الحركة العمالية والقيادة الشيوعية في العراق


عادل احمد
2016 / 9 / 4 - 23:37     

ان تحليل وتفسير الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية لوحدها ليس بالضرورة ان يؤدي الى اي تغير في مسار المجتمع. ليس من المهم كيف ننظر الى الأوضاع بقدر كيف نغير هذه الأوضاع. ان كيفية تغيير الأوضاع هو المفتاح في اثبات صحة اسس التحليل السياسي الاصلي والواقعي على اساس علمي وماركسي. ان اساس الحركة الشيوعية يتمحور في هذه النقطة. ان العالم الرأسمالي لم ولن يتغير الا بحركة معاكسة ومضادة لنهج ومعالم الرأسمالية. وهذه الحركة ما هي الا حركة الشيوعية المناهضة لنظام الرأسمالي والعمل المأجور. ان تعاليم الماركسية ومنهجها في ذاتها لن تغير العالم حتى وان اقتنع الملايين بصحة هذه التعاليم والمنهج، لان الاخذ بهذه التعاليم كفكرة ورؤية تعني تفسير العالم بطريقة اخرى مثل بقية التفسيرات وهذا النمط انتقده كارل ماركس في كل تأريخ حياته. المهمة الرئيسية هي كيفية الاخذ بهذه التعاليم والمنهج من اجل الاجابة عن متطلبات الحركة العملية والواقعية، والموجودة داخل الحركة العمالية وفي المجتمع وهي حركة الشيوعية العمالية.
ان طريق الثورة الشيوعية هو العمل على تغيير السلطة والنظام الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للمجتمع. والثورة الشيوعية لا تحدث الا بوجود حركة الشيوعية العمالية القوية والتي بأمكانها خنق النظام الرأسمالي في كافة المجالات النظرية والعملية. لا تحدت الثورة الشيوعية بدون حركة شيوعية قوية، ولا توجد حركة شيوعية قوية بدون نظرية ثورية كما يقول لينين. اذن المسألة الاصلية تكمن بوجود الحركة العمالية في المقام الاول ومرهونة بقوة الحركة الشيوعية، ومن ثم كيفية اتجاه ومسار هذه الحركة عن طريق النظرية الثورية المنبثقة من صلب مصالح هذه الحركة والطبقة العاملة.
ان حركة الشيوعية العمالية في العراق كحركة واقعية وعملية ضعيفة. ان هذا الضعف هو نتاج الوضع الطبقي للعمال بالدرجة الاساسية والتي هي ضعيفة ايضا. عندما تكون الطبقة العاملة في وضع احسن امام البرجوازية فأن كافة الميول الاجتماعية في داخلها تكون في وضع احسن ومن ضمنها الميل الشيوعي، والذي هو من اكثر الميول فعالية وأنسجام. ولكن عندما تكون الطبقة العاملة وحركتها في وضع غير ملائم امام البرجوازية فأن الميل الشيوعي غير قادر على تجاوز نطاق وضع طبقته العمالية. هذه هو قانون القوة والتجاذب في الطبيعة. الميل الشيوعي يكسب قوته من داخل طبقته ومن ثم في المجتمع. لا يمكن تقوية الشيوعية العمالية في المجتمع بدون تقوية هذا الميل داخل الطبقة العاملة. والسبب الثاني هو ضعف القيادة في الحركة الشيوعية. القيادة هي رأس الحركة وهي المسؤلة عن المنعطفات ومسارات حركتها. ان القيادة الشيوعية هي القادرة على النهوض بالحركة العمالية وتوسيع احتجاجاتها وتنظيمها اذا هي حقا جزء من الميل الشيوعي. ان القيادة الشيوعية ومن صلب واجبها تشخيص ضعف حركتها وكيفية القيام ببدء مهام وتكتيكات ثورية من اجل دفع مجمل الحركة العمالية الى الامام، ومن ثم تقوية الميل الراديكالي والثوري داخلها. اذا لم تنبثق القيادة الشيوعية من هذا الميل الشيوعي ولم تتحرك وفق مصالح هذا الميل، ليس بأمكانها التغلب على الضعف والتفرقة والتشتت الطبقي للعمال. نحن نفتقر الى هذه القيادة والى هذا النمط من العمل.
ان احد الاسباب الرئيسية لضعف القيادة الشيوعية هو عدم وجود قيادة الميل الشيوعي العمالي التي تعمل في ظل أوضاع السيناريو الاسود في العراق والمنطقة. ان عدم وجود الرؤية الواضحة والتجربة في تغيير الاوضاع التي سميتها بالسيناريو الاسود في المجتمع ينعكس على القيادة الشيوعية ايضا، وهذا ادى الى أن تراوح في مكانها ولم تقم بخطوات للخروج من هذا الوضع، ليس هذا وحسب بل تأثر قسم كبير من عناصرها وأضطر للخضوع لهذه الاوضاع المأساوية. ان قيادتنا للحركة الشيوعية هي انعكاس لمواقعنا الطبقي غير العمالي وليس انعكاسا لمكانة التيار الشيوعي داخل الطبقة العاملة.
اذن ما هي المشكلة وكيف نحاربها؟ انا طرحت قسم من المشكلة من وجهة نظري حول ضعف حركة الشيوعية العمالية في العراق. ووجهة نظري هذه فيها تشخيصات عمومية ولم يكن بأمكاني أن اتطرق اليها في هذا العمود الثابت من جريدة الى الامام بالتفصيل، ولكن احاول بحث هذا الموضوع في مكان اخر، كون هذه المسالة هي مسألة جدية فلا بد ان نرجع اليها دائما ونبحثها بأستمرار كي نتمكن من ايجاد الحلول المناسبة لها.
برأيي ان المهمة الرئيسية في الوقت الحاضر هي ايجاد ملامح حركة الشيوعية العمالية ومعالمها في المجتمع العراقي. علينا ان نجد الية لظهور هذه الحركة على السطح وان نقوم بتكتيكات ثورية لجذب الطبقة العاملة نحوها ونحو مسارها الثوري. ولايجاد هذه الحركة الى العلن نحتاج الى صف من القيادة المسجمة ذات افق ماركسي وثوري ومتسلح بالافاق العمالية والثورية ومؤمن بالعمل والنضال الشيوعي، ويضع مصالح الطبقة العاملة وافاقها فوق كل المصالح الاخرى الضيقة. وان تتمتع هذه القيادة بروح المثابرة والمعنوية العالية للنضال البطولي للطبقة العاملة وغير المتزعزعة والمتذبذبة، ويكون كل مشغلتها هي حركة الطبقة العاملة وتقدمها.