لماذا ينقرض النحل – و ما يعنيه ذلك للكوكب و للإنسانية


شادي الشماوي
2016 / 10 / 29 - 00:24     

أورفيوس ريد ، جريدة " الثورة " عدد 432 ، 28 مارس 2016
http://revcom.us/a/432/why-the-bees-are-disappearing-and-what-it-means-for-the-planet-and-humanity-en.html

" هذا النظام و أولئك الذين يتحكّمون فيه غير قادرين على إنجاز تطوّر إقتصادي لتلبية حاجيات الناس الآن بينما يوازنون ذلك مع حاجيات الأجيال المستقبليّة و متطلّبات صيانة البيئة . لا يعيرون أي إنتباه للتنوّع الثريّ للأرض وأنواع الكائنات التى تعيش عليها و للكنوز التى ينطوى عليها ذلك بإستثناء أينما و متى إستطاعوا أن يحوّلوا ذلك إلى أرباح لهم ... هؤلاء الناس لا يستحقّوا أن نحملهم مسؤوليّة العناية بالأرض ." ( بوب أفاكيان ، " الأساسي من خطابات بوب أفاكيان و كتاباته " ، 1:29 )
خلال العقد الماضي ، أخذ النحل فى الإنقراض و الموت عبر العالم بأعداد تثير القلق. ففى السنوات الأولى ، كان مربّو النحل عادة ما يجدون أنّ مستعمرات كاملة من نحلهم البالغ قد ذهبت و لم تعد . و عادة يظلّ هناك فقط بعض النحل فى الخليّة للإعتناء بالملكة وبالنحل الذى لم يبلغ بعد . و صار هذا الإختفاء للنحل بأعداد كبيرة من الخلايا معروفا بفوضى إنهيار المستعمرة . و فى السنوات الأخيرة ، صار أكثر شيوعا العثور على أعداد كبيرة من النحل ميّتا قرب الخلايا – أو مستعمرات يتناقص نحو لا شيء مع بقايا نحل منهكة و غير قادرة على الإزدهار .
و بات تداعى و موت و ضعف مستعمرات نحل العسل ظاهرة عالميّة راهنا . ففى السنوات " العادية " لميكن غير شائع لعدد كبير نوعا ما من خلايا النحل أن يضيع بفعل عوامل متنوّعة . لكن الآن ، تضاعف معدّل ضياع خلايا النحل .
و يقدّر أنّ 10 ملايين خليّة نحل ضاعت عبر العالم بين 2007 و 2013. وجاء فى تقارير لمربّى النحل فى الولايات المتحدة و أوروبا أن ما يناهز ثلث خلايا نحلهم كان يضيع سنويّا لمعظم العقد الفارط . و فى السنة الماضية ، حوالي 42 بالمائة منمستعمرات النحل ضاعت فى الولايات المتحدة . و بعض مربّي النحل قد دُمّرت تقريبا كلّيا خلايا نحلهم .
هذا مشكل كبير جدّا ، إنّه تهديد جدّي للإنسانيّة و العالم الطبيعي . لكن الطبقات الحاكمة للعالم ليست تردّ على هذهالأزمة على أنّها تهديد كبير كما هي . و الأكثر جوهريّة ، هي غير قادرة على الردّ على هذا النحو بسبب كيفيّة إنجاز الفلاحة فى ظلّ نمط الإنتاج الرأسمالي و كيف أنّ ذلك يتطلّب منها التفاعل مع العالم الطبيعي . و سنعود إلى هذه النقطة لاحقا فى المقال .
لماذا الإنسان و الطبيعة مرتهنين بملقّحين
يجمّع نحل التنقيب غبار الطلع للإلقاح و الرحيق من النباتات المزهرة ليتغذّى و لتغذية مستعمراته . و بالقيام بذلك ، غالبا ما ينشر النحل غبار الطلع للإلقاح من الأجزاء الذكوريّة للزهرة إلى الأجزاء الأنثويّة لزهرة مننفس النوع . و هذا يخصّب بويضات النبتة و تنتج عن ذلك بذور و ثمار .
