المركزيّة الديمقراطيّة و صراع الخطّين و الحفاظ على الطليعة على الطريق الثوريّ – مقتطف من - الديمقراطية : أكثر من أيّ زمن مضى بوسعنا و يجب علينا إنجاز أفضل من ذلك - تأليف بوب أفاكيان


شادي الشماوي
2018 / 1 / 30 - 01:22     



ماتت الشيوعية الزائفة ...

عاشت الشيوعية الحقيقية !

تأليف بوب أفاكيان

[ لتنزيل الكتاب بأكمله نسخة بى دى أف : مكتبة الحوار المتمدّن ]

https://www.4shared.com/office/TAHEVgGAca/__-______.html
الماويّة : نظريّة و ممارسة
عدد 28 / جويلية 2017

( ملاحظة : هذه الترجمة ليست رسميّة /This is not an official translation )
مقدّمة المترجم للكتاب 28 :
عنوان كتاب بوب أفاكيان الذى ترجمنا إلى العربيّة وننشر هنا هو" ماتت الشيوعيّة الزائفة...عاشت الشيوعيّة الحقيقيّة !" وهو ذات عنوان بيان شهير للحركة الأمميّة الثوريّة بصدد ما جدّ في أواخر ثمانينات القرن العشرين و بدايات تسعيناته في الإتّحاد السوفياتي و البلدان التي كانت تمثّل كتلته من تفكّك و تداعى و إنهيار . و الحركة الأمميّة الثوريّة وليدة الصراع بين الخطّين صلب الحركة الشيوعيّة العالميّة الذى خاضه ورثة ما سمّي بداية " فكر ماو تسى تونغ " و تاليا الماويّة ضد كلّ من التحريفيّة المعاصرة السوفياتيّة و التحريفيّة الصينيّة و التحريفيّة الألبانيّة أو الخوجيّة ، تنظيم عالمي لمجموعة كبيرة من الأحزاب و المنظّمات الماويّة أو الماركسيّة – اللينينيّة – الماويّة نشأ على أساس بيان الحركة الأممية الثوريّة لسنة 1984 الذى أردف لاحقا ، سنة 1993 ، ببيان " لتحي الماركسية - اللينينيّة - الماويّة " . و ظلّ هذا التنظيم العالميّ ينشط موحّدا إلى 2006 حيث حصل داخله إنشقاق أساسيّ كبير لعدّة أسباب أبرزها الإنحراف اليمينيّ ، التحريفيّ الإصلاحيّ للحزب الشيوعيّ النيبالي ( الماوي ) الذى أوقف حرب الشعب الماوية التي قادها لسنوات عشر و بدلا من إنجاز الثورة الديمقراطية الجديدة و تعبيد الطريق للثورة الإشتراكية بقيادة البروليتاريا و بالتالى تحطيم الدولة القائمة للطبقات الرجعيّة ، إنخرط في العمل في إطار الدولة الرجعيّة لإصلاحها . و قد سبق لنا و أن وثّقنا هذا الصراع داخل الحركة الأممية الثوريّة في كتابين تجدونهما بمكتبة الحوار المتمدّن و هما " الثورة الماويّة في النيبال و صراع الخطّين صلب الحركة الأمميّة الثوريّة " و " الماويّة تنقسم إلى إثنين ".
و بوب أفاكيان هو رئيس الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتّحدة الذى كان من أهمّ الفاعلين في تشكيل الحركة الأمميّة الثوريّة و في قيادتها لذلك لم يكن مفاجأ أن يحمل بيان تلك الحركة نفس عنوان كتاب أفاكيان كما لم يكن مفاجأ أن تروّج أحزاب و منظّمات تلك الحركة لهذا الكتاب عبر العالم قاطبة و كذلك لم يكن مفاجأ عدم نشر الجزء الثاني المعدّ في الأصل لهذا الكتاب مع الجزء الأوّل منه بل صدر في مجلّة الحركة الأمميّة الثوريّة ، " عالم نربحه " عدد 17 سنة 1992 ورابطه على الأنترنت هو : http://www.bannedthought.net/International/RIM/AWTW/1992-17/index.htm. و قد إنصبّ إهتمام المؤلّف في الجزء الذى نشر بالمجلّة إيّاها على نقد إنحراف يمينيّ ديمقراطيّ برجوازي ظهر صلب قيادة حزب من الأحزاب المنتمية إلى الحركة الأمميّة الثوريّة ونقصد الحزب الشيوعي الهندي ( الماركسي – اللينيني) لجنة إعادة التنظيم. و بعد بضعة سنوات ، في طبعة ثانية للكتاب ، وقع ضمّ الجزء المنشور بالمجلّة إلى بقيّة الكتاب . لذلك لم نترجم الكتاب كما صدر في طبعته الأولى فحسب بل أضفنا إليه النصّ الذى نشر في " عالم نربحه ".
و لئن إنكبّ بوب أفاكيان في الجزء المنشور في مجلّة الحركة الأمميّة الثوريّة بتسليط سياط النقد على ذلك التوجّه التحرفيّ الإصلاحي فإنّه في الجزء الذى صدر من البداية ككتاب قد إعتنى بالردّ على الهجوم الإيديولوجيّ على الشيوعيّة الحقيقيّة ، الشيوعيّة الثوريّة من قبل الممثّلين السياسيّين و الأدبيّين للبرجوازيّة الإمبرياليّة و بالأخصّ ما صرّح به جورج بوش و برجنسكي المستشار السامي في إدارته .
و ليست هذه هي المرّة الأولى التي ينبرى فيها بوب أفاكيان و حزبه للتصدّى للدفاع المستميت عن علم الشيوعية و التجارب الإشتراكيّة للبروليتاريا العالمية وتعرية التيّارات التحريفيّة و الإصلاحيّة فقد رأينا بوب أفاكيان يقارع التحريفيّة الصينيّة التي إستولت على السلطة في الصين إثر إنقلاب 1976 و حوّلت الصين الماويّة الإشتراكيّة إلى صين رأسماليّة ، في كتاب " المساهامات الخالدة لماو تسى تونغ " و رأينا الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتّحدة الأمريكيّة ، ينقد بصلابة الخوجيّة و يرفع راية الماويّة في كتابنا ، " الماويّة تدحض الخوجيّة و منذ 1979 " ، و رأينا هذا الحزب بقيادة بوب أفاكيان ، يفضح تحريفيّة و إصلاحيّة الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي ) في كتابنا " الثورة الماويّة في النيبال وصراع الخطّين صلب الحركة الأمميّة الثوريّة " ) و ألفيناه أيضا يواجه دغمائيّة بعض الأحزاب و المنظّمات التي كانت منتمية إلى الحركة الأممية الثورية من أفغانستان و الهند و إيطاليا و غيرها و معارضتها التعاطى مع الشيوعيّة كعلم و تطوير الماويّة تطويرا ثوريّا في كتابينا " الماويّة تنقسم إلى إثنين " و " آجيث صورة لبقايا الماضى " . و لتكوين فكرة عن الخلاصة الجديدة للشيوعيّة أو الشيوعيّة الجديدة التي يعتبر بوب أفاكيان مهندسها و التي يمكن أن تعدّ مزيجا من الدفاع عن المبادئ الشيوعيّة الصحيحة و مكاسب التجارب الإشتراكية من ناحية و نقد لبعض الإنحرافات و الأخطاء و تطويرثوريّ للماويّة أو الماركسيّة – اللينينيّة – الماويّة لجعلها أرسخ علميّا و أقدر على قيادة المرحلة أو الموجة الجديدة للثورة الشيوعية العالميّة من ناحية ثانية ، نقترح على القرّاء الغوص في كتابنا – المتوفّر هو و بقيّة الكتب الآنف ذكرها بمكتبة الحوار المتمدّن – " عن بوب أفاكيان و أهمّية الخلاصة الجديدة للشيوعية – تحدّث قادة من الحزب الشيوعيّ الثوريّ ، الولايات المتّحدة الأمريكيّة ".
