سلامة كيلة يشوّه الماويّة ماضيا و حاضرا – النقطتان 4 و 5 من الفصل الثالث من كتاب - نقد ماركسية سلامة كيلة إنطلاقا من شيوعية اليوم ، الخلاصة الجديدة للشيوعية


ناظم الماوي
2016 / 12 / 16 - 23:17     

سلامة كيلة يشوّه الماويّة ماضيا و حاضرا – النقطتان 4 و 5 من الفصل الثالث من كتاب -
نقد ماركسية سلامة كيلة إنطلاقا من شيوعية اليوم ، الخلاصة الجديدة للشيوعية
لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية !
( عدد 30 - 31 / ماي- جوان 2016 )

" هذه الإشتراكية إعلان للثورة المستمرّة ، الدكتاتورية الطبقية للبروليتاريا كنقطة ضرورية للقضاء على كلّ الإختلافات الطبقية ، و للقضاء على كلّ علاقات الإنتاج التى تقوم عليها و للقضاء على كلّ العلاقات الإجتماعية التى تتناسب مع علاقات الإنتاج هذه ، و للقضاء على كلّ الأفكار الناجمة عن علاقات الإنتاج هذه ".

( كارل ماركس : " صراع الطبقات فى فرنسا من 1848 إلى 1850" ، ذكر فى الأعمال المختارة لماركس و إنجلز ، المجلّد 2 ، الصفحة 282 ).

====================================

" قد كان الناس و سيظلّون أبدا ، فى حقل السياسة ، أناسا سذجا يخدعهم الآخرون و يخدعون أنفسهم ، ما لم يتعلّموا إستشفاف مصالح هذه الطبقات أو تلك وراء التعابير و البيانات و الوعود الأخلاقية و الدينية و السياسية و الإجتماعية . فإنّ أنصار الإصلاحات و التحسينات سيكونون أبدا عرضة لخداع المدافعين عن الأوضاع القديمة طالما لم يدركوا أن قوى هذه الطبقات السائدة أو تلك تدعم كلّ مؤسسة قديمة مهما ظهر فيها من بربرية و إهتراء . "
( لينين – مصادر الماركسية الثلاثة و أقسامها المكوّنة الثلاثة )
---------------------------
" يستعاض عن الديالكتيك بالمذهب الإختياري [ الإنتقائية ]، و هذا التصرّف حيال الماركسية هو الظاهرة المألوفة للغاية و الأوسع إنتشارا فى الأدب الإشتراكي – الديمقراطي [ الشيوعي ] الرسمي فى أيّامنا . و هذه الإستعاضة طبعا ليست ببدعة مستحدثة ... إنّ إظهار الإختيارية بمظهر الديالكتيك فى حالة تحوير الماركسية تبعا للإنتهازية ، يخدع الجماهير بأسهل شكل ، يرضيها فى الظاهر ، إذ يبدو و كأنّه يأخذ بعين الإعتبار جميع نواحى العملية ، جميع إتجاهات التطوّر ، جميع المؤثّرات المتضادة إلخ ، و لكنّه فى الواقع لا يعطى أي فكرة منسجمة و ثوريّة عن عمليّة تطوّر المجتمع ."
( لينين ، " الدولة و الثورة " ص 22-23 ، دار التقدّم ، موسكو )
---------------------------------
" أمّا الإشتراكي ، البروليتاري الثوري ، الأممي ، فإنّه يحاكم على نحو آخر : ... فليس من وجهة نظر بلاد"ي" يتعين علي أن أحاكم ( إذ أنّ هذه المحاكمة تغدو أشبه بمحاكمة رجل بليد و حقير ، محاكمة قومي تافه ضيق الأفق، لا يدرك أنّه لعبة فى أيدى البرجوازية الإمبريالية ) ، بل من وجهة نظر إشتراكي أنا فى تحضير الثورة البروليتارية العالمية، فى الدعاية لها ، فى تقريبها . هذه هي الروح الأممية ، هذا هو الواجب الأممي ، واجب العامل الثوري ، واجب الإشتراكي [ إقرأوا الشيوعي ] الحقيقي ."
( لينين " الثورة البروليتارية و المرتدّ كاوتسكي" ، دار التقدّم موسكو، الصفحة 68-69 ).
-------------------------------
" إن الجمود العقائدى و التحريفية كلاهما يتناقضان مع الماركسية . و الماركسية لا بد أن تتقدم ، و لا بدّ أن تتطور مع تطور التطبيق العملى و لا يمكنها أن تكف عن التقدم . فإذا توقفت عن التقدم و ظلت كما هي فى مكانها جامدة لا تتطور فقدت حياتها ، إلا أن المبادئ الأساسية للماركسية لا يجوز أن تنقض أبدا ، و إن نقضت فسترتكب أخطاء . إن النظر إلى الماركسية من وجهة النظر الميتافيزيقة و إعتبارها شيئا جامدا ، هو جمود عقائدي ، بينما إنكار المبادئ الأساسية للماركسية و إنكار حقيقتها العامة هو تحريفية . و التحريفية هي شكل من أشكال الإيديولوجية البرجوازية . إن المحرفين ينكرون الفرق بين الإشتراكية و الرأسمالية و الفرق بين دكتاتورية البروليتاريا و دكتاتورية البرجوازية . و الذى يدعون اليه ليس بالخط الإشتراكي فى الواقع بل هو الخط الرأسمالي . "

( ماو تسي تونغ ، " خطاب فى المؤتمر الوطنى للحزب الشيوعي الصيني حول أعمال الدعاية "
12 مارس/ أذار 1957 " مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ " ، ص21-22 )

-------------------------------------

إنّ الإستيلاء على السلطة بواسطة القوة المسلّحة ، و حسم الأمر عن طريق الحرب ، هو المهمّة المركزية للثورة و شكلها الأسمى . و هذا المبدأ الماركسي-اللينيني المتعلّق بالثورة صالح بصورة مطلقة ، للصين و لغيرها من الأقطار على حدّ السواء.

( ماو تسى تونغ " قضايا الحرب و الإستراتيجية " نوفمبر- تشرين الثاني 1938؛ المؤلفات المختارة ، المجلّد الثاني)