التلقيح بالنحل – نحل العسل المدجّن و كذلك النحل البرّي وهو يعدّ 20 ألف نوع عالميّا – هو المسؤول عن توفير ما يقدّر بثلث عضّات الغذاء الذى يضعه الإنسان فى فمه . و وفق منظّمة الأغذية و الفلاحة التالبعة للأمم المتّحدة ، أكثر من ثلاثة أرباع محاصيل الغذاء العالمي تعتمد على الأقلّ جزئيّا على التلقيح بفضل الحيوانات . فغالبيّة محاصيل الثمار و الكثير من الخضروات المتنوّعة كالطماطم و القنبيط و الخفش و عدّة أنواع من الفاصولية و الجوز مثل اللوز ، و الحشائش و الحلفاء و الكثير من النباتات الحيوية لحياة الإنسان تتطلّب تلقيحا .
و لا يتعلّق الأمر فقط بالنحل الذى مات . فالنحل البرّي و المدجّن هو الملقّح الأساسي لكن هناك عديد الملقّحين البرّين الآخرين – الفراشات و الدود و الصرّار و الطيور و أنواع مختلفة من العصافير وحتّى الوطواط . و حسب توزّع التنوّع وفق الأمم المتّحدة ، 40 بالمائة من أنواع الملقّحين لافقريّة ( اللافقريّة هي الحيوانات التى لا تملك هيكلا عظميّا ، بما فيها النحل و الفراشات و حشرات أخرى ) يواجهون الإنقراض عالميّا . و مناللافرقيات الملقّحة الفراشة الجميلة الأيقونة الملكيّة. و تتنقّل كلّ سنة هذه المخلوقات المذهلة إلى مسافات تبلغ 2800 مايل من الكندا إلى المكسيك و ذلك فى فصل الخريف. و فى 1990 وُجد ما يقدّر ببليون فراشة ملكيّة و ما بقى الآن سوى 30 مليون أي 3 بالمائة من عددها السابق .
يهدّد قتل النحل والملقّحين تموين العالم بالغذاء بتبعات ممكنة وخيمة للغاية على قطاعات واسعة من الإنسانية عبر العالم . وفوق هذا ، يهدّد ذلك القتل النظام البيئي العالمي عامة . فقرابة 90 بالمائة منالنباتان البرّية المزهرة مرتهنة إلى درجة معيّنة بالتلقيح بواسطة الحيوانات . وهذه النباتات تتعرّض إلى خطر متصاعد جراء تراجع الملقّحين . و يمكن أن تكون لهذا إنعكاسات مدمّرة ضخمة على كلّ النباتات و الحيوانات التى يمكن أن تتفاعل مع أو ترتبط بهذه النباتات المزهرة . لذا يمكن لإنهيار الملقحين أن يؤثّر تأثيرا كالشلاّلات على مجمل النظام البيئي .
ما الذى يتسبّب فى قتل النحل و الملقّحين ؟
عند البحث عن الأسباب الممكنة لما يحدث للنحل و الملقّحين الآخرين ، ما يظهر للعيان هو أنّ هناك عدد من العوامل المختلفة معنيّة و طرق مختلفة يتأثّر بها الملقّحون .
ترتهن صحّة النحل بنوع من النباتات المزهرة تكون فى المتناول على الأقلّ حلال فترات طويلة من السنة ، و معظم السكن الطبيعي الذى يعوّل عليه النحل قد تمّ تدميره .
و يواجه النحل حشد من العوامل المولّدة للأمراض و العوامل البيولوجيّة التى يمكن أن تؤدّي إلى إلحاق الضرر أو قتل الكائن الحيّ. فعلى سبيل المثال ، مدمّر السوسة فاروا يمتصّ تماما المصل اللمفاوي للنحل ( ما يعادل الدم لدى البشر ) و يساعد على تفشّى الفيروسات التى يمكن أن تكون قاتلة للنحل . و النحل حسّاس للإصابة بنوسمت فنغوس الذى يمكن أن يتسبّب فى قتله . و فى عدّة حالات ، المواد الكيميائيّة التى تسوّقها الشركات الكبرى مل باير و دو و منسنتو لقتل مولّدات الأمراض يمكنها كذلك أن تضعف الدفاعات الجينيّة الطبيعيّة للنحل فى صراعها ضد هذه المولّدات للأمراض ، بما يجعل " الدواء " سيء أو أسوأ من مولّد الأمراض الأصلي .
