني ، و ليس شيوعياً أبداً .
أسست البرجوازية اليهودية الأوربية الحركة الصهيونية العالمية في نهاية القرن التاسع عشر لكي تربح لنفسها بها وطناً – فلسطين – يتكفل بتوفير ملاذ يحمي رأسمالها من ويلات الأزمة الرأسمالية العامة و مخاطر اللاسامية و الحروب العالمية التي كانت أشباحها تمور في الأفق الأوربي . كما كان من شأن اغتصاب فلسطين أن يضم لنفوذ رأسمالها منطقة ستراتيجية جديدة بكراً واعدة ، يمكن تطويرها اقتصادياً بسرعة عبر ترحيل العمال اليهود المهرة من أوربا الغربية إليها . و لكن كيف يمكن أجبار هؤلاء العمال اليهود على ترك بلدانهم و الهجرة لفلسطين حصراً ؟ هنا ، لجأت الحركة الصهيونية إلى بعث أسطورة "أرض الميعاد" لليهود باعتبارهم ليسوا مجرد أتباع لدين معين كالمسيحيين و المسلمين و البوذيين ، بل كشعب الله المختار الموعود بفلسطين كوطن قومي لهم و ذلك بالضد من وقائع التاريخ التي تثبت بأن اليهود لم يكونوا موجودين كأمة قومية ذات أصل عرقي مشترك بل مزيجاً من جماعات مختلفة تبنت الديانة اليهودية في شتى مناحي العالم القديم . و استثمرت الحركة الصهيونية تفشي ظاهرة اللاسامية الكريهة في أوربا للترويج لفكرة بأنه لا خلاص لليهود في كل العالم من أخطار اللاسامية إلا بالهجرة إلى فلسطين لتأسيس وطن قومي لهم هناك . كما قامت بنفس الوقت بالاتصال بالسلاطين العثمانيين المتأخرين (السلطان عبد الحميد ، مثلاً) لرشوتهم بغية قيامهم ببيع أرض فلسطين لها ، دون طائل ، بسبب الوازع الديني . و لكن رؤوس الأموال الصهيونية أصبحت فجأة أكثر من مطلوبة من طرف حكومة الإمبراطورية البريطانية حال نشوب الحرب العالمية الأولى عام 1914 لتدارك نفقاتها العسكرية الرهيبة فيها ، فأصدر وزير خارجيتها لهم عام 1917 "وعد بلفور" الموجه في بلاغ معنون لأكبر غول في أسواق الصيرفة العالمية "اللورد روتشيلد" و ليس لغيره و ذلك جزاء "خدماته الجليلة لحكومة جلالة الملك" . وقتها ، كان رأس المال الصهيوني قد نجح بالهيمنة التدريجية منذ أكثر من عقدين على أسواق المال العالمية الكبيرة بلندن و نيويورك و باريس و برلين و روما و موسكو ، و تغلغل تأثيره القوي إلى صناع القرار في أوربا و أمريكا ، لتؤسس الصهيونية "دولتها العميقة" في كل مركز امبراطوري مؤثر فيها ، و هو ما أدى بدوره إلى قيام الرأسمال المحلي المنافس بتأجيج مشاعر اللاسامية في أرجاء شتى دول أوربا لتدور في حلقات قذرة وصلت القمة مع صعود الحركات النازية و الفاشية للسلطة في برلين و روما .
