عدن: الجنة تحترق


سلام عبود
2016 / 10 / 21 - 00:43     

عن دار الجمل صدرت رواية سلام عبود الجديدة "امرأة وخمس نساء"
تصور الرواية أحداث المؤامرة التي قامت بتاريخ 13 كانون الثاني 1986، والتي أضحت المقدمة الطبيعية لانهيار أول تجربة اشتراكية متحققة في البلاد العربية.
خمس نساء يمنيات وأمرأة مجرية يعشن تجربة الحرب الأهلية ساعة ساعة، وهن معزولات في بيت محاصر من الجهات كافة، وسط نيران المعارك، والصراع بين فصائل حزبية متناحرة.
تتحرك الرواية على أربعة محاور مترابطة، تكون بمجموعها صورة المشهد العام للحرب الأهلية بكل تفاصيلها المرعبة، منذ اللحظة التي تم فيها إطلاق النار على أعضاء المكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني، حتى آخر إطلاقة مؤذنه بانتهاء الحرب.
الدورة الأولى تنبع من داخل الفرد، تتولى روايتها بالتناوب الشخصيات النسائية، كل واحدة منهن بطريقتها. أما الدورة الثانية الأشمل نسبيا من سابقتها، يتم فيها رصد حركة الواقع اليمني العام لحظة وقوع الحدث. وفي الدورة الثالثة يتم ربط المجريين السابقين بالمصدر القومي، وتحديدا بالقوى اليسارية العربية، ودورها السلبي في عملية انهيار تجربة اليمن الديمقراطية. أما الدورة الرابعة فترسم حدود الترابط بين سقوط تجربة اليمن وسقوط التجربة الاشتراكية العالمية.
خسائر المعركة قدرت بستة عشر ألف بين قتيل وجريح، أما الخسائر السياسية فكانت انهيار التجربة العربية الفريدة، تجربة بناء المجتمع الاشتراكي في ظل قواعد اقتصادية ضعيفة، ووسط بنى اجتماعية متخلفة، ومحيط عربي معاد.
معارك في الجبهات وفي الشوارع تمتزج بمعارك تنفجر داخل الأفراد، ومعارك سياسية طاحنة تختلط بالمعارك الفردية وما يلازمها من مؤامرات ودسائس وأزمات عاطفية ونفسية.
الحرب الأهلية الطاحنة تجبر عددا من النساء والأطفال على الاجتماع تحت سقف واحد. نساء ينتمين الى كتل متقاتلة حتى الموت، يرغمهن الحدث الكبير على العيش المشترك، بينما تنقل لهن أخبار المعارك حركة الموت والقتل المتبادل والمتداخل، الذي تتميز به الحروب الأهلية. رجال يتقاتلون حتى الموت في الجبهات ونسوة وأطفال يقاتلون من أجل الحصول على أمل بيوم جديد. فجأة يتحول البيت الصغير الى معركة عاطفية وسلوكية بحجم وطن، يتبادل فيه الجميع كأس المرارة والخوف. الأمل لدى هذا الفريق لا يعني سوى اليأس لدى الفريق الآخر، وبالعكس. والفقد لا يعني سوى الفجيعة لدى طرف، ولا يعني سوى نشوة الاستمرار في الحياة الطرف الآخر. وسط مخاوف فقدان الأمل والتطلع الى فجر جديد تعيش النسوة محنة تلخص مأساة شعب كامل.
بلغة واقعية، مرسومة بعين تصويرية لاقطة، يتم توثيق الحدث الكبير، من طريق تثبيت الحقائق المخفيّة والمتنازع حولها واعادتها الى واقعها الحقيقي بطريقة أمينة، احتراما لقدسية الدم المراق، وتخليدا لتجربة اجتماعية عربية نادرة ذهبت الى نهايتها المأساوية على يد أبنائها.
"عدن: الجنة تحترق" مقتطف من الفصل الثامن من الرواية.

عدن: الجنة تحترق
سلام عبود
لصمت كوسيما ضجيج مرعب في رأسه. عصب حسّاس انقطع في أعماقه. الانقطاع المفاجئ للاتـّصال بهاتف بيته جعل سعيد أحمد راجح يشعر أنّه فقد زوجته كوسيما الى الأبد. ما مصيرها لو طال غيابه عنها؟
بضربة مباغتة أضحت زوجته كوسيما في عالم آخر، عالم لا تربطه به جسور أو مسالك. هو من وضعها هناك، وهو من دفعها الى هذا الخيار المخيف. بينه وبينها مسافة نارية قاتلة، مزروعة بالدبّابات والأحقاد والكمائن.
