- تأهيل - الخطاب التحريفي


فؤاد النمري
2018 / 2 / 22 - 16:44     

"تأهيل" الخطاب التحريفي

يستوجبني الموضوع بداية أن أشجب بشدة مصادرة هيئة تحرير "الحوار المتمدن" لحق القراء في التعليق على المقالات المنشورة بحجة أن كاتب المقال هو من يطلب منع التعليق . بعد أن يُنشر المقال للعامة يصبح ملكية عامة لا سلطان لأحد عليه، لا للكاتب ولا للناشر . جميع الكتاب الذين يمنعون التعليق لا يكتبون إلا الهذر وهم يعلمون ذلك ولذلك يشترطون المنع والناشر يشاركهم في توكيد الهذر .
عبد الحسين شعبان كتب أمس بمناسبة إنقضاء مائتي عام على ولادة كارل ماركس , ومن باب التكريم لماركس نقل تمثاله للمتحف ليستريح هناك من كافة المهام التي تأبطها لقرنين طويلين ويبعد عنه شر المفترين علية وما زالوا يبحثون عن قضاياهم تحت أبط ماركس مثل حضرتي وأنا الماركسي البدوي العشائري . عبد الحسين شعبان يرفع عقيرته صائحاً يا أيها المفترون .. " ماركس ليس برموثيوس هذا العصر .. أن الزمن تجاوز الكثير من أحكامه واستنتاجاته .. إذا كان منهجه الجدلي صحيحاً، فليس جميع مقولاته صحيحة، وحتى لو كان بعضها صحيحاً، فإنها ليست صحيحة لعهدنا، خصوصاً في ظل الثورة العلمية- التقنية، أو أنها كانت صحيحة لذلك العهد، فإنها لا تصلح لعهدنا – وهكذا لم يبق عبد الحسين شيئاً صالحاً من ماركس !!

خطاب المحرفين هو نفس الخطاتب الذي يخطبه عبد الحسين شعيان حيث يبدؤون بالإدعاء أن بعض أقوال ماركس فاتها الزمن، وزاد عليهم السيد شعبان فادعى أن كل أقوال ماركس لم تعد صحيحة ؛ ويحاجج أن أحداً من العرب ومن العراقيين بشكل خاص لم يقرأ ماركس كما هو، ناسياً أو متناسيا أنه هو نفسه عراقي عربي ولي أن أدعي هنا وأنا الماركسي العشائري البدوي بأن العربي العراقي السيد شعبان لم يقرأ ماركس كما هو، ودلالتي القاطعة على ذلك هو أن السيد عبد الحسين شعبان يعتبر أزمة الرهن العقاري لعام 2008 في الولايات المتحدة هي أزمة النظام الرأسمالي مع أنها العكس تماماً، بل أن الولايات المتحدة لم تعد دولة رأسمالية منذ سبعينيات القرن الماضي كيما تكون أزمة الرهن العقاري في العام 2008 أزمة رأسمالية .

أنا أكتب هنا لأحذر القراء العرب، العراقيين وغير العراقيين، من قراءة عبد الحسين شعبان لأنه وبكل بساطة لا يحسن قراءة التاريخ إذ يقول فيما يقول .. "لاشكّ أن الذي مات هو النموذج أو الموديل السوفييتي، وقد أثبت فشله وعدم صلاحه وبالتالي انهياره "
في مؤتمر يالطا في فبراير شباط 1945 بدأ الحديث ونستون تشيرتشل، وهو من كان بصلي للرب حالما يفبق كل صباح كي يحفظ ستالين من كل مكروه لأنه الوحيد القادر على حفظ السلام في العالم، بدأ يقول .. الشعب في بريطانيا أخذ يميل إلى اليسار إعجاباً بكم ولذلك لن يعيدوا انتخابي رئيساً للوزراء " وعقب روزفلت بالتساؤل .. ألا يعجبكم هذا يا رفيق ستالين !؟ .. بل إن روزفلت نفسه مال إلى اليسار فكتب في ذكرته اليوية قبل أن يموت .. "سيبني ستالين وليس تشيرتشل عالماً يسوده السلام والديموقراطية" .
فيما بعد يالطا حبن كان النظام الإشتراكي يدهش العالم بإنجازاته احتل الاتحاد السوفياتي برلين وسحق هتلر غول الغرب الرأسمالي ورفع راية المنجل والشاكوش فوق رايخ هتلر الثالث . وانجز إعادة الإعمار في فترة قباسية كانت محل إعجاب غورباتشوف الشديد كما كتب في البريسترويكا وشرع في تنفيذ الخطة الخماسية الخامسة 1951-55 وكانت أضخم مشروع تنموي في تاريخ العالم والتي بسببها تم اغتيال ستالين في 28 فبراير شباط 1953 وكان الإتقلاب على الإشتراكية بقيادة العسكر ورجلهم في الحزب نيكيتا خروشتشوف . حقائق التاريخ تقول العكس تماماً مما يقوله عبد الحسين شعبان، تقول أن النجاحات الباهرة للإشتراكية السوفياتية هي ما استحضر إليها الإنقلاب . ولذلك قلنا أن شعبان لا يحسن قراءة التاريخ وحذرنا من قراءته .

في خطابه يفتتح الإجتماع التأسيسي للأممية الشيوعية (الكومنتيرن) في 6 مارس آذار 1919 أكد لينين نجاح الثورة الإشتراكية على الصعيد العالمي . الإنقلاب على الإشتراكية السوفياتية لم يبطل تأكيد لينين بل إن قيام الاتحاد السوفياتي بتحرير شعوب العالم من غول النازية ثم من عبودية الإمبريالية إنما هو تأكيد على تأكيد لينين .

وأخيراً أعيد التأكيد على أن عبد الحسين لم بقرأ ماركس كما هو وقد عزا تقادم الماركسية إلى الثورة التقنية الحديثة بينما كان ماركس قد تحدث في كتابه (رأس المال) عن التقدم التقني كعامل رئيسي في انهيار النظام الرأسمالي .

إكتشاف ماركس للقانون العام لحركة الطبيعة مكنه من قراءة التاريخ قراءة علمية بحيث يمكننا القول أن الماركسية إنما هي قراءة التاريخ قراءة علمية ولا يمكن وصف من يسيء قراءة التاريخ بأنه ماركسي . عبد الحسين لا يقرأ التاريخ في حقيقته وإلا لعرف لماذا دولار 2012 لا يساوي أكثر من سنتين من دولار 1970 .