و من العوامل الأخرى التغيّر المناخي الذى يقف وراءه بعث لا يتوقّف لغازات البيوت المكيّفة فى ظلّ سير الرأسمالية – الإمبريالية العالمية . إنّ التغيّر المناخي يلحق الضرر بالأنواع الملقّحة و بالنباتات التى تعوّل عليها لأنّ توقيت تفتّح زهور النباتات و الأماكن حيث تنحو النباتات والحيوانات إلى العيش تشهد تغيّرات بما يفكّك تفاعلها .
و ثمّ’ أدلّة قويّة متزايدة على أنّ مبيدان الحشرات لا سيما الصنف الجديد نسبيّا من مبيدات الحشرات المسمّى النيونكوتينويدس ( أو " النيونكس " ) ، يمكن أن تكون له آثار سلبيّة هائلة على النحل و مستعمرات النحل و يمكن أن يكون هذا عاملا مفتاحا فى إختفاء و موت النحل ( أنظروا النصّ المصاحب " الخطر الشديد لمبيدات الحشرات " النيونكس " على النحل " ).
و كلّ هذه العوامل ( و غيرها ) يمكن أن تؤثّر فى بعضها البعض و تتداخل و تتفاعل معا لترفع من التأثير السلبي مقارنة بالتأثير السلبي لعامل واحد لوحده .
نظام يحطّم البيئة
إنّ البيئيين و سواهم من المنشغلين بما يحدث للطبيعة غالبا ما يحاججون بأنّ المشكل هو الإحتكارات الكبرى و المصالح الجشعة التى لها تأثير أكثر من اللازم على الهياكل السياسيّة و بأنّ فى الفلاحة المشكل هو تحكّم المؤسّسات الكبرى التى تضع الأرباح قبل الناس على البيئة . نعم ، ثمّة جشع و ثمّة إحتكارات كبرى – لكن لكي نجد الأجوبة و الحلول ، لبلوغ المشكل و الحلّ الحقيقيين ، يجب علينا أن نفهم لماذا ذات قوانين الرأسمالية ، " قواعد لعبة " هذا النظام ، تستدعى أن يسير بطريقة مدمّرة للناس و للبيئة و لماذ لا قدر من الإصلاحات و التعديلات أو التغييرات فى من يسيّر هذا النظام ستضع حدّا لذلك ؟ لماذا ذلك كذلك ؟
ولنلقى نظرة سريعة على طرق سير الرأسمالية المدمّرة للنحل و الملقّحين و الطبيعة عامة ، مع التركيز على الفلاحة ، و لماذا تحرّكها قوانين الرأسماليّة و طبيعة هذا النمط من الإنتاج – الطرق التى يتطلّبها سير الرأسمالية إقتصاديّا .
أوّلا ، فى ظلّ الرأسمالية ، ليس الغذاء و لا يمكن مقاربته على أنّه حاجة إنسانيّة و إنّما فقط " سلعة " أخرى تشترى و تباع – بضاعة كسائر البضائع و الخدمات الأخرى ، بما فيها قوّة عمل الإنسان . فى عالم اليوم ، يُهيمن على الغذاء نظام عالمي منالفلاحة الصناعيّة الرأسمالية لإنتاج هذه السلعة . و فى الولايات المتحدة ، مثلا ، المزارعين على النطاق الصغير بالأساس وقع إعتصارهم على يد المصالح العريضة للفلاحة التجاريّة التى إستطاعت أن تحرّك إستثمارات ضخمة ، و تمكنن إنتاج المحاصيل و التخفيض من كلفة الإنتاج . و قد كسبت هذه المصالح الرأسماليّة الواسعة الهيمنة على كامل سلسلة إنتاج الغذاء ، من إمتلاك البذور ... إلى وسائل الإنتاج ... إلى تسويق و توزيع الغذاء ذاته .
