آدم عربي : العمل المنتج والعمل غير المنتج


عذري مازغ
2016 / 12 / 8 - 15:38     

عندما يلتبس الفهم عند بعض الماركسيين العرب في فهم نصوص ماركس نفسه، حين يستدل شخص بنص ماركسي لتأييد فهمه للماركسية من حيث هذا الإستدلال نفسه يطرح لدى هذا الكاتب المستدل بالنص أزمة فهم نفسها ، أثير جدل في الفضاء المفترض حول العمل المنتج والعمل غير المنتج عند ماركس أو لنقل بالدقة العمل المنتج والعمل غير منتج في النظام الرأسمالي، يطرح الأستاذ آدم عربي نصا ينتقد آسو جيرماني حول فهمه الغريب لفائض القيمة، ويجر عليه سلسلة من الملاحظات التي تلتبس في اعتقاد آدم على أسو ليعطي انطباعا قاسيا يتلخص في ملاحظات تبدوا شكلا أنها لاينزل إليها الشك من عند ربهم، لينجر النقاش ويتشبع وصولا إلى استشهاد آدم بنص لماركس (مقال منشور بالحوار المتمدن ترجمه الدكتور فالح عبد الجبار ونشره بالحوار الكاتب جمال أحمد)، والغريب أن آدم يستشهد بنص هو في الحقيقة ينسجم مع فهم آسو جرماني في تحليله لمسألة الإنتاج في السوفتوير (او السفتوار) أكثر مما ينسجم مع طروحات آدم الذي التبست عليه المفاهيم في نص ماركس، بشكل يطرح إشكالا هو من وجهة نظري يكمن حول نص ماركس نفسه، كيف ليساري أن يتبنى فكرا لا يفهمه؟ وكيف لهذا المفكر أن يكيف معطيات جديدة وفق نص مكتوب في القرن 19؟ أي كيف له أن يفهم امورا تحدث في عصرنا في علاقات الإنتاج إن لم يفهم قانونها العام في الإقتصاد السياسي وإن كان ينتمي إلى قرن فائت؟ هذا بالتحديد ما حاوله آسو في تحليل العمل في السوفتوير وفقا لقاعدة ماركسية تحدد العمل سواء كان ذهنيا (فنيا بتعبير ماركس) أو بدنيا في الوقت الذي كان فيه آدم يلتبس عليه العمل من زاوية عامة باعتباره عمل حي بدني يرتكز عليه الإقتصاد الحقيقي ويعتبره العمل المنتج الوحيد ليستخلص خلاصات على مقاسه يحدد فيها من هو المنتج لفائض القيمة (في نظره هو فقط العمل العضلي) ومن هو غير المنتج لفائض القيمة (في نظره كل مايتعلق بالعمل الفني الذهني) ستلاحظون هنا أننا نتكلم عن فائض القيمة في النظام الرأسمالي، وهذا التمييز ضروري لدرء التباسات أخرى حول العمل المنتج كانت صلب اختلافنا مع آدم عربي، فأول التباس لدى آدم هو أنه يخلط بشكل عام بين العمل المنتج بشكل عام والعمل المنتج لفائض القيمة بشكل خاص، وعليه يبني كل تصوره للعمل المنتج لفائض القيمة كما لو كانت تفيد المجتمع بشكل عام في الوقت الذي نتكلم عن هذا الفائض فقط بالنسبة للرأسمالي، ولتبيان هذا أرى ضروريا أن نقوم بعملية تفكيك لنص ماركس المدرج في الحوار المتمدن والذي يستند إليه آدم عربي فير قراءة هي بالنسبة لي لم تستلهم النص المذكور هذا، إن رابط النص في الحوار المتمدن هو التالي:http://www.ssrcaw.org/ar/show.art.asp?aid=347609 .
عنوانه هو: "العمل المنتج والعمل غير المنتج"، ويبدو أني أضطر هنا لتسجيل اول اعتراض يتلبسه العنوان، إن المراد هنا هو بالتحديد: العمل المنتج والعمل غير المنتج للقيمة الإضافية في إطار نمط الإنتاج الرأسمالي ، إن العنوان يوحي بصيغته التعميمية إلى أن هناك عمل منتج يستفيد منه المجتمع وعمل غير منتج ولا يستفيذ منه المجتمع، بينما القصد ليس تماما المجتمع، فغياب إدراج القيمة الفائضة في العنوان يرسم هذا الإنطباع برغم أن النص يحدد هذا الأمر.