حدّثها هاتفيّاً يوم أمس غير مرّة، حتّى أصبح مثار تندّر بعض المقاتلين، لكثرة الاتصال بها. علـّق أحدهم: "أجمل ما في اشتراكيّة المثقـّفين أنّها تخلط الحبّ بالحرب!". طلب من كوسيما أن تنتقل للاقامة عند بعض معارفه لو تأخر لسبب قاهر جدّاً. لكـّنها رفضت، وأصرّت على انتظار عودته الى البيت. قالت إنّها ليست ضعيفة كما يظنّ. حينما خرج صباح يوم الإثنين من البيت كان يأمل أن تنتهي الأحداث نهاية سريعة، متفائلة، قائمة على المساومة التاريخيّة، التي شاعت تفاصيلها، منذ تأجيل الجلسة الحاسمة للحزب، الأسبوع الماضيّ. هكذا خمّن. بل كان واثقاً من ذلك ثقة مطلقة. هو يعرف معرفة أكيدة طبيعة خصومهم السياسيين الشرسة، ويعرف حجم الغدر الذي قد يرتكبه خصوم متشنـّجون يائسون. لكنّه، من جانب آخر، يدرك جيّداً مقدار دماثة ومرونة الرئيس وطبيعته الهادئة، الميّالة الى المصالحة والمسالمة. هو يثق بروح الرئيس المتفائلة، ويستمد منها تفاؤله وإصراره على لغة الحوار. سهر ليلة الحدث الى وقت متأخر عند صديقه نائب الوزير، والمرشح الى عضويّة اللجنة المركزيّة عبد اللطيف، في بيته، في خورمكسر. عبد اللطيف يشاركه في التخمين. المساومة هي الخيار الوحيد أمام الطرفين. لذلك كان مطمئناً حينما خرج من البيت واعداً زوجته كوسيما بأن يعود سريعاً حالما تنتهي جلسة الحزب الحاسمة.
لكنّها "قرحت" في اللجنة المركزيّة. المفاجأة المرعبة جرّته، وجرّت الجميع الى حيث لا يتوقعون. فجأة وجد نفسه محصوراً في منطقة "التواهي"، القريبة من قلب الحدث. كان على موعد مع وفد مجريّ من رئاسة التعليم الجامعيّ. لم يستطع أخلاقيّا التحلـّل من مرافقتهم. ظلّ بصحبتهم في فندق "كرسنت" الى الصباح، حتّى تمّ إجلاؤهم. بات ليلته ساهراً معهم، لا يعرفُ إن كان عليه طمأنتهم، أم عليه أن يطلب منهم طمأنته. أفرغت له غرفة في الفندق، الذي أمسى مكظوظاً بالأجانب الفارّين من مناطق مختلفة. وجد في هذا الاكتظاظ فرصة للدخول الى الغرفة 121، التي صنعت جزءاً كبيراً من وقائع تاريخ شعبه وثورته. بات ليلته في الغرفة المتربة، المنسيّة، حيث تستلقي صورة الملكة اليزابيث الثانية، مكلـّلة بالغبار، قرب السرير، الذي نامت عليه في زيارتها لعدن حينما كان هو في الثانية من عمره. هو لا يتذكـّر شيئاً من تلك الزيارة. لكنّ الزيارة خلـّفت أثراً شخصيّا في بيتهم. فقد وضعت زوجة عمّه في يوم الزيارة مولدتها البكر، التي اسموها "اليزابيث". لكنّ جدّه أصرّ على تغيير الاسم، فتمّ تقاسم الأرض بين العمّ والجدّ، وجرى تعريب الاسم الى "ملكة".
في الجناح الملكيّ أحسّ بالاختناق، ليس بسبب كثرة الأتربة المتراكمة في الغرفة الملكيّة المهملة. بل بسبب ما تراكم في نفسه من أسئلة خانقة، تخصّ الوضع العام المضطرب، وتخصّ وضعه الشخصيّ الأكثر اضطراباً. اختيار الغرفة المهملة ربّما لم يكن فضولاً خالصاً، ربّما كان وسيلة للتخفـّي أيضا، ووسيلة لا واعية للهروب من نيران الواقع، ومن مكائد القطيع وأحقاده. هو حبيس هنا في تاريخ الدولة المتناحرة، وكوسيما حبيسة هناك في تاريخهما العاطفيّ الغامض، والمرتبك.
