الى العزيز فؤاد النمري مع التحية


فلاح علوان
2017 / 9 / 28 - 01:38     

عزيزي السيد فؤاد النمري
بعد التحية
انه من دواعي سروري قيام شخص له قدراتك وامكانيتك بمتابعة وقراءة مقالي وابداء الرأي بخصوصه.
اطلعت على تعليقك على مقالي الاخير المنشور على صفحة الحوار المتمدن يوم 23-09-2017: http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=573179
وبودي ايراد بعض الملاحظات حول ردك؛
انت تقول:
90%من مجمل الإنتاج القومي للعراق هو ريوع نفطية
و 8% منه هو ريوع زراعية
و2% فقط هو من الصناعة
وثمة من يرقص في العتمة ويتحدث عن صراع طبقي في العراق !!
يا لهول وضياع المراهقة السياسية !!!
................
ان عوائد النفط تشكل اكثر من 90% من الميزانية، ولكنها تشكل 60% من الناتج الاجمالي السنوي، اي ان هناك الملايين يعيشون من بيع قوة العمل، صحيح ان الانتاج الصناعي تناقص بحدة بعد الاحتلال، ولكن هناك انتاج المواد الغذائية، الحبوب، لحوم اسماك، محاصيل حقلية، تمور، فواكه، وصناعات مثل الزيوت النباتية والسكر والتي تمت اعادة تشغيلها بعد خصخصتها، وتتجاوز نسبة الانتاج المحلي عدا الحبوب الـ 50% انتاج محلي.
كذلك الصناعات الانشائية، الطابوق، الاسمنت، الجبس، الجص، حديد التسليح المعاد، الارضيات، حيث تتجاوز نسبة الانتاج المحلي وبتقديرات متواضعة الـ 50%، بالاضافة الى العديد من الصناعات الاخرى، مثلا صناعة الاسمدة، صناعة البتروكيماويات، الصناعات الجلدية، تجميع وتصنيع المولدات الكهربائية، صناعة الاسلاك والقابلوات، مصانع الادوية، تصنيع قطع الغيار، الصناعات البلاستيكية، صناعة التبوغ التي جرت خصخصتها تحت اسم الاستثمار، المشروبات الغازية والمشروبات الكحولية، صناعات خشبية متنوعة، صناعات الاصباغ والراتنجات، صناعة الفحم ( الكمر)، بالاضافة الى عشرات الصناعات المحلية الفرعية.
الصناعات التي تقلصت بصورة جدية وبعضها انهارت فنذكر منها، صناعة النسيج، تجميع السيارات والتراكتورات، الصناعات الحربية والمعدات العسكرية، شركات انجاز الطرق والجسور، صناعة المبيدات" للمحاصيل الزراعية والحقول الواسعة"، منتجات الالمنيوم، الصناعات الميكانيكية بما فيها تصنيع خطوط انتاج، الصناعات الزجاجية، صناعة الدراجات الهوائية، صناعة الزوارق والمراكب المتوسطة، صناعة الالبسة الجاهزة، صناعة الخيم، صناعة الثرموستون، صناعة الثلاجات والاجهزة المنزلية، السجاد الصوفي واليدوي، والعديد غيرها من الصناعات.
اما فيما يخص الريع، فان اسعار النفط قفزت مرتين بصورة مفاجئة ليتضاعف السعر اكثر من اربع مرات. الاولى عام 1973، حيث قفزت الاسعار من 2.5 -$- الى 12.5 -$-، والقفزة المثيرة الثانية هي 2007 من حوالي 40-$- الى اكثر من 140-$- اي خلال حوالي دورتي (Kuznets) اي دورة اسكان، كما يسميها مايكل روبرتس، واكثر من ثلاث دورات اعمال ركود – توسع Juglar)) وهي دورات فرعية تتكامل في الدورة العامة للازمة الرأسمالية.
ولكن فترة ارتفاع اسعار النفط لا تدوم اكثر من بضع سنوات ثم تتوازن اسعار النفط مع اسعار السلع، وتتراجع اسعار النفط بعدها، وفي كلي الحالين تتحول الارصدة النقدية المتراكمة بفعل مبيعات النفط، الى تدفقات الى المراكز الرأسمالية. اي تدخل في دورة رأس المال. ليس هذا فقط، بل ان الشركات التي تستولي على الصناعة النفطية لاتترك مجال الفرق الريعي مفتوحا، فبعد انخفاض اسعار النفط، تجري الهيمنة على الفوائض، من خلال العديد من الوسائل. وفي صناعة النفط والتحكم بالاسعار يتجلى دور السياسة في الاقتصاد اكثر مما في اي ميدان اقتصادي اخر.
ان العراق اليوم مدين بأكثر من 123 مليار دولار، يضاف الى الرقم ديون الاقليم البالغة 41 مليار دولار والتي تحتسب ديونا على الخزينة المركزية. يعني ان الوضع المالي للعراق اليوم هو اسوأ بكثير من العديد من الدول الافريقية المفقرة او دول شرق اوربا او شرق وجنوب شرق اسيا. والشركات النفطية مثل BP وشل وهاليبرتون تستولي على اكثر من ثلاثة ارباع اعمال النفط في البصرة، عدا عن حقول الاحدب في الكوت التي تستثمر فيها الصينية للبترول، وحقول مجنون في العمارة، وهكذا.
ان الاوضاع الراهنة تسببت في وجود نحو 8 ملايين عامل مصنفين ضمن ما يعرف بالعمل الهش، حسب احصائيات وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في العراق، وكل هؤلاء هم عمال مفقرون يعملون بشكل مؤقت او جزءا من السنة، في حين يعيشون عاطلين عن العمل لشهور. انهم في حال صراع دائم ومطالبة للحكومة بالتشغيل او بتأمين الضمانات.
وعليه، فالقول بأن الاقتصاد ريعي وليس ثمة صراع طبقي، هو قول غير علمي وغير صحيح، ما لم يكن المقصود من ورائه ان ليس هناك وجود بارز للبروليتاريا الصناعية.
ان تحقق فائض القيمة يجري في المدينة، بعد ان ينتزع في المعمل او موقع العمل، كما يقول ديفيد هارفي، وانا اتفق معه في هذا الى حد بعيد، وقد ذكرت في اكثر من مقالة، ان اليسار عندما ينشط في اوساط العمال فانه لا يتخطى السياسة التريديونيونية، اما حين ينخرط اليسار في نضال المدينة، اي التجمعات الشعبية والتظاهرات فانه يجد نفسه شعبوي، غير قادر على الربط بين نضال المدينة والنضال الطبقي. واعتقد ان هذا قريب الى ما طرحه ديفيد هارفي.
خلاصة القول؛ انا لا اتفق مع القول بأن الدول النفطية او التي تتمتع بموارد ريعية ليس فيها طبقة عاملة او نضال طبقي؛ ان هذا خطأ يقع فيه اليسار عموما، وهو ينطلق من الفهم اللاطبقي لوظيفة الدولة، والفهم المحلي لدخول العوائد الريعية في دورة رأس المال العالمي.
تقبل تحياتي وتقديري
فلاح علوان