هذا نظام فلاحي معولم حيث الإحتكارات الكبرى و مصالح الفلاحة التجاريّة لبلدان بأسرها والدول الرأسمالية تتصارع على نطاق عالمي حول من يبلغ أوسع نطاق إنتاج ، من يمكن أن يهيمن على سوق المواد الغذائيّة ومن يستطيع أن يوفّر شروطا ربحيّة لمصالحهم الخاصة ضد المنافسين الآخرين من الرأسماليين الكبار . هناك معركة خبيثة يجب كسبها وتحرّكها الفوضى الكامنة فى الإنتاج الرأسمالي . كلّ رأسمالي أو مجموعة رأسماليين يواجهون ضرورة الإستمرار فى التوسّع و تنمية الأرباح و إلاّ يصبحون تحت رحمة منافسيهم .
تدفع المنافسة الرأسمالية تطوير الزراعات الواسعة لنوع واحد ( إنتاج مزروع واحد ) بما فى ذلك جزّ الغابات و الأحراش – ليس بهدف تمكين البشر من الغذاء و إنّما إنتاج أكثبر قدر ممكن و بأقلّ كلفة ممكنة . فى الزراعات ذات المنتوج الواحد [ الوحدية ] يُزهر المزروع فى وقت واحد . و قد ساهمت الزراعة الوحدية فى الخسارة المستشرية للنباتات البرّية المتنوّعة و المزيد من المحاصيل المتنوّعة التى تزهر فى أزمنة مختلفة وهو شيء مفيد للنحل و الملقّحين الآخرين . و فى الولايات المتحدة و أجزاء من أوروبا ، مستعمرات نحل العسل تُشحن فى عربات شحن وتنقل من جهة من القارة إلى الجهة الأخرى قصد تلقيح هذه الزراعات الوحدية وهي ممارسة تساهم على ألرجح كأحد العوامل فى توتّر مستعمرات نحل العسل . فمثلا ، 60 بالمائة من مستعمرات نحل العسل فى الولايات المتحدة تُجمّع فى كاليفورنيا كلّ سنة لتلقيح أشجار اللوز . وفى ظلّ مثل هذه الظروف بوسع مولّدات الأمراض أن تنتشر بأكثر سهولة ضمن هذه المستعمرات.
و بسبب فوضى الإنتاج الرأسمالي ، من غير الممكن للفلاحة أن تُنجز بمقاربة مستدامة و عقلانية للغذاء المتزايد من أجل صحّة الإنسان على المدى البعيد و تواصل العالم الطبيعي . و بدلا من ذلك ، يكيّف إستخراج الأرباح و النجاحات السريعة فى إلحاق الهزيمة بالمنافسين ، محاصيل الزراعة الوحديّة و البذور تُحوّل. و هذا يحطّم التنوّع الجيني الذى نحن فى أمسّ الحاجة إليه وهو أفضل تأقلما مع الظروف البيئيّة فى مناطق خاصة . و تقع هندسة المحاصيل لتقاوم مبيدات الحشرات و لتعويل على إستخدام المخصّبات الكيميائيّة اللازمة للحفاظ على نموّ الزر اعة الوحديّة . و تنقّع المحاصيل والبذور فى مبيدات حشرات سامة مثل اليونيكس لقتل أو الحفاظ عليها من " الأوبئة " بالرغم من واقع أنّ هذه المبيدات لحشرات تلحق ضررا كبيرا و حتّى تقتل الملقحين الذين تحتاجهم المزروعات للإنتاج و كذلك التى تحتاجها النباتات الملقحة البرّية . و تقتل مبيدات النباتات أيضا النباتات البرّية التى يحتاجها الملقّحون . و تسمّم هذه المواد الكيميائيّة ومنها الفاس ، التربة و الأنهار و البحيرات و الهواء و الحيوانات .
لا وجود لخطّة شاملة واعية أو لإمكانية رسم مثل هذه الخطّة فى ظلّ الرأسمالية لتطوير الفلاحة تطويرا يأخذ بعين الإعتبار الفعالية و الحفاظ على التربة و التنوّع الجيني الذى هو مفتاح صحّة النباتات أو لحماية النظام البيئي و الناس من المواد الكيميائيّة السامة الموجودة الآن بالأساس فى كلّ شيء و كلّ جسم .