كلّ ما هو حقيقة فعلا جيّد بالنسبة للبروليتاريا ، كلّ الحقائق يمكن أن تساعد على بلوغ الشيوعية .
( " بوب أفاكيان أثناء نقاش مع الرفاق حول الأبستيمولوجيا : حول معرفة العالم و تغييره " ، فصل من كتاب " ملاحظات حول الفنّ و الثقافة ، و العلم و الفلسفة " ، 2005).
مقدّمة :
ما من شكّ فى انّ سلامة كيلة صار منذ سنوات قامة من أهمّ قامات " اليسار الماركسي " وقد لمع نجمه حتّى أكثر فى المدّة الأخيرة ليغدو إلى حدود من الوجوه الإعلاميّة البارزة فى الحوارات و المداخلات على الفضائيّات سواء عربيّا أم عالميّا ، هذا فضلا عن كونه ينشر المقالات فى صحف و مواقع أنترنت لها باعها و صيتها و يلقى المحاضرات فى عدد لا يحصى من المنابر الفكريّة و الثقافيّة .
و قد تابعنا كتاباته لفترة طويلة الآن و إن بشكل متقطّع أحيانا ، لا سيما على موقع الحوار المتمدّن ، و كنّا من حين لآخر نشعر بالحاجة إلى نقاش مضامين مقالاته و كتبه و نهمّ بالقيام بذلك إلاّ أنّنا فى كلّ مرّة نكبح هذا الإندفاع لسببين إثنين متداخلين أوّلهما أنّنا لم نكن على إطّلاع كافى شامل و عميق بأطروحات هذا المفكّر و خشينا أن نسقط فى مطبّات و نفقد خيط الحقيقة التى عنها نبحث على الدوام أو أن لا نفيه حقّه و ثانيهما أنّ الرجل غزير الإنتاج و له عدد لا بأس به من الكتب و الحوارات و المقالات ما يقتضى دراسة أو دراسات معمّقة للإحاطة بها و الإلمام بمضامينها و من ثمّة ضرورة تخصيص حيّز زمني قد يمتدّ لأسابيع و أشهر للقيام بذلك و نحن لم نكن نملك مثل هذه الفسحة الزمنيّة . لذلك كان مشروع النقاش الجزئيّ أو الأشمل يتأجّل المرّة تلو المرّة ، دون أن نكفّ عن متابعة ما يؤلّفه سلامة كيلة و أن نسجّل ملاحظات عدنا إليها فى الوقت المناسب .
و عندما حان وقت العمل على نقاش أطروحات هذا المفكّر إنكببنا على النهوض بالمهمّة بحماس و بنوع من التهيّب فى البداية و دام الإشتغال على هذا النقاش أشهرا – تخلّلتها تقطّعات – و كنّا و نحن نتوغّل فى هذا الحقل نزداد يقينا بأنّ ما ننجزه ضرورة أكيدة ذلك أنّنا نحمل و ندافع و ننشر و نطوّر مشروع الإطار النظري الجديد للثورة البروليتارية العالمية أي الخلاصة الجديدة للشيوعية ، الروح الثوريّة الماركسية – اللينينية – الماوية المطوّرة و المركّزة على أسس علميّة أرسخ ، شيوعيّة اليوم ، و هذا المشروع يتعارض موضوعيّا مع مشروع سلامة كيلة لتجديد الماركسية و لم يكن من الوارد و المحتمل وحسب بل من الأكيد ، فى تقديرنا ، آجلا أم عاجلا ، أن يتواجه هذان المشروعان ( و غيرها من المشاريع ) فى إطار نقاشات و حتّى جدالات و صدامات فكريّة ليس بوسعنا توقّع مدى حدّتها الآن فالرهان ليس أقلّ من مستقبل الحركة الشيوعية العربيّة فى إرتباط عضوي بمستقبل الحركة الشيوعية العالمية .
و قد أنف لنا أن خضنا الصراع مع تيّارات متباينة تدّعى الشيوعية فى مقالات و كتب نشرناها على موقع الحوار المتمدّن و بمكتبته و قد شملت البلشفيّة الجديدة و الخطوط الإيديولوجية و السياسيّة لعدّة أحزاب كحزب الوطنيّين الديمقراطيين الموحدّ و الحزب الوطني الإشتراكي الثوري و حزب الكادحين الوطني الديمقراطي و حزب العمّال التونسي ، كما ساهمنا فى دفع صراع الخطّين صلب الحركة الماويّة العالمية و العربيّة بمقالات و كتب نقدت رؤية آجيث لعلم الشيوعية و تعرّضت بالنقد لخطوط مجموعات ماويّة سقطت فى مستنقعات القوميّة و الديمقراطيّة البرجوازيّة و الدغمائيّة . و تصدّينا لتشويه الماويّة و روحها الشيوعية الثوريّة على يد فؤاد النمرى و عرّينا جوانبا هامة من مشروعه البلشفيك إلخ. و نواصل فى هذا الكتاب الذى نفرده للخطّ الإيديولوجي و السياسي لسلامة كيلة ، مشوار إبراز حقيقة جعلناها عنوانا لنشريّتنا " لا حركة شيوعية ثوريّة دون ماويّة ! " و الروح الثوريّة للماويّة كمرحلة ثالثة فى تطوّر علم الشيوعية المطوّرة اليوم هي الخلاصة الجديدة للشيوعية ، شيوعية اليوم .
و " تعنى الخلاصة الجديدة إعادة تشكيل و إعادة تركيب الجوانب الإيجابية لتجربة الحركة الشيوعية و المجتمع الإشتراكي إلى الآن ، بينما يتمّ التعلّم من الجوانب السلبية لهذه التجربة بابعادها الفلسفية والإيديولوجية و كذلك السياسية ، لأجل التوصّل إلى توجه و منهج و مقاربة علميين متجذّرين بصورة أعمق و أصلب فى علاقة ليس فقط بالقيام بالثورة و إفتكاك السلطة لكن ثمّ ، نعم ، تلبية الحاجيات المادية للمجتمع و حاجيات جماهير الشعب ، بطريقة متزايدة الإتساع ، فى المجتمع الإشتراكي – متجاوزة ندب الماضى ومواصلة بعمق التغيير الثوري للمجتمع ، بينما فى نفس الوقت ندعم بنشاط النضال الثوري عبر العالم و نعمل على أساس الإقرار بأن المجال العالمي و النضال العالمي هما الأكثر جوهرية و أهمّية ، بالمعنى العام – معا مع فتح نوعي لمزيد المجال للتعبير عن الحاجيات الفكرية و الثقافية للناس ، مفهوما بصورة واسعة ، و مخوّلين سيرورة أكثر تنوّعا و غنى للإكتشاف و التجريب فى مجالات العلم و الفنّ و الثقافة و الحياة الفكرية بصفة عامة ، مع مدى متزايد لنزاع مختلف الأفكار و المدارس الفكرية و المبادرة و الخلق الفرديين و حماية الحقوق الفردية ، بما فى ذلك مجال للأفراد ليتفاعلوا فى " مجتمع مدني " مستقلّ عن الدولة – كلّ هذا ضمن إطار شامل من التعاون و الجماعية و فى نفس الوقت الذى تكون فيه سلطة الدولة ممسوكة و متطوّرة أكثر كسلطة دولة ثورية تخدم مصالح الثورة البروليتارية ، فى بلد معيّن وعالميا و الدولة عنصر محوري ، فى الإقتصاد و فى التوجّه العام للمجتمع ، بينما الدولة ذاتها يتمّ بإستمرار تغييرها إلى شيئ مغاير راديكاليا عن الدول السابقة ، كجزء حيوي من التقدّم نحو القضاء النهائي على الدولة ببلوغ الشيوعية على النطاق العالمي . "( " القيام بالثورة و تحرير الإنسانية " ، الجزء الأوّل ، جريدة " الثورة " عدد 112 ، 16 ديسمبر 2007 .)
