جينيالوجيا الشيوعية


عذري مازغ
2017 / 4 / 5 - 23:02     

في الصراع الأيديولوجي المتمحور حول الدين يتخذ الشيوعي العربي موقفا مزدوجا، مع الرفاق لائكي محض، مع باقي فئات المجتمع يتحربأ (من الحرباء) حسب طبيعة محاوره، يصبح أي شيء إلا أن تسميه شيوعي، مع الخصوصية القومية، مع الخصوصية الإيمانية، مع الإشتراكية الإسلامية (أليس أول ثورة اشتراكية في التاريخ كانت ثورة الزنوج في صدر الدولة العباسية؟، إيه يا إخوان الصفاء وخلان الوفاء!!، الماركسية لا تتنافى مع المعتقد، ثم يبدأ بالتهليل الفقهي في تأويل قولة ماركس الشهيرة: الدين أفيون الشعوب.. ليس ضد المعتقد كذا...، هو يقصد رنة المضطهد..! que te jodan!!) هو مع حتى الفاشية الوطنية، يبقي فقط قشرته الشيوعية في التمسك بقشيب اللينينية باعتبارها ثورة نجحت أولا وباعتبارها ثانيا ثورة بروليتارية باعتباره هو يلبس خردة الطبقة العاملة ويطمح أن يكون طليعيا لها، بعبارة أخرى، أن يكون انتهازيا.
في الكثير من المواقف الصادمة، في الفضاء الإفتراضي الرحب تحديدا، يهاجمك القومجي من كل صنف، بتشخيص نفسي عن بعد (مسحة جديدة في علم بعض نفسانيينا، في العالم العربي حتى ثوار البقر يساعد على التشخيص، التشخيص النفسي عن بعد وعبر الفضاء المفترض، أن تبيح أنك شيوعي يحيل بقوة خارقة إلى أحكام مسبقة، عند الأمازيغي النزعوي: أنت ناصري قومجي عروبي وهلم جرا في محاكمات لا تنتهي، يحيلك إلى سرد من المعطيات حفظها عن ظهر قلب، يصبح فيها كل تحليل ماركسي مبني على ميكانيزم الصراع الطبقي هو إحالة إلى لعنة تاريخية في المغرب مثلا، لعبت الحركة الوطنية فيه دورا سالبا تجاه الثقافة المحلية، يرفض أن تكون مقاومتنا للإستعمار بدوية لأن البدوية تحقير لها، في السياق كيف نسمي مقاومين بالفطرة والجأش البطولي للأمازيغ ضد فرنسا في المغرب ولم يحققوا أدنى شيء مما انتزع منهم؟ أراضيهم التي يتبرع فيها أطناب المخزن الآن، البطولة في المعارك شيء وخسارة الهدف شيء آخر، على الأمازيغي أن يعترف بدئيا، بناء على ما تم تحقيقه على الصعيد التحرري، أنه كان يفتقد إلى التأطير الإيديولوجي المنسجم مع أهدافه أولا، وبعد ذلك عليه أن يقر بأنه كان مخدوعا في الحركة الوطنية بسبب أن حضوره في المعارك غيب حضوره في المعارك السياسية، نابت عنه قوى غاشمة أطرته تحت شعار "اللطيف"، عليه ثالثا أن يعي أن عقيدة العرب القوميين في أي صراع (عقيدة الآخر)، ليس الإنتصار بل الغنيمة، هاكم المثل في معارضة سوريا، الكل يتحشد لأجل المال والغنائم والجواري ولا تهمهم سوريا كدولة على الإطلاق، وعليه قل ما شئت حول النظام البعثي الفاشي وما إلى ذلك.
من يتذكر تلك المقولة القومجية القديمة: "شلوح الكنز وشلوح الخنز"، "شلوح الكنز" هم هؤلاء المنقذفون في المعارك المجانية إبان حكم السعديين، و"شلوح الخنز"، شلوح منطقة مكناس والخميسات وما إلى ذلك هم من لم يروا نفعا لهم في معركة واد المخازن آخر معارك الحروب الصليبة ، أي أنهم كانوا شلوح واعيين بأن مشاركتهم لا فائدة لهم فيها من ورائها وأنها معركة يخوضها الأمازيغ (أمازيغ الكنز) بالوكالة لصالح من يغتنمون في المعركة . حتى الآن، من يعتقدون أنهم من تلك الفئة الأولى، بوعي مقلوب، أصبح الشيوعي عندهم هذا الذي يناصر قضايا فاشلة لا غنيمة فيها ، ليس شيوعي كنز، اليهود وعبرهم كيانهم السياسي إسرائيل، هم خبراء في ضمان الكنوز، من يتجرد من إحساسه الإنساني تجاه شعب مضطهد كالشعب الفلسطيني في نضاله ضد استعمار كتلة من يهود العالم، إمبريالية بصك غفران ديني، قرروا يوم العودة إلى أرض ليست أرضهم، أرض موعودة كما يقول توراتهم، هو بالتأكيد من "شلوح الكنز"، الشلوح الذين ينتصرون لقضايا يغتنم فيها الآخرون. المعادلة هي مقلوبة تماما . طبعا للدفاع عن قضية غاشمة ثمن غاشم أيضا يمكن أن نستنتجه من معركة واد المخازن نفسها .
الشيوعية هي الموقف الحقيقي المنسجم مع التراث الامازيغي الحقيقي، الملك الجماعي للأرض ، والإحتكام لميثاق تعايشي هم صانعوه وفقا لتقاليدهم وأعرافهم ووفقا لتطوره، أي أنه لا يخضع لثوابت معينة. هكذا كنا وهكذا أومن شخصيا بكياننا. أمس سألني صديق بشكل غير مباشر عن الشيوعية، قدم لي مقال لأحد الأصوليين يصف فيه الشيوعية بالقول المفاد، وهذا مني طبعا، الشيوعية (في المقال طبعا) تعني أن تأكل وتشرب وتذهب للنوم، لا عمل فيها .. الأمر كان طبعا يحيل إلى المزاح، قلت له إنها: "إسليلا" الشيوعية! (إسليلا، تعني ما تبقى من ماء ملوث بعد تمخيض الحليب، ماء الجبنة أيضا، وهو اسلوب تحقيري في الأمازيغية).
وكواجب رد عليه يمكنني القول الآن أن الشيوعية هي الذهاب الجماعي لجمع "إغديون"(مسطلح أمازيغي يعبر عن ثمار الأعشاب) في الطبيعة (ما يعني أنها ليست ملك أحد، نفي الملكية)(جمع، من فعل جمع، يعني عمل) وطهيها وأكلها مع الجميع، وليست نوم وأكل وشرب.
هذه هي جينيالوجيا الشيوعية .