وسام الرفيدي يشوه تاريخ الشيوعيين


عبد المطلب العلمي
2017 / 12 / 29 - 17:19     


قواعد النشر في الحوار المتمدن، معروفه وواضحه. هناك المقالات التي لا تنشر الا في الحوار المتمدن، و مقالات اخرى يصرح اصحابها انهم سيعيدون نشرها في مواقع اخرى بعد فتره زمنيه محدده ، و كذلك هناك ملاحظه هامه انه يمنع نشر مقالات سبق نشرها في اماكن اخرى . على ما يبدو ان الاداره، حينما يتعلق الامر بتشويه تاريخ حقبه زمنيه طويله و نضالات الرعيل الاول من الشيوعيين ، تغض النظر عن هذه القواعد و تقوم باستنساخ مقال نشر قبل اكثر من اسبوعين في احد المواقع الادبيه اللبنانيه ، و تفرد له واجهه الموقع. انه المقال المعنون( الحركه الشيوعيه في فلسطين:اشكاليات جوهريه منذ التاسيس ). و ساحاول في هذا المقال تفنيد جل ما جاء في تلك الوريقه ـ التي و لاسفنا قام الحوار المتمدن باستنساخها من احد المواقع و اعاده نشرها.
يستهل الكاتب مقالته بطرح مغالطه طالما فندها الكتاب التقدميون حول الدور السوفياتي الداعم لتاسيس اسرائيل كدوله مستقبليه اشتراكيه ،مدعيا اسناد الكيبوتسات بالمهاجرين الماركسيين. الكمنتيرن و الاتحاد السوفياتي منذ البدايه عارضوا الحركه الصهيونيه بمختلف الاساليب و الطرق.نجد في وثائق الجلسه الخامسه للمؤتمر الثاني للامميه الشيوعيه ما يلي: (في فلسطين، حيث السكان العبريين لا يشكلون الأغلبية.نحن نتحدث هنا عن أقلية تسعى للاخضاع الجماهير الكادحة التي تشكل الغالبية العظمى في البلاد تحت نير دول الوفاق. يجب ان نناضل ضد هذه الاتجاهات بحيوية أكبر. ويحاول الصهاينة شراء المؤيدين في جميع البلدان،دعايتهم وتحريضهم يخدمان مصالح الطبقة الرأسمالية. يجب على الامميه الشيوعيه النضال بشده ضد هذه الحركة.) كما إتخذت الأمميةالثالثة "الكومنتيرن" عام 1933 قرارًا يطلب من جميع الأحزاب الشيوعية وأحزاب الطبقة العاملة أن تعمل ما بوسعها لمنع هجرة اليهود إلى فلسطين كونها تشكل خطرًاعلى مصالح العمال العرب ونضالهم الطبقي. كذلك بالعوده الى وثائق الخارجيه السوفياتيه حول قضيه فلسطين نجد كما كبيرا يشير الى عكس ذلك . على سبيل المثال (إن التسامح العربي الشهير والتسامح تجاه القوميات الأخرى من الصعب أن يوجد في الدوله القوميه الشوفينيه الصهيونية، وخاصة إذا ترأستها القيادة الحالية للوكالة العبريه) و كذلك (وبالنظر إلى أن القياده غالبيتها العظمى من أعضاء حزب مباي، من المرجح أنها ستقوم، كما كان هو الحال دائما، بانتهاج سياسة مواليه للأميركيين. ).اما مسأله اسناد الكيبوتسات بالمهاجرين الماركسيين ، فهي من التفاهه بقدر لا تستحق الرد، فهل لدى الكاتب اي معطيات عن تهجير منظم للماركسيين الروس للعمل في الكيبوتسات؟.
النقطه التي تليها هي الادعاء بالدعم العسكري لاسرائيل. و لا يفتأ (مثل كثير من الكتاب) الا الى الاستشهاد بصفقه السلاح التشيكي . دول اوروبا الشرقيه لم تكن دولا تحكمها الاحزاب الشيوعيه ، بل تحالف عده احزاب تقدميه بما فيها بعض الاحزاب الشيوعيه ، لذلك كان يطلق على تلك البلدان تسميه دول الديمقراطيه الشعبيه و ليس الدول الاشتراكيه . لذلك لنعود مره اخرى الى وثائق الخارجيه السوفياتيه . القياده السوفياتيه عارضت و عرقلت تزويد الحركه الصهيونيه بالسلاح. ففي مذكره باكولين رئيس قسم الشرق الادنى في الخارجيه الى مولوتوف ، ينسب منع مؤسسه التامين السوفياتيه من التامين على صفقات الاسلحه التشيكيه الى الشرق الاوسط و توقيع مولوتوف على تلك المذكره بكلمات(الامتناع عن التدخل). كذلك هناك عده اشارات الى طلبيات سلاح قامت الحكومه السوفياتيه بتجاهلها كليا ، الا في احدى المرات و في حديث شفهي له تسجيل صوتي ، كاد رد الخارجيه السوفياتيه ( ان هذا الطلب سيتم ايصاله الى المسؤلين ).في الواقع فان صفقه الاسلحه التشيكيه هي صفقتان. احداهما الى سوريا و الاخرى الى اسرائيل ، اما السفينه المحمله بالاسلحه السوريه فتم تفجيرها اثناء سيرها في الطريق الى بيروت .الصفقتان كانتا صفقات تجاريه بحته لا شأن لاتحاد السوفياتي بهم و كانتا متعارضتان مع قرارات الامم المتحده بحظر توريد الاسلحه الى المنطقه . لاحقا تمت محاكمه المسؤلين عن الصفقه و اعدام احدهم .
