فشل الحركة اليسارية الثورية المغربية ومهزلة انتخابات 07 أكتوبر 2016


الماركسيون اللينينيون الوحدويون المغاربة
2016 / 9 / 26 - 16:42     

في منتصف السبعينات من القرن 20 انطلقت الأطوار الأخيرة من تصفية الحركة اليسارية الثورية المغربية واستمرت ربع قرن من الزمن (1975 - 1999) تم فيه بلورة المشروع الجديد لسلطة دولة الكمبرادو بمشاركة الأحزاب الإصلاحية (الإتحاد الإشتراكي، التقدم والإشتراكية، منظمة العمل الديمقراطي الشعبي) والتحريفية (القيادات البرجوازية الصغيرة للمنظمات الماركسية ـ اللينينية)، عبر مساهمتها في عرقلة المشروع الثوري للحركة الماركسية ـ اللينينية المغربية ومباركة الحرب على الشعب الصحراء في ظل صفقة سياسية خيانية يؤطرها الفهم الأيديولوجي الإشتراكي ـ القومي، مما أعطي نفسا طويلا للنظام التبعي للإمبريالية بالمغرب واستمراره في انتهاك حق الشعب المغربي في تقرير مصيره انسجاما مع السياسات الإمبريالية عالميا وإقليميا التي تشرعن لاضطهاد الشعوب، وترويج ما سمي بانتصار "الجيوش العربية" على جيش الكيان الصهيوني في حرب أكتوبر 1973 التي شارك فيها "الجيش المغربي" من اجل التغطية على انتصارات الحرب الشعبية الفيتنامي على جسوش الإمبريالية الأمريكية، ووضع مخطط إمبريالي ـ صهيوني ـ رجعي لتصفية الحركة الثورية الفلسطينية وفتح باب التطبيع أمام دول الكمبرادور العربية مع العدو الصهيوني في مسلسل اتفاقيات "كامب ديفيد" التي لعب فيها دولة الكمبرادور بالمغرب دورا كبيرا في بلورة مضمون سياساتها الإمبريالية إقليميا، واستمراره في انتهاكات حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره وإنهاك كاهل الشعب المغربي بتكاليف الحرب على الصحراء التي تم اتخاذها مطية لانتهاك حقوقه المشروعة في الحرية والديمقراطية.

في ظل هذه الأوضاع تم التهليل والتطبيل لما يسمى النضال السياسي الديمقراطي من طرف الأحزاب الإصلاحية والتحريفية لتمرير ما سمي ب"المسلسل الديمقراطي" الذي انطلق مع انتخابات 76ـ77 في اندماجها التام في التطبيق الفعلي لسياسات دولة الكمبرادور التبعية للإمبريالية عبر مسلسل من التنازل الأيديولوجية والسياسية، التي حولت هذه الأحزاب إلى أدوات أيديولوجية وسياسية لتضليل الشعب المغربي عن الطريق الثوري وترويضه على تقديس صكوك العبودية والطاعة التي يتم سنها من داخل دهاليز القصر بدعم من المخابرات الإمبريالية، في اندماج تام للنظام التبعي بالمغرب في السياسات الإمبريالية العالمية التي تهدف إلى تصفية الحركة العمالية الثورية والحركة الماركسية ـ اللينينية عالميا وإقليميا والسيطرة التامة على خيرات الشعوب المضطهدة، وبالتالي تأييد ونشر الفكر الظلامي ضد الفكر الماركسي اللينيني بعد تطويع التجارب الإشتراكية بروسيا والصين وشرق أوربا ووضعها في سكة الإندماج التام في النظام العالمي في ظل السياسات الإمبريالية الجديدة للدول الإحتكارية.

