مهزلة اسمها .عرسنا الانتخابي لا يعرف الطبقة وشكل الدولة


جاسم محمد كاظم
2018 / 5 / 10 - 23:55     

مهزلة اسمها .عرسنا الانتخابي لا يعرف الطبقة وشكل الدولة
أجمل النكات غير المطروقة في قنوات الضحك هو ما نراه ونعيشه اليوم في ما نسميه ب انتخاباتنا المضحكة حيث تنتشر صور المرشحين في كل الأماكن .
ولان هذه الأماكن قد ملت مهزلة طالت واستطالت كثيرا وكثيرا بأشخاص لا يعرفون ألف باء الديمقراطية .الطبقة .المؤسسة وبرلمان الطبقات التي تعبر عن رأي أصحابها ومصالحهم وكيف ظهر إلى الوجود لينهي حكم الله المباشر إلى الإنسان عن طريق الملوك .
وعذر هؤلاء أنهم يعيشون في " ارض " لم يتقدم في التاريخ إلى الأمام مترا واحدا ولا تعرف شكل الصناعة ومسمى البضاعة وكيف يأتي النقد وكيف يكون الشكل الاقتصادي أو المؤسساتي الذي بدورة يولد مظهرا للنظام السياسي .
فدولة "اللا دولة" في العراق تبلور شكلها بعد العقد التسعيني في أواخر القرن الماضي بعد انهيار المنظومة الاشتراكية والتجاء البعث الذي تخلى عن التقدمية والتنوير نخو الحملة الإيمانية وظهور المشايخ والعشيرة تحت ضغط الغرب لينهي مسيرة دامت أكثر من ربع قرن بتنمية تيار برجوازي مرتبط بحبل سري بمشيمة الدولة عن طريق النقد الذي تسيطر علية الدولة بقبضة حديدية .
وان كانت هذه الخطوة تقدمية في مسيرة الجدل لأنها نفت مرحلة الشيخ والعشيرة حتى وصل الأمر إلى إلغاء اللقب من بطاقة التعريف في منتصف السبعينات تماشيا مع مسيرة تلك المرحلة التي كانت حربها الباردة على أشدها بين الشرق اللينيني المتنور والغرب المتاجر بالدين والرأسمال وضغط اليسار العراقي المتمثل بالحركة الشيوعية وشعاراتها التقدمية في الداخل .
لكن حركتها المعاكسة تتمثل بهيمنة الحزب على كل مؤسسات الدولة وتعطيل سلسلة النظام الإداري المؤسسي بنظام سلطوي يأخذ قوته من سلطة الدولة كان من نتائجه السلبية بيروقراطية إدارية سلطوية مهيمنة وتعطيل للنظام الإداري وعدم الاستفادة من مسيرة التقدم العلمي في النواحي الاقتصادية لخضوع كلية الدولة لنظام الحزب وإيديولوجيته غير العلمية بأحادية الجانب التي سرعان ما انهارت بعد انهيار الكتلة الشرقية ليعود البعث إلى أصلة القروي العشائري والدخول من جديد في نفق الدين .العشيرة والشيخ والبدء بحملات إيمانية معاكسة تماما لحملاته التقدمية والارتماء بحضن الرجعية التي حاربها لمدة ربع قرن ليثبت إن البعث لا يمتلكك منهجا واستراتجيه وتكتيك علمي يتعامل بة مع التغيرات بل هو في حقيقته مليشيا تعيش على المتناقضات الدولية والإقليمية .

وسارت السلطة وأحزابها التي أعقبت دخول "أبرامز" على أطلال البعث وجلست على نهايات الطرق التي وصل إليها لتحتضن الشيخ والعشيرة ويعود فرز العراقيين من جديد على طوائفهم وعشائرهم وتعزف أصابعها بالتالي لحن الجنائز على أطلال الصناعة . المؤسسة والزراعة وشكل الدولة ليعود العراق إلى عصر الجمع والالتقاط يستورد حتى قناني الماء المعلب من دول الجوار التي لا تملك في أراضيها انهارا تشبه تيارات دجلة والفرات .
ويكون شكل الصورة التي تميزت ألوانها هذه المرة بطائفية كشفت عن وجهها القبيح بصورة العلن ليقتتل القاطنين بهذه الأرض بحرب غير معلنة على من يملك آبار النفط وتتمسك يديه بصولجان السلطة .
وسار الكل وراء شيخ العشيرة يستجدي منة الأصوات والولاء مقابل عطايا وهدايا أفرزتها الواجهات بتنظيمات تستلم النقد بلا عمل بعناوين لا تخضع لنظام العمل والإدارة تدور في أفلاك ومدارات الوالي الجديد صاحب الأمر المطاع .

وعلى هذا المدار سارت الديمقراطية مع مرشحيها وعرابيها الجدد الباحثين عن مناصب السيادة في طابور واحد يطلبون من الكل انتخابهم في مهزلة ربما يضحك عليها الفرنسيون والانكليز ومن ورائهم أهل ارض الدان والأراضي المنخفضة وسكان جبال الهايلندر كثيرا وكثيرا لو أنهم فهموا واقع هذه الأرض وعرفوا بان أهلها يعيشون مرحلة ما قبل الوعي ولا يعرفون كيفية إنتاج الجبن من الحليب ولا يمتلكون مصنعا واحدا في كل أراضيهم لكنهم بدل ذلك يتنادمون في مجالسهم و يحتسون حساء دسما معلبا يسمى "الديمقراطية ".
تلك الكلمة التي وصلت إلى قاموس الحكم بعد ظهور عصر الصناعة والبضاعة المنفلتة عبر الحدود وفرز الطبقات بدل الطوائف وحكم الرب المباشر وآباء الكنيسة المقدسين وعلى ضوئها عرف الكل موقعة من مقود السلطة وظهر اليمين واليسار و الملاكين والكادحين وانتهى عصر الرب وحكمة المباشر .
انتخاباتنا اليوم بعرسها البهي تسير نحو صناديق الاقتراع بزعيق مدوي بلا طبقات أو فهم للمصالح الطبقية بمهزلة انتخابية تثير الضحك حتى عند صيادي ورعاة أثينا القديمة لأنهم يعرفون مصلحة الطبقة أكثر مما يعرفها ناخبينا الذين يسير وعيهم الانتخابي بالتوازي مع عقلية مرشحينا الأشاوس.
////////////////////م
جاسم محمد كاظم