فى هذا الإطار بالذات يتنزّل إذن عملنا هذا و ليس فى أيّ إطار آخر قد يخترعه البعض و يلصقونه بنا قصد تشويهنا و تشويه مقالاتنا و كتبنا . غايتنا هي المساهمة قدر الإمكان فى نشر علم الشيوعيّة و تطبيقه و تطويره للمساهمة فى القيام بالثورة البروليتاريّة العالميّة بتيّاريها و حفر مجرى جديد للتقدّم و تحرير الإنسانيّة من كافة ألوان الإستغلال و الإضطهاد الجندري و الطبقي و القومي ببلوغ هدفنا الأسمى ألا وهو الشيوعيّة على النطاق العالمي . و قد نأينا و ننأى بأنفسنا عن التهجّم على الأشخاص أو كيل التهم و الشتائم أو النقاش من أجل النقاش إن صحّ التعبير . جهودنا تنصبّ على تسليح الرفاق و الرفيقات و المناضلين و المناضلات و الجماهير الشعبيّة الواسعة بسلاح علم الشيوعية للتمكّن من تفسير العالم تفسيرا علميّا صحيحا و تغييره تغييرا شيوعيّا ثوريّا .
و لنا حقّ النقد ولن نتنازل عنه فالتنازل عنه يعنى ضمن ما يعنيه التنازل عن الماركسية بما هي ، فى جانب من جوانبها ، فكر نقدي . إلاّ أنّنا نسعى قدر الطاقة أن يكون نقدنا ملموسا ، دقيقا و علميّا معتمدين البحث عن الحقيقة مهما كانت مزعجة لنا و لغيرنا فالحقيقة وحدها هي الثوريّة كما جاء على لسان لينين و صحّة أو عدم صحّة الخطّ الإيديولوجي و السياسي هي المحدّدة فى كلّ شيء كما ورد على لسان ماو تسى تونغ .
و فى نقاشنا هذا ، لا مندوحة من عرض آراء سلامة كيلة عرضا مطوّلا فى بعض الأوقات يخوّل حتّى لمن لم يقرأ ما ألّف مفكّرنا تكوين فكرة و لو أوّليّة عن مواقفه لمتابعة النقاش ( و نحن بطبيعة الحال ندعو إلى دراسة تلك الأعمال دراسة جدّية )، و لا مندوحة من تناولها بالنقد باللجوء إلى التحليل النقدي و التلخيص و تقديم البدائل طبعا باللجوء فى الكثير من الأحيان إلى مصارد ماركسية كلاسيكيّة و حديثة و هو ما سيجعل فصول الكتاب تزخر بالمقتبسات و الإستشهادات التى ليس من الممكن الإستغناء عنها فى مثل هذه الجدالات ؛ لذا نعوّل على سعة صدر القرّاء و نرجو منهم التركيز قدر المستطاع لأنّ التمايزات تخصّ من حين لآخر مصطلحات و جملا و صيغا و فقرات فى منتهى الأهمّية . و مثلما قال لينين فى " ما العمل ؟ " :
" ينبغى للمرء أن يكون قصير النظر حتى يعتبر الجدال بين الفرق و التحديد الدقيق للفروق الصغيرة أمرا فى غير أوانه أو لا لزوم له . فعلى توطد هذا " الفرق الصغير" أو ذاك قد يتوقف مستقبل الإشتراكية – الديمقراطية [ لنقرأ الشيوعية ] الروسية [ العالميّة ] لسنوات طويلة ، طويلة جدا."
و يتضمّن كتابنا هذا ، أو العدد 30 و 31 من نشريّة " لا حركة شيوعية ثوريّة دون ماويّة ! " ، على الفصول التالية ، إضافة إلى المقدّمة و الخاتمة :
الفصل الأوّل :
" الإشتراكية و الثورة فى العصر الإمبريالي " أم عصر الإمبريالية و الثورة الإشتراكية ؟
1- تحديد مادي جدلي أم مثالي ميتافيزيقي لعصرنا الراهن
2- تشويه سلامة كيلة لتناقضات العصر
3- الأممية البروليتارية ليست التضامن بين بروليتاريا مختلف الأمم ولا هي" إتّحاد الأمم وتحالفها "
4- المنطلق الشيوعي : الأمّة أم العالم أوّلا ؟
5- من هو الشيوعي و من هي الشيوعية اليوم ؟
6- خطّان متعارضان فى فهم الإشتراكية
الفصل الثاني :
" الماركسية المناضلة " لسلامة كيلة أم الروح الثوريّة المطوّرة للماركسية – اللينينية – الماوية ؛ الخلاصة الجديدة للشيوعية ؟
1- " ماركسية مناضلة " نكوصيّة و مثاليّة ميتافيزيقيّة
2- الماركسيّة منهج فقط أم هي أكثر من ذلك ؟
3- المادية الجدليّة وفق رؤية سلامة كيلة أم المادية الجدليّة التى طوّرها لينين و ماو تسى تونغ و أضاف إليها ما أضاف بوب أفاكيان
4- الماركسيّة ضد الدغمائيّة و التحريفيّة : نظرة سلامة كيلة الإحاديّة الجانب
5- عمليّا سلامة كيلة مادي جدلي أم مثالي ميتافيزيقي فى العديد من تصوّراته ؟
6- تضارب فى أفكار سلامة كيلة : " حقيقة هنا ، ضلال هناك "
الفصل الثالث :
تقييم سلامة كيلة المثالي لتجارب البروليتاريا العالمية أم التقييم العلمي المادي الجدلي الذى أنجزته الخلاصة الجديدة للشيوعية ؟
1- غياب التقييم العلمي المادي الجدلي لدى سلامة كيلة
2- سلامة كيلة يتلاعب بلينين
3- سلامة كيلة يشنّ حربا تروتسكيّة و خروتشوفيّة ضد ستالين
4- سلامة كيلة يغفل عمدا حقائقا جوهريّة عن الثورة الديمقراطية الجديدة الصينية
5- سلامة كيلة يشوّه الماويّة ماضيا و حاضرا
6- مساهمات ماو تسى تونغ الخالدة و إضافات الخلاصة الجديدة للشيوعية
الفصل الرابع :
عثرات سلامة كيلة فى قراءة واقع الصراع الطبقي و آفاقه عربيّا
1- فى المعنى المشوّه للثورة و تبعاته
2- سلامة كيلة و الفهم المثالي اللاطبقي للديمقراطية
3- الثورة القوميّة الديمقراطية أم الثورة الديمقراطية الجديدة / الوطنية الديمقراطية ؟
4- ملاحظات نقديّة لفهم سلامة كيلة للإنتفاضات فى تونس و مصر
5- ملاحظات نقديّة لفهم سلامة كيلة للصراع الطبقي فى سوريا
6- عن تجربة سلامة كيلة فى توحيد" اليسار "
خاتمة الكتاب
المراجع

