سمير أمين يخون الإنسانية


سعيد زارا
2018 / 2 / 18 - 00:39     

إلغاء الخطة الخماسية الخامسة عام 1953 في الاتحاد السوفياتي كان اكبر مؤامرة على مصير البشرية التي كانت تتقدم بخطى حثيثة نحو الرقي في سلم الإنسانية عندما كانت قوى التقدم الشيوعية بقيادة البلاشفة تفكك الرأسمالية جزءا جزءا بعد أن كنست الرايخ الثالث النازي من على مسرح التاريخ. نقول ذلك بكل ثقة لان الخطة كانت تتعهد بنقل البلاد إلى عتبة الشيوعية و هو ما يعني أنها ستتجاوز مستوى إنتاج و مستوى رفاه الدول الرأسمالية بكثير، الشيء الذي كان سيزيد من ثقة البروليتاريا العالمية في المشروع اللينيني و بالتالي اللحاق به رغما عن انف القوى الرجعية و على رأسها البرجوازية الوضيعة.

نتج عن هذه المؤامرة التاريخية عدة مؤامرات أخرى قطعت الطريق على كل مراجعة أو تصحيح من طرف الشيوعيين الخلص و هو أقصى ما يمكن أن يبتغيه مجندو البورجوازية الوضيعة لأنهم لم و لن يستطيعوا إن يقطعوا الطريق على فعل قوانين تطور المجتمع التي ستنقل البشرية إلى الشيوعية -كما اكتشف ماركس و انجلز- و إن سخرت القوى الرجعية كل مكرها .

نتج عن إلغاء الخطة الخماسية إذن إلغاء دكتاتورية البروليتاريا في الاتحاد السوفياتي لتنتقل السلطة إلى العسكر و زمرته و هم من البورجوازية الوضيعة و نتج عن ذلك أيضا انصهار اللحمة العضوية التي كانت تجمع بين الثورة الاشتراكية السوفياتية و الثورة الوطنية في باقي الأطراف. و عن ذلك أيضا نتجت مؤامرة كبرى كانت وراء اكبر سرقة في التاريخ، إنها إعلان رامبوييه عندما لم يجد المجتمعون الخمس الكبار في ضواحي باريس عام 1975 أي إسعاف للرأسمالية التي أنهكت كل قواها في مقاومة الشيوعية.

الغريب هو ان معظم الشيوعيين لا يولون اهتماما لهذا الحدث و هو الغاء الخطة الخماسية الخامسة و ما نتج عنها و لكأن الخطة لم تتعهد بنقل جمهوريات الاتحاد السوفياتي الى عتبة الشيوعية. لم يجادلوا في الخطة و هل كانت فعلا ستنقل الاتحاد الى عتبة الشيوعية؟؟؟ مساءلة الخطة الخماسية الخامسة بمنهج ماركسي هي واجب الشيوعيين اليوم للتعرف على راهننا و هو الامر الغائب لدى عامة الشيوعيين و منهم سمير امين.

تنظيرات الدكتور سمير أمين يعتريها الكثير من الاختلال، فلا هي من صلب الماركسية كما يحب أن يراها أنصاره و لا هي تطوير لها كما يدعي ، و أكثر من ذلك فانه يخون الإنسانية و هو يغطي على اكبر مؤامرة العصر –إعلان رامبوييه-. ففي استجواب له نشر في الحوار المتمدن :"الرأسمالية شاخت و الحركات الاجتماعية قد تأتي بتقدميين أو فاشيين" ، قال :" تسمح الصين بتقويض النظام المالي المعولم .بل تمول تحطيمه الذاتي بتمويل العجز الأمريكي وتشيد بالتوازي أسواقا إقليمية حرة أو مستقلة من خلال "مجموعة شنغهاي" والتي تضم روسيا، لكن ضمنيا أيضا الهند وآسيا الجنوب الشرقي.في عهد كلينتون، ارتقب تقرير للأمن القومي الأمريكي حربا وقائية ضد الصين. ولمواجهة هذا اختار الصينيون المساهمة في الموت البطيء للولايات المتحدة الأمريكية بتمويل عجزها. سيكون الموت المفاجئ لوحش من هذا النوع خطيرا جدا."


كيف لسمير أمين أن يقول بان الصين تسمح بتقويض النظام المالي المعولم و هي تحتفظ بما يزيد عن تريليونين دولار من سندات الخزينة الأمريكية غير قابلة للتداول في السوق و لازالت تشتري منها أيضا. الصين بهذه العملية يا دكتور لا تقوض النظام المالي العالمي بل هي تمدد من عمره قدر الإمكان. الحزب الشيوعي الصيني اختار أن يمدد من عمر الدولار المتهاوي على حساب الطبقة العاملة في الصين. العمال الصينيون هم منتجو البضائع التي تكفل الدولار الامريكي. نذكر دكتورنا أن الصين قبلت بهذا النهج منذ زيارة نيكسون لها رفقة كيسنجر عام 1972 أي بعد انهيار الرأسمالية .

الحزب الشيوعي الصيني عبد الطريق للبورجوازية الوضيعة في القلاع الرأسمالية المنهارة أن تحكم قبضتها على السلطة و تكمل انحراف قاطرة التاريخ الذي بدأته البورجوازية الوضيعة في الاتحاد السوفياتي بعد إلغاء الخطة الخماسية الخامسة، مع العلم انه أول حزب شيوعي رصد انحراف خروتشوف، عبر قبوله بان يفعم الدولار الامريكي بعرق بروليتاريا الصين بعد أن لم تعد بروليتاريا أمريكا تنتج ما يكفي الأمريكان.

هل تساءل سمير أمين يوما ما لو طرحت الصين في السوق ما تملك من الدولارات ماذا يمكن أن يحصل "للوحش الامريكي"؟؟؟ أكيد أن دكتورنا يعرف حصيلة ذلك و إلا لما خلص إلى أن الموت المفاجئ لأمريكا سيكون خطيرا جدا.

الحزب الشيوعي الصيني لا يمول التحطيم الذاتي للنظام الدولي المعولم، كما يدعي دكتورنا "الأمين" الذي يبدي تعاطفا معه ، بتمويله العجز الامريكي بل بالعكس تماما انه يرغب في الإبقاء عليه لأنه يعي أن انهيار هذا "النظام" المالي سيجرف كل "نظم" البورجوازية الوضيعة في كل بقاع العالم إلى الانهيار و على رأسها الصين و آنذاك لن يبق للبشرية خيار أخر غير الإعداد للحياة الشيوعية التي يعاديها الحزب الشيوعي الصيني.