طريقى إلى اللينينية - هوشى منه (Ho Chi Minh)


محمد الأشقر
2017 / 12 / 21 - 18:06     

بَعْدَ الحَرْبِ العَالَمِيَّةِ الأُولَى ، قَدَّمْتُ لِلعَيْشِ فِي بَارِيس ، عَمِلْتُ كَمُسَاعِدِ مُصَوِّرٍ وَكَرَسَّامِ للأثار الصينية المصنوعة فى فرنسا ، إلى جانب ذلك كنت أقوم بدعم قضية بلادى عبر توزيع منشورات تدين الجرائم التى اِرْتَكَبَهَا المُسْتَعْمِرُونَ الفرنسيون فى فيتنام
فى ذلك الوقت دعمت ثورة أكتوبر فى روسيا ولم يكن مصدر دعمى هو إدراكى لكل أهميتها التاريخية بل دعمتها فقط بغريزتى ، لَقَدْ أَحْبَبْتُ لينين , وَأعْجَبْتُ بِهِ ، فى هذه الفترة من حياتى لَمْ يَتَسَنَّى لِّ قِرَاءَةٌ أَيّا مِنْ أَعْمَالُهُ الفكرية ، ولكن كُنْتُ أَرَاهُ مُنَاضِلاً وَطَنيّاً عَظيماً، ساهم فى تحرير أبناء شعبه
وكان سبب انضمامي إلى الحزب الاشتراكي الفرنسي أن هؤلاء "السيدات والسادة" - هَكَذَا كُنْتُ أُنَادِي رِفَاقِي فِي تِلْكَ اللَّحْظَةِ -أَبْدَوْا تَعَاطُفَهُمْ مَعَي ،خاصة فيما يتعلق بقضايا نضال الشعوب المضطهدة.
كنت أجد صعوبة فى فهم ماهية الحزب، النقابة، ماهية الاشتراكية أو الشيوعية
ثم جرت مناقشات لاهبة في فروع الحزب الاشتراكي حول مسألة ما إذا كان ينبغي أن يبقى الحزب الاشتراكي في الأممية الثانية، أو هل ينبغي تأسيس أممية ثانية ونصف أم أن ينضم الحزب الاشتراكي إلى منظمة لينين الأممية الثالثة؟ انتظمت فى حضور الاجتماعات ، مرتين أو ثلاث مرات في الأسبوع وَاِسْتَمَعْتُ باهتمام إلى المناقشات.
أولا، لم أستطع أن أفهم جيدا. لماذا كانت المناقشات بهذه السخونة ؟ سواء مع الثانية، الثانية ونصف أو الأممية الثالثة، الثورة من الممكن أن تشن . ما من حجة تستخدم بعد ذلك؟
الذى أَرَدْتُ أَنْ أَعْرِفَهُ أكثر من غيره - وهذا لم يناقش على وجه التحديد في الاجتماعات - كان: أي الأطراف الدولية مع شعوب البلدان المستعمرة؟
فِي إِحْدَى الاِجْتِمَاعَاتِ طرحت هذا السؤال - الأهم في رأيي -. أجاب بعض الرفاق: إنها الثالثة وليس الأممية الثانية.
وجدت الإجابة عند الرفيق لينين : "أطروحات فى القضيتين القومية والاستعمارية" التي نشرتها l Humanite.
كانت هناك مصطلحات سياسية يصعب فهمها في هذه الأطروحة. ولكن من خلال قراءتها مرارا وتكرارا، تمكنت أخيرا من فهم الجزء الرئيسي منها. ما هذه العاطفة والحماس، والبصيرة والثقة التي غمرتنى! اختلجت مشاعري وداهمت سعادتى الدموع . على الرغم من أَنَنَى جَالَسَا وَحّدِي في غرفتي، صرخت بِصَوْتٍ عَالٍ كما لو كنت أتحدث أمام حشود كبيرة: "أبناء الشهداء الأعزاء! هذا ما نحتاجه، هذا هو الطريق لتحريرنا! "
بعد ذلك، تعززت ثقتى فى لينين وفى الأممية الثالثة .
خلال اجتماعات فرع الحزب، اِسْتَمَعْتُ فقط للمناقشات؛ كان لدي اعتقاد يشوبه الإلتباس بأن كل شيء منطقي، لم أتمكن من التفرقة بين الذين كانوا على حق والذين كانوا على خطأ. ولكن منذ ذلك الحين، أنا أيضا اِنْغَمَسْتُ فِي السجالات وكنت حماسيا فى نقاشاتى. على الرغم من أنني كنت لا أزال أفتقر إلى الكلمات الفرنسية للتعبير عن كل أفكاري، لكن بالرغم من ذلك حطمت المزاعم التي تهاجم لينين والأممية الثالثة دون عناء. حجتي الوحيدة هي: "إذا لم تدين الاستعمار، إذا لم تكن مع الشعوب المضطهدة، أي نوع من الثورة أنت تشن؟"
لم أشارك في اجتماعات فرع الحزب الخاص بي فحسب، بل ذهبت أيضا إلى فروع الحزب الأخرى لوضع "موقفي".
الآن يجب أن أقول مرة أخرى أن الرفاق "مارسيل كاشين، فايلان كوتورييه، مونموسو" وغيرهم الكثير ساعدونى على إنماء وتوسيع معرفتي. وأخيرا، في مؤتمر تورز، صوتت معهم للانضمام إلى الأممية الثالثة.
في البداية، دوافعى كانت وطنية، لم تكن بعد شيوعية، لكن ثقتى في لينين، وفى الأممية الثالثة. وخطوة خطوة، على درب النضال، من خلال دراسة الماركسية اللينينية بالتوازي مع المشاركة في الأنشطة العملية، بدأت تدريجيا أدرك حقيقة أن الاشتراكية والشيوعية فقط تستطيع تحرير الدول المضطهدة والكادحين من العبودية في جميع أنحاء العالم.
هناك أسطورة، في بلدنا وكذلك في الصين، من معجزات "كتاب الحكمة" تقول : ((عندما تواجه صعوبات جمة، أَحَدُهُمْ يَجْتَلِيهَا وَيَجِدُ مخْرِجا)). اللينينية ليست مجرد مخرج ، هى بوصلة بالنسبة للشعب وللثوار الفيتناميين ، بل هى أيضا الشمس المشرقة التى تضيء طريقنا إلى النصر النهائي، إلى الاشتراكية والشيوعية.