كلمة الحزب الشيوعي العراقي في اجتماع هانوي للاحزاب الشيوعية والعمالية

سلم علي
2016 / 11 / 10 - 08:00     


الرفاق الاعزاء

أنقل اليكم تحايا حارة من الشيوعيين العراقيين مع أطيب تمنياتهم بالنجاح لأعمال الاجتماع العالمي الـ18 للاحزاب الشيوعية والعمالية ليساهم في تطوير دور حركتنا في بناء جبهة عالمية ضد العولمة الليبرالية الجديدة والامبريالية ومن اجل السلام والديمقراطية والتقدم الاجتماعي والاشتراكية.

ونعبّر عن امتناننا للحزب الشيوعي الفيتنامي الشقيق لاستضافته الاجتماع العالمي، الذي سيوفر ايضاً فرصة لتعزيز العلاقات بين الاحزاب الشيوعية والعمالية وتبادل وجهات النظر والتحليل وتحديد المهمات التي تواجه حركتنا وتطوير مبادرات للعمل المشترك.

كما نغتنم هذه الفرصة للتعبير، من هذا المنبر العالمي، عن التقدير للتضامن العالمي مع شعبنا العراقي وقواه الديمقراطية وحزبنا الشيوعي في النضال المتواصل ضد السياسات الطائفية والمعادية للديمقراطية، ومن اجل دحر الارهاب والقوى الرجعية والتدخل الخارجي الذي يضعف الوحدة الوطنية، وبناء عراق ديمقراطي فيدرالي موحد ومستقل.

وفي هذه المناسبة نشكر كل الاحزاب الشقيقة التي بعثت برسائل تضامن مع الشعب العراقي وحزبنا، وأدانت بقوة التفجير البربري الذي نفذه تنظيم داعش الارهابي في منطقة الكرادة في بغداد في 3 تموز 2016 وراح ضحيته 300 من المدنيين الأبرياء، غالبيتهم من الشباب، ومن ضمنهم 4 من رفاق حزبنا والعديد من مؤيديه.

الرفاق الاعزاء

ان اجتماعنا العالمي ينعقد في مناخ دولي لا يزال يعاني آثار الأزمة العميقة للرأسمالية المعولمة، والهجوم الشرس للطبقات الحاكمة، ما يمثل تحديات هائلة للطبقة العاملة والشعوب في ارجاء العالم. ويغذي هذا الوضع التوترات ويساهم في تصعيد النزعات العدوانية للدول الامبريالية، ويشعل النزاعات والحروب في مناطق كثيرة في العالم من ضمنها الشرق الأوسط. وقد وفّرت أرضية خصبة لنمو حركات يمينية متطرفة وفاشية وتنظيمات ارهابية رجعية متطرفة تهدد السلم العالمي على نحو خطير.

ان العمل الموحد للقوى التقدمية على المستوى العالمي سيسهم في النضال ضد الفاشية والعنصرية والليبرالية الجديدة والاستغلال الرأسمالي ومخططات الامبريالية، الى جانب نشر افكار الاشتراكية والنضال من اجلها. ويرتبط هذا على نحو وثيق بتعزيز التضامن الأممي ضد سياسات الامبريالية ونزعاتها العدوانية، وبضرورة تقديم دعم نزيه للنضالات الجارية في ارجاء العالم من اجل السلام والحرية والديمقراطية والتقدم الاجتماعي.

الرفاق الاعزاء

ان منطقة الشرق الأوسط وبلدانها تمر بأوضاع صعبة ومعقدة، فيما تصعّد القوى الرجعية والمتطرفة والارهابية هجومها وتخدم بذلك مخططات الامبريالية وأجنداتها المناهضة لمصالح الشعوب. ويجب التصدي لهذا الخطر الجسيم على كل المستويات، عبر خيارات واسعة، سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية واعلامية، لا تقتصر على الوسائل العنفية.

وينبغي للاحزاب الشيوعية واليسارية والديمقراطية ان تساهم بصورة فاعلة في هذه المعركة الحاسمة، لأن تحقيق الانتصار فيها سيفتح آفاقاً أفضل لشعوبنا ولتطورها ورخائها.