الملاحق (2)
=============================================================
الفصل الثالث
تقييم سلامة كيلة المثالي لتجارب البروليتاريا العالمية أم التقييم العلمي المادي الجدلي الذى أنجزته الخلاصة الجديدة للشيوعية ؟
===============================================
" نحن لا نعتبر أبدا نظرية ماركس شيئا كاملا لا يجوز المساس به ، بل إننا مقتنعون ، على العكس ، بأنها لم تفعل غير أن وضعت حجر الزاوية لهذا العلم الذي يترتّب على الإشتراكيين أن يدفعوه إلى الأبعد في جميع الإتجاهات إذا شاءوا ألا يتأخّروا عن موكب الحياة ."

( لينين ، " برمامجنا " )
-----------------------------------------
" إن الجمود العقائدى و التحريفية كلاهما يتناقضان مع الماركسية . و الماركسية لا بد أن تتقدم ، و لا بدّ أن تتطور مع تطور التطبيق العملى و لا يمكنها أن تكف عن التقدم . فإذا توقفت عن التقدم و ظلت كما هي فى مكانها جامدة لا تتطور فقدت حياتها ، إلا أن المبادئ الأساسية للماركسية لا يجوز أن تنقض أبدا ، و إن نقضت فسترتكب أخطاء . إن النظر إلى الماركسية من وجهة النظر الميتافيزيقة و إعتبارها شيئا جامدا، هو جمود عقائدي ، بينما إنكار المبادئ الأساسية للماركسية و إنكار حقيقتها العامة هو تحريفية . و التحريفية هي شكل من أشكال الإيديولوجية البرجوازية . إن المحرفين ينكرون الفرق بين الإشتراكية و الرأسمالية و الفرق بين دكتاتورية البروليتاريا و دكتاتورية البرجوازية . و الذى يدعون اليه ليس بالخط الإشتراكي فى الواقع بل هو الخط الرأسمالي . "

( ماو تسي تونغ ، " خطاب فى المؤتمر الوطنى للحزب الشيوعي الصيني حول أعمال الدعاية "
12 مارس/ أذار 1957 " مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ " ، ص21-22 )


لسلامة كيلة رؤية ماركسيّة خاصّة مرّت بنا بعض ميزاتها ، وهو لم يكفّ هنا و هناك فى كتاباته يدعو إلى " ماركسية جديدة " فحسب رأيه " نحن في مرحلة تفرض إعادة بناء الفعل السياسي ، حيث تبدو الأحزاب " الشيوعية " و" الاشتراكية " و" الماركسية " في حالة موات طويلة الأمد "( " نحو تأسيس ماركسي جديد ") و الماركسية القديمة أفلست تمام الإفلاس حيث " كانت لاماركسية فى جوهرها ، وإن كانت تكرّر بعض المصطلحات و المفاهيم و المواقف الماركسية ." و " كانت مشكلة الخط الشيوعي التقليدي أنّه لم يستطع تحليل الظروف الواقعيّة بسبب الجمودالنظري الذى إستشرى " ( " بصدد الماركسٌية " ، ص 8) لذا " يجب نقد الخطّ الشيوعي التقليدي بهدف إعادة الروح العلمية للماركسية ضد الجمود و إعادة الروح الثوريّة لها ضد الإصلاحيّة، و الروح الديمقراطية ، روح البحث والدراسة ، النقد و النقاش " ( نفس المصدر السابق ، ص 10 ) و ذلك بغاية " تأسيس الحركة الماركسية من جديد، على أنقاض وفي تجاوز للحركة القديمة، و انطلاقاً من إعادة بناء التصورات والأفكار، وتحديد رؤية الحركة بمجملها وفي تجاوز لكل إشكالات و تخبطات الحركة القديمة." ( " بصدد رؤية مختلفة للعالم الماركسية والصراع الطبقي الراهن " ).
صحيح بوجه عام أن الأحزاب القائمة التى تدّعى الشيوعية وصلت إلى طريق مسدود و أنّ المجموعات و الفرق الماركسية منتشرة كالفطر و أنّ فى بعض الأحيان ، إنقلب مديح بعض المثقّفين للشيوعية ذمّا لها و تعرّضت الشيوعية إلى موجة عاتية من الانتقاد و حتّى التشفي و بدت المسألة وكأنها مسألة " فرار من مركب يغرق " للإلتحاق بجوقات التطبيل للإمبريالية و الرجعيّة والديمقراطية البرجوازية التى باتت فى نظر التحريفيين تجترح المعجزات و اضحى الكثير منهم من المقاولين المنادين بالديمقراطية البرجوازية لا غير و يدلون بأحاديث جيّاشة عنها . وهذا إنّما ينمّ عن مدى عمق و إتّساع الأزمة التى تشهدها الحركة الشيوعية العالمية و طبعا منها الحركة الشيوعية العربيّة .
و نحن أنصار الخلاصة الجديدة للشيوعية لنا مشروع إطار نظري جديد للمرحلة الجديدة ( الثانية ) من الثورة الشيوعية يجلعنا طليعة للمستقبل و ليس بقايا الماضي . و قد شرحنا المقصود بالإطار النظري الجديد والمرحلة الجديدة و طليعة المستقبل فى أكثر من مناسبة منها كتبنا " صراع خطين عالمي حول الخلاصة الجديدة للشيوعية - هجوم محمّد علي الماوي اللامبدئي و ردود ناظم الماوي نموذجا عربيا " و " آجيث نموذج الدغمائي المناهض لتطير علم الشيوعية " و " لا لتشويه الروح الثوريّة للماويّة : كلّ الحقيقة للجماهير... " و خاصة الفصل الأوّل " الخلاصة الجديدة للشيوعية و تطوير الإطار النظري للثورة البروليتارية العالمية " من كتاب " صراع خطين عالمي حول الخلاصة الجديدة للشيوعية - هجوم محمّد علي الماوي اللامبدئي و ردود ناظم الماوي نموذجا عربيا ".
--------------------------------------------------------------------------------------------------------------

