ضيق صدر البرجوازي واثره علي مسيرة الحزب الشيوعي السوداني النضاليه


احسان فقيري
2017 / 4 / 28 - 16:17     

ضيق الصدر البرجوازي وتأثيره على مسيرة الحزب الشيوعي السوداني النضالية
تعرض الحزب طيلة مسيرته لكثير من الإختبارات والأزمات التي لم تزده الا قوة وصلابة بفضل ما تبذله كوادره المخلصة لقضيتها وبسند الأرض الصلبة التي يقف عليها فكراُ منحازاً للطبقه العامله ولكل المهمشين في الأرض. لم تدخر البرجوازية سلاحاً لم توجهه اليه مؤملة تصفيته ومحوه من الأرض لكن هيهات!! فقد سار الحزب في طريقه تدفعه الغايات النبيلة نحو الشعب والطبقة لم تفلح الضربات ولا الأزمات في أن تفتت من عضده بل كانت دائما تشكل دفعه يجد فيها الحزب فرصة لمراجعة مناهجه ووسائله ثابتاُ على طريق النضال. ..فقد إستهدفه المستعمرفسن قانون النشاط الهدام لمحاربته لانه عرف فيه الخطرالحقيقي لكنه فشل في إختراقه أو إضعافه. وقد ظل الحزب مستهدفاً من كافة قوى اليمين في الداخل التي إستعملت كل الأدوات والأساليب محاولة منها وقف نشاطه بل حتى تصفيته. هاجمه اليمين المحلي مستعملا سلاح التضليل وتشكيك الشعب السوداني بتصويره داعياً للإلحاد ومستهدفاً لقيمهم الدينية والإجتماعية. أو بوصفه تنظيماً خارجي الإنتماء وما هو إلا ذراعا للنظام في الإتحاد السوفيتي. قوى اليمين البرجوازي كانت تتناسى خلافاتها البينية وتتحد وتصطف بغرض إبعاد الحزب من الساحة السياسية خوفاً على مصالحها الذاتيه ولقطع طريق الإستنارة على البسطاء الذين طوقتهم بأوهام الطائفة. ثم جأت تجربة عزله بل حظره التي جافت كل الأعراف السياسية وضربت عرض الحائط بالقانون ممثلا في أعلى سلطاته (المحكمة الدستورية )إذ أعيت البرجوازية الحيل وأصابها الذعر عندما رأت قطاعات القوى الحديثة، العمال، الزراع والطلبة قد اصطفت سنداُ لبرنامجه الذي خاطب قضاياها ومصالحها. أختلقت البرجوازية قصة طالب معهد المعلمين فطردت نوابه من البرلمان. ولمساندة القرار بل إستعجال تنفيذ المخطط أتت جحافل المليشيات التابعه لحزب الامه تقتحم حي بيت المال العريق وهتافاتها الدمويه تسبقها وكانت ملحمه تاريخيه استبسلت فيها عضويه الحزب وساكني بيت المال من رجال وشباب ونساء للدفاع عن الحزب وحماية الدار. لن يتوقف اليمين عن إستهداف الحزب وليس من البعيد أن تلتئم صفوفه في أي لحظة فما نعيشه اليوم هو هدنة فرضتها الظروف السياسية الراهنة. ثم كانت تجربة يوليو 1971 التي قادتها البرجوازية الصغيرة داخل الحزب بالتعاون مع سلطه البرجوازيه الصغيره الحاكمه آنذاك بالهجمة الشرسة على الحزب بتصفية القيادات ومحاولة نسف الحزب من أساسه. كل هذه التجارب يشهد التاريخ بقوة الحزب في التصدي لها ووقوفه صلباً وأكثر قوة.
الإستهداف الخارجي مهما كان تأثيره قوياً فهو محدود لكن كانت الإختبارات الصعبة عندما تعرض الحزب لمحاولات التصفية ومحاولات الإنحراف بمسيرته عن طريقها الثوري.إتخذ الحزب المواقف الحاسمة ومارس الوسيلة الديمقراطية الأولى في حسم الصراعات التي إستهدفت بقائه كتنظيم ماركسي لينيني بعيدا عن النزوع الى اليمين أو اليسار الراديكالي فنجحت مؤتمرات الحزب في كل تجارب الإنقسام والتصفيه في البقاء على الحزب. وتظل الصراعات الداخليه الناتجه من المنعرجات التي يواجهها الحزب هي الاخطر فقد ظل ضيق الصدر البرجوازي هو المحرك لتلك الصراعات فما هو الثأثير الذي ينتج عن ضيق الصدر البرجوازي ؟؟
تتسم البرجوازية الصغيرة بضيق الصدر الذي يتجلى في حالة من الضجر تنتابتها في مسيرة النضال الطويل. فقد إختار الحزب لطريقه الثوري سكة النضال الصور الدؤوب طويل النفس. طبيعة البرجوازية الصغيرة لا تحتمل السير طيلة هذه المسافات فتسعى دائماً لخلق الطرق القصيرة لذلك فهي ميالة للحلول الراديكالية السريعة أو الإتجاه الى الخلف در وهو الميل الى اليمينية لفض السيرة من أساسا
معروف ان طبقة البرجوازيه الصغيره ليس لديها النفس الطويل في المعارك فوجهتها دائماً هي المصالح الداتية الضيقة حيث تستعجل دائما لتنفيذها. كذلك من طبيعة هذه الطبقة التردد وعدم الإلتزام بالمبدأئية وكل ذلك ينتج عنه الإندفاع السريع الذي يؤدي دائماً الى التطلع الى تطبيق الحريات الليبرالية بالمعنيين الاقتصادي (حرية حركة السوق) والسياسي بمعنى الحرية التي يحكمها المصالح الفردية. ونضرب مثلا بما اعتري الحزب من سلوك البرجوازيه وتاثيره علي المسيرة النضاليه لحزبنا
هشاشة الأساس الطبقي للبرجوازية الصغيرة نتج عنه التأثر بما يحدث في الساحة خاصة إدا كان ما يستجد هو ذو عائد سريع. ففي فجر الإستقلال وعندما ظهرت الحركة الإتحادية وكانت سيدة الساحة السياسية حيث نسب اليها الدور الأول في تحقيق الإستقلال وتفاعل الجماهير معها حيث أصبح حزبها هو حزب الأغلبية ظهرت الأصوات التي تنادي بالإندماج مع الحركة الإتحادية متأثرة بالوهج الذي إعترى الساحة السياسية منطلقا من تلك الحركة. هذا التأثر الذي يتسم ببناء المواقف على أساس رد الفعل فقط بدون أي أساس نظري ثوري هو من سلبيات هشاشة البنية النظرية لطبقة البرجوازية الصغيرة. إذ كان الهدف هو الوصول السريع الى السلطة مهما كانت الأسباب والنتائج. وكان هذا هو الإنقسام الأول في الحزب.
