يا مظلومي العالم انهضوا


جهاد عقل
2006 / 2 / 4 - 10:29     

الرأسمالية لا تتورع عن القتل والنهب والإفقار من أجل مصالحها
• عضو وحدة التصفيات – القتل الإقتصادية الأمريكية جون باركينس يكشف حقائق مروعة عن ممارسات القوى الرأسمالية الأمريكية المدعومة من البيت الأبيض .
• يقول ايضاً ان القوى الرأسمالية ووحدتها هذه عملت بكافة الأساليب ، بما فيها اسلوب التصفية والقتل من اجل ضمان المصالح الإقتصادية الأمريكية ،وان يواصل الأغنياء الأمريكيين جني الأرباح مهما كانت النتائج.
• باركينس يؤكد في كتابه أن وحدته كانت تهتم في تكريس الفقر لدول العالم الثالث ، من اجل ضمان مصالح الشركات العولمية ومواصلة نهب خيرات تلك الشعوب.
• مشاريع الخصخصة و"الإستثمار" والقروض في هذه الدول هي خطوات مبرمجة من قبل الشركات العولمية ،بواسطة "اقناع" هذه الدول بأن مصالحها في تلك الطروحات .
• القروض كانت الوسيلة لإعلان إفلاس دول العالم الثالث ، وبذلك تتحول هذه الدول الى فريسة لواشنطن من أجل تحويل اراضيها الى قواعد عسكرية ، وتحويل خيراتها لصالح الرأسماليين الأمريكان.


عندما قلنا أن ما يحدث في عالمنا من استغلال ونهب لخيرات الشعوب ليس محض صدفة ، وأن هناك قوى راسمالية – قوى الشر – تنهب خيرات الشعوب وتنتزع حريتها ، مستعملة شعارات براقة. هذا الموقف إنطلق من قاعدة فكرية – علمية. نؤمن بها، ترى الأمور بنظرة واقعية وتحليلية. بالمقابل حاول بعض الكتبة الإنتهازيين التشكيك في طرحنا هذا والقول أن عصر الإشتراكية قد ولى، محاولين القول اننا نعيش في عالم يجب ان تسوده الأسواق المفتوحة والإقتصاد الحر والليبرالية ومن ثم الليبرالية الجديدة . عندها أكدنا أن هذه الكلمات لا تعبر عن الحقيقة القائمة عليها تلك السياسة ، وما يجري على ارض الواقع هو عكس ذلك تماماً ، حيث الإحتلال باسم "الحرية" ، والنهب باسم"الإستثمار" ، وأن ما يجري في ظل الرأسمالية المُسيطرة على عالمنا اليوم ما هو الا قمع لحريات الشعوب وسرقة في وضح النهار لممتلكاتها وخيراتها .

وقد جاء كتاب confessions of an economic hit man لمؤلفه جون باركينس ،الذي عمل في وحدة التصفيات الإقتصادية الأمريكية لمدة طويلة ، ليؤكد ما قلناه دائماً عن دور اليد الخفية "للعم سام" في البيت الأبيض بواشنطن وحلفاءه، فيما يحدث من تحركات في عالمنا ، من محاربة شرسة للطريق الإشتراكي ، وأي طريق آخر لا يخدم مصالحها الإقتصادية والعسكرية . وقيامها بتسخير كافة الوسائل الإقتصادية والعسكرية والثقافية والإعلامية والهيئات الدولية ،اضافة الى الإنقلابات العسكرية ،الإغتيالات والتصفية الجسدية وحتى مسرحة عمليات قتل كأنها حوادث طرق او طيران او مرض ، من اجل فرض هيمنتها. ورغم أن تحليلنا هذا كان ضمن النقاش الفكري ، الا أنه كان من الصعب علينا ان نتخيل عمق البشاعة والشراسة التي تمارسها القوى الرأسمالية ، ضد شعوب العالم ومظلوميه ، بما في ذلك شعوب تلك الدول نفسها.

