-نيكولاس الدموي- - البلشفية طريق الثورة


آلان وودز
2017 / 1 / 20 - 00:07     

البلشفية طريق الثورة

الفصل الثاني: الثورة الروسية الأولى

"نيكولاس الدموي"




ترجمة: هيئة تحرير موقع ماركسي

في الوقت الحاضر، حين أصبح من المألوف تقديم صورة جميلة عن القيصر نيكولاس بألوان أكثر جاذبية وإنسانية، يكون من الواجب علينا ربما كذلك أن نذكر بالطبيعة الحقيقية والدور الذي لعبه ذلك الذي كان معروفا لمعاصريه بأنه "نيكولاس الدموي". ونشير بشكل خاص إلى موقف "الأب المبجل" من جرائم منظمي المذابح ضد الأقليات. منذ بداية حكمه أظهر نيكولاس استعداده للجوء إلى العنف تحت أدنى ذريعة. في عام 1895، أي بعد عام على توليته، أرسل القيصر برقية لفوج من رماة القنابل، الذين تميزوا بشراستهم في قمع احتجاجات العمال، قال فيها: «إني راض للغاية عن الهدوء والجرأة التي تعاملت بهما القوات خلال أعمال شغب المصانع». وفي عام 1905 تصرف بنفس الطريقة، حين كتب إلى والدته في دجنبر 1905، يمدح القمع الوحشي ضد الفلاحين في منطقة البلطيق، قائلا: «يجب مواجهة الإرهاب بالإرهاب. أورلوف وريختر والآخرون يقومون بعمل جيد جدا. لقد تم تفريق العديد من العصابات التي تثير الفتن وأحرقت منازلهم وممتلكاتهم». وبعد فترة وجيزة، عندما سمع بأن ريغا قد تمت السيطرة عليها، وأن القبطان ريختر شنق زعيم المتمردين، علق القيصر قائلا: "إنه إنسان رائع!". وفي عام 1907 سأل برنار باريز، مؤلف واحد من أفضل كتب التاريخ الإنجليزية المعروفة عن روسيا، فلاحا روسيا عن رأيه في ما حدث خلال السنوات الخمس الماضية، أجاب الفلاح بعد لحظة تفكير: «قبل خمس سنوات كانت هناك ثقة [في القيصر] فضلا عن الخوف، أما الآن فإن الثقة ذهبت وكل ما تبقى هو الخوف فقط».[1]






رسم كاريكاتوري يجسد دموية القيصر نيكولاس الثاني

وردا على الحركة الثورية للعمال، نظم النظام مذابح دموية ضد اليهود والاشتراكيين و"المثقفين". في شهر واحد بعد 17 أكتوبر، قتل حوالي 4000 شخص إضافة إلى 10.000 جريح في مذابح دموية. هلك كثير من الاشتراكيين الديمقراطيين في هذه الهجمات، ولا سيما الزعيم البلشفي، نيكولاي بومان، الذي تعرض للاغتيال في موسكو بعد وقت قصير من إطلاق سراحه من السجن. تحولت جنازة بومان إلى مظاهرة عمالية حاشدة. تم الطواف بالنعش في الشوارع برفقة فرقة تنشد الأغاني الثورية. «جاء قادة الحزب بأكاليل الزهور والأعلام الحمراء ولافتات تحمل شعارات مكتوبة بأحرف مذهبة. كانت تحيط بهم ميليشيا من الطلاب والعمال المسلحين ووراءهم سارت صفوف طويلة من المشيعين، بلغ عددهم حوالي 100.000 في المجموع، وساروا في تشكيل عسكري. استمر هذا الموكب شبه الديني طيلة يوم، وتوقف عند نقاط مختلفة في المدينة لالتقاط التعزيزات. وعندما مرت الجنازة أمام المعهد الموسيقي انضمت إليه أوركسترا طلابية، والتي رددت، مرارا وتكرارا، النشيد الجنائزي الثوري: "وقعت ضحية لصراع مصيري". حزن المشاركين في المسيرة وموسيقاهم الكئيبة وتنظيمهم العسكري ملأ الشوارع بتهديد قاتم. ومع حلول الليل، أشعلت آلاف المشاعل، مما جعل الأعلام الحمراء تتوهج. كانت الخطب على القبر مثيرة للمشاعر ومليئة بالتحدي والتحريض. دعت أرملة بومان الحشود للانتقام لزوجها، وبينما كانت الحشود في طريقها إلى وسط المدينة، اندلعت اشتباكات متقطعة مع عصابات المئات السود».