كان المنعرج الثاني هو ما يطلق عليه إنقسام القيادة الثورية فقد أثار وهج الثورة الثقافية والنتائج الراديكالية لحركة ماوتسي تونج مكامن اليسارية الراديكالية المتسرعة في صفوف البرجوازية الصغيرة في الحزب فقادت صراع في زمن كان الحزب يناضل من أجل البقاء بجانب النضال في مقدمة الشعب السوداني لمقاومة الديكتاتورية العسكرية. ثبات الحزب على خطه الديمقراطي والنضال الصبور لتحقيق الغايات كان عوناً له في التصدي لتلك النزعة وتجاوز تجربة الإنقسام.
ومن أخطر المنعرجات هو ملامسة الحزب للسلطة في مايو 1969 فقد كان تجربة الإنقياد لسلطة البرجوازية الصغيرة فلم يكن من المستغرب أن تنادي أصوات هذه الطبقة في الحزب بالذوبان في سلطة مايو وتصفية الحزب. كانت قراءة الحزب العلمية لتلك السلطة سليمة فقد حافظ الحزب على موقفه الطبقي من تلك السلطة ناعتاً لها بسلطة البرجوازية الصغيرة متقلبة الأطوار والتي ليست لها القدرات أو الأساس لتنفيذ برنامج الثورة الوطنية الديمقراطية. فكانت تلك هي أبشع تجربة قادتها زمرة من البرجوازية الصغيرة داخل الحزب حيث شاركت سلطة مايو ولطخت أياديها بدماء رفاق الأمس. وتشابكت أياديهم بأيادي السفاح في لتصفية الحزب وحركة الجماهير.
أتت الحركه الشعبيه ذات البرنامج الملهم الذي يدعو للسودان الجديد. فوجدت البرجوازية الصغيرة ضالتها في هذ. العسكري السريع الذي يتماهي مع ضيق الصدر !ونسي الرفاق بان دعوة الحزب منذ تاسيسه كانت دوما للسودان الجديدوهو تماما ما يتضمنهبرنامج مرحلة الثورة الوطنيه الديمقراطيه ولكن ما جذبهم هو العقليه الرديكاليه وليس البرنامج .
الصراع الأخير هو شاهد آخر على هشاشة البرجوازية الصغيرة الفكرية، فبالإضافة لردة الفعل السطحية لإنهيار المعسكر الإشتراكي كانت هنالك العولمة التي تبنتها الإمبريالية كي تفرض سيطرتها على العالم بعد أن إنفردت به فسيطرت الشركات العابرة للقارات وأخضعت العالم بواسطة جهازها الإعلامي لمفاهيم السوق سواء من الناحية الثقافية أو الإجتماعيةأو التقنية التي بدورها تؤثر على المفاهيم الحضارية والقيم الثقافية وحتى الأنماط السلوكية للأفراد، وحتى التعبيرات والمصطلحات – يتم هذا بوسائل متعددة بحيث تتم السيطرة على العقول واحتواء الخبرات – وفي اطار العولمة يبدو أن أهمية النشاط والحراك السياسي القائم على أساس الموقف الطبقي تتضاءل، فيما تزيد الحركات الأجتماعية المتمحورة حول قضية محددة من خلال الدعوة لانشاء منظمات المجتمع المدني. التى تنشط في مجالات مختلفة، والتى هي في الأساس"مدفوعة الأجر" من جهة ما، لها مصلحة حقيقية في تغيير المفاهيم السياسية و الثقافية للمجتمع وهي محاولة في الأساس لاجهاض العمل السياسي المبني على أسس طبقية وأيدولوجية و تحويله الى نشاط خيري اصلاحي مدفوع الأجر. مما يؤثر على الحركات الديمقراطية شبابيه او نسائيه وبالتاكيد هذه الافكار تخرب العقول وتنشط اللبراليه ويبدا التململ من النشاط الحزبي الدؤوب اليومي وتعلو دعاوي التجديد باعتبار ان الماركسيه قد ذهب اوانها بعد سقوط المعسكر الاشتراكي وقد ان اوان التغيير ولكن تظل الحقيقه واضحه بان انهيار التجربه الاشتراكيه التي انتابتها كثير من الاخطاء خاصة تكريس الدوله لخدمة الحزب بدلا من العكس وتحويلها الي اداة لقمع الجماهير ولكنه الضجر البرجوازي وهو سيد الموقف هنا
د-احسان فقيري
يونيو2016