إن هذا الإلتباس وقع فيه كل الماركسيين الذين اكتشفوا فجأة أن العامل قديس آخر يجب التبجيل بكراماته، وحين يقصدون العامل يعتقدون أنه العامل العضلي فقط وهذا أيضا ما استلهمته إيديولوجية البرجوازية الصغيرة والمتوسطة لتعلن في أكثر من مناسبة أن محركي الرهج العربي المسمى بالربيع العربي هم من طبقتهم في الوقت الذي اغلبهم عاطلون لا يملكون إلا قوة ذهنية لم يجدو مشتريا لها، والواقع أنهم بالتعبير الرأسمالي اللاإيديولوجي، أقصد، أنهم بوعي صادق يعرفون (أقصد الرأسماليون)أن هؤلاء المعطلون ينتمون إلى الطبقة الرثة إذ لا يملكون إلا أجسادهم، وأنهم (أقصد مرة أخرى الراسماليون) ينسبونهم بوهم أيديولوجي إلى الطبقة المتوسطة والصغيرة باعتبارهم حملة شواهد مدرسية أي ان رأسمالهم الوحيد هي شواهدهم .
يجب تسجيل أمر خاص حول نص ماركس المشار إليه: إنه نص نظري قبل كل شيء، يمثل أرضية لموضوع سيأتي على تحليله، لأنه اتخذ هذا المنحى قصد التعميم والإختصار، يمكن اعتباره مدخل عام، يقول ماركس بصدده:(”أود معالجة هذا الأمر بايجاز قبل ان القي نظرة اخرى ابعد على تغير شكل الراسمال”..). أي أنه يطرح فهما عاما قبل الدخول في نقاش أمر خاص حول تغير شكل الرأسمال، الأمر الآخر هو: إن شكله النظري هذا لا ينفي واقعيته، بمعنى انه يتكلم على واقع خاص في نظام الإنتاج الراسمالي من منطلق تجريد موضوعه لاستقامة النظري فيه لفهم عام يفترض إحالة إلى انجاز أقامه فبل هذا المدخل.
يبدأ ماركس نصه بالآتي: “بما ان الغاية المباشرة والمنتوج الاصلي للانتاج الراسمالي هو القيمة – الفائضة "
إنه يحدد عمليا موضوعا خاصا يعتبر أصلا في الإنتاج الرأسمالي هو القيمة الفائضة، أي أنه يتكلم على أمر خاص بالرأسمالي هو القيمة الفائضة، أي أنه لا يتكلم عن المجتمع بشكل عام بكل طبقاته، يتكلم عن الفائدة القصوى بالنسبة للرأسمالي عليها يتحدد ما هو منتج وما هو غير منتج بالنسبة له. وعليه يتحدد المنتج من زاوية الراسمال وليس من زاوية المجتمع ككل من حيث هذا المنتوج مفيد له وليس لغيره، مفيد له في نمو وتراكم رأسماله، أي لانتكلم هنا عن منتوج مفيد للنفع الإجتماعي بشكل عام كما يعتقد، إن اهميته بالنسبة للرأسمالي تكمن في الفائدة التي ينمي بها رأسماله، هذا لا يعني أن الإستهلاك الإجتماعي لا يكتسب قيمة نفعية بالنسبة للرأسمالي بل هو ضروري له لتسويق منتوجه، لكن غايته في منتوجه هو إخراج ذلك الوقت الفائض مما امتصته بضاعته وهذا ما سيتكلم النص عنه بإسهاب .
