الناصرية، من منظور سمير أمين. (الجزء الثاني)


حاتم بشر
2017 / 1 / 18 - 10:13     

3-الناصرية في اطار الأجل التاريخي الطويل(الناصرية بوجه عام) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يقول أمين أنه طرح في الفصل الأول من كتابه ثورة مصر2011 ما أسماه ”منهجا لقراءة تاريخ مصر المعاصرة“. يعمد فيه الى تقسيم تاريخ مصر المعاصر الى حقب من مد ثم جزر لحركة نهضة المجتمع. على النحو التالي:
1-حقب المد:
أ-حقبة المد الأول: من محمد على الى منتصف عهد خديوي اسماعيل(1805- 1875).
ب-حقبة المد الثاني:من ثورة 1919 الى وفاة ناصر 1970.

2-حقب الجزر:
أ-حقبة الجزر الأول: الاحتلال البريطاني 1882- 1919
ب-حقبة الجزر الثاني: ابتداء من عودة الكومبرادورية على يد السادات الى 2011.
يقول أمين:"ولقد وضعتُ انقلاب الضباط عام 1952 في هذا الاطار الأوسع، وذهبت إلى أنه مثّل فعلا محاولة لايقاف الحركة الثورية.. (الى آخر كلامه الذي أوردناه بالجزء الأول) ".
ومن الهام ايراد فهم سمير للمدّ، يقول«غير أن تطور الأمور خلال كل من مرحلتي المد لم يتجل في شكل خطّي متواصل. فهناك فترات تحقيق انتصارات وفترات تراجع بيد أن تلك الردّات المعنيّة حدثت في اطار استمرار من الحركة وبالتالي ظلت جزئية ومؤقتة».

4-ناصر بين لندن وواشنطن:
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
أ-بريطانيا:
يقول أمين: ”ظل البريطانيون يعتمدون على حلفائهم التقليديين الذين اعتمدوا عليهم خلال فترة الاحتلال، اقصد الملك والأحزاب اليمينية الرجعية والاخوان المسلمين، وذلك في مواجهة الوفد والشيوعيين، فظلت لندن مترددة أمام الانقلاب، واستمر هذا الموقف حتى ابرام اتفاقية "الجلاء المزيف"“. وقد ظل وضع بريطانيا على هذه الصورة حتى مؤتمر باندونغ إبريل 1955. ”عندما قرر ناصر اتخاذ مواقف مناهضة للاستعمار(تأميم القناة) قرر البريطانيون العدوان ضد مصر والذي حدث في 1956“.

ب-”ولكن من جانب الولايات المتحدة ظهرت الأمور مختلفة“.

فالوجود الأمريكي في مصر لم يكن قد أصبح كثيفا بعد مقارنة بالوجود البريطاني. ”وكانت واشنطن تسعى الى أن تحل محل بريطانيا، لا غير“، ”لذلك رحبت أميركا بانقلاب1952، ثم امتنعت عن المشاركة في مؤامرة اكتوبر 1956 ، وظل وجودها في الساحة المصرية بعد اختفاء البريطانيين والفرنسيين“.

5-انقلاب داخل الإنقلاب!
ــــــــــــــــــــــــــــ
”في عام 1954 حدث انقلاب ثان (انقلاب داخل الانقلاب) بقيادة ناصر الذي تخلص من نجيب ومسانديه من الضباط الأحرار، فكرس هذا الانقلاب نظاما يضمن لناصر الانفراد في ممارسة السلطة“ .

سببه: يعلل أمين قيام هذا الإنقلاب الذي تصفه وثائق الراية بالفاشي 1-” لمواجهة موجة شعبية واسعة قامت لتطالب بعودة نظام برلماني قائم على أساس دستور 1923. وهو الدستور الذي يراه أمين ”الدستور الوحيد الصحيح الذي عرفه تاريخ مصر المعاصرة“، برغم حدود مفاهيمه الديموقراطية. 2-مطالبة الجيش بالعودة الى ثكناته.
الآن، بينما تحيز نجيب-كما يرى سمير- لتلك الحركة، اعتمد ناصر على الضباط الذين لم يرض التخلي عنهم-لصالح المدنيين-في ممارسة سلطاتهم المطلقة.

نتيجته: يتسائل أمين: ”هل أنشأ الانقلاب الثاني تغييرا-غير تكريس حكم ناصر المطلق-في اتجاه معاد للاستعمار والكومبرادور؟“. ويجيب بالنفي! ”إذ أن نظام ناصر المجدد لم يغير شيئا فيما يخص السياسة المحلية والدولية العامة، فاستمر قمع الشيوعيين، بل صار أكثر عنفا، واستمرت السياسات الاقتصادية في سبيل الليبرالية“.
لكن سمير أمين يلحظ أن "النظام الجديد" غير فعلا موقفه ازاء النظام الاخوان المسلمين، ”الذين اصطفوا وان متأخرا مع المطالب الديموقراطية“، ”فاعتبر نظام ناصر الاخوان من الاعداء الذين يجب تصفية تنظيمهم“، علما بأن الاخوان-كما يلفت أمين- كانوا قد تمتعوا في نظام 1952 بالاستفادة من مواقع قوية داخل النظام نفسه.