نشأت الحركة الفاشية-النازية في أوربا خلال الأزمة الرأسمالية العامة في مستهل القرن العشرين لقطع الطريق بوجه قيام الثورات الاشتراكية عبر الترويج للعنصرية القومية المتطرفة في أوساط البرجوازية الكبيرة و الصغيرة و العمالية ضد "الخطر الشيوعي" بعد فشل النظام النيابي البرجوازي التقليدي في احتوائه . و عندما سادت الحركة الفاشية و النازية بلدان أوربا الغربية خلال الفترة الكائنة بين الحربين العالميتين ، و نادت بطرد اليهود ، لم تكتف الحركة الصهيونية بالاستسلام لهما بدون أدنى ممارسة لحق اليهود المشروع بالمقاومة ، بل و تعاونت معهما لأنهما أتاحا لها الفرصة الذهبية لعقد صفقات إجرامية مع النازيين بنقل نخبة مختارة من طرفها بالذات من العمال اليهود الأوربيين إلى فلسطين على حساب سَوق ملايين اليهود الآخرين إلى معسكرات العمل و الإبادة دون أدني مقاومة ، فأصبحت بذلك شريكة متواطئة مع النازية في المحرقة . و لو كانت الحركة الصهيونية قد نظمت المقاومة اليهودية ضد اللاسامية في أوربا بدل الاستسلام لها لقاء السماح بنقل العدد القليل الذي اختارته منهم لفلسطين حصراً ، لتفادى ملايين اليهود الموت مثلما استطاعوا تحقيق ذلك في الدنمارك بغياب الصهيونية . و لقد نجح الملايين من اليهود الأوربيين النجاة من المحرقة النازية بالضبط لأنهم خالفوا هذه الإملاءات الصهيونية عندما لجأوا لبلدان أخرى حرّمتها الصهيونية عليهم مثل روسيا و أوكرانيا بعد أن عملت الصهيونية على غلق باب الهجرة لأمريكا بوجههم عبر ترتيبها لإصدار الولايات المتحدة الأمريكية قانوناً بعدم قبول المهاجرين اليهود إليها طوال الفترة 1924-1948 لكيلا "يتسربوا" إليها دون فلسطين . و للتدليل على إعجابها بالنازية ، فقد عمدت الحركة الصهيونية العالمية باستخدام نفس الأساليب النازية في العدوان على الشعب الفلسطيني و اغتصاب أرضه : إجلاء المدنيين العزل منهم إلى المعازل و المخيمات و من ثم إرهابهم بعمليات الإبادة العسكرية من طرف عصابات : الهاجاناه و شتيرن و إرغون المسلحة ، لتسفر الصهيونية بذلك عن وجهها الفاشي الحقيقي .
لم يقبل اليهود الشرفاء ( و هم الأغلبية الكاسحة ) في مختلف أنحاء العالم هذه الفاشية الصهيونية ، و حاربوها بقوة مثلما حاربوا النازية و الفاشية ، و خصوصاً عالم الفيزياء الشهير "البرت آينشتاين" ، أحد أعظم العقول البشرية . لذا نجده يقوم ، مع مجموعة من أكبر العقول العلمية و الأدبية اليهودية في أمريكا ، بإرسال خطاب تحذيري بالضبط ضد "الفاشية الصهيونية" معنوناً إلى صحيفة النيويورك تايمز بتاريخ 2 كانون الأول 1948، عندما قام الإرهابي الصهيوني "مناحيم بيغين" بزيارة أمريكا لحلب أموال الصهاينة الأمريكان لحساب حزبه "تنوات هاحيروت" الذي سيصبح بعدئذ النواة لحزب الليكود الحاكم في الكيان الصهيوني الآن و الذي يرفض الانسحاب الإسرائيلي من كل الضفة الغربية و الجولان حسب قرارات الشرعية الدولية - حتى و لو أشعل ذلك أتون الحرب العالمية الرابعة - و يعمل ليل نهار على بناء المستعمرات الصهيونية في كل مكان مغتصب من الأرض المحتلة في الضفة الغربية و الجولان تمهيداً لتفكيك السلطة المحلية الفلسطينية نهائياً بالتواطؤ مع الفاشية الأمريكية و الصهاينة العرب : أل سعود و آل نهيان و آل خليفة و آل الصباح .