في اليوم الثاني، وجد نفسه مقحماً ضمن مجموعة مقاتلة اتـّخذت من مركز شرطة "المعلا" موقعا قياديّا لإدارة قطاع ملتهب من قطاعات المعركة. حينما بدأت أرتال الدبابات تخترق المنطقة وجد نفسه محشوراً، بشكل تلقائيّ، وسط عسكريين من القوات البحريّة وجهاز الأمن، ومن حزبيين أقل مرتبة منه، وبعض المدنيين مجهولي الهويّة السياسيّة، كانوا جميعا على دراية تفصيليّة بمجريات المعركة، وربّما بالتخطيط المسبق لها. لبث يتحرك مع الجمع، ولكن بمشاعر فرديّة، مهزوزة. هو ليس مهيّئاً لمثل هذا الموقف. ليس مهيّئاً نفسيّاً وعقليّاً وفنيّاً أيضاً. وضعَ محمد أحمد، الذي يتولى قيادة المجموعات المقاتلة، مسدّساً وبندقيّة أمامه، قائلا: " رفيق سعيد، هذا سلاحك الشخصيّ". أدرك سعيد أنّه مرغم ومقاد. إنّه مرغم على مخالفة فطرته لصالح التوافق مع اندفاعة القطيع. تردّد كثيراً قبل أن يمدّ يده ويضع المسدّس في وسطه، ثمّ يلمس حديد بندقيّة كلاشنكوف القصيرة، المخصّصة للحماية الشخصيّة.
موقع مركز شرطة المعلا يشكـّل غالقاً طبيعيّاً، يتحكـّم بثلاث مناطق: التواهي والقلـّوعة والمعلاّ. والأخيرة هي المدخل البرّيّ الوحيد الى مقر اللجنة المركزيّة، والمنفذ المنفتح على أحياء كريتر وطريق المطار، ثمّ الطريق الى المحافظات.
على الرغم من قلـّة معارف سعيد العسكريّة، إلاّ أنّه فطن الى أنّ الدبّابات الأولى المقتحمة لم تكن تقاتل إلاّ للدفاع عن نفسها. لأنّها كانت، كما بدا من أسلوب تحرّكها ومناوراتها، لا تنفـّذ مهمّات قتاليّة هجوميّة، وإنّما تنفـّذ مهمّة اختراق باتجاه اللجنة المركزيّة. لكنهّا تعرضت الى الإيقاف في غير مكان. هنا تحديداً تمّت مشاغلتها بعنف. ولكن لم يفلح المقاتلون في منعها تماماً من اجتياز خطوط القنّاصين وقاذفي مضادات الدروع، الذين كمنوا لها في التقاطعات كافـّة.
ظلـّت الدبّابات تتقدم بإرادة ثابتة ومدروسة، كأنّها تنفـّذ تمريناً تمّ التدرب عليه جيّداً. هكذا أحسّ سعيد، وهو يراقب حركتها واندفاعها، وأساليب مناوراتها في التقدم باتجاه الهدف: مقرّ اللجنة المركزيّة.
الدورات القتاليّة، التي تدرب فيها سعيد على الرماية بالبندقيّة والمسدّس، بدت له أمام مشهد معركة الدبّابات، أشبه بتمرين على استخدام لعب الأطفال. يتذكـّر جيّداً الدورة العسكريّة التي شارك فيها العراقيّون لغرض التدرب على بعض فنون القتال. لقد أشرف عليها حزبيّاً. كان حلقة الوصل بين المتدربين وقيادة معسكر التدريب. يتذكـّر جيّداً دوره الشخصيّ في تسهيل مهمّة سفر الفتاة الجميلة، ذات العينين الخضراوين، التي هربت من الدورة الى بيروت، وتركت خطيبها ورفيقها المتدرب يبحث عنها للانتقام. لم تزل عالقة في أعماقه صورة الخطيب وهو يحاول الانتحار، بعد أن يئس من استعادتها، وبعد أن أدرك أنّها تحتمي برفيق أقوى منه، لا يستطيع عاشق صغير مثله منافسة مثل هذا الخصم المقتدر. أراد مساعدته حينما رآه مزعزعاً، مكسور الأعماق، يتخبّط بين الواجب الوطنيّ والحزبيّ من جهة وبين هزيمته العاطفيّة والأخلاقيّة المرعبة. نعم، أراد مساعدته بكلّ ما يستطيع، لكنّه فشل فشلاً تاماً. لأنّه لم يكن حينذاك يفهم جيّداً معنى أن يكون الإنسان مكسوراً من الداخل، محطـّم الأعماق تحطيماً تاماً، وهو يتظاهر بالتماسك الخارجيّ الكاذب. في هذه اللحظة القدريّة المرعبة يرى سعيد صورته الشخصيّة مطبوعة على وجه ذلك الشاب المخذول. سعيد لا يملك خبرات حربيّة أعمق من ذلك، لكنّه يملك إحساس من يتخبّط بين واجبه الحزبيّ وبين هزيمته العاطفيّة والعقليّة المرعبة.
قال محمد أحمد:
- رفيق سعيد، مهمّتك الرئيسيّة الآن هي تحرير وصياغة البلاغات التي نرسلها الى القيادة والى الإذاعة. لا تشغل نفسك بأيّ شيء آخر.
