قبل 50 سنة فبراير 1956: تقرير خروتشوف السري


المناضل-ة
2006 / 3 / 19 - 11:32     

يوم 24 فبراير 1956، وبينما المؤتمر العشرون للحزب الشيوعي بالاتحاد السوفييتي ينهي أشغاله، تلا أمينه العام نيكيتا خروتشوف، بجلسة مغلقة، وعلى مندوبين ُمنعوا من تسجيل نقاط، "تقريرا حول عبادة الشخصية ونتائجها". ورغم وصف ذلك التقرير بـ"السري"، لن يتأخر تسربه. وكان له، لما نزل إلى الساحة العمومية بالغرب- اما في الاتحاد السوفييتي فلم ينشر أبدا، مفعول قنبلة، لانه كان يعترف بصحة وقائع كانت الأحزاب الستالينية تعتبرها، طيلة عقود، مجرد افترأآت معادية للشيوعية. وبث التقرير الاضطراب لدى العديد من المناضلين، لاسيما لدى المثقفين، كما أثار أوهاما كثيرة في اليسار لدى من أرادوا ان يروا فيه بداية اضفاء ديمقراطية عميقة على النظام.

--------------------------------------------------------------------------------



في الواقع كان المناخ السياسي قد بدأ يتحول في الاتحاد السوفيتي منذ وفاة ستالين يوم 5 مارس 1953.

كان ستالين قد كسب سلطته في سنوات تراجع الثورة بالاستناد على شريحة جديدة من ذوي الامتيازات تشكلت بالاتحاد السوفيتي من الملاك الإداري للدولة والاقتصاد والحزب والكوادر العسكرية، واغتصبت سلطة الطبقة العاملة.

لكن وضع تلك الفئة الحاكمة كان هشا. إذ كانت مهددة بنهوض محتمل للطبقة العاملة، كمنظور كانت تجسده افضل عناصر الحزب البلشفي، المدافعة عن المثل الشيوعية لثورة أكتوبر. لكنها كانت مهددة أيضا بعودة ممكنة للطبقات المالكة القديمة إلى السلطة بدعم من جيوش القوى الإمبريالية.

في وضع صعب، حيث بإمكان أي نقاش ان يتيح للطبقة العاملة إسماع صوتها، كانت البيروقراطية بحاجة إلى حَكم أعلى، يحسم كافة المشاكل، ويمسك بالتالي كافة السلط. كانت بيروقراطية ستالين المكمل اللازم لديكتاتورية البيروقراطية على البلد. وكانت التطهيرات التي ضربت الفئة الحاكمة الثمن الذي أدته للمدافع عن امتيازاتها.

بعد وفاة ستالين لم يكن أي من معاونيه قادرا على ادعاء ممارسة كافة سلطاته من الوهلة الأولى. لذا اتفقوا على التخلص من اخطر طامع بتسلم السلطة العليا، رئيس الشرطة السياسية بيريا، الذي ُصفي على ما يبدو داخل اجتماع للمكتب السياسي في يونيو 1953.

واتفقوا على "قيادة جماعية" وهو ما كان إدانة ضمنية للطريقة التي قاد بها الدكتاتور الراحل البلد.

كان أعضاء هذه "القيادة الجماعية" اكثر عملاء الديكتاتورية دناءة. ولم يكونوا طبعا يجهلون جرائم ستالين . كانوا متواطئين معه ومنتفعين منها لأن فضل صعودهم إلى قمة هرم السلطة يعود إليه.

على هذا النحو دخل خروتشوف المكتب السياسي عام 1938 بعد سنتين من عمليات التصفية الهائلة التي كانت محاكمات موسكو وجهها الابرز، والتي حررت عددا لا يحصى من مناصب الكوادر على كل المستويات.

لكن، لا شك انهم كانوا، شأن باقي البيروقراطيين، يتطلعون إلى نظام يتيح تمتعهم في طمأنينة بامتيازاتهم، دون خشية انتزاعها منهم ومعها حياتهم. هذا لأن ستالين لم يتردد في تصفية حتى اقرب معاونيه.

وفي الأسابيع التي تلت وفاته جرى إطلاق سراح أقارب أعضاء المكتب السياسي ( زوجة مولوتوف، واثنين من أبناء ميكويان الخمسة) الذين أرسلهم ستالين إلى معسكر اعتقال، وذلك بغية تأمين وفائهم.

لكن " القيادة الجماعية" التي كثيرا ما امتدحت عام 1953 لم تكن قابلة للحياة . كانت البيروقراطية بحاجة إلى حكَم.

لم يكن خروتشوف سوى بالمتربة الثامنة في القيادة في مارس 1953. لكن وظائفه الجديدة بما هو أمين عام أتاحت له، كما لسلفه، إبعاد منافسيه. وكان عند إلقائه خطابه الشهير عام 1956 الرجل الأول في النظام. كان ذلك بالعكس طريقة لتأكيد قوته وفي الآن ذاته ضمانة لزملائه بعدم استعمال أساليب ستالين.

وفعلا جرى إبعاد مولوتوف ومالنكوف وآخرين من قيادة الحزب بتهمة تشكيل جماعة" معادية للحزب" دون ان يخاطر أي منهم برأسه بهذه المناسبة. عُين مولوتوف سفيرا في جمهورية منغوليا الشعبية , وأرسل مالنكوف لادارة محطة كهربائية في كازاخستان.

وسيستفيد خروتشوف أيضا من تبدل الأساليب هذا داخل الشريحة الحاكمة لما أبعدته جماعة بريجنيف-كوسجين عن الحكم بإحالته على التقاعد متهما بمصاعب سياسية واقتصادية.

لكن كون تقرير خروتشوف لم يعن نهاية ديكتاتورية البيروقراطية أمر برهنت عليه على نحو دموي، بعد اشهرا قليلة من إلقائه، الدبابات السوفيتية التي سحقت في أكتوبر- نوفمبر 1956 تمرد الشعب الهنغاري لتضع حدا لوجود المجالس العمالية التي ولدت مع ذلك التمرد .

بيار لافيت

أسبوعية النضال العمالي عدد 1961 ل 3 مارس 2006 http://www.lutte-ouvriere.org

تعريب المناضل-ةwww.al-mounadhil-a.info