المصدر :
http://pulpnonfiction.blogspot.com

نص خطاب آينشتاين للتحذير من الفاشية الصهيونية في إسرائيل الذي أرسله لصحيفة النيويورك تايمز عام 1948 احتجاجاً على زيارة مناحيم بيغين لأمريكا
"رسائل للمحرر
النيويورك تايمز
4 كانون الأول ، 1948
إلى المحررين في النيويورك تايمز
إن من بين أشد الظواهر السياسية إقلاقاً في هذا الزمان هو الظهور في دولة إسرائيل المخلوقة حديثا لـ "حزب الحرية" (تنوات هاحيروت) ، و هو الحزب السياسي المشابه في تنظيمه و أساليبه و فلسفته السياسية و دعايته الاجتماعية للحزبين النازي و الفاشي . حيث تم تشكيله من الأعضاء و المؤازرين السابقين لـ "إرغون زفاي ليومي" ، المنظمة الإرهابية اليمينية الشوفينية في فلسطين .
إن الزيارة الحالية لمناحيم بيغين ، القائد لهذا الحزب ، للولايات المتحدة مرتبة على نحو واضح بغية خلق الانطباع بكون الأمريكيين يؤيدون حزبه في الانتخابات الإسرائيلية القائمة ، و بغية تقوية الروابط السياسية مع العناصر الصهيونية المحافظة في الولايات المتحدة . و لقد أعار العديد من مشاهير الأمريكان أسماءهم للترحيب بهذه الزيارة . إنه لأمر لا يصدَّق أن يمكن لأولئك المناهضين للفاشية في كل العالم – إذا ما تم تعريفهم الصحيح بالسجل السياسي لبيغين و لتطلعاته – أن يضموا أسماءهم و أن يؤيدوا الحركة التي يمثلها .
و قبل حصول الضرر الذي لا يمكن تفاديه و المتمثل بالتبرعات النقدية ، و بالمظاهر العامة لحساب بيغين ، و بتوليد الانطباع في فلسطين بأن جزءً كبيراً من الأمريكان يؤيدون العناصر الفاشية في اسرائيل ، يتوجب تعريف الرأي العام الأمريكي بسجل و أهداف للسيد بيغين و حركته . إن التعهدات المعلنة على الناس لحزب بيغين ليست الدليل أبداً على طبيعته الحقيقية . إنهم يتحدثون عن الحرية و الديمقراطية و معاداة الامبريالية ، في حين أنهم كانوا حتى أمد قريب يبشرون بمبدأ الدولة الفاشية . بأفعاله فقط يكشف الحزب الإرهابي عن طبيعته الحقيقية ؛ ومن أفعاله الماضية نستطيع أن نحكم عما يُتوقع أن يعمله في المستقبل .
الهجوم على القرية العربية
إن المثال الصادم هو فعلتهم في القرية العربية لدير ياسين . هذه القرية التي تبعد عن الطرق الرئيسية و المحاطة بالأراضي اليهودية لم تشارك بأي دور في الحرب ، بل و طَرَدت بالقوة الفرق العربية التي أرادت استخدام القرية قاعدة لها . في التاسع من نيسان (النيويورك تايمز) هاجمت العصابات الإرهابية هذه القرية المسالمة ، التي لم تكن لتشكل أي هدف عسكري في القتال ، و قتلت معظم سكانها ، 240 رجلاً و امرأة و طفل ، و أبقت القليل منهم أحياء للاستعراض بهم كأسرى عبر شوارع القدس . و لقد رُوَّعت غالبية الجالية اليهودية بهذه الفعلة ، و أرسلت الوكالة اليهودية برقية اعتذار للملك عبد الله في شرق الأردن . و لكن أولئك الإرهابيين كانوا أبعد من الاحساس بالعار لفعلتهم هذه ، و تفاخروا بمجزرتهم ، و أشهروها على نحو واسع ، و وجهوا الدعوة لكل المراسلين الموجودين في البلد لمشاهدة الجثث المكدسة و الدمار الشامل في دير ياسين . إن حادثة دير ياسين تعطي النموذج على طبيعة و أفعال حزب الحرية .