على الرغم من إحساس سعيد أنّ المجموعة القياديّة وضعته جانباً، على الرّفّ، بهذا التكليف، إلاّ أنّه شعر ببعض الانفراج. أحسّ أنّه تخلـّص من عبء لزج، بلزوجة الدم. عبء من يحمل البندقيّة ويطلق النار على جنود بلاده، وعلى رفاقه في الحزب. نعم، هم رفاق مختلفون الى حدّ القطيعة، والى حدّ اللعنة. ولكن، أن يطلق النار باتجاه رفاق الحزب، ليس دفاعا عن النفس، أمر لا تستطيع مشاعره قبوله، ولا يستطيع عقله تبريره. "نحن من أطلق النار". العهد الذي قطعوه للقوى الصديقة كافـّة كان واضحاً وجازماً: تجريم الطرف الذي يبدأ بإطلاق النار. هو الآن في الطرف المبادر، بصرف النظر عن صحّة مواقفه أو خطئها. هو يمسك بندقيـّته ويوجهها الى صدور الآخرين. هناك ميثاق شرف تمّ تمزيقه بإطلاق الرصاصة الأولى. هل تبرر الغايات النبيلة حقّ استخدام الوسائل الخسيسة! هذا السؤال النظريّ الخالص، الذي أتقن تفسيره ماركسيّا لطلابه، شفاهيـّاً وعلى الورق، يبرز له الآن، ولكن في هيئة بشر ورصاص، في صورة حياة وموت. ينتصب السؤال أمامه جارحاً في هيئة حيّة، هو جزء من تفاصيلها الضروريّة القاتلة!
جاء محمد أحمد مسرعاً. وجهه العبوس ازداد عبوساً وهو يقدّم له ورقة، طالباً إعادة صياغتها، وإعدادها للنشرة الاخباريّة. قال محاولاً إقناع نفسه بصحّة ما يقوم به:
- رفيق سعيد! يجب أن تكون الفكرة واضحة جدّاً للشعب: نحن نسيطر سيطرة تامة على العاصمة كلـّها. المتآمرون لا يملكون سوى الدبّابات. ستغدو الدبّابات قبوراً لهم. هم محاصرون فيها. لا يستطيعون الخروج منها. سنقوم بتدميرها واحدة بعد الأخرى فوق رؤوسهم.
لكنّ نيران الدبّابات باتت تخترق المحاور كافـّة. بعد ليلة عصيبة، بدأت الدبّابات تغيّر خططها. فقد تحوّلت الى الهجوم، وبدأت بضرب الإذاعة وقوات البحريّة والمواقع التي يُشكّ في أنّها مراكز قيادة، منها مركز شرطة "المُعلاّ " ووزارتا الصناعة والطاقة والمعادن. مع هذا لم يظهر أثر لقوات المشاة التابعة للفريق الآخر. لذلك بدت الأرض كأنّها بأيدي مقاتلي الرئيس علي ناصر، كما يوحي المشهد في الظاهر.
الرئيس بخير. هو الآن في منطقة آمنة. الأخبار التي وصلت يوم أمس عن أسر رأس الفريق المنافس، عبد الفتاح اسماعيل، الأمين العام السابق للحزب الاشتراكيّ اليمنيّ، انعكست إيجابيّاً على نفوس المقاتلين، على الرغم من القلق الذي انتابهم بسبب صعوبة حسم الموقف، وظهور الدبّابات المفاجئ والكثيف، الذي لم يكن في الحسبان.
في فندق "كرسنت" علم سعيد بضرب الدبّابة، التي انقذت عبدالفتاح اسماعيل ونقلته من قاعة الاجتماع. لكنّ طريقة نقل الخبر، وأسلوب تداوله بين المقاتلين، أصابته بصدمة شخصيّة. هو، رغماً عن الخلاف الحالي، لا يستطيع أن ينكر أنّه نشأ على نهج عبد الفتاح اسماعيل. كم كان يفتخر بذلك! استفسر أحد قادة محور "المُعلاّ " باستهزاء عن وضع عبد الفتاح اسماعيل قائلاً:
- اعتراف هذا "المسقف" سيحسم الوضع كلـّه، أليس كذلك يا رفيق؟
ردّ محمد أحمد ردّاً سوقيّاً غامضاً:
- بكل تأكيد. لقد فهم هذا المنظـّر الشعرور الآن أنّ دخول الحمام ليس كالخروج منه.
وقعت كلمة "مثقف" و"منظـّر" موقعاً مؤلماً في نفس سعيد. أحسّ أنّه لا ينتمي الى هذا الوسط. هو غريب هنا، هو مختلف، مختلف في أمور جوهريّة.
حرّر سعيد البيانات العسكريّة من دون رغبة، وهو مشتت المشاعر. ليس فقط بسبب وجوده هنا، في المعركة الخطأ، بل لأنّه زرع كوسيما في المصير الخطأ الذي توجد فيه الآن، من دون أن يُقدّر جيّداً حقيقة الموقف.