و قد ينبرى أحدهم ليثير سؤال : ما علاقة كتاب " ماتت الشيوعيّة الزائفة ... عاشت الشيوعيّة الحقيقيّة ! " بمجريات أحداث الصراع الطبقيّ و الصراع الإيديولوجي تحديدا الآن و هنا ، بعد ما يناهز الثلاثة عقود من صدور ذلك الكتاب ؟ و الجواب في غاية البساطة : المسائل المطروحة و المناقشة مسائل ما إنفكّت تطرح على بساط البحث إلى اليوم في صفوف فرق اليسار عربيّا فضلا عن كون الهجوم الإيديولوجيّ على الشيوعيّة الحقيقيّة ، الشيوعيّة الثوريّة ما لقي تصدّيا كما يجب كمّا و نوعا من الشيوعيّين و الشيوعيّات في البلدان العربيّة و ما زلنا إلى اليوم نعانى أيّة معاناة من تبعات ذلك . و حتّى عالميّا ، لا تزال أفكار هذا الكتاب ليس صالحة و حسب بل تنبض حياة و على سبيل المثال سيتفطّن دارس الخطّ التحريفيّ الإصلاحيّ للحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي) منذ 2006 و دارس نقد أفاكيان للحزب الهنديّ في الجزء الثاني من هذا الكتاب تقاطعا إلى درجة كبيرة بين أطروحات الحزبين المنحرفين و بالتالى بالإمكان إستغلال حجج أفاكيان في هذا المصنّف للردّ عليهما معا و حتّى على أشباههما ممّن صاروا من أنصار الديمقراطيّة البرجوازيّة المغلّفة بغلاف شيوعيّ في الكثير من بلدان العالم و على النطاق العربيّ أيضا .
و وحده من يسلك سياسة النعامة و يدفن رأسه في الرمل بوسعه إنكار ضرورة الفرز اليوم بين الشيوعيّة الزائفة أي التحريفيّة و الإصلاحيّة السائدتين داخل الحركة الشيوعيّة العربيّة من جهة و الشيوعيّة الحقيقيّة ، الشيوعيّة الثوريّة من الجهة الأخرى سيما و انّ التحريفيّة و الإصلاحيّة قد نخرا و لا يزالان أجسام حتّى القلّة القليلة الباقية من المنظّمات الشيوعيّة الثوريّة أو التي تدّعى ذلك ، و قد سمّما أفكار الشيوعيّات و الشيوعيّين و حوّلا تلك المنظّمات و أولئك الأشخاص إلى ديمقراطيّين برجوازيّين أو قوميّين شوفينيّين لا غير .
و من هنا يندرج عملنا هذا ضمن توضيح و مزيد توضيح خطوط التمايز بين علم الشيوعيّة كسلاح جبّار من أجل الثورة الشيوعيّة العالميّة من ناحية و الصورة المحرّفة و المشوّهة له التي يقدّمها التحريفيّون و الإصلاحيّون من الناحية الأخرى. غاية عملنا إذن هي مساهمة أخرى تنضاف إلى مساهماتنا السابقة في ممارسة الماركسيّة و نبذ التحريفيّة كما أوصانا ماو تسى تونغ . و يكفى إلقاء نظرة على مضامين هذا الكتاب الذى نضع بين أيديكم للتأكّد من مدى أهمّية و صحّة هذا و لا ظلّ للشكّ في أنّ دراسة القضايا المناقشة في هذا الكتاب ستساعف على كشف حقائق في منتهى الأهميّة و الدلالة و رفع الوعي الشيوعيّ الحقيقيّ و نشره في مجابهة أعداء الشيوعيّة و مزيّفيها . و بطبيعة الحال ، ينبغي عدم نسيان إعمال سلاح النقد و قراءة الكتاب قراءة نقديّة في علاقة بواقع أيّام كتابته و أيّامنا هذه و لما لا صياغة ملاحظات نقديّة تفيد في الجدالات و الصراعات في سبيل تطوير فهم علم الثورة البروليتاريّة العالميّة و تطبيقه من أجل تغيير العالم تغييرا شيوعيّا ثوريّا و تحرير الإنسانيّة من كافة أنواع الإستغلال و الإضطهاد.
و محتويات العدد 28 من " الماويّة : نظريّة و ممارسة " ، فضلا عن مقدّمة المترجم :
ماتت الشيوعية الزائفة ... عاشت الشيوعية الحقيقية !

