محاضرات في الإقتصاد السياسي للرأسمالية - المحاضرة الثانية: السلعة. ج2


حاتم بشر
2016 / 9 / 22 - 11:17     

يشتمل تحليل السلعة على العناصر الآتية:
1-القيمة الإستهلاكية للسلعة.
2-القيمة التبادلية وقيمة السلعة.
3-الطبيعة المزدوجة للعمل المتجسد في السلعة.
4-التقدير الكمي للقيمة.
ولسوف نتناول تلك العناصر تباعا بشيء من التفصيل..
أولا: القيمة الإستهلاكية للسلعة
قلنا في الجزء الأول من هذه المحاضرة أن السلعة، في أبسط معنى لها، هي شيء يشبع أو يلبي احتياجات انسانية معينة.
وإن فائدة السلعة أو نفعها، أي قدرتها على اشباع احتياجات انسانية معينة؛ هي ما نسميه بـ"القيمة الإستهلاكية"...((إن منفعة شيء من الأشياء تجعل منه قيمة استهلاكية-ماركس)).
إن فائدة الشيء المعين أو قيمته الإستهلاكية تكمن في خواصه الملموسة(خواصه الفيزيائية او الكيميائية..الخ). يقول ماركس: ((..كل شيء من الأشياء هو مجموعة من الخصائص المختلفة، ويمكن بالتالي أن يكون نافعا من نواح مختلفة)). فكر في أي سلعة مهما كانت، ستجد أنها تحتوي على خاصية أو خواص معينة ملموسة نافعة أو ذات فائدة. وهذه الفائدة تتحقق فعلا أثناء إستهلاك الشيء. ومع تطور العلم والتقنية يكتشف البشر في الأشياء خواصا جديدة يقومون بإستغلالها في اشباع حاجاتهم.
وعندما نتأمل الثروة الإجتماعية، سنجد أنها في مجملها عبارة عن أشياء نافعة، عبارة عن قيم استهلاكية. إنها، بتعبير ماركس((مادة الثروة)).
والآن..
فإن كل سلعة، بالضرورة، هي قيمة استهلاكية(=شيء ذو فائدة). ولكن، ليست كل قيمة استهلاكية، بالضرورة، هي سلعة.
ما معنى هذا؟
معناه أنه لكي تصير القيمة الإستهلاكية سلعة، لكي نعتبرها سلعة، لا بد لها من شَرْطَيْن متضافرين لا يمكن الحديث عن أحدهما بمعزل عن الآخر:
الشرط الأول:
لا تُعتبر القيمة الإستهلاكية سلعة، إلا إذا استهلكها شخوص آخرين غير المنتج الذي قام بإنتاجها، إلا إذا "انتقلت" من المنتج إلى أشخاص آخرين غيره يستعملونها في إشباع حاجاتهم. وفي حالة ما إذا ما كان المنتج نفسه هو الذي يستهلك نتاج عمله؟ في هذه الحالة فإن هذا النتاج، هذا الشيء النافع، هذه القيمة الإستهلاكية، لا تعتبر سلعة.
الشرط الثاني: قلنا أنه لكي تعتبر القيمة الإستهلاكية سلعة لا بد لها من شرطين "متضافرين". والآن سيتضح معنى "التضافر". في الشرط الأول قلنا أنه لا بد لنتاج العمل النافع(=القيمة الإستهلاكية) أن ينتقل من المنتج الى غيره لكي يعتبر سلعة. وهنا، سوف نضيف شرطا ثان:
لكي تعتبر القيمة الإستهلاكية سلعة لا بد لها، بالضرورة، أن تنتقل وأن يتم تبادلها. ولكن، ليس كل انتقال للقيمة الإستهلاكية يجعلها سلعة.
ما معنى هذا؟
معناه أنه لا بد للقيمة الإستهلاكية، لكي تصير سلعة، ليس أن تنتقل فحسب، بل أن تنتقل عن طريق ((الشراء والبيع)). وفي حالة إذا ما انتقلت القيمة الإستهلاكية عن غير طريق الشراء والبيع؟ في هذه الحالة لا تعتبر القيمة الإستهلاكية سلعة. ولنضرب مثلا أورده انغلز في حاشية ضافية في رأس المال:
لقد كان نتاج عمل الفلاح القن في عهد الإقطاعية ينتقل إلى السيد الإقطاعي. فهل كان نتاج عمل الفلاح القن يعتبر لذلك سلعة؟ كلا! لماذا؟ لأنه كان ينتقل في صورة ريع اقطاعي، وليس في صورة بيع وشراء.