و تعنى كلّ هذه المتطلّبات لكيفيّة سير الرأسمالية أن المحاصيل ستنمّى الإستثمارات بصفة أسرع و بأكبر فائدة لكسب الميزة التنافسيّة مع الرأسماليين الآخرين .
و عموما ، يقع الإنتاج و العلم فى أسر حاجيات الإمبراطوريّة و التراكم الرأسمالي ، ليس لضمان مستقبل الإنسانية و البيئة . و يتقدّم كالهدير الإنتاج و حرق النفط و الوقود الأحاثي الآخر ، على الرغم من الخطر الكبير الذى يمثّله للمناخ و البيئة و الأنواع .
ليس لدى الرأسماليين – الإمبرياليين و الذين يحكمون أي حلّ - و هم غير قادرين على إيجاد إجابة حقيقيّة – على تدمير النحل و الملقّحين الآخرين . فى الواقع ، السير العنيف و العلاقات التعيسة ، الإجتماعية و السياسية لهذا النظام تتسبّب فى ضرر هائل للبيئة عامة و عبر العالم – وهي تدفع العالم نحو كارثة بيئيّة عالميّة و تضع مستقبل الإنسانية و الكوكب ذاته فى خطر.
مقتطف من بعض المبادئ المفاتيح فى التطوّر الإشتراكي المستدام :
فيما يلى مقتطف من " بعض المبادئ المفاتيح فى التطوّر الإشتراكي المستديم " وهو جزء من العدد الخاص من جريدة " الثورة " حول البيئة و الوضع الإستعجالي . و مثلما أشارت " الثورة " : " تركّز هذه المبادئ ، و إن كانت غير مستوفاة ، توجّها يسمح للمجتمع الإشتراكي بالإنطلاق فى معالجة الوضع الإستعجالي للبيئة بأفق عالمي و أممي . و نأمل من وضع هذه المبادئ فى متناول الناس أن نفتح أبواب النقاش و الجدال اللذين قد يساهما فى رفع مستوى فهم ما نواجهه – و رفع النظرة إلى إمكانية و مرغوبيّة الثورة الشيوعية " .
ت- تغيير هيكلة الإنتاج الصناعي و الفلاحي و النقل
سيعمل المجتمع الإشتراكي على تغيير الهيكلة المدمّرة للبيئة و سير الإقتصاد الإمبريالي اليوم :
- يجب أن يشرع فى التحرّك بشكل حاسم بعيدا عن التعويل على الطاقة غير المتجدّدة و الملوّثة ، الوقود الأحاثي ( النفط و الفحم الحجري و الغاز الطبيعي ) – و يجب أن يتبنّى و يطوّر بيئيّا تقنيات سليمة مثل الطاقة الشمسيّة و الهوائيّة و الجيوحرارية . و للتحرّك فى هذا الإتّجاه ، ينبغى على الإقتصاد الإشتراكي أن يمزج بين الإنتاج المتنوّع على النطاق الواسع و الإنتاج المتنوّع على النطاق الضيّق و يطوّر خليطا عقلانيّا من التقنيات المتقدّمة و المتوسّطة التقدّم .
- يجب بذل جهود كبرى لإعادة توجيه النقل بعيدا عن النقل بالسيّارات المملوكة للخواص و من الطرق السيّارة و أنظمة النقل المركّزة على الوقود الأحاثي . و ستعطى الأولويّة إلى النقل العمومي الآمن و الفعّال فى كافة التطويرات الجديدة و إعادة الهيكلة و البحث .
- سيكون من الضروري إعادة تطوير الأنظمة الفلاحيّة إعتمادا على مبادئ التخطيط للإستعمال على المدى البعيد للأرض و الحفاظ على التربة و المياه و على التنوّع البيولوجي – الفلاحي . و يجب على الأنظمة الفلاحيّة – على النطاق الواسع و المتوسّط و الضيّق – أن تسمح بتطوير تقنيات و ممارسات يمكن أن تتأقلم محلّيا متناسبة مع ظروف خاصة و مجيبة على التغيّر البيئي و التغيّر فى الطلب . و فى إعادة توجيه الفلاحة ، يجب أن يكون الهدف هو بلوغ مستويات عالية و مستدامة من السلع الفلاحيّة و المتوجات الغذائيّة الصحّية التى تقلّل من إستخدام الموارد و تقلّل من إلحاق الضرر بالطبيعة و بالبشر .