مقدمة الناشر :
تمهيد :
موت الشيوعيّة و مستقبل الشيوعيّة
القمم الثلاث
1 / ماركس :
أ- المادية التاريخية هي الجانب الجوهريّ فى الماركسية :
ب- السرّ القذر للإستغلال الرأسمالي :
2 / لينين :
أ - الإقتصاد السياسي للإمبريالية :
ب- الحزب البروليتاري الطليعي :
ت- تطوّر الثورة البروليتاريّة العالميّة كسيرورة ثوريّة عالميّة :
3 / ماو تسى تونغ :
أ- نظرية و إسترتيجيا ثورة الديمقراطيّة الجديدة :
ب- مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتوريّة البروليتاريا :
4/ الماركسية - اللينينية - الماوية : توليف كلّي القدرة لأنّه صحيح

الجزء الأوّل
الهجوم الراهن ضد الماركسيّة : المراوغات و الردود
1/ أسطورة الأسواق الحرّة فى مقابل الإشتراكية الحقيقية :
2/ بصدد البرجوازية و " الطبيعة الإنسانية " و الدين : الردّ الماركسي :

3/ مرّة أخرى حول الإقتصاد البرجوازيّ و خلط البرجوازيّة للأمور:

4/ من يدافع حقا عن التحرر الوطنيّ و ما هو مفهوم الأمميّة :

5/ دكتاتورية البروليتاريا : ألف مرّة أكثر ديمقراطيّة ... بالنسبة للجماهير :

6/ الشيوعيّة ليست " طغيانا طوباويّا " بل هدفا قابلا للتحقيق و هدفا تحرّريا :

7/ " الماديّة التاريخيّة " الميكانيكيّة و الماديّة التاريخيّة الجدليّة :
الجزء الثاني
مرّة أخرى حول التجربة التاريخيّة للثورة البروليتاريّة – مرّة أخرى حول كسب العالم

1/ مسألة قوى الإنتاج :

2/ تقدّم الثورة العالميّة و تعزيزها :

3/ الثورة البروليتاريّة و الأمميّة : القاعدة الإجتماعيّة :

القيام بالثورة و دفع الإنتاج
1/ تحويل العلاقات بين الناس و تحويل الملكيّة :

2/ المساواة و الوفرة العامة فى ظلّ الإشتراكيّة :

3/ ماذا يعنى أن تكون الجماهير سيّدة المجتمع ؟

4/ البناء الإشتراكيّ فى الإطار العالميّ :

خاتمة
1/ المواجهة الإيديولوجيّة :

2/ نظرتان إلى العالم ، رؤيتان متناقضتان للحرّية :

3/ أبعد من الحقّ البرجوازيّ :

4/ التكنولوجيا و الإيديولوجيا :

5/ تغيير المجتمع و تغيير " طبيعة الإنسان " :

6/ الماديّة التاريخيّة و تقدّم التاريخ :

-------------------------------------------------------------------------------------
الديمقراطية :
أكثر من أيّ زمن مضى بوسعنا و يجب علينا إنجاز أفضل من ذلك
مقدّمة :
1 / بصدد الأحداث الأخيرة بالكتلة السوفياتية السابقة و بالصين

2/ أفق كمونة باريس : الثورتان البلشفيّة و الصينيّة كإمتداد و تعميق لها :

3 / ممارسة السلطة فى المجتمع الإشتراكيّ : القيادة و الجماهير و دكتاتوريّة البروليتاريا :

4/ الصراع الطبقيّ فى ظلّ الإشتراكيّة و أشكال الحكم الجماهيريّ :

5 / مشكلة البيروقراطيّة و دور الحزب و هياكل الدولة فى ظلّ الإشتراكيّة :

6/ تصفية التحليل الطبقيّ بإسم معارضة " الإختزاليّة الطبقيّة " :

7 / تقييم التجربة التاريخيّة :

8/ المركزيّة و اللامركزيّة و إضمحلال الدولة :

9/ إن لم تكن الطليعة هي التى تقود فمن سيقود ؟

10/ أيّ نوع من الحزب ، أيّ نوع من الثورة ؟

11 / النموذج الإنتخابيّ البرجوازيّ مقابل قيادة الجماهير لإعادة صياغة العالم :

12 / المركزيّة الديمقراطيّة و صراع الخطّين و الحفاظ على الطليعة على الطريق الثوريّ :

خاتمة : رفع التحدّى أم التنكّر للثورة ؟
ملحق " الديمقراطية :
أكثر من أيّ زمن مضى بوسعنا و يجب علينا إنجاز أفضل من ذلك "
حول الديمقراطة البروليتارية

( اللجنة المركزية لإعادة تنظيم الحزب الشيوعي الهندي ( الماركسيّ – اللينينيّ) )
1 / المقدّمة :