وقد تجسدت السياسات الإندماجية للأحزاب الإصلاحية والتحريفية بالمغرب في هذا المسلسل التصفوي في الواقع الملموس عبر إخضاعها للبرامج الحكومية التصفوية للمؤسسات الوطنية الصناعية والفلاحية والمالية رغم الغوغاء التي تعج بها منابرها الإعلامية لتضليل الشعب المغربي، وتبرير مشاركتها في مهزلة الإنتخابات التشريعية باسم ما يسمى "المعارضة" في أول الأمر خلال السبعينات والثمانينات من القرن 20، السنوات التي تمت فيها المصادقة على جميع القوانين التصفوية بتنفيذ ما يسمي بنود "التقويم الهيكلي" التي سطرت الطريق التخريبي للإقتصاد الوطني تطبيقا للسياسات الإستعمارية الجديدة ل"صندوق النقد الدولي"، التي أصبحت مرجعا أساسيا في جميع البرامج الإقتصادية والإجتماعية والثقافية لحكومات القصر باعتبارها أدوات تنفيذية تصفوية بدعم تام من البرلمان بغرفتيه التي تشارك فيها الأحزاب الإصلاحية والتحريفية، وتبقى الجماعات المحلية مجالا حيويا لتصريف هذه السياسات الطبقية على مستوى المدن والبوادي عبر نهب خيرات الشعب المغربي بالإرشاء والإرتشاء كوسائل لترويض هذه الأحزاب من أجل القبول بالمشاركة في المسلسل التصفوي للإقتصاد الوطني.

خلال هذين العقدين تم قمع الإنتفاضات الشعبية للعمال والفلاحين والطلبة والشبيبة المدرسية في محاولة يائسة لتصفية الفكر التقدمي خاصة الماركسي اللينيني ونشر الفكر الظلامي، وفتح المجال أمام التنظيمات الظلامية بالجامعات تحت إشراف أجهزة البوليس السياسي للقضاء على الحركة الطلابية الثورية وإعدادها للتنظيم السياسي خارج الجامعات، إنسجاما مع السياسات الإمبريالية العالمية ضد التجارب الإشتراكية العالمية التي تم تتويجها بهزيمة الحزب الشيوعي التحريفي السوفييتي بأفغانستان وصعود النظام التيوقراطي بإيران ليتم رسم معالم الصراعات الإقليمية وتقسيم العمل عالميا، ولعب النظام التبعي بالمغرب دورا كبيرا في بلورة هذه الصراعات الإقليمية الثانوية عبر المشاركة في الحروب ضد ـ ثورية بإقريقيا وتنظيم مؤتمرات "الدول الإسلامية" وإحداث ما سمي "لجنة القدس" في عز الحرب الأهلية اللبنانية والحرب بين العراق وإيران، هذه الحروب التي عبرت عن بداية مرحلة جديدة من الحروب اللصوصية بعد انتصار الحرب الشعبية الفيتنامية على الإمبريالية الأمريكية ليتغير محور الحروب اللصوصية من "الشرق الأدنى" إلى "الشرق الأوسط" وإقريقيا، ويتغير المحور الأيديولوجي لهذه الحروب من الصراعات الأساسية بين الإشتراكية والرأسمالية إلى الصراعات الثانوية داخل المنظومة الإمبريالية عبر تفعيل "الحروب الطائفية" من أفغانستان إلى إفريقيا مرورا بالعراق، ويبقى البعد السياسي للحروب اللصوصية الجديدة ثابتا وهو نهب خيرات الشعوب المضطهدة وحماية الكيان الصهيوني من أجل السيطرة الإمبريالية على الطاقة والمعادن، ولم تمر هذه الفترة دون انتفاضات شعبية (1981، 1984، 1990) كتعبير شعبي عن رفضه التام لهذه السياسات الطبقية.

وفي بداية التسعينات من القرن 20 تمت أطوار تصفية الحركة النقابية للكونفدرالية الديمقراطية للشغل باعتبارها ما تبقى من الحركة الثورية عبر الإدماج التام لقياداتها البرجوازية الصغيرة في المسلسل السياسي التصفوي في انتخابات 92-93، حيث تم إدماج هذه الفئة من البرجوازية الصغيرة في البرلمان بغرفتيه والجماعات المحلية خاصة بكبريات المدن مما أهل الكونفدرالية الديمقراطية للشغل لمنافسة الإتحاد المغربي للشغل في الولاء للقصر وتطبيق سياساته الطبقية التصفوية في حق الطبقة العاملة، ذلك ما تجلى في مؤتمرها الوطني في 1994 الذي شرف المجرم إدريس البصري بتقديم خطابه المشهور أمام غضب المناضلين الكونفدراليين الرافضين للبيروقراطية النقابية، وتتويج هذا الفعل الإنتهازي بالتوقيع على ما يسمى "إتفاق فاتح غشت 1996" الذي ضرب في الصميم ما تبقى من حقوق الطبقة العاملة لفسح المجال لتمرير مسلسل تصفية المؤسسات الإنتاجية الوطنية وطرد العمال.