ما يزيد من إحساسه بالمرارة هو أنّ حيّ "كريتر" لا يبعد سوى بضعة كيلومترات عن حيّ "المُعلاّ". هما حيّان متجاوران. حالما ينزل من طريق "العقبة" يجد نفسه في قلب "كريتر". بالأمس كانت الفرصة مؤاتية أكثر للذهاب الى "كريتر". ربّما وجوده مع الوفد، وسهولة الاتصال الهاتفيّ أضعفا حجم إحساسه بالخطر، وقلـّلا من احتمال انقطاع التواصل مع كوسيما. استغراقهم في متابعة أدقّ التفاصيل، لحظة لحظة، أغرقهم في لجّة الحدث تماماً. لم ينس كوسيما قطّ، لكنّ المعركة سرقت إرادته.
نعم سرقت إرادته وليس عواطفه. لم يزل يحتفظ بعواطفة جيّاشة. لكنّ إرادته أصابها العطب. إنّها معركة موت أو حياة، معركة قاتل وقتيل، معركة رابح وخاسر، هكذا يحسّ الجميع! لكنّه يحسّ أنّها معركة حياة مميتة، معركة قاتل قتيل، معركة رابح خاسر. معركة لن تفضي إلا الى تدمير البيت المشترك، بيت الجميع. هو محاصر بمشاعر ملتبسة. يخشى أن يُتهم بالهروب من المسؤوليّة وبالتخاذل، وربّما بالخيانة. فقد يظنّ الآخرون أنّه يتهرب من المواجهة. إرادته السياسيّة تتصادم مع عواطفه، وانحيازاته الشلليّة تتنافر مع ما يمليه عليه عقله. الى أين تسير الأمور إذا كان مفتتحها دماً غزيراً؟ والى أين يسير هو إذا كانت بدايته الأولى تفرض عليه التهاون بمصير كوسيما، وربّما خذلانها! هي تتظاهر بالقوة، ربّما لكي تحميه من اندفاعة غير محسوبة قد يرتكبها تحت تأثير حبّه لها. ولكن من يحميها، من يحمي حبّها له؟ ماذا سيحدث لها إذا اختلـّت موازين الأمور، وإذا اندلعت شرارة الحريق بين أوساط الناس! أيّ رعب سيجتاحها حينما تسمع ما تقوله الشائعات عن نزول قبائل يافع والضالع لاستباحة عدن!
فكـّر سعيد في أن يحسم أمره. لم يعد يستطيع الانتظار أكثر. حتّى الذين يتهامسون عليه، ناعتينه بـ "الأستاذ"، لم يعد يعبأ بهم. لكنّ الخشية من اتهامه بالهروب من المعركة، وربّما بالخيانة، لبثت تسيطر على مشاعره. هو يتعامل تعاملاً مباشراً مع رجال متحمسين، يتحدثون عن أعمال القنص والقتل والتدمير بانفعال وحميّة عالية، ويجيدون ممارستها.
قال محمد أحمد متعاطفاً، وربّما مستصغراً:
- أنت قلق عليها!
فكـّر سعيد في أن يقنع محمد أحمد بأنّ قلقه له ما يبرّره:
- كوسيما لا تعرف اللغة العربيّة، وهي لا تعرف أحداً من الجيران. نعم، أنا قلق عليها جدّاً.
هو لا يعرف محمد أحمد جيّداً. ولا يعرف أشكال ردود أفعاله. لا يعرف عنه سوى أنّه كادر أمنيّ صنعوا له صورة تربويّة على مقاسه، وزرعوه في الجهاز التربويّ، لكي يخفي مهمّاته الحقيقيّة. في وضع المعركة كلّ شيء ممكن. توقع أسوأ الاحتمالات. لكنّه تفاجأ بردّ محمد أحمد:
- رفيق سعيد! اسمع رأيي! قوّي قلبك واذهب اليها. لا بدّ أن تذهب اليها حالاً. انقلها عند معارفك في "كريتر"، أو دعها تأتي الى هنا. المهمّ لا تتركها وحيدة. إذا أخذت سيّارة تابعة لوزارة التربيّة لن تثير الشبهات. خذها. سأطلب من السائق أن يسير في الشارع الخلفيّ، فهو تحت سيطرة مقاتلينا. الخطر يوجد في التحويلة القصيرة المؤدّية الى طريق العقبة، عدّة أمتار لا أكثر. لو تمّ اجتيازها ستكون في أمان.
فكـّر سعيد في أنّهم ربّما يريدون التخلـّص منه. ما نفعه لهم! حتّى موضوع صياغة البيانات لم يعد نافعاً. البيانات تتكرر وتتشابه، ولا جديد فيها. وفي كلّ لحظة يتأكـّد أنّ الفريق الآخر يتماسك أكثر فأكثر، وربّما بدأ يمسك زمام المبادرة.
- لن أتأخر كثيراً هناك. أظنّ أنّ من الأسلم أن أجلبها معي الى هنا، الى بيت أختي عايدة.