2/ دكتاتوريّة البروليتاريا :

3- ماركس و كمونة باريس :

4/ لينين و سلطة الدولة البروليتارية :

5 / السوفياتات و ممارسة دكتاتورية البروليتاريا :

6/ نقد وجّهته روزا لكسمبورغ :

7/ ماو و الدولة الديمقراطيّة الجديدة و الثورة الثقافيّة :

8/ الخطأ الأساسيّ :

9/ الدكتاتوريّة البرجوازيّة و الديمقراطيّة البروليتاريّة :

10/ الحاجة إلى توجّه جديد:

11 / دور الحزب الشيوعيّ و عمله :

12 / حلّ لغز الحزب الشيوعيّ :

13 / بعض المسائل الإضافيّة :

14 / الخاتمة :

---------------------------------------------------------------------------------------
ملحق الكتاب
فهارس كتب شادي الشماوي
++++++++++++++++++++++++++++++
12 / المركزيّة الديمقراطيّة و صراع الخطّين و الحفاظ على الطليعة على الطريق الثوريّ :

تتقدّم وثيقة اللجنة فى نقاشها حول الحزب متبنّية " مبدأ المركزيّة الديمقراطيّة " الذى طوّره لينين و طبّقه " كمبدأ تنظيميّ للأحزاب الشيوعيّة ". (فقرة 11-2) و تدافع عن المركزيّة الديمقراطيّة ، نظريّا ، من جهة ، غير أنّها ، من جهة أخرى، تتقدّم لتجادل بأنّ تنفيذه عمليّا صار ، فى آخر الأمر ، نزعة مغالاة فى التوكيد على المركزيّة بالفعل لإقصاء الديمقراطيّة ( كان هذا هو الحال ، تبعا للوثيقة ، خاصة إثر حظر الكتل فى الحزب البلشفيّ و ثمّ بات هذا مبدأ تبنّته عامة الأحزاب الشيوعيّة ) . و لم يجد هذا تعبيرا نظريّا عنه فى " المفهوم العام للحزب الشيوعيّ ذى الوحدة الصمّاء الذى قدّمه ستالين و الذى ترسّخ أثناء كلّ فترة الكومنترن و بعدها " ( فقرة 11-4) فقط و إنّما حتّى " محاولات ماو تطوير صراع الخطّين داخل الحزب " التى تعدّ " خطوة نحو إعادة تركيز أسلوب عمل المركزيّة الديمقراطيّة التى مارسها لينين بطريقة منهجيّة أكثر " لم تحدث فعليّا أي تحسّن جوهريّ لأنّ ماو لم يقطع مع التوجّه المحدّد ، أوّلا ، مع حظر الكتل و ثمّ مع التجربة العامة لقيادة ستالين للإتّحاد السوفياتيّ و للكومنترن . هكذا واقعيّا ، لم يقطع صراع الخطّين إلخ إلآ بعض الخطوات الصغيرة فى التصحيح داخل الإطار العام المركّز قبلا ". ( فقرة 11-5) و معارضة هذا ، تحاجج وثيقة اللجنة أنّ من الضروريّ " إعادة تفحّص شامل لمفهوم الحزب و دوره فى السيرورة التاريخيّة لبناء الإشتراكيّة و الشيوعيّة " .( فقرة 11-7)

لقد رأينا بعدُ إلى مدى هام النظرية الأساسيّة لوثيقة اللجنة التى هي نظريّة مفهوم الحزب و دوره لكن يجدر بنا أن نبحث كيف أنّ هذه الوثيقة و تحت عنوان " حلّ لغز الحزب الشيوعيّ " تتقدّم بخطّ نسبيّ و براغماتيّ " حيال هذه المسألة . يبدأ هذا بموقف أنّ " دور الحزب الشيوعيّ كطليعة البروليتاريا ينبغى أن يخضع للإختبار و التدليل عليه فى مضمار سيرورة التاريخ " و أنّ الحزب الشيوعيّ فقط عندما " يدرك أنّه دائما موضوع إختبار الواقع التاريخيّ ، بإمكانه أن يصل إلى تعقيدات الواقع ثمّ بإمكانه أن يدرك أنه لا يخضع لأيّة سلطة إلاّ سلطة الطبقة العاملة و الشعب أو سلطة التاريخ " (فقرة 12-1) . و تتمادى الوثيقة فى نقاش " الفرق بين حزب يقود الثورة لإفتكاك السلطة و حزب يحتكر السلطة " : فى الحال الأولى " يفرض الإطار عينه على الحزب أن يكون ناقدا لذاته و أن يصحّح خطّه و ممارسته و يطوّرهما بإستمرار بغية تعبئة الجماهير لأجل الثورة " بينما " فى الحال الثاني ، يعمل ضغط الظروف فى الإتّجاه المعاكس " .(فقرة 12-1)