ثم يلجأ الكاتب الى مغالطه تاريخيه حين يذكر ان عصبه التحرر الوطني كانت تابعه للكمنترن و السوفييت في سياساتها متجاهلا ان العصبه تاسست بعد عامين من حل الكمنتيرن .
يتابع الكاتب بهلوانياته موردا(أو لجهة دعمهم[الشيوعيين الفلسطينيين] "تحريرَ" الجليل من "الغزاة العرب" ــــ ويعنون بهم الجيوشَ العربيّة، وعلى رأسهم القائد العسكريّ فوزي القاوقجي، علمًا أنّ الجليل بحسب قرار التقسيم كان مخصَّصًا للدولة الفلسطينيّة!).
هذا تزوير وافتراء لا يمكن السكوت عليه. موقف عصبة التحرر الوطني هو ان الجليل جزء من الدولة العربية الفلسطينية التي كان يفترض أن تقوم وفق قرار التقسيم ، العصبه رأت ان المعركة القادمة فلسطينيا يجب أن تتركز في اقامة الدولة الفلسطينية على ما تبقى من المناطق المخصصة لها بما فيها الجليل، ورأت بدخول جيوش الانظمة الرجعية العربية، ليس "مساعدة لتحرير فلسطين ، وانما جزء من المؤامرة لمنع قيام الدولة العربية الفلسطينية، الذي اعتبره الشيوعيون الخيار الوحيد الذي كان بمقدوره أن ينقذ حق تقرير المصير للشعب العربي الفلسطيني وأن يجنبه النكبة المبيتة. إن عصبة التحرر التي تمسكت بالحقوق القومية للشعب الفلسطيني وبإقامة الدولة الفلسطينية ولو على جزء من فلسطين، استوعبت وبرؤية ثاقبة (وربما كانت وحدها التي استوعبت) الطابع الحقيقي لدور جيوش الانظمه الرجعيه في فلسطين، التي لم تأت لمنع قيام الدولة اليهودية بعد قرار التقسيم، وإنما دخلت فلسطين لمنع قيام الدولة العربية على القسم المخصص لها وفق هذا القرار. وتقسيم الاجزاء التي بقيت خارج الدولة اليهودية بين الدول العربية في اطار دورها في خدمة مخططات الاستعمار البريطاني. إن مصير الضفة الغربية وإلحاقها بشرق الاردن وإلحاق قطاع غزة بمصر لم يكن جزءا من انقاذ فلسطين وشعبها وانما جزءا من الاجهاز على ما تبقى منها، وهذا ما استوعبته عصبة التحرر ووعاه الشيوعيون في اللحظة الحاسمة . كان هم الشيوعيين الأول والأخير هوالحؤول دون أن تمتد أصابع الإمبريالية إلى هذا الصراع الإثني واستخدامه أداة قاطعة في قطع طربق التحرر والتطور أمام شعوب المنطقة.
لقد أصدرت عصبة التحرر الوطني في فلسطين وثيقة تحت عنوان " لماذا يجب أن نناضل في سبيل الدولة العربية الفلسطينية"، جاء فيها: " ان مصير هذا الشعب (الفلسطيني) الذي ضحى غاليا في سبيل حريته مهدد اليوم بعبودية مختلفة الالوان من عربية ويهودية.. فمن واجب شعبنا إذا أراد أن يكون مصيره مصير شعب مستقل، مصيرا عاليا من العزة والكرامة الوطنية , مصيرا يؤمّن تطور البلاد وتقدمها الاجتماعي ورفاهيتها ,.. فعليه أن يناضل في سبيل اقامة دولة عربية مستقلة في فلسطين، دولة يحكمها الشعب نفسه لصالح الجماهير الكادحة ولا يحكمها حفنة من الرجعيين الخونة الذين يبيعون شعبهم كل يوم في سوق المساومات الاستعمارية."و بقى هذا الموقف الشيوعي ثابتا حتى بعد ضم الاراضي الفلسطينيه لشرق الاردن ، المظاهره الشيوعيه المشهوره التي نظمت في نابلس ضد الضم كان نتيجتها اعتقال ثله من شرفاء الشعب تم جرهم خلف الخيول من نابلس الى عمان مشيا على الاقدام مما اسفر عن استشهاد روحي الكيلاني في وادي الباذان نتيجه للارهاق .