كانت هناك العديد من الحالات الأخرى لأناس تعرضوا للتعذيب الوحشي والقتل على يد عصابات المئات السود الممولة والمسلحة من السلطات كأجهزة مساعدة للدولة. ليس من الصعب إثبات علاقة السلطات بتلك المذابح، بدءا من قائد الشرطة المحلية وصولا إلى القيصر. كان نيكولاس يتولى بشكل شخصي عمل اتحاد الشعب الروسي، الذي كان يقف وراء المئات السود. ليس هناك شك في العلاقة المباشرة بين نيكولاس وبين المئات السود، كما توضح شهادة تاريخية حديثة:


«لقد رعى القيصر ومؤيدوه في المحاكم... الاتحاد، وكذلك فعل العديد من رجال الكنيسة البارزين، بمن فيهم الأب يوحنا كرونشتادت، الذي كان صديقا مقربا للعائلة المالكة، والأسقف هيرموجين والراهب ليودور. نيكولاس نفسه ارتدى شارة الاتحاد، وتمنى لقادته "النجاح الكامل" في جهودهم الرامية إلى توحيد "الروس الأوفياء" وراء الحكم المطلق. وبناء على تعليمات القيصر مولت وزارة الداخلية صحفه ومدته سرا بالسلاح».[2]

معاداة القيصر للسامية موثقة جيدا:


«كان لديه عداء خاص لليهود. وعندما اقترح ستوليبين، رئيس الوزراء ما بين 1906-1911، تخفيف بعض القيود المفروضة على اليهود في ما يتعلق بالحق في الإقامة، أجاب القيصر: "بالرغم من الحجج الجد مقنعة لصالح قرار إيجابي بهذا الشأن، فإن صوتا داخليا أكثر إصرارا يقول لي إنه لا ينبغي علي أن أتخذ هذا القرار. إن ضميري لم يخدعني أبدا، ولذلك ففي هذه الحالة أيضا، أعتزم اتباع إملاءاته". لم تكن صدفة أن القيصر أصبح عضوا في اتحاد الشعب الروسي المعادي للسامية، وساهم في تمويل الاتحاد، كما ربطته برئيسه، الدكتور دوبروفين، علاقة ودية. لم يكن لديه أي تعاطف مع ضحايا المذابح التي أعقبت نشر بيان أكتوبر عام 1905، بل على العكس من ذلك، رأى فيها ثورة ضد "وقاحة" الاشتراكيين والثوريين».[3]

عانى اليهود فظائع رهيبة على أيدي عصابات المئات السود، الذين كانت الشرطة تحرضهم وتمدهم بالفودكا. نظمت تلك الفظائع في أعلى هرم السلطة. في مقر الشرطة في بيترسبورغ كانت تطبع آلاف المنشورات التي كانت تحرض على العنف ضد اليهود "الذين يدمرون روسيا" وتدعو السكان الى "تقطيعهم وقتلهم جميعا". كان الجنرال تريبوف شخصيا هو من حرر المنشور الذي مولت وزير الداخلية نشره بمبلغ وصلت قيمته إلى 70.000 روبل. وقعت أكثر المذابح وحشية في أوديسا، حيث قتل 800 يهودي وجرح 5000 وتم تشريد أكثر من 100.000. تم تحريض حثالة البروليتاريا، زبالة المجتمع، المحميين من قبل البوليس، على ارتكاب فظائع لا توصف ضد شعب أعزل. كتب تروتسكي