- يجب على المجتمع الإشتراكي أن يعمل من أجل جعل الحفاظ على الموارد معيارا فى كافة جوانب الحياة الإقتصادية و الإجتماعية : فى تطوير التنية و الإنتاج و السلع الإستهلاكيّة التى تُنتج و كيفيّة إستعمالها . يجب أن يشجّع على إعادة الرسكلة و الإستعمال المتعدّد للمواد و المنتوجات – و يكون هذا بديلا لإرتفاع غير معقول للمنتوجات ( سنويّا " نماذج جديدة " ) و الإستهلاك المبذّر للمواد فى المجتمع الرأسمالي .


إتفاق باريس حول المناخ : ليس فقط لا قيمة له بل هو ضار جدّيا
جريدة " الثورة " عدد 436 ، 25 أفريل 2016
http://revcom.us/a/436/paris-climate-accords-doing-serious-harm-en.html
فى 22 أفريل 2016 – فى لا أقلّ من يوم الأرض – تجمّع 175 قائد عالمي فى الأمم المتّحدة ليوقّعوا إتّفاق باريس حول المناخ فى ديسمبر 2015 و قد جرى النفخ فيه بشكل مبالغ . فإدّعى باراك أوباما أنّ الإتّفاق " نقطة تحوّل بالنسبة للعالم " ستترك الكوكب " للجيل الجديد فى حالة أفضل " .
لكن حتّى قبل التوقيع ، أشارت سلسلة من التقارير الإستعجالية و التغيّرات المناخية السريعة ( بما فيها 11 شهرا من التسجيلات التامة لدرجات الحرارة ) إلى واقع أنّ التغيّر المناخي العام لم يتوقّف و تأثيراته مدمّرة و ستستمرّ كذلك بصفة متصاعدة . لا يقترب إتّفاق باريس حتّى من معالجة هذا المشكل الكبير و الملحّ الذى يواجه الإنسانيّة .
فى الحقيقة هذا الإتّفاق أسوأ من لا فائدة ترجى منه . إنّه نتيجة سيرور ة تهيمن عليها القوى الإمبريالية و نظامها مضطرّ إلى إنتاج و إستعمال الوقود الأحاثيّ التى تسبّب إرتفاع الحرارة العامة للكوكب ، و ترفع القو الإمبرياليّة هذه المحروقات كأسلحة فى النزاع الإستراتيجي فيما بينها . لا تهدف الولايات المتحدة و القوى الأخرى إلى إتخاذ الخطوات الراديكالية اللازمة للمعالجة الجدّية لتغيّر المناخ . و عوضا من ذلك ، تأمل فى إدارة هذه الأزمة على نحو يسمح لها بالحفاظ على النظام الرأسمالي – الإمبريالي و التقدّم بمصالحها المباشرة . و من مصالحها المباشرة مغالطة الناس و جعلهم يفكّرون فى أنّ مصاصي دماءهم ذاتهم الذين يتحكّمون فى هذا النظام يمكن أن يعقد معهم حوار عقلاني – أنّه يمكن أن يتخلّوا شرعيّا عن موقع المسؤوليّة بينما تدمّر حالة الطوارئ البيئيّة غير المسبوقة كوكب الأرض أكثر فأكثر مع مرور كلّ يوم .
لا البتّة . لا نحتاج إلى إتفاقيّات بين قادة العالم ، قادة هذا النظام العالمي المفترس و المدمّر للبيئة . ما نحتاجه هو ثورة فعليّة – و شاملة – ترسى سلطة نظام إقتصاد و سياسي مغاير كلّيا ؛ نظام هدفه الإجتثاث التام للرأسمالية و المضيّ قدما نصوب عالم خالي من الإستغلال و الإضطهاد . و للمزيد عليكم بالإطلاع على ما يحل عليه رابط الإنترنت التالي :
http://revcom.us/socialistconstitution/index.html