ماركس و ثورة أكتوبر


عبد الحسين سلمان
2017 / 10 / 11 - 23:06     

ماركس و ثورة أكتوبر

توفي ماركس في العام 1883 وبعد سبع سنوات كتب إنجلز ,في مقدمة الطبعة الالمانية للبيان الشيوعي 1890 قائلاً : الا ليت ماركس الى جانبي ليرى بعينيه كل هذا .

ويقصد بكل هذا...حسب ما جاء في نفس المقدمة :
تستعرض البرولتياريا الاوروبية والامريكية قواها ..........و في سبيل هدف مباشر واحد هو تحديد يوم العمل بثماني ساعات تحديدا مباشرا.

إن ماركس باحث علمي , درس و حلل نمط الانتاج الرأسمالي في القرن التاسع عشر و تحديدا في بريطانيا و توصل الى نتائج من خلال بحثة الاكاديمي الى نتائج حول انهيار الرأسمالية داخليا.
لم يكن ماركس يعقوبيا حاله حال بلانكي ولم يكن دمويا حاله حال روبسبير, ولم يكن يهتم بالتنظيم الحزبي كثيراً, نعم كان يهتم اهتماماً رئيسياً بالاممية internationals باعتبارها الشكل الأرقى لتنظيم العمال, ولعب الدور الاول في المجلس العام للاممية الاولى 1864 و في تحرير نظامها الداخلي, وتشكلت الاممية الثانية في العام 1889 وكانت المجموعات التي انخرطت فيها عند تكوينها في مؤتمر باريس متنوعة جداً: جمعيات عمالية ونقابات وأحزاب محلية...الخ.

ماركس و روسيا:
لقد كان ماركس مندهش , من اقبال الروس على اقتناء , الكتاب الأول من رأس المال , فقد اوشكت الطبعة الروسية من الكتاب عام 1872 على النفاذ ( 3 الاف نسخة).
وكان هناك اتصال بين ماركس والمناضلين الروس في المنفى, وخصوصاً المناضلة الثورية فيرا زاسوليتش , Vera Zasulich .
وقد ارسلت فيرا, رسالة الى ماركس , بتاريخ 16.02.1881, تسأل ماركس فيها عن :
هل يسع المشاعة الروسية , Obshchina, (كومنة الفلاحين الروس, وكانوا يوزعون المحاصيل الزراعية بينهم, حسب احتياج الاسرة), حتى لو كانت شكلاً مندثراً للملكية الجماعية القديمة, ان تنتقل مباشرة الى الشكل الارقى , اي الى الملكية الجماعية الشيوعية؟ ام عليها, بخلاف ذلك ان تمر قبل ذلك , بعملية الانحلال ذاتها, التي عرفها التطور التاريخي للغرب , اي الإنتاج الرأسمالي ؟
وجاء رد ماركس على هذه الرسالة, بعد أن كتب 4 مسودات . المسودة الاولى , وتحتوي على 4500 كلمة , و تحتوي المسودة الثانية والثالثة كل منهما , على 2000 كلمة , والمسودة الرابعة على 300 كلمة. واخيرا استقر رأي ماركس على الرسالة النهائية 350 كلمة , بتاريخ 08.03-1881
حيث يتحدث عن نشوء الرأسمالية و تحليله لها, ويقول: ...حتى الان هذا لم يتحقق الأ, في بريطانيا , واوروبا الغربية التي تمر بالمرحلة نفسها.....والحتمية التاريخية لنمط الإنتاج الرأسمالي , تقتصر صراحة على اوروربا الغربية...أ.ه
ولكن كتب ماركس في مقدمة الطبعة الروسية للبيان الشيوعي بتاريخ 21.01.1882 يقول:
..... لكننا نجد في روسيا إزاء التفتح المحموم للرأسمالية، والملكية العقارية البرجوازية الآخذة في النشوء، أن أكثر من نصف الأرض هو ملكية جماعية مشتركة للفلاحين، والسؤال الآن هو : هل يسع المشاعية الروسية (obschtschina) , حتى لو كانت شكلاً مندثراً للملكية الجماعية القديمة، أن تنتقل مباشرة إلى الشكل الأرقى أي إلى الملكية الجماعية الشيوعية؟ أم عليها، بخلاف ذلك أن تمر قبل ذلك بعمليّة الإنحلال ذاتهاـ التي عرفها التطور التاريخي للغرب ؟

إن الجواب الوحيد والممكن حالياً على هذا السؤال هو الآتي :
إذا استطاعت الثورة الروسية أن تكون إيذاناً لقيام ثورة بروليتارية في الغرب، بحيث تُكَمِّل إحداهما الأخرى، فإن بإمكان المُلكية الجماعية الروسية للأرض أن تَصلُح منطلقاً لتطوُّر شيوعي....أ.ه .
( هذه المُلكية الجماعية الروسية للأرض , تم سحقها بوحشية في ثلاثينات القرن الماضي من قبل ستالين. ) .