«صار المتشرد المتسول سيد المكان، كان قبل ساعة عبدا يرتجف طريدا للشرطة والمجاعة، فإذا به الآن صار مستبدا لا حدود لسلطته. صار مسموحا له بكل شيء، صار قادرا على كل شيء، صار سيدا على أملاك الناس وأعراضهم، بيده قرار حياتهم وموتهم. يمكنه إذا أراد أن يرمي امرأة عجوز من نافذة في الطابق الثالث مع بيانو كبير، ويمكنه أن يكسر كرسيا على رأس طفل، كما يمكنه اغتصاب طفلة صغيرة بينما كل الحشود تنظر، ويدق مسمارا في جسم إنسان حي... ويبيد عائلات بأكملها، ويصب البنزين على منزل ويحوله إلى كتلة من اللهب، وإذا حاول أي شخص الهرب، يقضي عليه بهراوة. دخل حشد متوحش ملجأ أرمينيين فقراء وذبحوا العجزة والمرضى والنساء والأطفال... لا يوجد حد للفظائع التي يمكن لشخص مخبول بالكحول والغضب أن يرتكبها. انه قادر على كل شيء: حفظ الله القيصر!».[4]

البلشفي بياتنيتسكي الذي كان في أوديسا في ذلك الوقت يتذكر ما حدث: «هناك رأيت المشهد التالي: عصابة من الشبان، تتراوح أعمارهم ما بين 25 و20 سنة، كان هناك بينهم رجال الشرطة بزي مدني وأعضاء الأوخرانا، يلقون القبض على أي شخص يبدو وكأنه يهودي، من رجال ونساء وأطفال، ويجردونهم من ملابسهم ويضربونهم بلا رحمة... قمنا على الفور بتنظيم مجموعة من الثوار مسلحين بالمسدسات... ركضنا نحوهم وأطلقنا النار عليهم، فهربوا. ولكن فجأة ظهر بيننا وبين منظمي المذابح جدار صلب من الجنود المدججين بالسلاح وواجهونا، فتراجعنا. ابتعد الجنود فعاد منظمو المذابح مرة أخرى. حدث ذلك عدة مرات. وأصبح واضحا لنا أن منظمي المذابح كانوا يتصرفون بتنسيق مع الجيش»[5]. التقرير الرسمي الذي أمر به وايت يتعرض بوضوح لدور الشرطة في هذه المجزرة، ليس فقط بتنظيم غوغاء حثالة البروليتاريا وتزويدهم بالفودكا، بل أيضا بتوجيههم إلى الأماكن التي كان اليهود يختبئون فيها، وحتى المشاركة مباشرة في ذبح الرجال والنساء والأطفال. اعترف حاكم أوديسا، نييد غارت، أن «حشود مثيري الشغب الذين كانوا منخرطين في التحطيم والسرقة، استقبلوه بحماس». كما وجه قائد القوات المحلية، البارون كولبارت، خطابا إلى الشرطة يبدأ بالعبارات التالية: «دعونا نسمي الأشياء بأسمائها. دعونا نعترف بأننا جميعا نتعاطف من أعماق قلوبنا مع هذه المذبحة!».[6]

لا يمكن الزعم بأن القيصر لم يكن يعرف شيئا عن تلك المذابح، على الرغم من أن علاقاته مع المئات السود تم الاحتفاظ بها سرية بطبيعة الحال. لكن نيكولاس كان يدرك جيدا ما كان يجري، وكان موافقا عليه، كما تكشف عن ذلك مراسلاته الخاصة، ففي 27 أكتوبر كتب لأمه قائلا:


«والدتي العزيزة...

أبدأ بالقول بأن الوضع برمته صار أفضل مما كان عليه قبل أسبوع... في الأيام الأولى بعد البيان رفعت العناصر التخريبية رؤوسها، لكن حدث بسرعة رد فعل قوي وأبان حشد كبير من الناس المخلصين عن قوتهم. وكانت النتيجة واضحة، وماذا يتوقع المرء في بلادنا. لقد أثارت وقاحة الاشتراكيين والثوريين غضب الشعب مرة أخرى؛ ولأن تسعة أعشار من مثيري الشغب هم من اليهود، فإن غضب الشعب انقلب عليهم. هذه هي الطريقة التي وقعت بها المذابح. ومن المثير للدهشة أنها وقعت في وقت واحد في جميع مدن روسيا وسيبيريا... يمكن لأحداث متباعدة مثل تومسك وسيميروبول وتفير وأوديسا أن تظهر بوضوح ما يمكن لغوغاء غاضبين القيام به؛ لقد حاصروا المنازل التي اختبأ فيها الثوار وأضرموا فيها النار وقتلوا جميع من حاولوا الهرب».[7]