رأى سعيد أنّ هذا الحلّ، سيجعله في مأمن من أيّ تأويل خاطئ. تناول بندقيته وتوجه نحو السيّارة، التي انطلقت به، سالكة طريقاً فرعيّة خلف العمارات المطلـّة على الشارع الرئيسيّ.
اجتازت السيّارة تقاطع المُعلاّ - خورمكسر بأمان. دويّ الانفجارات يأتي من كلّ مكان. ولكن لم تمرّ السيّارة باشتباك قريب. عند بداية المرتفع، الصاعد نحو العقبة ظهر مسلـّحان، قطعا الطريق وأوقفا السيّارة. قال السائق:
- هؤلاء رفاقنا.
تقدّم المسلـّحان، وهما يحملان عدداً كبيراً من قذائف أربي جي. قال أحدهما:
- مرحباً يا رفاق. لو سمحتم انقلونا معكم بضعة أمتار الى الأمام، سننزل قبل العقبة.
وقبل أن تتحرك السيّارة، ظهر مسلـّح ثالث وحشر نفسه في المقعد الخلفيّ الى جوار المسلـّحين.
نظر السائق الى سعيد وهو يستفسر منه إذا كان موافقاً على نقل المسلـّحين.
هزّ سعيد رأسه بالايجاب، وهو يرى المسلّحين الثلاثة يستقرّون في مقعد السيّارة الخلفي، قبل أن يأذن لهم بذلك. فكـّرسعيد مداعباً نفسه: ربّما يقوم محمد أحمد باختباره!
قال أحدهم:
- نحن نبحث عن دبّابة ومدرّعة تابعتين للزمرة. قمنا بإصابتهما وفصلهما عن الرتل المتجه الى "التواهي"، وحاصرناهما، فهربتا باتجاه العقبة. منذ عدّة ساعات لم نر لهما حركة. ربّما هما معطوبتان. لا نظنّ أنّهما ذهبتا باتجاه "كريتر"، لأنّ حواجز رفاقنا تقطع أسفل الطريق، ورفاق الاستطلاع لم يروهما على الطريق. ربّما هما تختبئان في متنزّه "أروى" بانتظار رتل جديد، تنسحبان معه حال قدومه. سنقوم باصطيادهما. فكونا حذرين قرب المتنزّه.
قال مقاتل ثان:
- حينما تصل السيّارة الى قمة العقبة عليكما أن تسرعا كثيراً في المنعطف، حتّى لا تكونا في مرمى نيرانهما.
فجأة صرخ أحد المقاتلين قائلاً:
- كمين! أمامنا كمين يا رفاق!
أسرع المقاتلون الثلاثة يتدافعون، وراحوا يتقافزون من السيّارة قبل أن تتوقف، بينما وجد السائق نفسه، في منعطف حاد، يواجه أكواماً من الصخور، تسدّ مجرى الطريق.
نزل السائق راكضاً، وراح يتبع أثر المقاتلين الهاربين، بينما لبث سعيد مسمّرا في السيّارة، محنيّ الرأس، وهو يتابع بخوف رشقات الرصاص، التي أخذت تتعقب الرجال الراكضين، والتي مزق بعضها مقدّمة السيّارة.
مرّت دقائق من الصمت. سمع بعدها صوت أقدام يقترب، ثمّ رأى ماسورة بندقيّة تمتدّ الى داخل السيّارة، من الباب الذي تركه السائق مفتوحا عند هروبه.
- إرم سلاحك!
صاح جنديّ يعتمر خوذة، وهو يقرّب فوهة البندقيّة من وجه سعيد.
- لست مسلـّحاً.
ردّ سعيد، وهو يسقط مسدّسه على أرضيّة السيّارة، ويدفع بقدمه البندقيّة تحت المقعد. نزل رافعاً يديه فوق رأسه.
اقتاده جنديان أمامهما بغلظة، ونزلا به سلالم حجريّة، تقود الى بناية صغيرة واطئة، اختبأت خلفها دبّابة ومدرعة صغيرة.
من خلف الدبّابة ظهرعريف شاب، يلبس زيّ جنود الدبّابات، يحمل بندقيّة وجهاز إرسال، وقال للجنديين:
- لماذا أتيتما به الى هنا؟
- وماذا يجب أن نفعل به؟
لم يجب العريف، لكنّه أشار الى أحد الجنود، فقام الجندي بتفتيش سعيد. أخذ ما وجده في جيوب سعيد، وناولها الى العريف، الذي نظر مسرعا في هوية سعيد الشخصية، ثمّ التفت الى سعيد وقال:
- لماذا لم تهرب مع رفاقك أصحاب البازوكا؟
أجاب سعيد:
- لماذا أهرب؟ أصحاب البازوكا ليسوا رفاقي.
- رفاق من إذاً؟
- قطعوا علينا الطريق وأرغمونا على نقلهم.