واكتملت شروط التأهيل التصفوي للأحزاب الإصلاحية والتحريفية بمباركة السياسات التصفوية للنقابات الرجعية ضد الطبقة العاملة خدمة للمشروع السياسي الطبقي للنظام التبعي بالمغرب، وتقديم نفسها أداة بديلة في يد القصر لتنفيذ السياسات الطبقية على المستوى الإقتصادي في المشروع الحكومي لما يسمى "حكومة التناوب" في 1998 المرتكز على تنفيذ مشروع خوصصة المؤسسات الإقتصادية الوطنية، لتعلن نهاية الفصل الأول من الطريق التصفوية الذي سطرته هذه الأحزاب لتشرع في بداية طريق الإجهاز التام على باقي المكتسبات التاريخية للشعب المغربي فيما يسمى ب"العهد الجديد"، الذي تعهد فيه مهندس التصفوية عبد الرحمان اليوسفي في خطابه المشهور أمام البرلمان في 1998 على السير في بناء طريق التصفوية الجديد في القرن 21 بتطبيق القوانين الطبقية القمعية للحرية والديمقراطية، في نفس الوقت الذي يتم فيه الترويج لما يسمى "طي صفحة الماضي" لتبرئة دولة الكمبرادور من جرائمها السياسية والإقتصادية في حق الشعب المغربي في تقري مصير مقابل تعويضات مادية ومعنوية للمعتقلين السياسيين السابقين.

وفي أزيد من عقد ونصف من الزمن (1999 ـ 2016) مما يسمى "العهد الجديد" الذي عاش الشعب المغربي تحت نير الأساليب الجديدة للإضطهاد التي سطرتها حكومة الخائن اليوسفي في جميع قوانينها الرجعية، لكن ذلك لم يمر دون سفك دماء الجماهير المنتفضة بالمدن والبوادي وعلى رأسها العمال والفلاحون خلال الحركة الإحتجاجية الجديدة التي بلغت مداها في "حركة 20 فبراير"، والتي تم إجهاضها بنفس الأدوات السياسية الحزبية الإصلاحية والتحريفية بقياداتها البرجوازية الصغيرة التي ساهمت في ضرب حق الشعب المغربي في تقرير مصيره.

فعن أي مشاركة أو مقاطعة تتحدث هذه الأحزاب الإصلاحية والتحريفية في مهزلة 07 اكتوبر 2016 ؟

هذه الأدوات السياسية البرجوازية الصغيرة التي تم تحديد هويتها الأيديولوجية والسياسية خلال مساهمتها في إفشال الحركة السياسية الثورية المغربية وهجومها المستمر على تعبيرات الحركة الماركسية اللينينية المغربية داخل الجامعات وخارجها، في تطبيق تام لتعهداتها بالعمل داخل المنظومة الشرعية والقانونية لدولة الكمبرادور دون تجاوز الخطوط الحمراء التي تحددها البرامج الحكومية التصفوية، في ظل التنافس السياسي الرجعي من أجل الظفر بخدمة السياسات الطبقية للنظام التبعي للإمبريالية بالوزارات والبرلمان والجماعات الحضرية والقروية والمؤسسات المالية والإنتاجية والخدماتية .. دون المساس بالهوية الإيديولوجية والسياسية لدولة الكمبرادور الرجعية.

هكذا فإن الماركسيين اللينينيين الوحدويين المغاربة انسجاما مع هويتهم الأيديولوجية والسياسية يعلنوا رفضهم التام للسياسات الطبقية التصفوية لدولة الكمبرادور برمتها واستعدادهم لمواجهتها، ويعتبرون مرور محطة 07 أكتوبر 2016 ما هو إلا تعبير من تعبيرات استمرار إفشال الحركة السياسية الثورية المغربية منذ 60 سنة مضت من التنازلات الأيديولوجية والسياسية للأحزاب الإصلاحية والتحريفية، التي تساهمت من موقعها السياسي في جوقة حكومة القصر من داخلها أو خارجها من أجل تضليل الشعب المغربي عن استراتيجية الطريق الثوري في علاقتها باستراتيجية بناء الحزب الماركسي ـ اللينيني المغربي، الأداة الثورية الكفيلة بتقرير مصير الشعب المغربي بقيادة الطبقة العاملة المغربية التي يجب تحريرها من قيود عبودية دولة الكمبرادور.