ان المعركة الدائرة على هذه الجبهة تترابط في الواقع مع كل النضالات السياسية الجماهيرية ضد الأنظمة الدكتاتورية والمعادية للديمقراطية في المنطقة، والتي تهدف الى إقامة انظمة ديمقراطية في المنطقة تضمن الحرية والتقدم. وهذا شرط أساسي لتعبئة طاقات الشعوب لمواجهة مخططات الامبريالية للهيمنة وزعزعة الاستقرار والتفتيت التي تهدف الى إعادة هيكلة منطقة الشرق الأوسط بما يخدم مصالحها.

ان استمرار الحروب والنزاعات العبثية في بلدان عدة في المنطقة يلحق أذى جسيماً بالحياة الآمنة لشعوبها ويسبب خسائر بشرية ومادية هائلة، ويهدر ما بنته الشعوب على امتداد مسيرتها الطويلة. وقد حان الوقت لإنهاء هذه الحروب المدمرة والتوصل الى حلول عقلانية وسلمية توقف الدمار وسفك الدماء. وهذا ما ينبغي ان يتم فوراً في سوريا واليمن وليبيا، كي يسمح لشعوب هذه البلدان أن تختار انظمة حكم وفقاً لارادتها الحرة، بعيداً عن العنف والارهاب وقمع الحريات. ونعبّر عن دعمنا وتضامننا الكامل مع الشعب السوري من اجل انهاء الحرب والتصدي للارهاب ورفض التدخل الخارجي في شؤونه الداخلية، واستعادة الأمن والاستقرار وفتح الطريق امام التغيير الديمقراطي.

كما أشّرت سبعة عقود بوضوح انه من الصعب تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة من دون تلبية حقوق الشعب الفلسطيني وانهاء الظلم التاريخي الذي لحق به وتمكينه من إقامة دولته الوطنية المستقلة على ارض وطنه.

ان التصدي لمخططات الامبريالية الهادفة الى الهيمنة والسيطرة، ودحر الارهاب وتحقيق طموحات شعوب الشرق الأوسط في الحرية والديمقراطية والتقدم الاجتماعي يتطلب المزيد من تبادل وجهات النظر والتنسيق والتعاون بين القوى والاحزاب الوطنية والديمقراطية واليسارية والشيوعية. وهو شرط لا غنى عنه لمواجهة التحديات وتغيير ميزان القوى وتحقيق تحولات جذرية تخدم مصالح شعوبها وتفتح الطريق للتغيير الديمقراطي المنشود بأفق اشتراكي.

الرفاق الاعزاء

منذ عشرة أيام بدأت القوات المسلحة العراقية معركة تحرير محافظة نينوى ومدينة الموصل من براثن تنظيم داعش الارهابي. وفيما تتواصل هذه المعركة يواجه العراق تحديات ضخمة. كما ان هذه المعركة وفّرت فرصة فريدة لتحقيق الوحدة الوطنية والتضامن ضد الارهاب، تتخطى الانقسامات الطائفية والاثنية. وقد دعا حزبنا الى اعطاء الأولوية لهذه المعركة الوطنية. فكل الجهود يجب ان تركّز على دحر داعش وإعادة الحياة الطبيعية الى المناطق المحررة بما يضمن حقوق الانسان، ورفض أي محاولة لحرف الانتباه عن هذه المهمة. وقد بيّنت الدروس المستخلصة من القتال ضد داعش بوضوح أن النصر العسكري لا يعني إلحاق هزيمة نهائية بالارهاب. فهذا يتطلب حزمة من الاجراءات على المستوى الأمني والاجتماعي والاقتصادي والثقافي، بالاضافة الى مكافحة الفساد وتحقيق مصالحة مجتمعية. وهذا وحده سيضمن تجفيف منابع الارهاب ويمنع إعادة ظهور داعش تحت مسميات واشكال جديدة.