" إنّ المثالية و الميتافيزيقا هي الشيء الوحيد فى العالم ، الذى لا يكلّف الإنسان أي جهد ، لأنّها تتيح له أن يتشدّق كما يشاء دون أن يستند إلى الواقع الموضوعي و دون أن يعرض أقواله لإختبارات الواقع . أمّا المادية و الديالكتيك فهي تكلّف الإنسان جهدا ، إذ أنّها تحتّم عليه أن يستند إلى الواقع الموضوعي و أن يختبر أمامه ، فإذا لم يبذل جهدا إنزلق إلى طريق المثالية و الميتافيزيقا. "
( ماو تسى تونغ ، ملاحظة على" المعلومات الخاصة بطغمة خوفنغ المعادية للثورة "( مايو- أيار– 1955) )
--------------------------
" إذا كانت لدينا نقائص فنحن لا نخشى من تنبيهنا إليها و نقدنا بسببها ، ذلك لأنّنا نخدم الشعب . فيجوز لكلّ إنسان - مهما كان شأنه - أن ينبهنا إلى نقائصنا . فإذا كان الناقد مصيبا فى نقده ، اصلحنا نقائصنا ، و إذا إقترح ما يفيد الشعب عملنا به . "
( ماو تسى تونغ - " لنخدم الشعب " ( 8 ديسمبر – أيلول- 1944) ، المؤلفات المختارة ، المجلد الثالث )
------------------------
" لقد شكل تقييم الخبرة التاريخية فى حد ذاته دوما موضوع جدال كبير فى الصراع الطبقي فمنذ هزيمة كومونة باريس لم يتوقف الإنتهازيون و التحريفيون عن إستغلال هزائم البروليتاريا و نواقصها بغاية قلب الخطأ و الصواب و خلط المسائل الثانوية بالمسائل الرئيسية و التوصل إلى إستنتاج مفاده أن " البروليتاريا ما كان عليها أن تحمل السلاح ". و كثيرا ما كان بروز ظروف جديدة تعلة للإرتداد عن المبادئ الجوهرية الماركسية ، مع إدعاء إضفاء التجديد عليها . و من جهة أخرى، فإنه ليس بأقل خطأ و بأقل ضرر كذلك التخلى عن الروح النقدية الماركسية و عدم الإهتمام بتقييم نواقص البروليتاريا إلى جانب تقييم نجاحاتها و الإعتقاد بأنه يكفى تماما الإستمرار فى الدفاع أو التمسك بمواقف كنا نتصور سابقا أنها صحيحة فمثل هذه الطريقة تجعل الماركسية – اللينينية - الماوية جافة و هشة غير قادرة على التصدى لضربات العدو و عاجزة عن تحقيق أي تقدم جديد فى الصراع الطبقي و فى الواقع تخنق مثل تلك الطريقة الروح الثورية الماركسية – اللينينية .
لقد بيّن التاريخ فعلا أن التجديدات الحقيقية للماركسية (على عكس التشويهات التحريفية ) إنما كانت متصلة إتصالا وثيقا بمعارك ضارية للدفاع عن المبادئ الجوهرية للماركسية – اللينينية - الماوية و تدعيمها."

" إن الحركة الأممية الثورية اليوم و كذلك قوى ماوية أخرى ، هي وريثة ماركس و إنجلز و لينين و ستالين و ماو و عليها أن ترتكز بقوة على هذا التراث. و لكن مع إعتبار هذا التراث أساسا لفكرها، يجب أن تكون لديها الشجاعة الكافية لنقد نواقصه . فبعض التجارب تستحق الإطراء و البعض الآخر يبعث على اللوعة . و يتعين على الشيوعيين و الثوريين فى كل البلدان أن يتأملوا و يدرسوا جيدا تلك التجارب الناجحة منها و الفاشلة حتى يستطيعوا أن يستخلصوا منها إستنتاجات صحيحة و دروسا مفيدة . "
( " بيان الحركة الأممية الثورية " لسنة 1984 ).
---------------------------------------------------------------------------------------------------------
4- سلامة كيلة يغفل عمدا حقائقا جوهريّة عن الثورة الديمقراطية الجديدة الصينية :
بشكل عام ، حسب قول عامي ، يذكر سلامة كيلة التجربة الصينيّة فى ظلّ ماو تسى تونغ بخير . و ضمن ما خطّه ، نقرأ جملا و فقرات منها على سبيل المثال " استطاعت الأحزاب في الصين وفيتنام تحقيقها، أي إنجاز الثورة الديمقراطية والتقدم على طريق الاشتراكية " ( " فى نقد التجربة التنظيمية الراهنة " ) بما يفيد أنّ الثورة الصينيّة تلقى نوعا من الإستحسان و الإطراء أساسا لأنّها إتبعت الطريق اللينيني فى الثورة الديمقراطية و إختلفت عن " الستالينيّة " وفق كاتبنا العربي .
و هذا يستدعى ملاحظتين الأولى هي أنّ هذه التجربة الناجحة كان ينبغى أن يوليها مفكّرنا عناية خاصة ليستفيد من دروسها التى قد يمكن تطبيق القليل أو الكثير منها عربيّا إلاّ أنّ هذا المفكّر لا يهتمّ بذلك لا لشيء إلاّ لأنّ الهدف ليس تحليل و تلخيص تلك التجربة و إنّما إستخدامها لتوجيه ضربات ل" الستالينيّة " و الدغمائيّة و عندئذ يفسح الطريق للترويج لمشروع " الماركسية المناضلة " .
و فى الحقيقة ، إختلف ماو تسى تونغ مع ستالين فى أكثر من مناسبة و بصدد سياسة الكومنترن و مبعوثيه و قيادات يساندها صلب الحزب الشيوعي الصيني و بصدد مواصلة الثورة الصينية أو الإكتفاء بالعمل فى إطار دولة يقودها الكيومنتانغ كما إقترح ستالين إثر الحرب العالميّة الثانية ؛ بيد أنّهما لم يختلفا إختلافا جوهريّا فى مسائل محوريّة عدّة متصلة بالثورة الديمقراطية الجديدة الصينيّة يتجاهلها عمدا سلامة كيلة ومنها بصورة خاصة الدور المفتاح للفلاحين و الثورة الزراعية و طابع الثورة الديمقراطي البرجوازي و كون الثورة المسلحة تواجه مباشرة الثورة المضادة المسلحة . وقد شرح ج. وورنار فى مقاله القيّم " فى الردّ على الهجوم الدغمائي - التحريفي على فكر ماو تسى تونغ " ( كتاب شادي الشماوي " الماوية تدحض الخوجية ومنذ 1979 " – مكتبة الحوار المتمدّن ) هذه المسائل بشكل مفصّل و بالعودة إلى الوثائق التاريخية التى لا يعتورها أي شكّ و بالتالى الدعوة مفتوحة لمن يبحث عن الحقيقة و يودّ الغوص فى الموضوع أن يدرس ذلك المقال الجدالي و ذلك الكتاب القيّم برمّته .
ويغضّ السيد كيلة الذى لم يتشرّب الماديّة الجدليّة كما بلورها ماركس و لينين و ماو تسى تونغ بوجه خاص النظر تماما عن الإنقلاب الذى شهدته الصين سنة 1976 و إعادة تركيز الرأسماليّة هناك و يمحو بجرّة قلم مثالي تجارب الماويين و صراعاتهم و تنظيراتهم طوال عقود إلى اليوم فيتحدّث غالبا عن الصين كما يفعل البرجوازيّون مقيّمينها فحسب من ناحية قوّتها الإقتصادية و تأثيرها فى الإقتصاد العالمي أي النظام الرأسمالي – الإمبريالي العالمي :
" الصين التي كانت بلداً زراعياً متخلفاً " شبه إقطاعي شبه مستعمر" إلى نهاية الأربعينات. حسب ما وصفها ماوتسي تونغ. أصبحت الآن قوة اقتصادية هامة. ليبدو اليوم أن كل من روسيا والصين من القوى الخمس المحدِّدة للاقتصاد العالمي"( " الاشتراكية أو البربرية " ).
وفى تسعينات القرن العشرين ، كما سلف التعرّض إلى ذلك عند الحديث عن الإشتراكية ، ظلّ سلامة كيلة يعتبر الصين بلدا إشتراكيّا إلى جانب كوبا إلخ و الحال أنّها ليست إلاّ بلدا أعاد تركيز الرأسمالية منذ إنقلاب 1976 و صعود التحريفية إلى السلطة أي صعود البرجوازية الجديدة إلى السلطة و إن إستدرك تاليا فلاحظ ملاحظة عابرة تطوّرا رأسماليّا قال و حتى تحوّلا إلى الإمبريالية و كلّ هذا نعيدها مجرّد ملاحظات عابرة لا تستند إلى تحاليل وتلاخيص ما يرشح منه خواء نظري و هزال عملي :
- " الصين تتحول إلى الرأسمالية بهدوء " ( " الماركسية و-الماركسيات- الأخرى حول النزعة الحلقية والتشتت الماركسي " ).
- " الصين فتتمظهر فيها كل سمات الإمبريالية " ( " الإمبريالية والإمبريالية الروسية " ).
و مرّة أخرى ، نتوقّف لحظة لنشير إلى أنّ سلامة كيلة ، بتصفويّة لا يحسد عليها قط ، يخرج من إطار الصورة الذاتية التى يرسمها لتاريخ الصراع الطبقي فى الصين ما أنتجه الماويّون عالميّا من قراءة نقديّة علميّة منذ سبعينات القرن العشرين تعمّقت أكثر مع الخلاصة الجديدة للشيوعية . و على سبيل الذكر لا الحصر ، فى 1978 - 1979 و بعد بحث عميق و دراسة متأنّية و نقاش داخلي مستفيض ، أصدر الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ، كتابان غاية فى الأهمّية هما " خسارة الصين و الإرث الثوري لماو تسي تونغ " و " المساهمات الخالدة لماو تسى تونغ " لبوب أفاكيان شكّلا قاعدة صلبة على أساسها وقعت صياغة فقرات هامة من " بيان الحركة الأممية الثورية " لسنة 1984 التى جمعت عددا من الأحزاب والمنظّمات الماوية عالميّا و نشطت متّحدة إلى سنة 2006. ( و الكتابان متوفّران بالأنجليزية على موقع الفكر الممنوع :
http://www.bannedthought.net/USA/RCP/Avakian/LossInChina-Avakian.pdf
http://www.bannedthought.net/USA/RCP/Avakian/MaoTsetungImmortal-Avakian.pdf

