المِلْيُونِير الشّيُوعِيّ - Lasse Diding-


محمد الأشقر
2018 / 1 / 7 - 21:44     

خِلَالَ مُشَاهَدَتِي فِيلْمًا وَثَائقياً يتناول مئوية الثورة الاشتراكية فى روسيا ، جذب انتباهى أحد الضيوف الذى يتم تقديمه عبر شريط الشاشة تحت اِسْم"لاسيه ديدينج" (المليونير الشيوعى) ، لَمْ يُتِحْ لِّى الفِيلْمَ الوُقُوف عَلَى تمام مَرَامِيهُ وَخَوَافِيه ، فالفيلم عبارة عن عرض بانورامى يتحدث فيه العديد من الشخصيات ، الأمر الذى أثار فضولى لمعرفة هذا الشخص الذى لم أسمع عنه من قبل .
تواصلت مع صديق يقيم فى السويد لإفادتى ببعض المعلومات عن الرجل ، لآن المصادر عنه شحيحة فى اللغات غير السويدية ، بعد حصولى على المعلومات ، وجدت معلومة تُفِيدُ بِأَن المليونير الشيوعى يعمل على مشروع جائزة دولية تحمل اِسْمَ الزعيم الماركسى "لينين" سيتم منحها للمناضلين ضد النظام الرأسمالى سياسيا وفى شتى المجالات ، ومن هنا قررت كتابة هذه السطور ، وهى مجرد إيماضة وإشارة للتعريف بهذه الشخصية الفريدة ،فهو يجنى الملايين وفى نفس الوقت يبغض المجتمع البرجوازى ، وينفق من وقته وأمواله لخدمة قضية الاشتراكية فى حقلها الدعائى ..

يعيش لاسيه ديدينج فى السويد ، وُلِدَ فى العام 1953 ، نشأ فى أسرة ثرية بين أربعة أشقاء ،يدير ويملك فندق "جاستيس" فى مدينة فاربرغ ، تولى إدارة الفندق من أخيه فى العام 1987، للوهلة الأولى وأنت تتجول فى هذا الفندق تستشعر أنك فى متحف سوفيياتى ، صور لينين وماركس فى كل مكان ، وأرفف الكتب الخشبية تتسلق جدران الفندق كنبات المتسلق المنزلى ، يحتشد داخلها "15000" كتاب.
فى الوقت الحالى يمتلك لاسيه فندقين ، افتتح أحدثهم فى العام 2013 ويسمى فندق "هافانا" نسبة للعاصمة الكوبية .
تنعكس قناعات لاسيه الشيوعية وتجد صداها فى مجمل أعماله ، حيث يتبرع بالمال فى أغلب النشاطات الثقافية والسياسية ذات الطابع اليسارى ، وأيضا يقوم بشراء دور النشر والمكتبات ذات التوجه الإشتراكى التى تعلن إفلاسها ، حيث قام بشراء مكتبة جان ميردال والتى تحوى "50000" مجلد ، ويقوم بتوفير مساكن لإيواء المشردين ، وأيضا قام بشراء منزل كبير لتوفير الإقامة للعمال والمثقفين الثوريين ، وإلى جانب ذلك يقتنى تماثيل للقادة الثوريين ويعرضها للبيع ، ومع كل تمثال مباع يهدى المشترى كتابا بغرض التعريف بهؤلاء القادة ونشر الثقافة الثورية بين المواطنين وخاصة الشباب.
يقول ديدينغ :
" أنا جزء من هذا العالم المرعب والموغل فى الظلم ، حيث يعيش معظم البشر فى ظروف فظيعة ،فهل هذا عدل ؟ هل هذا طبيعى؟! ، المال أقوى مخدر فى العالم ، أقوى من الكحول والكوكايين ومن أى شئ آخر، معظم الأثرياء الذين أعرفهم يريدون مزيداً من المال وأنا أيضاً كنت مثلهم ، لكننى أدركت أن المرء كلما شاطر الآخرين ثروته أكثر ،نال مقابل ذلك تعويضاً أكبر بمعنى الكلمة ، نستطيع خلق مجتمعا يعيش فيه جميع الناس سواء فى يسر ورخاء ، أنا واثق من ذلك . على مدى 26 عاما منذ تفكك الاتحاد السوفيياتى بلغ التفاوت وعدم المساواة بين البشر نسبا هائلة ، هذا لا يمكن أن يستمر ، أنا لا أعتقد أن ثورة ما يمكنها تكرار تجربة ثورة أكتوبر ، لا أعتقد أن ثورة كهذه يمكن أن تتكرر ، لا يمكن أبدا التكهن بالشكل الذى ستتخذه ، أعرف فقط أنها ستحدث أيا كان أسلوبها ، المجتمع سيتغير فجأة ، أما كيف فلا أحد يعرف " .

كان لاسيه مهووساً بالقراءة منذ الصغر وفى السادسة عشرة من عمره أصبح شيوعياً وانضم للجبهة الوطنية للتحرير .
ويسعى الآن لتأسيس نشرة سياسية على الإنترنت بمعاونة صديقه النرويجى "بول ستيغان" الكاتب الماركسى ، النشيط ،غزيرالكتابة ، مفعم الطاقة.
وفى معرض نقاشهما حول تأسيس الجريدة الإلكترونية يقول بول ستيغان : قبل القيام بالثورة يجب تكوين الرأى العام ، وبعد ذلك إنشاء الحزب الثورى ، فالجريدة هى الأداة التى من خلالها نستطيع إيصال صوتنا للجماهير ويتكون وعى ثورى يتراكم ويتطور مع الوقت.
بالرغم أن ديدينج يقرأ كثيرا لكن إنتاجه النظرى منعدم ، ربما ستكون هذه الجريدة بداية انخراطه فى العمل النظرى .

أما بخصوص جائزة لينين الدولية سالفة الذكر ، فأصل الموضوع يرجع إلى أن ديدينج يقوم كل عام بتنظيم حفل سنوى يمنح خلاله جائزة تحمل إسم "لينين" للمناضلين والمبدعين على المستوى المحلى داخل السويد ، ويعتزم تقديم هذه الجائزة على المستوى العالمى للمناضلين ضد الاستغلال والاِضْطِهَاد الرأسمالى سواء فى السياسة أو مجالات الإِبْدَاع "الفن والأدب والعلوم" ،والتى سوف تعادل فى قيمتها جائزة نوبل ، وهذا الأمر أثار استياء أكاديمية العلوم فى السويد المانحة لنوبل ، لكن ديدينج لا يأبه بذلك ومستمر بحثاثة فى تنفيذ مشروعه ...