بالاضافة الى ذلك، يجب ان تحترم كل القوى الاقليمية والدولية سيادة العراق ووحدة اراضيه، وتكف عن التدخل في شؤونه الداخلية. وأي مساعدة ودعم في المعركة ضد داعش والارهاب يجب ان يقدّم من خلال الحكومة العراقية. لذا نرفض كلياً استغلال ظروف العراق الراهنة الصعبة لفرض أجندات ومشاريع معينة بالضد من مصالح بلادنا وشعبنا ووحدتها. وانطلاقاً من ذلك لقي رفض تركيا المستمر انهاء تدخلها العسكري في العراق وسحب قواتها، والتصريحات الاخيرة لزعمائها وتلويحهم بالمزيد من التدخل، إدانة قوية. فهي تمثل تدخلاً سافراً في شؤون بلادنا وانتهاكاً لعلاقات حسن الجوار.

الرفاق الاعزاء

ان الحزب الشيوعي العراقي الذي يتهيأ لعقد مؤتمره الوطني العاشر، يساهم بنشاط في الحركة الاحتجاجية الجماهيرية التي تتواصل كل يوم جمعة على مدى 15 شهراً، منذ 31 تموز 2015، في بغداد ومحافظات أخرى، ضد الفساد والسياسات الطائفية. وهذا الحراك الاحتجاجي الشعبي هو قوة أساسية في النضال ضد نظام المحاصصة الطائفية – الاثنية ومن اجل بناء دولة مدنية ديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية في عراق ديمقراطي فيدرالي موحد.

وعلى الرغم من محاولات عدة من قبل السلطات في الأشهر الماضية لترهيب الحركة الاحتجاجية وتخريبها وقمعها، بما في ذلك استخدام الرصاص الحي وقتل محتجين مسالمين واعتقال و"اختفاء" عدد من الناشطين المدنيين، فان الحركة الاحتجاجية احتفظت بطابعها السلمي والمدني ولم تنحرف عن مطالبها الرئيسية ضد الفساد والسياسات الطائفية. لقد هزّت الحركة الاحتجاجية دعائم نظام المحاصصة الطائفية – الاثنية الذي أقامته سلطات الاحتلال الامريكي بعد الحرب في 2003. لكن انهاء هذا النظام يمثل تحدياً كبيراً. ان الاصلاحات المحدودة جداً التي أقدم عليها رئيس الوزراء العراقي لم تلامس حتى جذر الأزمة السياسية العميقة التي تلف البلاد. ويرى حزبنا ان المطالب المشروعة للشعب في الاصلاح السياسي الحقيقي والتغيير لا يمكن ان تتحقق الاّ عبر تطوير وتصعيد الضغط الشعبي من اجل تغيير ميزان القوى لتحقيق البديل المدني الديمقراطي.

وفي هذا النضال الصعب والظروف الراهنة المعقدة نتطلع الى المزيد من الدعم والتضامن الأممي مع الشعب العراقي وقواه الديمقراطية، ومن ضمنها حزبنا الشيوعي، في النضال لدحر الارهاب والطائفية، وتحقيق المصالحة المجتمعية والوحدة الوطنية، وبناء دولة مدنية ديمقراطية تقوم على العدالة الاجتماعية.

الرفاق الاعزاء

مرة أخرى، نشكر رفاقنا الفيتناميين لاستضافتهم هذا الاجتماع العالمي ولجهودهم من اجل ضمان نجاحه. ويؤكد الحزب الشيوعي العراقي مجدداً تصميمه على مواصلة جهوده من اجل تعزيز الصلات والعلاقات الأممية مع الاحزاب الشيوعية والعمالية الشقيقة، ومع كل القوى المحبة للسلام والحركات التقدمية والديمقراطية في العالم، في النضال المشترك من اجل الحرية والديمقراطية والتقدم الاجتماعي والاشتراكية.

عاش التضامن الأممي!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* التأم الاجتماع الـ 18 في العاصمة الفيتنامية ايام 28-30 تشرين الاول 2016، وألقى كلمة الحزب فيه الرفيق سلم علي عضو اللجنة المركزية