ويؤكد كيرينسكي التواطؤ السافر بين منظمي المذابح وبين السلطات، بما في ذلك القيصر:


«إن من شجع شيغلوفيتوف في موقفه هو القيصر، الذي كان متشددا في المسائل السياسية. سياسته أثناء محاكمات المذابح التي ضمت أعضاء من اتحاد الشعب الروسي [أي المئات السود، أسلاف الفاشيين]، كانت سياسة معبرة. ومن بين الوثائق التي حصلت عليها اللجنة الاستثنائية للتحقيق في نشاطات الوزراء وكبار الشخصيات السابقين، التي شكلتها الحكومة المؤقتة، نجد البيان الذي أدلى به رئيس قسم في وزارة العدل، ليادوف. أكد ليادوف أن من بين طلبات العفو التي قبلتها وزارته، كان القيصر يوافق على الدوام على تلك المقدمة من أعضاء اتحاد الشعب الروسي ويرفض تلك المقدمة من قبل الثوريين»[8].

كيف يمكن محاربة منظمي المذابح؟ بالتأكيد ليس من خلال مناشدة الشرطة والقضاء الذين، كما رأينا، كانوا وراء المئات السود. لقد طرحت موجة المذابح مسألة الدفاع الذاتي بشكل ملموس وعاجل جدا. ليس من خلال اللجوء العقيم إلى القانون، بل من خلال تنظيم العمال للجان الدفاع الذاتي! لتنظيم الدفاع، أولا وقبل كل شيء، ضد المئات السود، والدفاع عن اليهود والأرمن والمثقفين. وحيثما كان ذلك ممكنا، اتحدت منظمات العمال معا، وحاولت مكافحة العصابات العنصرية. في مثل هذه القضايا من الضروري إشراك ممثلي البرجوازية الصغيرة الثورية والأقليات المضطهدة، لكن دائما تحت قيادة منظمات العمال. لا تثق إلا في قواتك الخاصة فقط! على الطبقة العاملة أن تكافح الفاشية بوسائلها الخاصة! كانت هذه هي سياسة لينين، الذي وضح السياسة البلشفية، في مقال له عن مذبحة بيلوستوك: «فيما يلي بعض المقتطفات من برقية تلقيناها من ناخب من بيلوستوك، يدعى تسيرين: "لقد بدأت مذبحة نظمت عمدا ضد اليهود". "وعلى الرغم من الشائعات التي تم تداولها، لم يرد أي أمر من الوزارة طيلة اليوم!" لقد تم تنظيم حملة تحريض نشيطة على المذبحة طيلة الأسبوعين الماضيين. في الشوارع، ولا سيما أثناء الليل، تم توزيع منشورات تدعو للمجزرة، ليس فقط ضد اليهود، بل أيضا ضد المثقفين. والشرطة غضت الطرف ببساطة عن كل هذا».

«نفس الصورة المألوفة القديمة! الشرطة تنظم المذبحة بشكل مسبق؛ الشرطة هي من تحرض عليها؛ وفي مطابع الحكومة تطبع المنشورات التي تدعو إلى تنظيم المذابح ضد اليهود. وعندما تبدأ المذبحة لا تتحرك الشرطة. تنظر القوات بهدوء إلى أعمال المئات السود. ولكن في وقت لاحق تمثل هذه الشرطة ذاتها مهزلة مقاضاة ومحاكمة منظمي المذابح». يستنكر لينين مهزلة التحقيقات الحكومية وعمليات الاستنطاق ويطرح البديل بمنظور ثوري: «افضحوا الجناة بعبارات لا لبس فيها، هذا واجبكم المباشر تجاه الشعب. لا تسألوا الحكومة ما إذا كانت قد اتخذت تدابير لحماية اليهود ومنع المذابح، لكن اسألوا كم من الوقت تنوي الحكومة حماية الجناة الحقيقيين، الذين هم أعضاء في الحكومة. اسألوا الحكومة ما إذا كانت تعتقد أن الشعب سيستمر غير واع بمن هو المسؤول فعلا عن المذابح. حملوا المسؤولية للحكومة علنا وعلى الملأ. ادعو الشعب إلى تنظيم ميليشيات ولجان الدفاع الذاتي كوسيلة وحيدة للحماية ضد المذابح».[9]

