موسكو السوفيتية ... الثقة والدعم للبعث لا للشيوعيين


جاسم محمد كاظم
2017 / 7 / 26 - 09:47     

موسك
يختلف الدعم السوفيتي بتحقبب الزمن للشيوعيين العراقيين منذ بدء التنظيم الأحمر حتى انتهاء دور الدولة السوفيتية .
فمن خلال قراءة التاريخ نجد أن أوائل الشيوعيين العراقيين درسوا في مدرسة كادحي الشرق في منتصف الثلاثينات حتى الخمسينات ممن تبوئوا منصب السكرتير العام كفهد وسلام عادل .
ومن الملاحظ لتاريخ الحركات الشيوعية في بلدان العالم أن الدعم السوفيتي يتعدى الدور الإعلامي والمنشورات والكتب وآلات الطباعة إلى المستوى العسكري وتزويد تلك الأحزاب بالمدربين والخبراء العسكريين وتزويد الفصائل الشيوعية بالأسلحة والمعدات وتدريب بعض قوات النخبة فيها في الأراضي الروسية وإعادتها إلى ثكناتها من جديد .
ساند الاتحاد السوفيتي الجبهة الشعبية في اسبانيا بالطيران والدرع ووصلت أفواج المتطوعين الخاصة وكذلك سرايا الطيران بقيادة العقيد اناتولي سيروف لمجابهة التمرد اليميني بقيادة الجنرال فرانكو وكذلك دعم الحزب الشيوعي الصيني والفيتنامي بالأسلحة والمعدات الثقيلة بعد الحرب العالمية الثانية أثناء المد الشيوعي الكاسح .
بل أن الطائرات السوفيتية ساندت قوات هوشي منة إثناء الحرب الفيتنامية الأميركية علانية .
لكن الملاحظ أن الدعم السوفيتي للحزب الشيوعي العراقي لا يرقى إلى مستوى الدعم اللوجستي البسيط .
يقول فاضل البراك مدير الأمن العام للفترة من 1979-1984 في احد كتبة التي تتناول الحزب الشيوعي بان الدعم السوفيتي للحزب يتمثل بالطابعات الحديثة وأجهزة الرونيو والمنشورات .
وتذكر بعض كتب المذكرات أن الاتصال بالحزب الشيوعي السوفيتي لم يكن مباشرا بل عن طريق حزب تودة الإيراني أو خلال بعض المسميات العاملة في القنصليات .

وهذا يؤدي إلى استنتاجات تقول أن نظرة ودعم موسكو تختلف لبعض الحركات والتنظيمات حتى التي تتبع منها نهج موسكو في تفسير الماركسية .
تقول بعض كتب المذكرات أن موسكو لم تكن راضية في عهد خروشوف عن مطالبة الحزب الشيوعي العراقي بجزء من السلطة فأرسلت إلى سلام عادل وكمال الحيدري بعد المظاهرة المليونية للحزب في عام 1959.
فهل كانت موسكو غير مقتنعة بقيادة الحزب الشيوعي للدولة العراقية ربما أقنعت تقارير ال KGB القيادة السوفيتية العليا بان الحزب الشيوعي لا يمتلك قاعدة قوية تؤمن له السيطرة على مفاصل الدولة .
لان العراق في ذلك الوقت لا يمتلك القاعدة الصناعية المؤهلة لطبقة العمال إضافة إلى تضائل الدور الشيوعي في القوات المسلحة التي كانت تسيطر عليها البرجوازية العراقية والحركة القومية .
فربما تؤدي أية حركة غير محسوبة العواقب إلى انحياز العراق إلى صف الغرب الذي غادرة بعد ثورة تموز الظافرة مع العلم أن تلك الفترة أسست بداية العصر الذهبي للنفوذ الشيوعي في العراق.

وشهدت الفترة الثانية بعد انقلاب شباط الغادر التضاؤل الكبير للدور السوفيتي في أعادة تأهيل الحزب الشيوعي فقوي نفوذ البعث وظهر على الساحة مستفيدا من التجارب الاشتراكية لبعض الحركات الثورية .
وبعد تخلي خروشوف عن القيادة العليا وظهور بريجنيف انعدم الدعم السوفيتي واخذ جانبا معاكسا بدعم حزب البعث الذي وصل إلى السلطة 1968 وتوقيع المعاهدة العراقية السوفيتية 1972وإعادة بناء الجيش العراقي بتسليح سوفيتي كامل .
وبلغ من قوة البعث أيام السبعينات ونفوذه الطاغي تغلغله في دول المنظومة الشرقية الاشتراكية بوقوف أعضاءه سوية مع قادة تلك الدول كمشهد نعيم حداد مع اريش هونيكر كتفا على كتف على المنصة في استعراض جيش التحرير الشعبي الألماني.
وبلغ التعاون العسكري للعراق في تلك الفترة مع دول المنظومة الشرقية ذروته وأدى بة الأمر إلى استنساخ تجربة جيوش التحرير الشعبية بتجربة الجيش الشعبي العراقي الذي تأسس في عام 1970.

ودخلت شركات تلك الدول للبناء في العراق ونقل تجربة تلك الدول في التخطيط الاقتصادي والتصنيع الاستهلاكي .

ومن هذا التاريخ تظهر كتب المذكرات لبعض الشيوعيين العراقيين بكلمات اليأس والحزن فتقول تعرض أكثر الشيوعيين العراقيين الهاربين إلى المعاملات القاسية من قبل أجهزة البوليس والمخابرات في الدول الشرقية وفضل البعض الهرب من تلك البلدان والعودة إلى العراق وتذهب بعض كتب المذكرات بعيدا بوصول الأمر إلى ضربهم علنا من قبل رجال المخابرات العراقية أمام أجهزة البوليس والحزب في تلك البلدان الشيوعية .
فما الذي حصل؟
باعتقادي أن موسكو لم واثقة بالتنظيم الشيوعي العراقي لعدم قدرته على المجابهة لافتقاره للجناح العسكري المهيمن وعدم وجود الطبقة الصلبة التي يستند عليها وخلو الجهاز العسكري للدولة من أي عنصر لهذا الحزب وكذلك عدم قدرته على إنشاء حرس احمر أو فصائل مسلحة تكون موازية لقوة الجيش تستطيع تامين الحماية لتجربته في الحكم .
وهكذا استمر دعم موسكو للبعث حتى بعد خروج الشيوعيين من العراق نهائيا وتجريم الحزب بعد عام 1979 وبدء الحرب العراقية الإيرانية 1980-1988 ونسيان الحزب الشيوعي من التاريخ العراقي نهائيا حتى سقوط النظام عام 2003وعودة الحزب من جديد للمشاركة في السلطة .
///////////////////////////////////////////////////////مم
جاسم محمد كاظم