دون كيشوت و مرض الإسقاط


عبد الحسين سلمان
2018 / 1 / 19 - 22:06     

دون كيشوت و مرض الإسقاط

Reading made Don Quixote a gentleman, but believing what he read made him mad...............George Bernard Shaw..

القراءة جعلت من دون كيشوت رجلاً نبيلاً ، لكن تصديق ما قرأه جعله مجنوناً ..جورج برنارد شو


نشر السيد فؤاد النمري مقالاً بعنوان : تفكيك الستالينية.
وفي المقال , وصلت الامور الى الحد الذي لا يحتمل السكوت. وكما قالت العرب: : بَلَغَ السَّيْلُ الزُّبَى

أولاً:
1. لا تُكتب .. Destalinization, هكذا.
هذا خطأ كبير في اللغة الانكليزية , بل تُكتب على النحو التالي:
De-Stalinization , بوجود فاصلة بين De و Stalinization

2. De هي بادئة معناها:
a) ينقض
b) العكس, النقيض
c) ينُزع من
d) يخلع عن
e) ينقص
f) يخفض
g) اِجْتِثَاثُ

لذلك الترجمة الصحيحة لكلمة De-Stalinization هي : اِجْتِثَاثُ الستالينية.

3. تفكيك : في لسان العرب, هي من فك: يقال فَكَكْتُ الشيء فانْفَكَّ بمنزلة الكتاب المختوم تَفُكُّ خاتَمه كما تَفُكُّ الحَنَكيْنِ تَفْصِل بينهما .
وفَكَكْتُ الشيء : خَلَّصْته .
وكل مشتبكين فصلتهما فقد فَكَكْتَهما ، وكذلك التَّفْكِيك.

4. إما التفكيك في الوقت المعاصر , فإصلها فرنسي من Déconstruction ,وهي منهج نقدي, أسسه الفيلسوف الفرنسي جاك ديريدا ( 1930-2004 ), وتعني:
منهاج أدبي نقدي ومذهب فلسفي معاصران ينحوان إلى القول باستحالة الوصول إلى فهم متكامل أو على الأقل متماسك للنص أيا كان، فعملية القراءة والتفسير هي عملية اصطناعية محضة يؤديها و يقوم بها القاريء الذي يقوم بالتفسير. بالتالي يستحيل وجود نص رسالة واحدة متماسكة ومتجانسة.
وتستخدم التفكيكية (( للدلالة على نمط من قراءة النصوص بنسف ادعاها المتضمن أنها تمتلك أساسا كافيا في النظام اللغوي الذي نستعمله ، كي تُثبت بنيتها ووحدتها ومعانيها المحددة)). وأي مناقشة للتفكيك لابد أن تبدأ بالقارئ، وتجربته التي لا يوجد قبلها شيء . فهو يفكك النص ويعيد بناءه وفقا لآليات تفكيره. أي يعتمد على آليات الهدم والبناء من خلال القراءة...... لمنهج التفكيكي بين النظرية و التطبيق". محمد يوب.


ثانياً:
يصف السيد النمري , كل من الدكتور حسين علوان حسين و الدكتور طلال الربيعي , بوصف : المجندين.
وهذا وصف غير لائق آدبياً و أخلاقيا و قانونياً , بحق زملاء يكتبون في صفحات الحوار المتمدن, ويعبرون عن أرائهم و ما يعتقدون بها.

ثالثاً:
يقول السيد النمري :
شبح ستاين لا يموت وهو ذات الشبح الذي رآه ماركس وإنجلز يحوم في سماء أوروبا بل هو اليوم يحوم في سماء العالم......الخ

كتب ماركس و إنجلز في مقدمة الطبعة الالمانية الثانية من البيان الشيوعي 1872 ما يلي:
das "Manifest" ist ein geschichtliches Dokument, an dem zu ändern wir uns nicht mehr das Recht zuschreiben

وفي الانكليزية :
the Manifesto has become a historical document which we have no longer any right to alter

أن البيان وثيقة تاريخية لم يُعد يحق لنا تعديلها....

يكتب ماركس و إنجلز, انه لم يعد لهم الحق في تعديلها , وهما من كتبا البيان .

إن شبحاً يرعب اوروبا , هو شبح الشيوعية, هكذا كتب ماركس و إنجلز .
إما فؤاد النمري , فيكتب: شبح ستاين لا يموت وهو ذات الشبح الذي رآه ماركس وإنجلز يحوم في سماء أوروبا

وهكذا يأتي فؤاد النمري بعد 140 سنة , ويحرف البيان الشيوعي و يستبدل , كلمة شيوعية Kommunismus, بأسم ستالين .
وحتى لو كان ستالين شيوعياً !!, فان الشيوعية في البيان الشيوعي هي نمط إنتاج , mode of production , و الإ , قال ماركس: إن شبحاً يرعب اوروبا , هو شبح ماركس, بدلاً من , شبحاً يرعب اوروبا , هو شبح الشيوعية

رابعاً:
وبدون واخز ضمير , يكتب فؤاد النمري:
قد تموت سوريا لكن شبح ستالين لا يموت....الخ

ان شبح ستالين بعرف الكاتب اهم من كل سوريا وشعبها. بجَرَّةٌ قلم : قد تموت سوريا , قد يموت 15 مليون سوري , لكن شبح ستالين لا يموت. إبادة شعب بالكامل , مقابل شبح ستالين.

هل هذه زلة لسان ؟
أنا اعتقد هذه إِهانة: للشعب السوري .

كتب الدكتور طلال الربيعي , عن هذه الفقرة:
ان اسقاط هؤلاء فاشيتهم على الآخرين هو خدعة نفسيىة معروفة في الطب النفسي وتسمى بالضبط الاسقاط projection...


خامساً :
ويقول فؤاد النمري:
وفي وقت قريب سيعود الشيوعيون البلاشفة تلامذة لينين وستالين يحكمون العالم ويصممون الأسس الي تقوم عليها الحياة الشيوعية في جميع مناحي العالم......الخ

ليس لنا من تعليق سوى ان نذكر ما قاله الروائي المكسيكي Carlos Fuentes:
دون كيشوت من كثرة قراءاته في كتب الفروسية كاد يفقد عقله وينقطع ما بينه وبين الحياة الواقعية ثم يبلغ به الهوس حدا يجعله بفكر في أن يعيد دور الفرسان الجوالين وذلك بمحاكاتهم والسير على نهجهم حين يضربون في الأرض ويخرجون لكي ينشروا العدل وينصروا الضعفاء، ويدافعوا عن الأرامل واليتامى والمساكين. أُتخم من قراءة نصوصٍ قديمة عفنة، فينطلق ليسن قوانين الفروسية من جديد ، ليدافع عن العدالة والحب في عالمٍ آثم. يقاتل طواحين الهواء، النعاج وبنات صاحب الخان.