5- سلامة كيلة يشوّه الماويّة ماضيا و حاضرا :
لفتت نظرنا و نحن نطالع كتابات سلامة كيلة غمزة فيها ما فيها من لوم للحزب الشيوعي الصيني و على رأسه ماو تسى تونغ لإعتباره ستالين صديقا للشعب الصيني و أكثر من ذلك الدفاع عنه فى وجه الهجمات التحريفيّة المسعورة التى قادها خروتشوف و تيتو و تغلياتى و توريز و أمثالهم و أتباعهم عبر العالم ، فى خمسينات القرن العشرين و ستّيناته و بعدها ، إلى درجة أّنّ كيلة يسم الماويين ب" الستالينيين " مثلما يفعل التروتسكيّون .
لقد نطق كيلة بالجمل الآتى ذكرها نتيجة مفارقة فظيعة لم نستبعد وقوع مفكّرنا فيها إعتبارا لمواقفه المرتبكة المهزوزة فيهاجم ماو تسى تونغ و الماويّة فيتحوّل المديح ذمّا :
- " رغم تمسكه بستالين كـ "صديق الشعب الصيني" فقد ظل لينينياً بعد أن عاد ستالين بليخانوفياً مبتذلاً " ( " توضيحات ضرورية حول الماركسية " )
- " نشأت الماويّة منذ أواسط الستينات ، بعد تفاقم الخلاف الصيني السوفيتي وعلى إثر الثورة الثقافيّة الكبرى فى الصين ، وهي تجربة تمسّكت بالستالينيّة ، رغم قدرتها على الإختلاف مع ستالين فى حياته و كذلك قدرتها على ربط الماركسية بظروف الصين و وعيها للماركسية وعيا صحيحا ...
و أصبحت مثالا على صعيد حرب الشعب ، و الثورة الديمقراطية ، فقد برزت كفقاعة سرعان ما إنتهت ، رغم إستمرار تأثيرها فى " وعي " بعض الإتجاهات. " ) " بصدد الماركسية " ، ص 17-18 )
و فى موقع آخر ، يساوى مفكّرنا بين " الستالينيّة " و الماويّة ، مصرّحا دون أن يدقّق فى الأمر :
- " تبلورت الماوية كستالينية لكن ذو نكهة أخرى مناقضة لها. لهذا ظلت تدافع عن ستالين مع سعيها لتحقيق الثورة الوطنية الديمقراطية، في تضاد مع رؤية ستالين التي حملتها الماركسية السوفيتية." ( " الماركسية و-الماركسيات- الأخرى حول النزعة الحلقية والتشتت الماركسي " )
- " سنجد بأن تشكل الماوية أعاد الستالينية بشكل ما." ( " توضيحات ضرورية حول الماركسية " ).