لمست وثيقة اللجنة بعض المسائل الحقيقيّة و العميقة هنا ، و يمكن أن يبدو أنّها عالجتها بطريقة صحيحة ، جدليّة إلاّ أنّه ، لسوء الحظّ ، مرّة أخرى ، ليس الأمر كذلك . قبل كلّ شيء ، ينبغى الإشارة إلى أنّه بينما يواجه حزب ليس فى السلطة الحاجة إلى أن يكون ناقدا ذاتيّا لنفسه و أن يطبّق الخطّ الجماهيريّ و بذلك يطوّر بإستمرار خطّه و قدرته " على تعبئة الجماهير لأجل الثورة " ، فإنّ هذا سيعبّر عن نفسه كإلزام للحزب فقط طالما يبقى حزبا ثوريّا ، فقط طالما يبقى على نهج قيادة الجماهير من أجل الإطاحة بالنظام القديم و التقدّم بالنضال نحو هدف الشيوعيّة . بصيغة أخرى ، عند أيّة نقطة يمكن للحزب ، عوض إستخدام النقد الذاتيّ و تلخيص خطّه و ممارسته بصورة نقديّة و تطويرهما فى نهج ثوريّ أكثر ، يمكن له أن يقوم بالعكس بالضبط ، يمكن له التخلّى عن الطريق الثوريّ و بذلك يلغى الحاجة إلى النقد الذاتيّ و التصحيح بصفة مستمرّة لخطّه و ممارسته و تطوّرهما بغية تعبئة الجماهير من أجل الثورة ؟

و من العسير قول إنّ هذا نقطة تافهة أو صغيرة . فقد أهملت وثيقة اللجنة هنا الضغوطات الحقيقيّة جدّا و القويّة التى تمارس على الأحزاب التى تواجه مهمّة قيادة النضال فى سبيل الإطاحة بالنظام القديم ، وهي ضغوطات تدفع للتخلّى عن ذلك النضال و للإنحطاط إلى أحزاب تحريفيّة و إصلاحيّة . و تدلّ التجربة التاريخيّة على أنّ مقاومة هذه الضغوطات و البقاء على الطريق الثوريّ أمر صعب للغاية و يقتضى نضالا شاقا.

هذا من ناحية و من ناحية أخرى ، بالنسبة للأحزاب فى السلطة ، بينما من الصحيح أنّ هنالك ضغط حقيقيّ فى الإتّجاه الذى تشير إليه وثيقة اللجنة ( فى إتّجاه عدم التطبيق النظاميّ للخطّ الجماهيريّ و عدم التلخيص النقديّ للخطّ و الممارسة ) ليس الأمر أنّ مثل هذه الأحزاب تنزع تقريبا إلى الإنحطاط حالما تصل إلى السلطة ( و خاصة إذا كانت " تحتكر السلطة " كما تضع ذلك وثيقة اللجنة ) . فى هذه الحال أو تلك ، ما تسقطه وثيقة اللجنة من المعادلة ( أو على الأقلّ ، تخفق فى التركيز عليه كأمر حاسم ) هو تحديدا الصراع الإيديولوجيّ داخل الحزب حول المسائل المحوريّة للخطّ ، ومنها بصفة جوهريّة أكثر ، مسألة الهدف النهائيّ الذى يصبو إليه الحزب و التى يجب بالفعل أن تحدّد غايته نفسها كحزب ، و كيف يمكن لأهداف الحزب و سياساته الأكثر راهنيّة أن ترتبط بالهدف النهائيّ و تخدمه ؟

