اطروحة غرامشية خصبة.


التيتي الحبيب
2017 / 2 / 25 - 12:15     

اطروحة غرامشية خصبة.
ونحن في حضرة الذكرى 100 للثورة البلشفية المجيدة التي عبرها دخلت البشرية الى عهد جديد عهد سلطة العمال، اقترح على المناضلات والمناضلين الاشتغال على نصوص وقضايا ذات دلالة قوية ولا زالت لها راهنية. نصوص تساعد على الانبعاث المتجدد لأهداف الثورة البلشفية الخالدة والتي لازالت هناك الكثير من التضحيات بالغالي والنفيس تقدم عبر العالم.اما نحن بالمغرب فأحسن ما نقدمه هو الانخراط القوي والشجاع والمبدئي لبناء الحزب المستقل للطبقة العاملة وعموم الكادحين والذي بدونه سيستمر هذر كفاحات شعبنا.
النص الثامن

اطروحة غرامشية خصبة.

في معرض حديثه عن غرامشي ينقل اريك هوبزباوم احدى الافكار الاساسية في فكر انطونيو غرامشي وهي" لان المسالة الاساسية للثورة تتمثل في كيفية جعل طبقة تابعة و ثانوية قادرة على الهيمنة، و تؤمن بنفسها كطبقة حاكمة ممكنة، وتكون موثوقة من الطبقات الاخرى" ص 315 من كتاب كيفية تغيير العالم/. اريك هوبزباوم تعريب حيدر حاج اسماعيل.
لهذه الفكرة وقع عظيم في الفكر السياسي وهي تشكل احد المداخل للجواب اليوم عن السؤال الذي يشغل بال مختلف تيارات الماركسيين بالعالم حول لماذا فشلت اول تجربة بناء الاشتراكية و لماذا انهارت دولة ثورة اكتوبر العظيمة؟
فبعيدا عن الاجوبة السخيفة و التي لم تمكن من التقدم في بناء البديل على طريق انجاز الثورة البروليتارية و بناء الاشتراكية، تسمح اشارة غرامشي الى اعادة النظر في الفكر السياسي الذي اشتغل به و ضمنه الماركسيون و خاصة منهم الماركسيون اللينينيون.
ان قضية الهيمنة كما يستعرضها غرامشي هي قضية دينامية لا تتعلق بلحظة معينة من حياة الثورة.انها تهم كل الفترات السابقة على الثورة كما تهم خلال الثورة و ما بعدها و الاستيلاء على السلطة.و بهذا المعنى يصبح لعملية التغيير الثوري مضمون عميق يتجاوز المفاهيم الاجرائية او اللوجيستيكية في التغيير الثوري او انجاز الثورة الى حاجة توفير شروط دائمة تحقق الهيمنة. و طبعا الهيمنة التي هي موضوع كلامنا هي هيمنة البروليتاريا في عملية التغيير. و هذه الهيمنة غير ممكنة التحقق بدون بناء الحزب المستقل للطبقة العاملة و من خلال عمل اطره و قادته يجب ان يصبحوا قادة مقبولين و موثوقين ليس فقط داخل البروليتاريا لكن و اساسا داخل الطبقات و الفئات الحليفة الوثيقة او المؤقتة للطبقة العاملة.
نسوق اليوم هذه الاطروحة الغرامشية لكي نتمكن من قياس الهوة الكبيرة و التي تفصلنا واقعيا و بشكل ملموس عن الاهداف الاستراتيجية.
1- انظروا الى موقع طبقتنا العاملة من مسالة الهيمنة كما يصوغها غرامشي.فهي اليوم طبقة تابعة و ثانوية تتكالب عليها كل القوى البرجوازية الكبيرة والصغيرة و كل اللصوص .حتى ادواتها المستقلة و التي هي النقابات لم تعد بيدها. بل نراهم امعنوا في تمزيق الصفوف و دفع العمال الى اليأس و الاحباط من جدوى العمل النقابي . انها تابعة ايضا لأنها عرضة الى حرب اعلامية و ايديولوجية للفكر الرجعي و النكوصي بل هي اليوم تكاد تشكل ملحقا للكتلة الطبقية السائدة
( البرجوازية الاحتكارية الوكيلة وملاكي الاراضي الكبار) .
2- انظروا الى اين نحن من مهمة بناء الحزب المستقل للطبقة العاملة و هي المهمة المطروحة منذ سنة 1970 و التي لا زالت تراوح مكانها. كيف لهذا المهمة ان تنجز و تنظيمات اليسار الماركسي لا زالت تعيش على هامش الطبقة العاملة واغلبية المناضلين مشدودين اكثر الى الاوساط البرجوازية الصغيرة او المتوسطة او الفئات الاجتماعية الهامشية الغير مستقرة من تلاميذ وطلبة ومعطلين. كيف ستنجز هذه المهمة و البعض غارق في حلقيته و في ابراجه العالية و هو يحلم ببناء الخط السياسي و الايديولوجي و حتى العسكري بمعزل عن الصراع الطبقي و التجدر في الطبقة العاملة. كيف ستنجز هذه المهمة و الماركسيون لم يتعلموا حتى ادب خوض الصراع الايديولوجي والسياسي الرفاقي بل تراهم منخرطون في التخوين والتخوين المضاد و الافتاء بالتحريفية و هم يبحثون على كل ذريعة لتشتيت الصفوف و ليس تجميع القوى و تكتيل الطاقات وكأنهم مكلفون بهذه المهمة القبيحة.
3- تسمح الاطروحة الغرامشية بالتوكيد بان مهمة بناء الحزب المستقل للطبقة العاملة اصبحت اليوم مهمة مركزية لا تقبل التأجيل او التسويف، و على المقتنعين بها الانطلاق في تجارب ملموسة و البحث عن سبل التعاون الرفاقي لانجازها.يجب القطع مع الاعتقاد المعشش في فكر الغالبية و هي ان المهمة المركزية هي بناء الخط السياسي قبل التنظيم و هي فكرة ضارة لأنها تعتقد بسدادة بناء التنظيم اي الحزب خارج الممارسة و انه يكفي ان نتوفر على الخط السديد حتى نفرغه في اناء التنظيم فيتحقق الحزب المنشود.ان الحزب المنشود لن يبنى إلا عبر الارتباط اليومي و الدائم بين الاطر و تحولها الى المثقف العضوي للبروليتاريا و لباقي الجماهير الكادحة ففي هذه العملية تبدأ مهمة تحقيق هيمنة البروليتاريا .
4- تسمح ايضا الاطروحة الغرامشية بالجواب السديد على فشل التجربة الاشتراكية لأنها ستمكن من جعل البروليتاريا مدركة لمهامها في كل المراحل للنضال الذي عليها ان تخوضه و تقوده. فعلى قاعدة هذه الاطروحة يمكن فتح نقاش مع الاتجاهات الماركسية التي اعتقدت ان فشل التجربة السوفيتية يرجع الى البيروفراطية و خاصة الى اخطاء ستالين و من تبعه.فمن شان تبني الاطروحة الغرامشية ان يقرب الهوة مع هذه التيارات و ان يساعدها الى الرؤية السديدة للاطروحات اللينينية في التنظيم او في مسالة تهييء شروط الانتقال الى الاشتراكية عبر مرحلة الدولة الوطنية الديمقراطية الشعبية المفتوحة والغير منفصلة عن الثورة الاشتراكية.
البيضاء في 27/01/2017
التيتي الحبيب.