و لمّا كان سلامة كيلة يدمج الماركسية ونقيضها التحريفية و ينكر التناقض التناحري بينهما ، يسوّى بين ماو تسى تونغ الشيوعي الثوري و التحريفيين بليخانوف و كاوتسكى و بيرننشتاين و تروتسكي ... الذين خاضوا حربا ضروسا ضد علم الشيوعية إذ يعتبر الماركسية " تراث ماركس كما كلّ الماركسيين الآخرين ( إنجلز ولينين، وبليخانوف وكاو تسكي وبيرنشتاين، وستالين وماوتسي تونغ وتروتسكي، وغرامشي ولوكاش، وكلّ الآخرين). ( " توضيحات ضرورية حول الماركسية " )
و كتب مفكّرنا كيلة أنّ " مقولات الجدل لا يمكن أن تستوعب إلاّ بالإستناد إلى هيغل ، إضافة إلى إضافات ماركس ، إنجلز ، لينين و ماو ." ( " الجدل و التصوّر المادي للتاريخ " ، ص 12) و فى موقع آخر يقرّ بأنّ ماو تسى تونغ " قدّم إسهامات نظرية مهمة " بيد أنّه مثلما فعل مع لينين فى موقف أنف التعرّض له ، يلجأ إلى سلوك سياسة " نعم ولكن " و التشكيك مستخدما " ربّما " فيضيف لبداية جملته الإقراريّة تلك " ربما يمكن القول بأنها أضافت في الماركسية، خصوصاً فيما يتعلق بمسألة التناقض، والعلاقة بين النظرية والممارسة." و يترجم سياسته تلك تجاه مساهمات ماو تسى تونغ النظرية المهمّة فى نقد غير مبدئي و غير علمي ل" فى التناقض " قائلا :
" هذا نص مهم، لأنه يبحث في مسألة التناقض. ولاشك في أن ماو تسي تونغ قد قدّم إضافات مهمة في هذا البحث، حيث أشار إلى لا أحادية التناقض، أي تعدد التناقضات، وميّز، من ثم، بين الرئيسي والثانوي فيها، كما أنه دخل في تفصيلات عن الطرف الرئيسي في كل تناقض، ومركز التعادي فيه، إضافة إلى إشارته إلى عمومية التناقض وخاصيته، والى الوحدة والصراع بين طرفي التناقض. وبالتالي فقد عمل على أن يجعل وعي الواقع أكثر شمولية، وعمقاً، لأن الواقع متعدد الصراعات نتيجة تعدد التناقضات. وبالتالي من الضروري فهم الرئيسي والثانوي فيها، وكيفية التعامل مع كل منها من أجل حسم التناقض الرئيسي.
لكن لا بد من التنبيه إلى أن التناقض هو "القانون الأول" في الجدل المادي وليس كل الجدل المادي كما بدا لدى قطاع من المعجبين بالنص. وإذا كانت هناك إشارات فيه تشير إلى قانون التراكم الكمي والتغير النوعي فقد بدا وكأنه ينفي وجود القانون الثالث الذي يضم هذين القانونين (التناقض والتراكم) ليحقق الانتقالة/ التركيب، وهو قانون نفي النفي. حيث ليس التناقض هو بين طرفين ينتصر أحدهما فتحلّ المسألة، وإلا لما كانت هناك صيرورة، حركة، في الواقع. وما من شك في أن تبسيط الجدل إلى "التناقض" فقط كان يفضي إلى تحويل الجدل كله إلى منطق صوري، إلى مفهوم الهوية الأرسطي الذي ينطلق ليس من تناقض ووحدة في التناقض بل من التعادي المطلق، التضاد، الذي يفرض تصوير الواقع في ثنائيات متعادية، والصراع هو من أجل تهشيم أحدهما. وهو المنطق الذي ساد لدى تيارات ماوية.
وبالتالي، حين يجري تناول التناقض يجب أن يكون واضحاً أننا إزاء أحد قوانين الجدل المادي، والذي لا يفعل وحده، بل عبر القانونين الآخرين، وبالتفاعل معهما، حيث لا يتفاقم التناقض بين طرفيه إلا عبر التراكم المتحقق في كل منهما، وإذا حسم لمصلحة السلب (النفي) فمن أجل إعادة صياغة مجمل التكوين المجتمعي في تركيب جديد.
وسنلحظ هنا بأن قسر الجدل على التناقض، أو إحلال التناقض محلّ مجمل الجدل، قد فرض على ماو تسي تونغ أن يُدخل القانونين الآخرين تحت عباءة التناقض، وأن يجهد في تفسير مسائل لم تكن لتستوعب تحت هذه العباءة. كما جعلته يفصّل في مسائل لم يكن الشرح يسعفه في توضيحها، مثل "الطرف الرئيسي في التناقض"، ومثل "مركز التعادي في التناقض"، الذي يبدو وكأنه يتعلق بالتراكم الكمي والتغير النوعي وليس بالتناقض كتناقض، أو يتعلق بالأشكال التي يتخذها التناقض في صيرورة التراكم فيه. وهو الأمر الذي أرهق البحث، وخلق تشوشاً حول التناقض ذاته.
وبالتالي، فلأنه اعتبر أن التناقض هو القانون الأساس (والوحيد) في الجدل المادي فقد دخل في متاهة، الأمر الذي فرض عليه "تحوير" القوانين الأخرى: التراكم ونفي النفي، عبر قولبتهما في إطار قانون التناقض. وهذا يتوضح في العديد من المواضع، حيث يعطي تسمية مشتقة من التناقض لعملية تتعلق بالتراكم الكمي والتغير النوعي، أو حتى بالنفي ونفي النفي."( " توضيحات ضرورية حول الماركسية " ).
هنا نرى أحد أنصع الأمثلة على كيف أنّ سلامة كيلة يهاجم الماويّة لإعتبارها أنّ القانون الجوهري للجدلية هو قانون التناقض وهو بهذا الهجوم على ماو يوجّه صفعة للينين الذى إقتبس " فى التناقض " مقولات له تدافع عن هذا الرأي . و قد أنف لنا نقاش قوانين الجدلية و تطوير ماو تسى تونغ للجدليّة فى الفصل الثاني نقاشا مستفيضا لذلك لن نكرّر ما قلناه أعلاه و نكتفى بإضافة ملاحظة إستغراب ملاحظة سلامة كيلة الفريدة من نوعها ( ربّما إستحقّ براءة إختراع على إكتشافها ربّما ! ) على جوانب من " فى التناقض " على أنّها " أرهقت البحث و خلقت تشوّشا حول التناقض ذاته " كلّ هذا دون أي تعليل منطقي !!! و ما هي هذه الجوانب فعليّا ؟ إنّها " الطرف الرئيسي فى التناقض " و " مركز التعادي فى التناقض " . فيما تعدّ هذه المعالجة تعميق للجدليّة ، تغدو لدي السيّد كيلة بلا نقاش جدّي علمي و دقيق و لا حجّة واضحة و ببراغماتية تستهدف تقزيم الماوية نقاط ضعف سلبية فى البحث الماوي !!!
و عن عمد يصف الثورة الصينية بالديمقراطية بينما هي ديمقراطية جديدة و الفرق بيّن و شاسع لمن درس و يدرس تاريخ تلك الثورة و مؤلّفات ماو تسى تونغ كما سنشرح فى الفصل التالي من هذا الكتاب . و يتهجّم سلامة كيلة على الماويّة إذ يسخر من الشباب العربي الذى حاول إعتناقها فى ستّينات و سبعينات القرن العشرين و يوسمهم بالطفولية والنزق . و يسعى مفكّرنا إلى حصر الماويّة فى الثورة الديمقراطيّة وتجاهل الثورة الإشتراكية فى الصين و ضمنها الثورة الثقافيّة البروليتارية الكبرى هناك .
و مثلما عمل على إهالة التراب على إنتصارات السوفيات على النازيين فى الحرب العالمية الثانية ، فى جزء هام منه ، بفضل قيادة ستالين للشعب فى صنع التاريخ ، عمل على قبر الصراع العالمي الكبير الذى قاده ماو تسى تونغ ضد التحريفيّة المعاصرة السوفياتيّة منها و اليوغسلافية و الفرنسية و الإيطالية إلخ. و هكذا داء التروتسكيّة و الخروتشوفيّة الذى أصاب السيّد كيلة أمسى ملازما له .
و أيضا كسائر التروتسكيين و أعداء الماويّة عموما ، يقلّص سلامة كيلة صلوحيّة الماويّة فى البلدان الزراعيّة المتخلّفة فهو يناقض ما قاله فى ( " الماركسية و-الماركسيات- الأخرى حول النزعة الحلقية والتشتت الماركسي " ) :" إنتشرت الماويّة ( التى أطلق عليها إسم اليسار الجديد ) فى مناطق مختلفة من العالم " فيردّد :
" وإذا ما درسنا وضع الحركة الماوية سوف نجد أنها ترعرعت في البلدان ذات الطابع الفلاحي أكثر من أي بلدان أخرى، مثل النيبال والبيرو، وكولومبيا، ولم تصبح ذات شأن في البلدان ذات الطابع المديني الغالب. ربما لأن جل التحليل الماوي ارتبط بوضع الصين الفلاحي. وفي كل الأحوال هذا وضع ملفت ويستحق الانتباه. "
( " توضيحات ضرورية حول الماركسية " )
و للردّ على مثل هذه الترّهات التى تدخل القرّاء فى نفق تحريف التاريخ ، يكفى الإطلاع على مقال للحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية بمناسبة الإحتفال بالذكرى العشرين للثورة الثقافية و بالذكرى العاشرة لوفاة ماو تسى تونغ ترجمه شادي الشماوي و نشره على موقع الحوار المتمدّن ضمن كتاب " مساهمات ماو تسى تونغ الخالدة – كتاب لبوب أفاكيان " و فيه معالجة تفصيليّة للمسألة تساعف فى الإجابة على سؤال :