من الصعب أن تكون مسألة عرضيّة مسألة أنّ تحطّ وثيقة اللجنة من أهمّية صراع الخطّين فى صفوف الحزب ، معلنة أنّ أعظم مساهمة لماو محدودة و ناقصة . حقّا ، بالتأكيد على الأهمّية الحاسمة للصراع فى صفوف الحزب بين الخطّين الماركسيّ و التحريفيّ ( و الطريقين الإشتراكيّ و الرأسماليّ ) ، أشار ماو إلى وسيلة مفتاح للكفاح ضد نزعة الحزب لا سيما الحزب فى السلطة ، إلى الإنحطاط إلى حزب تحريفيّ . و جزء من الأساس الذى بني عليه ماو مساهمته هذه كان تحديدا نقده للفهم غير الجدليّ " للحزب ذى الوحدة الصمّاء " ( مثلا ، تعليق ماو بأنّ " الحديث طوال الوقت عن الوحدة الصمّاء و عدم الحديث عن الصراع ليس ماركسية - لينينية " ( إستوارد شرام ، " ماو يتحدّث إلى الشعب " صفحة 101 ، نشر الصحافة الجامعية الفرنسية ، سنة 1977).

و أقرّ ماو بأنّه ، موضوعيّا ، ستوجد نزعات مختلفة داخل الحزب ( عاكسة القوى المختلفة و فى الأخير ، المصالح الطبقيّة المختلفة ) و داخل المجتمع ككلّ و أنّ وحدة الحزب لا يمكن أن تكون إلاّ نسبيّة و ليست مطلقة و لن تكون ساكنة بل ديناميكيّة تتطوّر عبر سيرورة من وحدة – صراع – وحدة . لكن ما يجب إدراكه بالأساس ( و ما يبيّن الإختلاف الأساسيّ بين خطّ ماو و خطّ وثيقة اللجنة ) هو أنّ ماو لم يضع ضرورة الصراع داخل الحزب ضد حاجة الحزب لأن يكون متّحدا بصرامة حول خطّ واحد و على أساس من ذلك ، ينهض بالدور القياديّ ( المؤسّساتيّ ) فى المجتمع الإشتراكيّ إلى أن يتمّ تحقيق الشيوعيّة . (24)

لم يفحص قضيّة الصراع فى صفوف الحزب من وجهة نظر الكتلويّة البرجوازيّة أو الفوضويّة البرجوازيّة الصغيرة . إنّه أقرّ بأنّ فى المجتمع المتميّز بالتناقض الطبقيّ و الصراع الطبقيّ ستعنى التكتّلات المنظّمة داخل الحزب حتما الكتلويّة البرجوازيّة . فمثل هذه الكتل ستمزّق ليس وحدة نشاط الحزب فحسب و إنّما أيضا ( وما هو أساسيّ فى القدرة على قيادتها ) قدرته على التعلّم منها . و التكتّلات لا تكسر سلسلة سلطة الحزب فحسب بل تكسر كذلك و حتّى بأكثر جوهريّة سلسلة معرفته أي تدفّق الأفكار من الجماهير ، من خلال المستويات القاعديّة للحزب ، إلى قيادة الحزب . بإختصار ، إنّها تحطّم قدرة الحزب على الإضطلاع بدوره كطليعة للبرولتاريا فى نضالها الثوريّ قبل إفتكاك السلطة و بعده .
و كلّ هذا يُفسّر لماذا فى حين كان ماو يُشدّد على الحاجة إلى صراع الخطّين داخل الحزب و أهمّيته الحاسمة ، كان يؤكّد على مبادئ ثلاث : مارسوا الماركسيّة ،لا التحريفيّة ؛ و إعملوا من أجل الوحدة ،لا من أجل الإنشقاق ؛ و كونوا صرحاء و لا تكيدوا و لا تتآمروا . و عليه أكّد ماو على أنّه بينما من اللازم تثوير الحزب الشيوعيّ ذاته بإستمرار ، فى الوقت نفسه، على الحزب أن يمارس القيادة فى كلّ شيء.

