الناصرية، من منظور سمير أمين(الجزء الثالث)


حاتم بشر
2017 / 1 / 27 - 13:44     

(6) المضمون الطبقي للإصلاح الزراعي الناصري.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يقول أمين: ”زعمت حدتو ان الاصلاح الزراعي الناصري قد قضى على هيمنة الاقطاع على الريف المصري“. ثم أنها-أي حدتو-ارتكزت على هذا الزعم بوصفه ”دليلا على أن البرجوازية الوطنية هي الطبقة التي قادت(ثورة يوليو)“.

أما حزب الراية فقد كان له رأي آخر. "فقد انطلق من مقولة تزعم أن اصلاحا زراعيا صــحــيــحـــاً انما يفترض توزيع اراضي كبار الملاك المصادرة على فـــقـــــراء الفلاحين(وربما أيضا على متوسطيهم بالـــمـــجـــــان)". وطبقا لأمين؛ فإن شيئا من هذا لم يحدث! يقول:
أولا؛ "فالاصلاح الزراعي لـــــــــــمْ يُـــصـــــادر اراضي كبار الملاك، بل ان الحكومة قد دفعت ثمنها".
ثانيا؛ "لم توزع الاراضي بالمصادرة بالمجان، بل تم عرض بيعها بثمن الشراء مضافا اليه تكاليف المصادرة". وفي ظل هذا الوضع-يقول أمين-"لم يكن في استطاعة أحد بإستثناء اغنياء الفلاحين(وربما البعض من متوسطيهم) أن يقدر على شرائها".

مما تقدم ينتهي أمين الى النتيجة التالية:
لقد"كرس الإصلاح الزراعي الناصري موقع اغنياء الفلاحين".
ولقد مثلت هذه الطبقة التي أفادت من الاصلاح”..ولا تزال تمثل، في ظروف مصر: محورا من محاور التحالف الاجتماعي الرجعي على صعيد الوطن. فهذه الطبقة هي التي استولت على زمام الحكم في الجمعيات التعاونية التي أنشأها النظام. علما بأن هذه التعاونيات لم تقم بتنظيم الانتاج. واكتفت بالتحكم في الشراء المشترك للمدخلات، أي البذور والاسمدة...الخ، وبيع المنتجات“.


من جهة اخرى يلفت سمير أمين النظر الى التعبير الحقوقي عن الاصلاح الزراعي: ”ان نص قانون الاصلاح لعام 1952 قد اعلن بوضوح؛ حيث قد دعا كبار الملاك العقاريين الى ان يستثمروا اموالهم في الصناعة“. وفي كتابه "مصر الناصرية"، يبين أمين أن "كبار الملاك العقارييين في مصر قد خرجوا عن اطار العلاقات الاقطاعية منذ زمن بعيد، واصبحوا ملاكا رأسماليين." وان هذه الطبقة قد اسهمت فعلا مع رأس المال الصناعي المصري، وأن هذا الأخير قد انخرط بدوره في المشاركة مع الرأسمال الاجنبي الاستعماري.

وعندما يستعرض سمير تحليل حزب الراية لمسألة الاصلاح الزراعي الناصري يشير الى ملاحظة هامة ابرزها هذا التحليل:"ان اجراءات عرض الأراضي المصادرة (المشتراة في الواقع) من قبل الدولة للبيع، قد تأخر بحيث أن الدولة-خلال هذه الفترة الانتقالية الطويلة- اصبحت هي ”محصل لريع تأجير الأرض للفلاحين“.." ويثبت سمير التوصيف الذي نعت به حزب الراية ذلك الوضع بأنه "اقطاعية الدولة".