رسالة إلى شعوب بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا


مشعل يسار
2018 / 4 / 16 - 01:38     

قصف سوريا من قبل عسكريي دولكم ليل 14 أبريل/نيسان بذريعة منع استخدام الأسلحة الكيميائية هو فعل مباشر من أفعال العدوان ضد دولة ذات سيادة، ومرحلة خطيرة جداً من مراحل ازدياد عزمهم على تدمير هذا البلد واستعباد شعبه، ومظهر من مظاهر الفاشية في السياسة الخارجية، على غرار فظائع النازيين.
هم يخدعونكم بوقاحة ما بعدها وقاحة. فالجيش السوري لا يمكن منطقياً أن يستخدم الأسلحة الكيميائية، لأنها أخرِجت منذ فترة طويلة من أراضي تلك الدولة وتحت رقابة دولية. كما أن الحاجة لمثل هذا الاستخدام غير منطقية: فالجيش السوري يحرر بنجاح أراضي بلاده من دون استخدام أي أسلحة كيميائية، بدعم من القوات الروسية الجوية والفضائية التي تقدم بناء على طلب من الحكومة الشرعية كل مساعدة في صد الهجمات على أراضي هذه البلاد ذات السيادة من قبل "داعش" ومن يسمون بـ"المتمردين" الذين تنظمهم وتمولهم وتزودهم الولايات المتحدة الأمريكية والسائرون في فلكها.
في الوقت نفسه عثر في مدينة دوما التي تحررت من "المتمردين" على مختبر لإنتاج الأسلحة الكيميائية. ولئن كان هناك من استخدام للأسلحة الكيميائية، فإن هذا فقط من فعل "المتمردين". فهم وحدهم بإمكانهم أن يفجروا ذخيرة كيماوية لتحميل مسؤولية هذه الوحشية للجيش السوري وإعطاء حجة لمهاجمة سوريا علانية. ومع ذلك، ومهما يكن من أمر، لا يحق لأي أجنبي أن يفرض الأمن والنظام في أراضي دولة ذات سيادة دون طلب من حكومتها الشرعية.
إن سوريا لم تهاجم المملكة المتحدة أو الولايات المتحدة أو فرنسا. بل إن هذا الثلاثي هو من هاجم سوريا سعيا للقضاء على هذه الدولة ذات السيادة، واستعباد شعبها وقتل زعيمها، كما كان الحال مع يوغسلافيا وليبيا والعراق. هذه الدول تريد أن تحتل هذه المنطقة المهمة استراتيجيا لأجل المزيد من التوسع، وفرض حكومة ممالئة لها هناك، والاستيلاء على الثروات الطبيعية وغيرها العائدة للشعب السوري، الاستيلاء عليها لا لأجل شعوب دولها المعتدية، بل لأجل أوليغارشييها.
في ثلاثينيات القرن الماضي، أحرق النازيون مبنى الرايخستاغ بغية اتهام الشيوعيين الألمان بهذه الفعلة وبدء الانتقام منهم ومن الوطنيين الآخرين. فألبسوا رجال استخبارات الـSS زي بولنديين لأجل القيام بهجمات استفزازية على حرس الحدود الألمان، وتبرير الهجوم على بولندا والشعب البولندي لاستعباده وتدمير دولته.
لقد أخذ المعتدون الأمريكيون أساليب الخداع العالمي عن الفاشيين. فلتبرير هجومهم على فيتنام، شنوا هجوما على سفينة أميركية في خليج تونكين، عازين ذلك إلى الفيتناميين. ولتبرير العدوان على العراق، اتهموا زورا الزعيم العراقي صدام حسين بمحاولة الحصول على أسلحة الدمار الشامل، ودمروا العراق من غير أن يعثروا عليه.
والآن، يتم استخدام الخدعة المضللة نفسها ضد سوريا وقائدها، فيفتضح أمرهم كمعتدين أخذوا عن هتلر وغوبلز نيتهما السيطرة على العالم.
إن العدوان على سوريا مظهر من مظاهر الفاشية المعاصرة التي تمتلك الآن، على عكس هتلر، أسلحة الدمار الشامل، وبالتالي تشكل خطرا مميتا على البشرية جمعاء. ولذلك، وبالنظر إلى أن سوريا تخوض صراعاً من أجل التحرر الوطني ضد الفاشية الحديثة، ينبغي أن توقف هذه القوى عند حدها الآن لمنع العدوان عى سوريا من أن يتحول الى حرب عالمية ثالثة قد تكون نتيجتها إما استعباد البشرية جمعاء، وإما هلاكها.
لقد جلبت الحروب المحلية التي شنتها القوى الامبريالية في شمال أفريقيا والشرق الأوسط لشعوب أوروبا بواكير الصعوبات الكبيرة في شكل حشود من اللاجئين. فماذا سيحدث يا ترى لو انخرطت روسيا في الحرب، وهو ما يحاول المعتدون تحقيقه؟ لو حصل اشتباك مسلح بين حلف الناتو ومنظمة معاهدة الأمن الجماعي التي تتراسها روسيا؟ ألن يستحيل عدوان حكام بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا بعد ذلك مأساة لشعوب هذه البلدان كتلك التي عاناها بجريرة هتلر الشعب الألماني، فكان غير قادر في الوقت المناسب على منع الخطط الشريرة القاتلة لهتلر وأسياده من عداد الأوليغارشيا المالية العالمية؟
لذلك كله ندعو شعوب بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا التي أتت إلى السلطة بكل من ماي وترامب وماكرون إلى أن تمنعهم من تدمير شعوبهم وتدمير الحضارة كلها، وأن تلجم بحزم تواطؤهم الدموي ضد الشعب السوري ودولته السيدة.
جمعية "من أجل الاتحاد والحزب الشيوعي الاتحادي" (جمهورية بيلاروسيا)
مينسك. ١٤ أبريل ٢٠١٨.
ترجمة مشعل يسار