لكن كان ماركس في قَرَارَةُ النَّفْسِ , يفكر في روسيا بطريقة مختلفة , فقد أسرَ لابنته جيني , Jenny , , في إحدى الرسائل بأن المنفيين الروس في سويسرا هم مجرد عقائديين, و اشتراكيين مبللي الفكر, وتأثيرهم معدوم في روسيا , أما أولئك الذين يقومون بالأغتيالات في سان بطرسبورج, فهم على العكس , رجال ذوو خلق متين دون استعراضات ميلودرامية , بسطاء, واقعيون , بطوليون , لا يألون جهداً في تعليم اوروبا , أن طريقتهم في العمل روسية نوعياً .... .

الان : هل ما حصل في روسيا , أكتوبر 1917 , ثورة بالمفهوم الماركسي للثورة ؟
أن مفهوم الثورة عند ماركس يندرج ضمن التحليل الاقصادي لنمط الإنتاج الرأسمالي , لذلك كتب في مقدمة مساهمة في نقد الاقتصاد السياسي 1859 , ما يلي :
ويمكن أن ألخص على النحول التالي النتيجة العامة التي وصلت إليها والتي أفادتني كخيط موصل في دراساتي: في إنتاج الناس الاجتماعي لحياتهم يدخلون في علاقات محددة، ضرورية ومستقلة عن إرادتهم، وهي علاقات إنتاج تطابق درجة معينة من تطور قواهم الإنتاجية المادية. ويشكل مجموع علاقات الإنتاج هذه البنيان الاقتصادي للمجتمع، أي يشكل الأساس الحقيقي الذي يقوم فوقه صرح علوي قانوني وسياسي وتتمشى معه أشكال اجتماعية. فأسلوب إنتاج الحياة المادية هو شرط العملية الاجتماعية والسياسية والعقلية للحياة بوجه عام. ليس وعي الناس بالذي يحدد وجودهم، ولكن وجودهم الاجتماعي هو الذي يحدد وعيهم. فعندما تصل قوى المجتمع الإنتاجية المادية إلى درجة معينة من تطورها تدخل في صراع مع أحوال الإنتاج القائمة أو بالتعبير القانوني مع أحوال الملكية التي كانت تعمل في ظلها حتى ذلك الوقت. وتتغير هذه الأحوال التي هي قيد على الأشكال التطورية من القوى الإنتاجية. وفي هذه اللحظة تحل حقبة من الثورة الاجتماعية.... Epoche sozialer Revolution.


لكن :
روسيا هي اكثر البلدان الرأسمالية تأخرا، والعمال اقلية فما الذي دفع لينين الى هذا ؟ وهو يعلم ذالك؟
انه كان ينتظر، ويأمل، ان تحرك الثورة الروسية فتيل ثورات عمالية في القارة،...لكنها لم تأت, وهذا سبب اعتراض بليخانوف الذي قال ان بلدا (مثل روسيا) يقوم على انتاج سلعي صغير، وبحر من الفلاحين (البنية التحتية) لن يسمح بنشوء نظام سوى استبداد قيصري حتى لو ارتدى رداء بلشفيا.....وهذا الذي حصل في الواقع. وأعترض غرامشي الذي اكد ان الثورة الروسية هي ثورة مخالفة لـ"رأس المال"، أي ضد منطق ماركس الوارد في كتابه "رأس المال"، باعتبار روسيا البلد الافقر والاقل تطورا .
يذكر ماركس , ان اليعاقبة حاولوا تحقيق ((خداع بصري)) حيث انهم احلوا وسيلة ( الحياة السياسية) للمجتمع البرجوازي محل هدفه المجتمع المدني البرجوازي.
فالحملات الجماهيرية الرامية الى تحسين شروط العمل , التي دافع عنها ماركس في راس المال, اعتبرها لينين مضيعة للوقت, و بدلا عن ذالك , على العمال ان يضعوا انفسهم في تصرف ثوريين محترفين مثله هو نفسه, و حملة الراية ليس البروليتاريا بل الانتلجيسيا.
أما ماكس فيبر فقد أكد بأن الدولة (البيروقراطية) ستبتلع الحزب، وان النظام السياسي سيتحول الى اوتوقراطية مطلقة
ان لنينين نسف نظرية اصل نظرية ماركس نسفا و التي تؤكد : لا تجاوز للرأسمالية الا في اطارها، وبفضل انجازاتها، وتطورها بالذات. ولا يمكن تجاوزها .

المراجع:
https://www.marxists.org/archive/marx/works/1848/communist-manifesto/preface.htm

https://www.marxists.org/archive/marx/works/1881/zasulich/reply.htm

https://www.marxists.org/archive/marx/works/1881/letters/81_04_11.htm

https://www.marxists.org/archive/marx/works/1859/critique-pol-economy/preface.htm