الفاشية الجديدة : الحلف الصهيوني لنتنياهو و ترَمپ و آل سعود 4-10


حسين علوان حسين
2018 / 6 / 2 - 23:50     

يقطع نص الملك فيصل بن عبدالعزيز المقتبس في الحلقة السابقة بإدراكه لحقيقة أن "مصير" طغمة آلسعود في استمرار تسلطهم الفاشي المطلق على شعب المملكة عبر إرهابه و تجهيله و إفقاره إنما "يستمد قوته من نفس الأهداف التي تربط أمريكا بأسرتنا و بالاعتماد علينا في العالمين العربي و الاسلامي كقوة كبرى تحمي المصالح المشتركة و تكافح الشيوعية" .
حجر الزاوية في نص فيصل بن عبد العزيز هذا واضح وضوح الشمس في رسم خارطة التوازنات الجيوسياسية المطلوبة ضمانها إمبريالياً في الشرق العربي و الإسلامي . لدينا هناك أولاً المصالح الستراتيجية و الاقتصادية للإمبراطورية الأمريكية الكبرى زعيمة الإمبريالية العالمية في المنطقة . هذا هو الطرف الأول و اللاعب الأساس في تقرير مصائر كل شعوب المنطقة . و لحماية هذه المصالح الستراتيجية للإمبراطورية العظمى ثانياً ، فإن الأخيرة تحتاج إلى "دول عازلة" في المنطقة تضطلع بوظيفتها الوجودية الأساسية : كلب الحراسة الإمبريالي ضد "أعداء الإمبراطورية" ، و هما الحليفان : السعودية "زعيمة العالم العربي الإسلامي ، كذا !" و اسرائيل ربيبة الحركة الصهيونية العالمية . الحليفان الأخيران المزروعان زراعة اصطناعية في المنطقة للغرض الوحيد المتمثل بحماية مصالح الامبراطورية الكبرى يتقاسمان العمل فيما بينهما للاضطلاع بواجبهما ككلب الحراسة المحلي الوفي القوي : الذراع العسكري هو اسرائيل مع الأصدقاء من زعماء الحرب للأقليات العرقية و الطائفية في البلدان العربية و الإسلامية ، و الذراع التمويلي هم طغمة آلسعود الناهبة لمليارات البترودولار العربي بغية تدمير بلدان العرب و المسلمين و احتلال أراضيهم . و لما كان هذا الحلف السياسي الاقتصادي العسكري هو بأمس الحاجة لتخليق الأعداء على نحو دائم ، فإن هؤلاء الأعداء الذين يهددون وجوده هم – طبقاً لنص و فص فيصل عبد العزيز هذا – الشيوعيون و القوميون العرب و الشعب الفلسطيني لكونهم من حملة : " المبادئ التي لا تتصدى لها الأسرة السعودية إلا لكونها لافتات طريق الشيوعية العدوة اللدودة (كذا!) للجميع الساعية لابتلاع المصالح المشتركة التي تربط الجميع ."
و لكن ما هي المتطلبات التي تكفل دوام اضطلاع الكيانين المصطنعين محلياً بدورهما "كلباً" لحراسة المصالح الإمبريالية ؟ الجواب واضح : ضمان التفوق العسكري لجيش العدوان الاسرائيلي بحصر حيازة آخر منتجات الأسلحة المتطورة و أسلحة الدمار الشامل الكتلوية في المنطقة به ، و ضمان الزعامة الدائمة لطغمة آل سعود على العالم العربي و الإسلامي . و ذا أمر طبيعي في ضوء كون الإمبراطورية الأمريكية العظمى هي أقوى إمبراطورية شهدها التاريخ ، لذا ، فلا بد لكلاب حراستها المحلية أن تتملك الأسنان الكتلوية ، و العيون الحرارية الشاوية ، و النباح الآمر الناهي المطاع .