طرحت موجة المذابح الدامية ضرورة لجان الدفاع الذاتي العمالية بطريقة ملموسة جدا. كانت مسألة الكفاح المسلح مسألة حياة أو موت بالنسبة للطبقة العاملة والثورة. لكن هذه الأنشطة، مع ذلك، لم يكن لها أية علاقة على الإطلاق مع تكتيك الإرهاب الفردي أو "حرب عصابات المدن". لم تكن مؤامرة سرية تقوم بها مجموعات صغيرة من الإرهابيين وراء ظهور العمال، بل استراتيجية ثورية واعية مرتبطة بالجماهير. كانت فرق الكفاح مرتبطة ارتباطا وثيقا بالسوفييتات ومنظمات العمال الأخرى. نظمت مجموعة من النوادي العمالية الشرعية ميادينا للرماية حيث كانت تعلم العمال كيفية استخدام السلاح تحت سمع وبصر الشرطة. ومن جانبهم ضغط البلاشفة من أجل تشكيل جبهة موحدة تشمل، في خضم النضال، جميع المنظمات العمالية وأيضا مجموعات من البرجوازية الصغيرة الديمقراطية والقومية، من أجل اتفاق بين جميع تلك القوى التي كانت على استعداد للكفاح من أجل الدفاع عن مكاسب الثورة وضد المئات السود.

تمكنت فرق القتال العمالية من إلحاق هزائم هنا وهناك ضد منظمي المذابح. وفي مذكراته، يصف بياتنيتسكي المذبحة المروعة ضد اليهود في أوديسا، وتشكيل جبهة موحدة من البلاشفة والمناشفة والبونديين والداشناك (القوميين الأرمن) وأنصار باول- صهيون (وهي مجموعة أنشئت في 1905 وحاولت الجمع بين الصهيونية والماركسية، وقد انضم قسم منها الى الحزب البلشفي بعد ثورة أكتوبر). أرسلت مفارز مسلحة في محاولة للدفاع عن اليهود، وقد نجحت في البداية في دفع الغوغاء العنصريين، قبل أن تصطدم مع الجيش والشرطة، الذين يمتلكون قوات أكبر، مما اضطرها للتراجع مع بعض الخسائر في الأرواح. طرحت مسألة الكفاح المسلح في البداية في مجال الدفاع عن الذات، لكن ومع ذلك، ففي الحرب يكون الفرق بين الدفاع والهجوم ذا طابع نسبي. يمكن تحويل نضال دفاعي ناجح إلى عمل هجومي. في خاركوف أقامت فرق القتال المتاريس واستسلم الجنود المحبطون دون قتال. في يكاتيرينوسلاف قاتل العمال وهم يتراجعون ضد القوزاق بقنابل محلية الصنع مما أسفر عن مقتل العديد من القوزاق. في تشيتا نجحوا في تحرير المعتقلين السياسيين بمن فيهم بحارة من أسطول البحر الأسود. وكانت هذه المناوشات الجزئية تمهيدا لطريق المواجهة الحاسمة بين الطبقة العاملة وبين الحكم المطلق، والتي عرف لينين أنها مواجهة حتمية لا مفر منها.

هوامش:


[1] O. Figes, A People’s Tragedy. The Russian Revolution 1891-1924, p. 203.

[2] O. Figes, op. cit., pp. 198-9 and 196.

[3] Lionel Kochan, Russia in Revolution, pp. 62-3.

[4] Trotsky, 1905, pp. 150-1.

[5] O. Piatnitsky, op. cit., p. 82.

[6] Trotsky, 1905, p. 150, note.

[7] O. Figes, op. cit. pp. 197-8.

[8] Kerensky, The Kerensky Memoirs. Russia and History’s Turning Point, p. 79.

[9] LCW, The Reaction is Taking to Arms, vol. 10. pp. 509 and 510-1 (التشديد من آلان وودز).