التفاصيل التي يكشفها الكاتب عن " الوحدة" التي عمل فيها، وما قام به من "عمليات" تهديد وقتل اقتصادي ضد قيادات في دول العالم الثالث ، لا يمكن أن تكون كاملة لأننا نتوقع ان هناك تفاصيل اكثر بشاعة امتنع المؤلف عن ذكرها ضمن التزامه بسرية هذه المعلومات . وما كشف عنه هو طرف الخيط فقط لا غير . ومع أنه يؤكد أن افراد الوحدة عملوا " بشكل مستقل" ، الا انه يعود ويقول أن الحكم الأمريكي في واشنطن كان على اطلاع بما قام به هو وغيره من اعضاء "الوحدة " من ممارسات ضد زعماء وشخصيات في الدول الأخرى خاصة الدول النامية في العالم وعلى رأسها دول امريكا اللاتينية والشرق الأوسط وافريقيا ،حيث تمركز نشاطه . ويقول ايضاً أن وظيفته الرسمية كانت - محلل معطيات اقتصادية - في شركة الإستشارة الإقتصادية Main التي قدمت "خدمات" للشركات العولمية – الكارتيلات .

المهمة الأولى التي أنيطت به كانت اقناع دول وحكومات الحصول على قروض من أجل تمويل مشاريع ومبادرات بناء وهندسه، تقوم بها شركات امريكية ، ومن أجل ذلك قام باجراء "دراسات " ومسح اقتصادي للمردود والأرباح التي ستدرها هذه المشاريع على تلك الحكومات والشعوب ، ويؤكد انه بالغ جداً في "الأرباح" المتوقعة، من أجل أن تغرق تلك الحكومات في الديون جراء الخسائر من المشاريع والإستثمارات المختلفة التي قامت بها، وتعلن الإفلاس فتتحول تلك الدول وحكوماتها فريسة سهله في ايدي الشركات الأمريكية والحكم الأمريكي . وعندها تبدأ الإملااءات الأمريكية ، مثل اقامة قواعد عسكرية على اراضي تلك الدول ، فرض نمط التصويت في هيئة الأمم المتحدة لصالح الموقف الأمريكي مهما كان، بالإضافة الى السيطرة على المصادر الطبيعية من نفط وغاز ومعادن وزراعه واملاح الخ.

يؤكد الكاتب في مذكراته أنه خطط لمشاريع اقتصادية في مختلف المجالات مثل الطاقة والمواصلات وغيرها، لدول العالم الثالث ، واضعاً تصورات اقتصادية توفر اماكن عمل وتحارب البطالة وتقلص الفقر ، وان الخصخصة هي الطريق الأفضل لنجاح هذه المشاريع ، وان فتح الأسواق وانتهاج اقتصاد السوق الحر وغيرها ،هي خطوات ناجعة من أجل نهوض اقتصاد ومجتمعات تلك الدول ، لكنه كان يعرف مسبقا مع مُشغليه أن هذه المشاريع لن تساعد الفقراء الذين لا يملكون ثمن المصباح الكهربائي لإنارة الكوخ الذي يعيشون فيه ، وأن الرابح من هذه الإستثمارات والأسواق هي الكارتيلات العولمية ، خاصة الأمريكية ومعها البيت الأبيض . وهكذا تبخرت الوعود المعتمدة على تلك الخطط بانها ستقضي على الفقر والبطاله . وبقيت الأحلام بالتخلص من الفقر والفاقة تدغدغ ذاكرة تلك الشعوب فقط لا غير . وهكذا تكرست ظاهرة الفقر والبطالة ومعها اضطرت تلك الدول الحصول على قروض بفوائد قاتله ، فخضعت لما تُمليه عليها الولايات المتحدة والشركات العولمية وكل من صندوق النقد والبنك الدوليين ومنظمة التجارة العالمية . اي تكريس الإستعمار الجديد لا غير .

لن نخوض في كافة التفاصيل المتعلقة بعمليات الإغتيال والتصفبة لقادة يذكرهم الكاتب مُشيراً ان عمليات تصفيتهم – قتلهم تتلائم مع ما كان يمارسه هو وزملاءه في هذه الوحدة الخاصة (التصفية الإقتصادية)، وكيف تم تجنيده لها ، كما وردت في الصحف ووسائل الإعلام مؤخراً ، رغم التعتيم الذي قامت به كبرى الصحف الأمريكية المقربة من المؤسسة الحاكمة والتابعة للشركات الإعلامية العولمية ، التي تساهم هي ايضاً في ترسيخ مفاهيم الليبرالية الجديدة والإستغلال . وكيف تم تهديده شخصياً لنشره بعض التلميحات عن تلك التصفيات كما أكدت صحيفة "الغارديان" في إستعراضها لكتابه هذا ، لكننا نعود ونؤكد مجدداً ان ما يحدث في عالمنا من استغلال لشعوبه من قبل القوى الرأسمالية العولمية لن ينتهي الا بالنهوض الثوري من قبل المظلومين في عالمنا هذا.