الآن نأتي إلى أهم سؤال و الذي توضح الإجابة عليه كل ما حصل و ما سيحصل من حروب داخلية و خارجية في الشرق الأوسط الحديث : كيف يتولى كلبا الحراسة المحليين – السعودية و إسرائيل – حماية المصالح الإمبريالية للإمبراطورية العظمى في المنطقة ؟ الجواب : بشن الحروب الاستباقية المباشرة أو بالوكالة ضد كل الدول الكائنة حولهما و في المنطقة ممن قد يمكن أن "تزعج" اضطلاعهما بالدور المبرر لوجودهما المستند على التفوق العسكري الكاسح للآلة العدوانية الإسرائيلية و الزعامة السياسية السعودية على العرب و المسلمين ، سواء جاء هذا "الإزعاج" المفبرك أتٍ من طرف جمال عبد الناصر أم صدام و من جاء بعده أم القذافي أم علي عبد الله صالح أم مرسي أم الأسد أم أردوغان أم الحوثيين أم القطريين أم إيران ! المطلوب هو اصطناع كباش الفداء في كل حين ، أما مهمة تلصيق اليافطات الجاهزة حسب الطلب بتلك الكباش المختارة فهي أمر يسير : الشيوعية و القومية و الوحدة العربية و عودة الفلسطينيين البارحة ؛ و تصنيع الحروب الأهلية بين مكونات الشعب الواحد ، و آخرها الشحن الطائفي بين السنة و الشيعة اليوم .
السؤال هو : متى أصبح السنة أعداءً للشيعة – و هم إخوان في الدم و الدين منذ ألف عام ؛ وهم العم و الخال مع ابن الأخ و الأخت ؟ و متى أصبح "الإخوان الوهابيون" – الذين دأبوا على تكفير و ذبح كل علماء السنة و أهلها في نجد و الحجاز طوال قرنين – و حلفائهم الصهاينة من "أنصار أهل السنة" ؟! الجواب : حصل هذا عندما أصبحت الإمبريالية الأمريكية حريصة على تحويل كلاب حراستها لطغمة آل سعود من مقاطيم العرب إلى السادة على العالم العربي و الإسلامي بغية محاربة الشيوعية البارحة – حسب اعتراف فيصل بن عبد العزيز – و الشيعة اليوم ، حسب اعتراف الملك سلمان .
ثم ، متى كان العرب في العراق و الشام و فلسطين و مصر و المغرب العربي أعداء لأبناء عمومتهم اليهود ممن ساكنوهم ثلاثة آلاف سنة متواصلة ؟ الجواب : عندما اصطنعت الصهيونية العالمية هذا العداء بتحويلها فلسطين و القدس من محج مقدس لليهود – مثلما هي للمسيحيين و للمسلمين ، ومثل مكة للمسلمين – إلى أرض للميعاد الموهوم على حساب تقتيل و تشريد أهلها الفلسطينيين خدمة للمصالح الإمبريالية في المنطقة . فرِّق تسد .
لتطالع القارئة و القارئ الكريم كل صفحات التاريخ للشرق الأدنى الحديث ، و لن تجدوا في غير هذا تفسيراً معقولاً لأكبر الجرائم التي تقترف بحق البشرية و المتمثلة بإشعال أتون الحرب العالمية الثالثة القائمة ضد المسلمين حصراً : التركز المشهود لأغلب الحروب المباشرة أو بالنيابة في كل العالم طوال على الأقل الستين عاماً الماضية على بقاع العالم العربي و الإسلامي بأشد كثيراً عن غيرها من بقاع العالم و ذلك بالضبط لتحقيق الهدف الذي تحدث عنه الملك فيصل بن عبد العزيز في نصه السابق : ضمان زعامة طغمة آل سعود و الكيان الصهيوني على الشعوب العربية و الإسلامية في المنطقة خدمة للمصالح الستراتيجية لإمبريالية الإمبراطورية الأمريكية العظمى ، و أهمها استمرار تدفق النفط الرخيص منها .
إليكم "جردة" سريعة لوقائع الحرب العالمية الثالثة السعودية-الاسرائيلية ضد العرب و المسلمين في بلدان آسيا و أفريقيا منذ عام 1962 إلى اليوم :