و ضمن أوساط الجالية اليهودية ، دأبوا هل التبشير بخلطة من القومانية المتطرفة ، و الباطنية الدينية ، و الأعلوية العنصرية . و مثل غيرهم من الأحزاب الفاشية ، فقد تم استخدامهم في كسر الإضرابات ، بل و ضغطوا بأنفسهم لتدمير النقابات الحرة ، و نادوا باستبدالها بنقابات الشركات على غرار النموذج الفاشي . و خلال حوادث العنف المتقطعة ضد البريطانيين في السنين الأخيرة ، فقد دشنت مجموعات الإرغون و شتيرن حكم الإرهاب ضد الجالية اليهودية الفلسطينية . تم الاعتداء بالضرب على المعلمين من منتقديهم ، و رمي البالغين بالرصاص لمنعهم أبنائهم من الإلتحاق بهم . و باستخدامهم أساليب العصابات و الضرب و تهشيم زجاج الشبابيك و عمليات السلب واسعة المدى فقد أرعب هؤلاء الإرهابيون السكان و فرضوا عليهم الأتاوة الثقيلة .
و ليس لأعضاء حزب الحرية أي دور بالإنجازات البنّاءة في فلسطين . فهم لم يستصلحوا أرضاً ، و لا بنوا مستعمرة ، بل اكتفوا بالسلب من النشاط الدفاعي اليهودي فقط . و نشاطاتهم في حقل الهجرة المبالغ بالدعاية لها ضئيلة و مكرسة أساساً لجلب الرعايا الفاشيين .
التناقضات المشهودة
إن التناقضات بين الادعاءات الجريئة التي يصرح بها الآن بيغين و حزبه و بين سجل انجازاتهم السابقة في فلسطين لا تحمل دمغة الحزب السياسي الاعتيادي . أنها دمغة الحزب الفاشي التي لا مراء فيها الذي يتخذ من الإرهاب (ضد اليهود و العرب و البريطانيين على حد سواء) وسيلة ، و من تشويه الحقائق مطية ، و من "دولة القائد" هدفاً .
و في ضوء الاعتبارات الآنفة ، فإن من الواجب التعريف بحقيقة السيد بيغين و حزبه في هذا البلد . و مما يزيد في المأساة أن القيادة العليا للصهيونية الأمريكية قد رفضت القيام بالحملات ضد نشاطات بيغين ، بل و حتى تعريف جمهورها بالأخطار على اسرائيل من الاسناد لبيغين .
لذا ، فإن الموقعين أدناه يغتنمون هذه الوسيلة لتقديم القليل من الحقائق الأبرز بخصوص بيغن و حزبه ، و هم يناشدون كل ذوي الشأن عدم إسناد هذه المظاهر الأخيرة للفاشية .
(الموقعون)
إزيدور أبراموفتش
حنا أرنت
أبراهام بريك
الحبر : جسورون كاردوزو
ألبرت آينشتاين
هيرمان أيسن ، دكتوراه طب
حاييم فاينمان
م . غالن ، دكتوراه طب
هـ . هـ . هاريس
زيلغ س . هاريس
سدني هوك
فريد كاروش
بروريا كاوفمن
إيرما ل . ليندهايم
ناخمان مايسل
سيمور ميلمان
ماير د . مندلسون
هاري م . أوسلنسكي
سامويل بتليك
فريتز رورلتش
لويس ب . روكر
روث ساغز
إتسحاق سانكوفسكي
ي . ج . شوينبيرغ
سامويل شومان
م . سنجر
إيرما وولف
ستيفن وولف

2 كانون الأول ، 1948"

انتهى نص خطاب آينشتاين و رفاقه المرسل لصحيفة النيويورك تايمز للتحذير من خطر الفاشية الصهيونية .
ما هي الممارسات السياسية العملية التي يحددها آينشتاين العظيم و رفاقه ككشاف لتمييز الحزب الفاشي ؟ إنها "استخدام الإرهاب وسيلة ، و تشويه الحقائق مطية ، و دولة القائد هدفاً" . كل هذا هو بالضبط ما فعله و يفعله زعيم الليكود المتطرف الحالي بنيامين نتانياهو وائتلافه مثلما سيتبين في الحلقة القادمة من هذه السلسلة .

يتبع ، لطفاً .