" هل أنّ أهمّية ماو تسى تونغ و تأثيره ، بعد كلّ شيء ، تتجاوز ذلك – خاصة بالنسبة لحزب يعدّ لإنجاز ثورة فى بلد إمبريالي؟ " و كان ملخّص الجواب :

" هناك الكثير من الذين يعترفون أو أحيانا يحيّون التفكير العسكري لماو أو من الذين ينظّرون إليه على أنّه قومي ثوري مهمّ ( لا أكثر) . و هناك الذين يقرّون بلزوم ماو و حتى بأهمّيته فى هذا المجال أو ذاك من النظرية الماركسيّة بيد أنّهم لا زالوا ينظرون إليه جوهريّا كمنظّر " للعالم الثالث فقط ".

نختلف مع كافة وجهات النظر هذه و نقف عوض ذلك مع بيان الحركة الأممية الثورية لسنة 1984 الذى يؤكّد على انّ فكر ماو تسى تونغ " مرحلة جديدة فى تطوّر الماركسية - اللينينية " و يشدّد أكثر على أنّه " و بدون الدفاع عن الماركسية – اللينينية – الماوية و بدون البناء على هذه القاعدة يستحيل الإنتصار على التحريفية و الإمبريالية و الرجعية عموما ." و هذا صحيح بالنسبة للبلدان الإمبريالية مثلما هو صحيح بالنسبة للأمم المضطهَدَة ."

و بعدئذ تمّ نقاش جملة من القضايا منها نظرية و ممارسة مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتوريّة البروليتاريا ؛ و تطوير ماو تسى تونغ للجدلية : وحدة و صراع الضدّين كمسألة مركزيّة و فى تحليل كافة الأشياء و تغييرها ، فى الطبيعة و المجتمع ؛ و صراع الخطّين داخل الحزب الطليعي ؛ و إستراتيجيا الجبهة المتحدة ؛ و الحرب الثورية فى البلدان الإمبريالية و إفتكاك السلطة .

و خُتم المقال على النحو التالى :

" لنؤكّد على أوضح وجه ممكن أنّه لن توجد ثورة فى البلدان الإمبريالية ، على الأقلّ لا ثورة بروليتارية ، دون فكر ماو تسى تونغ [ الماوية ] . و نكران أهمّية مساهمات ماو تسى تونغ أو الحطّ منها أو رؤيتها ك " ملحق إختياري " للماركسية ، مفيدة فقط للأمم المضطهَدَة خاطئ بعمق و لا يمكن أن يقود إلى الثورة. يجب على حزب فى بلد إمبريالي أن يستوعب فى أساسه أنّه مثلما كتب رئيس اللجنة المركزية لحزبنا :

" قبل كلّ شيء ، يمثّل فكر ماو تسى تونغ [ الماوية ] تطويرا نوعيّا للماركسية – اللينينية ؛ و الماركسية - اللينينية - فكر ماو تسى تونغ [ الماوية ] فلسفة شاملة و نظريّة سياسيّة وهي فى نفس الوقت علم مستمرّ التطوّر، حيّ و نقديّ . و هي ليست الإضافة الكمّية لأفكار ماركس و لينين و ماو ( و ليس الحال أنّ كلّ فكرة أو سياسة أو تكتيك خاصّين تبنّوها كانت خالية من الخطإ ) ، الماركسية - اللينينية - فكر ماو تسى تونغ [ الماوية ] خلاصة التطوّر و بصفة خاصة الإختراقات النوعية ، اللذان بلغتهما النظريّة الشيوعيّة منذ تأسيسها من قبل ماركس إلى يومنا هذا . لهذا مثلما قال لينين عن الماركسية ، " إنّها لكلّية الجبروت لأنّها صحيحة ". "

( " من أجل حصاد التنانين "، ص 114، بالأنجليزيّة )
( إنتهى المقتطف )
و كغيره من المثاليّين ، بقوميّة ضيّقة الأفق ، يسلك سلامة كيلة إما مباشرة أو مداورة سياسة النعامة تجاه النضالات التى يقودها الماويّون عبر العالم و لا يحاول التعريف بها و لا دراستها و الإستفادة منها خاصّة و أنّ حرب الشعب الماويّة فى الهند و الفليبين مثلا تقودها أحزاب ماويّة عريقة طوال عقود الآن فى بلدان يصفها كيلة بالبلدان المتخلّفة أو الرأسمالية التابعة حسب مفرداته. " عاد المناضلون لها فى ثوبها الماوي بعد الثورة الثقافيّة فى الصين التى أدّت إلى إنتشار موجة اليسار الجديد ، أو فى ثوبها الفيتنامي. لكن الأزمة طالت اليسار الجديد فإنقسم وتفتّت، و لم يحقّق أيّة خطوة إلى الأمام ." ) " بصدد الماركسية "، ص 15 ).
و بالمناسبة ، هذه التجارب و تجارب حرب الشعب فى البيرو فى ثمانينات القرن الماضي و بداية تسعيناته و النيبال بين 1996 و 2005 ، فضلا عن تجربة حرب الشعب المظفّرة فى الفيتنام و فى كوريا ، التى إتّبعت جميعها بالأساس و رغم خصوصيّاتها تلك الإستراتيجيا ، تفنّد بوضوح ما بعده وضوح إدّعاء سلامة كيلة القائل :
" أما الإستراتيجية التي اتبعها فليس من الممكن أن تكون أساس إستراتيجية في اي بلد آخر"( " توضيحات ضرورية حول الماركسية " ).
و هكذا فى هذه النقطة التي تستأهل النقاش تتقوّم المشكلة فى أنّ سلامة كيلة يجتهد لإفراغ الماويّة من تاريخها و مكوّناتها و روحها الشيوعية الثوريّة و يشوّه مضامينها الحقيقية و كونها المرحلة الثالثة فى تطوّر علم الشيوعية فيجعل منها رافدا من روافد الماركسيّة لا أكثر ولا أقلّ مسوّيا زورا و بهتانا بين ماو تسي تونغ و بين " وبليخانوف وكاو تسكي وبيرنشتاين، ...وتروتسكي، وغرامشي ولوكاش، وكلّ الآخرين " و فى نفس الوقت يستغلّها ببراغماتيّة ضد " الستالينيّة " و ضد الدغمائيّة ، و يلجأ إلى بعض مفاهيمها عند الحديث عن التناقض و التناقضات و الجدليّة .
==========================================