و يهدف خطّ ماو إلى الإبقاء على الحزب على الطريق الثوريّ و دعم دوره كطليعة ثوريّة . و فى تعارض مع هذا ، سيحوّل خطّ اللجنة الحزب إلى حزب إصلاحيّ ، حزب غائص فى وحل النسبيّة و متذيّلا للجماهير و مكيّفا خطّه ليُأقلم المبدأ مع الظروف الآنيّة . و ينكشف هذا من موقف وثيقة اللجنة القائل بأنّ " المصلحة الطبقيّة البروليتاريّة ذاتها ، فى ظرف معيّن ، نسبيّة جدّا ، ومتغيّرة تبعا للواقع المتغيّر ، مع أنّ المصلحة النهائية للطبقة العاملة ، مصلحة بناء الشيوعيّة، تظلّ هدفا بعيد المدى ". (فقرة 12-1) و هذا خاطئ بالأساس فالمصلحة الطبقيّة البروليتارية لا تتغيّر على النحو الذى تقدّمه اللجنة فيمكن لتكتيكات خصوصيّة أو حتّى إستراتيجيّات و سياسات خصوصيّة و حتّى برامج أن تتغيّر على هذا النحو بيد أنّ المصلحة الطبقيّة للبروليتاريا لا تتغيّر.

يمكن للإختلاف هنا أن يبدو مجرّد إختلاف فى دلالة لفظ ( بما اّن الوثيقة تقول إنّ " الشيوعيّة تظلّ هدفا بعيد المدى " ) غير أنّه بفصل هذا الهدف البعيد المدى عن " المصلحة الطبقيّة البروليتارية ذاتها ، فى ظرف معيّن " و إعلان أنّ الأخيرة " نسبيّة جدّا " تفتح وثيقة اللجنة الباب على مصراعيه أمام السماح بأن يكون أيّ شيء ( ايّة سياسة خصوصية إلخ ) من مصلحة البروليتاريا طالما يصاحب بموقف عام حيال الهدف النهائيّ ، الشيوعيّة . صياغة وثيقة اللجنة الخاصة بالمصلحة الطبقيّة هي صياغة " إثنين فى واحد "إذ أنّها تمزج بصورة إنتقائيّة المصلحة الطبقيّة للبروليتاريا مع السياسات الخصوصيّة إلخ فى أيّ وقت معيّن . الفهم الصحيح ، الجدليّ هو أنّ المصلحة الطبقيّة للبروليتاريا لا تتغيّر ، بل يمكن أن تعبّر عن ذاتها ، فى أيّ وقت معيّن ، فى سياسات خصوصيّة إلخ يمكن أن تتبدّل و تتبدّل فعلا .

المسألة ، من جديد ، هي أنّ ، فى وقت معيّن و فى كلّ الأوقات ، كلّ شيء ( كلّ السياسات و البرامج و الإستراتيجيات و التكتيكات ) ينبغى أن يتماشى مع الهدف النهائيّ ، الشيوعيّة كمبدأ رائد و ينبغى أن يعمل ( ليس لفظيّا فقط ، بل فعليّا ) كجزء من الجسر المؤدّى من الحاضر إلى المستقبل الشيوعيّ . ثمّة تماثل أساسيّ بين مصالح البروليتاريا عند أيّة نقطة معيّنة و مصالحها العامة فى تحقيق الشيوعيّة و ينبغى أن ينعكس هذا التماثل فى الوحدة بين سياسات الحزب فى أيّ وقت معيّن و الخطّ الأساسيّ للتقدّم بالنضال الثوريّ فى سبيل تحقيق الشيوعيّة . هذه الوحدة هي التى تكسرها وثيقة اللجنة بإنتقائيّتها و نسبيّتها و براغماتيّتها .

و بحكم نظرتها العامة ، لا نستغرب من وثيقة اللجنة أن ترى الحاجة إلى حزب شيوعيّ مبادئه التنظيميّة تنسجم مع الأهداف الثوريّة و الإيديولوجيّة الثوريّة و يعبّر عنها و تسمح للحزب بالإضطلاع بدوره الطليعيّ من خلال النضال الطويل و غير المسبوق ضد عدوّ طبقيّ قويّ و يائس ، عدوّ يصير يأسه و تصميمه على إلحاق الهزيمة بالثورة البروليتاريّة حتّى أكبر عندما يكون قد تمّت الإطاحة به و يمكن له أن يدرك خطر إضمحلاله التاريخيّ . الحزب الذى تتصوّره وثيقة اللجنة "منزوع اللغز" بقدر ما هو " منزوع الثوريّة " . و هذا يتطابق مع المفهوم غير الثوريّ و الإشتراكيّ الديمقراطيّ " للإشتراكيّة و الشيوعيّة " الذى و للأسف ، يميّز وثيقة اللجنة من البداية إلى النهاية .

---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------