- الى أين أنت ذاهب؟
- ذاهب الى بيتي في "كريتر".
ضحك العريف فابتسم الجنود، وهم يسمعون ردّ سعيد.
- ذاهب الى بيتك في سيّارة الدولة؟ يبدو أنّك ما زلت في الدوام الرسميّ.
لم يجب سعيد، أحسّ أنّ آسريه لا يعرفون ما يجب فعله معه. ظلّ الجنود ينظرون الى بعضهم بدهشة، محاولين ايجاد طريقة ما لتحريك أفكارهم، وربّما لتحريك مشاعرهم، أو تحفيز دوافعهم وأفعالهم، وللتخلـّص من جمود الموقف، غير المتوقع. ربّما لم يكونوا على موعد مع أسير.
فجأة جاء صوت عبر جهاز الإرسال يسأل عن هويّة الأسير، فقال العريف لسعيد:
- من أنت؟
- أنا سعيد أحمد راحج.
قال العريف في جهاز الإرسال:
- يقول إنّ اسمه سعيد أحمد راجح، وفي البطاقة مكتوب الشيباني.
خشخش الصوت قائلاً:
- خذ كلّ ما يملك من وثائق شخصيّة.
تقدّم العريف وراح يفتتش بنفسه جيوب سعيد. وحينما لم يجد شيئاً، عاد ينظر في بطاقة سعيد الشخصيّة، ثمّ سار بها مسرعاً، وهو يقول للجنود:
- راقبوه جيّداً، وإذا حاول الفرار اطلقوا النار عليه فوراً.
ازداد انفعال الجنود وهم يسمعون كلمة إطلاق النار. ومن المدرّعة القريبة سمع سعيد صوت استدارة برج الرميّ، وحركة التأهّب التي اتخذها الرامي. أغمض عينيه وراح ينصت الى وشوشات الريح، وهي تختلط بأصوات انفجارات متقطـّعة آتية من أماكن ليست بعيدة كثيراً. فتح عينيه وهو يقف قرب شجيرات ورد الدفلى، بين أربع بنادق، تطوّقه من الجهات كلـّها. هل خسر معركته الأخيرة؟ معركة السياسة، ومعركة الحبّ، ومعركة الحرب! قال لكوسيما "أنا منتصر دائما"، نطق ذلك حينما منحته إشارة الثقة الأولى. كان شعرها الأصفر يشبه وردة صفراء في مزهريّة.
من على المرتفع المشرف على مدينة "كريتر"، رأى سعيد البيوت تنبسط أمامه. هناك تجلس كوسيما وحيدة في انتظاره، وهو يقف هنا ينتظر قرار موته. على جسر "ستشيني" وضعت كوسيما رأسها، وردتها الصفراء، على صدره، فأحسّ أنّها تضع أرفع الأوسمة فوق قلبه. هزّته مبادرتها الجريئة، بعد أن يئس من إمكان حدوث ذلك. حدث كلّ شيء بتلقائيّة. النسمات الباردة، التي تهبّ من جوانب الجسّر، تختلط الآن بالنسمات التي تتحرك في أعلى الطريق الجبليّة، حيث يقف في قمّة العقبة الفاصلة بين طريقي "كريتر" وتقاطع "المُعلاّ - خورمكسر". تدفـّقت مشاعره مثل مياه الدانوب. حينما وضعت رأسها على صدره أحسّ أنّ العالم كلـّه، وليس كوسيما وحدها، أصبح ملكه. لكنّها الآن بعيدة، وربّما بعيدة الى الأبد. احتبست الدموع في عينيه، وهو يتخيّل كوسيما متهاوية خلف الباب في انتظار عودته المستحيلة.
تنبّه سعيد الى حركة أحد المسلـّحين وهو يشير اليه بالتحرك. ما أن سار بضع خطوات حتّى رأى الملازم، قائد المجموعة، يخرج من فتحة الدبّابة، ثمّ يقفز منها، ويتجه نحوه، ماداً يده مصافحاً، ولكن ببرود وجفاء.
- مرحباً رفيق سعيد!
- مرحباً بك!
ردّ سعيد، وهو واثق أنّ الملازم تحقـّق من هويته، وهو يعرف الآن من هو.
- قلت للجنود إنـّك لم تكن برفقة المسلـّحين، وإنّك كنت ذاهباً الى بيتكم في"كريتر"، ولكن من أين أنت قادم؟
- من "المعلا".
- أين في "المعلا"؟
- مركز شرطة "المعلا".
- في ضيافة العصابة المتآمرة؟
لم يجب سعيد.
- تصطادون الدبّابات؟
- لست مقاتلاً، ولا علاقة لي بالدبّابات.
- كم بقيت هناك؟
- بقيت ليلة في "التواهي"، ثمّ انتقلت في سيّارة تابعة للإرسال التلفزيونيّ الى "المعلا".