1962-1970 الحرب الأهلية في اليمن الشمالي
1962-1970 / ثورة ظفار في عُمان
1963 / الانقلاب البعثي الأسود في العراق
1967 / عدوان (5) حزيران الصهيوني على مصر و سوريا و فلسطين و الأردن و لبنان
1970–1971 / مجازر أيلول الأسود في الأردن
1975–1990 / الحرب الأهلية اللبنانية
1973- 1998 / حروب صدام ضد أكراد العراق
1978 / عملية الليطاني : الحرب الصهيونية ضد الفلسطينيين في لبنان
1978- 2003 / إعدامات صدام للمعارضة السياسية السلمية
1979–1983 / ثورة الأحساء و القطيف
1979- 1989 / الحرب الأمريكية – السعودية – الباكستانية ضد أفغانستان
1979/ احتلال جماعة جهيمان للحرم المكي
1979–1982/ حركة الإخوان المسلمين في سوريا
1980–1988 / الحرب العراقية الإيرانية
1982 / الاحتلال الصهيوني للبنان
1985 – 2000 / العدوان الصهيوني و جيش انطوان لحد ضد جنوب لبنان
1986 / حرب اليمن الجنوبية
1987 / مجزرة الحجاج الإيرانيين في مكة
1987-1993 / الانتفاضة الفلسطينية الأولى ضد الاحتلال الصهيوني
1989-1993 / الحرب الأهلية الأفغانية
1990–1991 / حرب الخليج الثانية
1991- 2002 / الحرب الأهلية في الجزائر
1991- لحد الآن / الحرب الأهلية الصومالية
1991 / الحرب الأهلية اليمنية
1992-2001 / الحروب الأهلية الأفغانية
1995 / حركة مقاومة سلطة آل سعود
1998 / حرب فرض منطقة حظر الطيران في العراق
1999- لحد الآن / الحرب الأهلية في نيجيريا
2000-2005 / الانتفاضة الفلسطينية الثانية ضد الاحتلال الصهيوني
2001- لحد الأن / حروب الاحتلال الأمريكي لأفغانستان
2002- لحد الآن / الحرب الأهلية في مالي
2003–2011 / حروب احتلال العراق
2003- لحد الآن / الحرب في دارفور
2004–2014 / الانتفاضة الحوثية في اليمن
2006 / العدوان الصهيوني على لبنان
2008-2009 / الحرب الصهيونية الأولى ضد أهل غزة
2009–2015 / حرب اليمن الجنوبي
2010–2015 / الحرب ضد القاعدة في اليمن
2011- لحد الآن / الحرب بالوكالة بين السعودية و إيران
2011- 2014 / الأزمة المصرية
2011- لحد الآن / حرب الناتو و وكلائه في ليبيا
2011 / الانتفاضة البحرينية
2011 / الحرب الأهلية في اليمن
2011 – لحد الآن / الحرب الأهلية في سوريا
2011–2017 / حرب داعش في لبنان
2012 / الحرب الصهيونية الثانية ضد أهل غزة
2014 / الحرب الصهيونية الثالثة ضد أهل غزة
2014–2017 حرب داعش في العراق
2015– لحد الآن / الحرب السعودية الإماراتية ضد اليمن
2017 / النزاع الكردي-العراقي
2018/ الحرب الصهيونية الرابعة ضد أهل غزة

إلخ .. و البقية على الأبواب .

في كل الحروب أعلاه ، و بعضها متواصل ، و غيرها عديد ، و القادم أشر ، تشتغل كل من اليد السعودية و الإسرائيلية دوماً معاً بشكل مباشر أو غير مباشر للقضاء على هذا النظام السياسي أو ذاك ، أو على الأقل إضعافه بإشراف الولايات المتحدة الأمريكية ، لحساب ضمان المصالح الإمبريالية الأمريكية الستراتيجية في المنطقة ، و لكي تسودا سياعسكرياً على بقية شعوب المنطقة .

يتبع ، لطفاً .