يوضح ماركس الامر بإشارة يستدرك فيها بحدسه الفائق اللبس الذي وقع فيه آدم عربي: “ولو نظرنا الى الامر من وجهة النظر البسيطة لعملية العمل ، فان العمل يبدو منتجا اذا ما حقق ذاته في منتوج"إن النظرة البسيطة لعملية العمل (من وجهة نظر بسيطة) تحقق الغاية، إن فلاحا يريد حرث ارضه ولزمه الأمر أن يصنع محراثا خشبيا، إن صنعه للمحراث الخشبي يحقق غايته، أي أن صنع محراثه (منتوجه) يعتبر نتيجة في حد ذاتها، إن عمله صنع منتوج ليستعمله هو عمل تحقيق عملية إنتاج، لكنها عملية إنتاج ليست رأسمالية، لماذا؟ ذلك ما ستوضحه النصوص الماركسية فيما بعد وعلى راسها ما يلي هذا النص مباشرة: "اما من وجهة نظر الانتاج الراسمالي فان بوسعنا ان نضيف الميزة التالية وهي ان العمل بكون منتجا اذا قام بانماء قيمة الراسمال مباشرة". إن ماركس واضح هنا يضع تميزا بين عمل منتج للسلع وبين عمل آخر منتج للسلع لكن إضافة إلى ذلك منتج لقيمة زائدة، إن صانع المحراث قام بعمل متتج صالح للإستهلاك الذاتي، لكن الرأسمالي إضافة إلى أنه يقوم بعمل إنتاج منتوجات صالحة وذات نفع عام، تبادلي أو استعمالي فإنه بالنسبة له ليس عملا منتجا إذا لم يكن يضيف قيمة زائدة تنمي رأسماله، أي أنه لا قيمة له إذا أقام منتوجات لا يتوسل ربحا منها واعتقد أن ظاهرة رمي الطماطم لخير تعبير للرأسمالي حين يصيب سوقها كساد، إنها منتوجات نافعة، لكنها ترمى او تحرق في حالة الكساد لانها لاتذر تلك القيم الزائدة التي وظف فيها الراسمالي كل امواله لكسب قيم تنمي رأسماله
إننا هنا نتكلم عن قيم إضافية ينمي بها الراسمالي رأسماله ولا نتكلم عن نفع المنتوجات وأدرك صراحة أن كلامي هذا مبهم بالنسبة لأدم عربي لأن لغتي العربية التي يعترف هو شخصيا أنه لا يفهمها استقتها من علم غريب عن علم قواعد اللغة العربية .
يقصد ماركس وهو برغم لغته التي كتب بها، كان يعلم أن الإبهام سينال موضوعته، يوضح اكثر:”نقصد القول ، ان العمل يكون منتجا اذا ما تحقق في قيمة – فائضة دون معادل للعامل، خالقها" وسأضيف شخصيا : يكون منتجا للرأسمالي إذا "ما تحقق...”، كان على ماركس أن يفصح أكثر لأنه كان يفترض انه يوجه خطابه لفئة من العمال درجات تعليمهم بمستويات ضعيفة ومتوسطة . مع ذلك سيوضح ماركس هذا الأمر في موقع آخر من مقاله.
يقول ماركس: "ان عملية العمل الراسمالية لا تلغي التحديدات العامة لعملية العمل". بالتسلسل، كان ماركس يتكلم عن عملية العمل البسيطة التي لا تلغي التحديدات العامة لعملية العمل، بشكل عام كل عمل يؤدي إلى نفع وهذا ماعبرت عنه لادم بان من شروط السلعة الأولى أن تكون لها قيمة نفعية، لكن ماركس هنا يضع تحديدا خاصا آخر تميزا لعملية العمل: “عملية العمل الراسمالية"، يضع الرأسمالية كتمييز خاص يقول عنها: هي ايضا تتوفر فيها التحديدات العامة مثلها مثل أي إنتاج آخر ، يعني أنها مثلها مثل اي عمل ينتج قيما اجتماعية، إن اول الشروط حتى بالنسبة للرأسمالي في بيع منتوجاته هو أن تكون سلعه لها نفع عام، قابلة للإستهلاك بكلام آخر سواء كان لهذا الإستهلاك صفة قيمة تبادلية أو قيمة استعمالية. فوسيلة العمل لدى الراسمالي ليست سوى " وسيلة للنمو الذاتي لقيمة راس المال”. الغريب أن ماركس يكثف بشكل كبير من تكرار الرأسمال بشكل يعني أن كل تحليله، كل كلامه يتأطر من داخل ما هو يحلله: نمط الإنتاج الراسمالي .
سأكتفي بهذا الجزء في انتظار تتمة عملية التفكيك هذه، وأعترف مسبقا أن اللغة العربية ليس لها ما يلام عليه،اإن المشكلة في الفكر هو ترجمة منطق النص في لغة أخرى وأعترف مسبقا أن ترجمة هذا النص من قبل فالح عبد الجبار كانت ترجمة رائعة وان ناشرها بالحوار المتمدن أيضا كان أروع إلا أني في الجزء الثاني ساثير موضوع الترجمة حول أمور رياضية خاصة بقيت غير مفهومة: ر، دلتا ر، م، امور تحتاج لتبيان ، هذه هي ملاحظتي الوحيدة على الترجمة.