- كنت في ضيافة علوي فرحان أيضاً.
- لم ألتق علوي فرحان. كنت في بار فندق "كرسنت"، في انتظار أفراد بعثة جامعيّة من دولة صديقة حينما وقع الحدث، وبقيت هناك.
- الحدث أم الإعدام الجماعيّ؟
لم يجب سعيد.
- كادر في سكرتاريّة اللجنة المركزيّة، ومحاضر في الفلسفة، يتلقى أوامره من العيسي! ويرافق صيّادي الدبّابات! هل يجوز هذا يا رفيق؟
لم يجب سعيد أيضا. هو يدرك أنّ الضابط قد حسم أمره، يريد استفزازه، وربّما يريد إثارته لغرض الصدام معه وتصفية الحساب معه بشكل مباشر.
حينما طال صمت سعيد بادر الضابط قائلاً:
- طيب، انتظر هنا قليلاً ، سأعود اليك.
أشار الضابط الى الجنود أن يصحبوا سعيد الى المدرّعة. فـُتح بابها. اقترب الضابط من المدرّعة وقال: "تفضل هنا"، وأغلق باب المدرّعة، فسادت عتمة خفيفة ممزوجة برائحة البارود المحترق. هو الآن في ضيافة عبث الحرب والموت. فكـّر سعيد في أنّه عالق في مصيدة الحرب بقوّة، بطريقة لا فكاك فيها. ولكن، هل يتحتـّم عليه أن يكون مُواجِها، يضرب عرض الحائط بكلّ شيء، بمصيره وحياته، مغلـّباً انفعاله على عقله، أم يتوجب عليه أن يكون واقعيّاً، من أجل كوسيما في الأقلّ. ربّما هو لا يخالف مبادئه لو فعل ذلك. هذه ليست معركته. لم تكن الحرب جزءاً من أفكار حسم الخلاف، التي تعاهدوا عليها. هو مضلـَّل أيضا، مُستـَدرج ومُستـَغفل بمعنى أو آخر، وهؤلاء الذين يحملون البنادق والقاذفات مستعدّون تماماً لهذه اللحظة منذ البدء. ولكن، هل سيكون الجنود واقعيين معه؟ ألن يحمـّلوه ثمن دبّابتهم المحترقة والمعطوبة وجنودهم القتلى والجرحى؟
فـُتح باب المدرّعة، ظهر الضابط مجدّداً وهو يقول بلهجة خالية من الودّ، ولكن أقلّ تشنـّجاً:
- رفيق سعيد! أنت معتقل. الأوامر العسكريّة تقتضي منّي أن أحافظ عليك، وأوصلك بسلام الى مقرّ القيادة. يريدون الاستماع الى أقوالك. ولكن يجب أن تعرف أنّنا محاصرون هنا، لا نستطيع التقدم الى أمام أو التراجع باتجاه "كريتر". نحن في انتظار مجيء النجدة، وهي الآن في الطريق، لأنّها في هذه اللحظة اجتازت عمارات ساحل أبين باتجاه مقرّ اتحاد الأدباء. ستؤمّن لنا الدبّابات القادمة طريقاً للانسحاب. الأوامر تقضي أن تكون معي في الدبّابة، لكنّي أفضلّ أن تكون الآن في المدرّعة لأنّها أقلّ ضيقاً، ما رأيك؟
- ليس لدي رأي. أنا معتقل.
- لست معتقلاً بهذا المعنى. الرفاق في القيادة الجماعية شدّدوا على أن تعامل كرفيق.
- شكراً.
نطق سعيد وهو لا يعرف من هم الرفاق في القيادة الجماعية.
- أنا عسكريّ، وعليّ تنفيذ الأوامر بحذافيرها، لكنّني أفضلّ أن تبقى في المدرّعة حتّى وصول الرتل، ثمّ تنتقل معي الى الدبّابة، ما رأيك؟
- هذا لطف منك.
نطق سعيد كلماته وهو يحسّ أنّ قرار موته تمّ تأجيله. قوى غامضة قرّرت منحه فرصة جديدة للبقاء، قرّرت رفع السيف عن رقبته. نطقها بتفاؤل وخجل، وهو يلمح وميضاً خاطفاً آتياً من خلف صخور المرتفع المقابل، تلاه دويّ انفجار يصمّ الآذان.
اهتزّ المشهد الجامد المحيط به بعنف. على إثر الانفجار طار جسد الضابط باتجاه الشجيرات القريبة. وقبل أن يتمكن سعيد من تقدير الموقف وإدراك حقيقة ما يحدث، سمع دويّ انفجار آخر، في مقدّمة العربة المدرّعة، وأحسّ بالعربة تلتهب مثل تنور، وموجة من النار والدخان تدفع جسده بعنف وترطمه بالحديد الحارق.

# فصل من رواية "امرأة وخمس نساء"، تصدر قريبا عن "دار الجمل".