كتاب ماركس المنسي: السيد فوغت جاسوس في الحركة العمالية


طلال الربيعي
2017 / 12 / 6 - 13:17     

كتاب ماركس, السيد فوغت: جاسوس في الحركة العمالية, Herr Vogt: A Spy in the Workers Movement، غير معروف تماما تقريبا في العالم الناطق باللغة الإنجليزية. وهو مجهول تماما في العالم العربي. فحسب علمي لا توجد اية ترجمة عربية لهذا الكتاب بالكامل او لبعض فصوله, رغم انه يعتبر واحدا من أكثر كتابات ماركس شهرة. فريدريك إنجلز يعتبره أفضل من كتاب ماركس, برومير الثامن عشر. يقول لاسال عنه بأنه "تحفة من كل النواحي". وميرينغ كتب بحق ان "افكار الكتاب مفيدة للغاية حتى اليوم". ويعتقد آخرون أنه "في مجمل الأدب لا يوجد مساو لهذا الكتاب".
(فرديناند لاسال: اشتراكي الماني طوباوي, 1825-1864)
فرانز ميرينغ Franz Mehring, الماني وكان يعتبر اكبر مؤرخ ماركسي في وقته, 1846-1919)

كارل كريستوف فوغت (بالإنجليزية: [فوكَت], 1895-1817) كان عالما ألمانيا وفيلسوفا وسياسيا. نشر فوغت عددا من الأعمال البارزة في علم الحيوان والجيولوجيا وعلم وظائف الأعضاء. وانغمر في السياسة طوال عمره. درس فوغت الطب في جامعة جيسن في المانيا, وحصل على الدكتوراه من جامعة بيرن في عام 1839 بأطروحته المعنونة "مساهمات في تشريح البرمائيات". في عام 1847 أصبح أستاذا لعلم الحيوان في جامعة جيسن، وفي عام 1852 أستاذا للجيولوجيا وبعد ذلك استاذا لعلم الحيوان في جامعة جنيف في سويسرة. كان فوغت من المؤيدين للمادية والإلحاد. اشار تشارلس داروين إلى دعم فوغت لنظريته في التطور في مقدمة كتابه "اصل الانسان والاصطفاء في العلاقة بالجنس (1871 ,The Descent of Man, and Selection in Relation to Sex). لكن فوغت اختلف كثيرا مع داروين واتسمت نظرياته بالعنصرية. فهو, مثلا, في كتابه "محاضرات حول الانسان", Lectures on Man, يعتبر البشر السود اكثر قربا الى القرود منهم الى البشر البيض من الناحية التطورية ويعتبر ايضا البيض والسود جنسين منفصلين عن بعضهما البعض. ويعتبر فوغت مصلحا كبيرا لجامعة جنيف وقد قامت مدينة جنيف بتسمية احد شوارعها باسمه (بوليفارد كارل-فوغت) واقامت نصبا تذكاريا له في حديقة جامعة جنيف.

كان فوغت ديمقراطيا ثوريا شهيرا في وقتها. وكان ممثلا لليسارين في برلمان فرانكفورت 1848-1849. فر فوغت إلى جنيف في 1849. وجنيف كانت وقتها مركز الديمقراطيين الألمان، وكان فوغت يتمتع عندهم بتقدير كبير. ايد فوغت الإمبراطور نابوليون ومغامراته الأوروبية، ظاهريا من اجل قضية الديمقراطية الألمانية والتوحيد.

متشجعا في انتصاره في المحكمة البروسية ضد غريمه فيلهلم يبكنخت (اشتراكي الماني واحد المؤسسين الرئيسيين للحزب الاشتراكي الديمقراطي, 1826-1990)، الذي اتهم فوغت في ورقة اوغسبورغ بتلقي أموال من نابوليون, قام فوغت بنشر كتيب خاص مليئ بالهجومات السامة على ماركس واعتبره "رئيس عصابة من المهاجرين والمزورين الذين لا يتوقفون عند شيء". فقرر ماركس أخيرا الرد. ولأن ماركس فهم التداعيات السياسية لترك التشهير دون رد، اعترف بالحاجة إلى توقيف عمله في كتابة رأس المال لمدة عام ونصف بالكامل من أجل الرد. لم يكن هدف ماركس في رده هو فقط تفنيد فوغت، الذي كان وقتها منتهيا سياسيا، ولكن رده كان يشكل اطروحة ثقافية وسياسية مهمة للغاية في انتقاد السياسة الأوروبية في ذلك الوقت، وخاصة سياسة نابوليون وحليفته القيصرية الروسية التي كانت تعتبر معقل الرجعية الاوربية. وكان من أهم السمات البارزة للجدل في كتاب ماركس هو استنتاجه الذي لا هوادة فيه بأن فوغت كان عميلا ل نابوليون الثالث, Napoléon III (آخر ملك لفرنسا واول رئيس جمهورية لها, وحكم كامبراطور, 1808–1873). وبعد سقوط نابوليون في عام 1870، نشرت الحكومة الجمهورية الفرنسية وثائقا من أرشيف الحكومة الإمبراطورية, التي تتضمن وصلا ماليا موقعا من قبل فوغت بقيمة 40000 فرنك مدفوعا له من قبل صندوق مالي سري لنابوليون!

ان نقاط المقارنة لسلوكيات فوغت مع السياسة المعاصرة لبعص اطراف الحركة الشيوعية في منطقتنا لن تفلت من ذهن القارئ المتيقظ. ولا ادري هل ان هذه المقارنة قد لعبت دورا في غمط حق هذا الكتاب الفائق الاهمية وبالتالي في عدم ترجمته الى اللغة العربية!
----------
يمكن تنزيل الكتاب بالكامل بالانكليزية في
Herr Vogt
Karl Marx
http://marxengels.public-archive.net/en/ME1916en.html