يتطرق الكاتب الى اشكاليه تاسيس الحزب الشيوعي الفلسطيني ، مسطحا الى درجه الابتذال هذا التاريخ زاعما ان الحزب تاسس عام 1919 . نعم جذور الحزب تعود الى عام 1919 لكن ما اؤسس حينها ليس الحزب الشيوعي بل الحزب الاشتراكي في فلسطين كفرع لبوعالي تسيون العالمي . حدث بعد التاسيس عده انشفاقات و اندماجات اسفرت عن تاسيس الحزب الشيوعي في فلسطين و الحزب الشيوعي الفلسطيني ، اللذان اندمجا و اسسا الحزب الشيوعي الفلسطيني . رفضت الامميه الثالثه قبول الحزب الاشتراكي في صفوفها بسبب صهيونيه افكاره و يمكن العوده الى قرار لجنه اعتماد الاحزاب في المؤتمر الثاني ، حيث طردت ممثل الحزب الاشتراكي الفلسطيني كون ايبر من عضويه الوفد النمساوي الذي حاول عن طريقه الدخول الى عضويه المؤتمر .كذلك لم يتم قبول الحزب الشيوعي الفلسطيني في الامميه الثالثه راسا بعد الاندماج بل تم تقديم ملاحظات شتى حول برنامجه و طولب بتغيير بعض مواقفه قبل السماح له بالنضمام الى الامميه .
و موقف الحزب من الصهيونيه و التوطين واضح، في بيان عنوانه من هم اعداء الحزب الشيوعي الفلسطيني ورد ما يلي :و قد اتى المستعمرون بالصهيونيه للبلاد و وعدوا اليهود بان يساعدوهم في بناء وطن قومي في فلسطين. و ما ذلك الا ليحولوا انظار طبقات العرب عنهم و عن مظالمهم الى اليهود ،و الحقيقه ان المستعمرون يريدون ان يغشوا الطبقات العامله من العرب ايضا فهم يلهونهم ببعض و يقفون منهم وقفه المتفرج الهازئ. و الاغنياء الصهيونيين مربوطين مع الراسماليين الانكليز فهم يساعدونهم على غش الجماهير اليهوديه بالوعود المزخرفه و يجروهم الى فاسطين و يتركوهم فيها بالجوع و البؤس . و حين يأتوا الشيوعيون للعمال اليهود و يكشفوا امامهم سياسه الانكليز و الصهيونيه تضطهدهم الحكومه و تنفيهم من البلاد.
ثم يتسائل الكاتب: لماذا لم يشكّل الشيوعيّون في الضفّة وغزّة تنظيمهم الفلسطينيّ المستقلّ بعد النكبة؟
نجد الجواب في العدد السادس من المقاومه الشعبيه الصادر في حزيران عام 1951
[ان المستعمرين الامريكيين و الانكليز بالتامر مع الحكومات العربيه و مع زعماء فلسطين العرب و مع قياده الحركه الصهيونيه قد تمكنوا من منع تنفيذ قرار هيئه الامم المتحده الصادر بتاريخ 29 ،11،1947 و بدل ان تتحرر فلسطين بكاملها و بدل ان تنشأ فيها دولتان عربيه و يهوديه ديمقراطيتان و مستقلتان و موحدتان اقتصاديا و غير خاضعتين لائ نفوذ اجنبي ،نشأت فقط دوله اسرائيل خاضعه لنفوذ الاستعمار الامريكي ، اما الدوله العربيه الفلسطينيه فلم تنشأ ، و قد سحق استقلال الشعب العربي الفلسطيني و مزق وطنه الى ثلاثه اجزاء و تشرد منه اكثر من ثلاثه ارباع مليون شخص . و قد استطاع الاستعمار البريطاني ان يحتفظ بسيطرته على جزء من اراضي الدوله العربيه الفلسطينيه، و هو الجزء الذي الحقه قسرا بمستعمرته شرق الاردن . اللجنه المركزيه لعصبه التحرر الوطني
ترى ان هذا الجزء من القسم العربي الفلسطيني مع شرق الاردن اصبحا يكونان دوله واحده ، و ان هذه الدوله خاضعه خضوعا تاما لسيطره الاستعمار البريطاني، اذ على الرغم من الاستقلال الصوري الذي منحه الاستعمار البريطاني لشرق الاردن بعد الحرب العالميه الثانيه، فان سيطرته بقيت كما هي و لم تمس قط......فلا الشعب العربي الفلسطيني في هذا الجزء، و لا الشعب العربي الاردني في شرق الاردن يستطيعان ان يتحررا من نير عدوهما المشترك، الاستعمار و حلفائه ، الا بتوحيد نضالهما للدفاع عن السلم العالمي و في سبيل التحرر الوطني و الديمقراطيه ]