ماركس: الالحاد والشيوعية


أنور نجم الدين
2016 / 11 / 10 - 13:21     

كارل ماركس

1) الالحاد والشيوعية

الشيوعية تبدأ منذ البداية (أوين) مع الإلحاد. لكن الإلحاد في البداية أبعد من أن يكون شيوعية، والحق أنه لا يزال في أغلبه تجريدًا.
وهكذا فإن خيرية (Philanthropy) الإلحاد هي في البداية مجرد خيرية فلسفية مجردة، أما خيرية الشيوعية فهي على الفور واقعية تتجه مباشرة إلى الفعل ...

الإلحاد هو نفي الله، وهو يفترض وجود الإنسان خلال هذا النفي، لكن الاشتراكية كاشتراكية لم تعد بحاجة إلى مثل هذا الوسيط. إنها تنطلق من الوعي الحسي عمليًا ونظريًا للإنسان وللطبيعة كجوهر. والاشتراكية من وعي الذات الإيجابي للإنسان الذي لم يعد موجودًا بالوساطة من خلال إلغاء الدين، تمامًا كما أن الحياة الواقعية هي واقع الإنسان الإيجابي الذي لم يعد موجودًا بالوساطة خلال إلغاء الملكية الخاصة، خلال الشيوعية ...

أن الإلحاد باعتباره إلغاء الله – هو مقدم الإنسانية النظرية، والشيوعية – باعتباره إلغاء الملكية الخاصة – هي تبرير الحياة الإنسانية الواقعية كملك للإنسان، وبذلك مقدم الإنسانية العملية (أو تمامًا كما أن الإلحاد هو الإنسانية متصالحة مع ذاتها خلال إلغاء الدين، في حين أن الشيوعية هي الإنسانية متصالحة مع ذاتها خلال إلغاء الملكية الخاصة). فعن طريق إلغاء هذه الوساطة فحسب وإن كانت هي نفسها مقدمة ضرورية – تولد الإنسانية المستمدة من ذاتها إيجابيًا، الإنسانية الإيجابية.
كارل ماركس، مخطوطات 1844

2) الدولة الملحدة

الإنسان، حتى حين يعلن نفسه ملحداً، بوساطة الدولة، يعني حين يعلن الدولة دولة ملحدة، فهو يظل دائماً محدوداً من وجهة النظر الدينية، وذلك بالضبط لأنه لا يعترف، بصفته تلك، إلا بوساطة وسيط.
أجل، ليست الدولة المسماة المسيحية، التي تعترف بالمسيحية أساساً لها وتعترف بها ديناً للدولة، وتتخذ – إذن – موقفاً متميزاً حيال الأديان الأخرى، هي الدولة المسيحية الكاملة، بل هي على الأصح الدولة الملحدة، الدولة الديمقراطية، الدولة التي تضع الدين بين سائر عناصر المجتمع البورجوازي.
وأعضاء الدولة السياسيَّة هم دينيّون، بثنائية الحياة الفردية والحياة الاجتماعية، حياة المجتمع البورجوازي والحياة السياسية.وهم دينيون، بمعنى أن الإنسان يعبتر الحياة السياسية القائمة فيها وراء فرديته الخاصة، بمثابة حياته الحقيقية. وهم دينيون، بمعنى أنَّ الذين هو هنا روح المجتمع البورجوازي، والتعبير عما يفصل الإنسان عن الإنسان ويباعد بينهما. إن الديمقراطية السياسية هي مسيحية، بمعنى أن الإنسان، ليس فقط الإنسان الواحد، ولكن كل إنسان، هو فيها كائن مسيطر، كائن أسمى، ولكنه الإنسان غير المثقف وغير الاجتماعي، الإنسان في وجوده العارض، الإنسان كما هو، الإنسان كما أُفْسِد بفعل جميع نواحي التنظيم في مجتمعنا، وفَقَد ذاته، وتخلى عن جوهره، ووُضع تحت سلطة شروط وعناصر غير بشرية. وبكلمة واحدة، الإنسان الذي ليس بعد كائناً بشرياً حقيقياً ...

إن الوعي الديني واللاهوتي يظهر لذاته في الديمقراطية الكاملة، أكثر دينية وأكثر لاهوتية ..
كارل ماركس، حول المسألة اليهودية