عن الدولة في المرحلة الانتقالية من الرأسمالية إلى الشيوعية


علي عامر
2016 / 9 / 2 - 01:16     

الموقف الماركسي الصحيح من الدولة في المرحلة الانتقالية, يقوم هذا الموقف على الأسس التالية:

* لينين: "إنّ نظرية ماركس بأكملها تتلخص في كونه يطبق على الرأسمالية الحديثة نظرية التطوّر بشكلها الأتم والأكمل و المنسجم والغني المضمون. وطبيعي إذن أن تطرح أمام ماركس مسألة تطبيق هذه النظرية كذلك على انهيار الرأسمالية المقبل وعلى التطوّر المقبل للشيوعية".

* لينين: "إن النقطة الأولى التي أثبتتها بكل الدقة نظرية التطور كلها والعلم كله بوجه عام, والتي نسيها الطوبوين وينساها الانتهازيون الحاليون الذين يخشون الثورة الاشتراكية هي واقع إنه لا بد تاريخياً من طور خاص أو مرحلة خاصة للانتقال من الرأسمالية إلى الشيوعية".

* ماركس في نقد برنامج غوتا يقول: "بين المجتمع الرأسمالي والمجتمع الشيوعي, تقع مرحلة تحوّل المجتمع الرأسمالي تحوّلاً ثورياً إلى المجتمع الشيوعي, وتناسبها مرحلة انتقال سياسية , لا يمكن أن تكون الدولة فيها سوى الديكتاتورية الثورية للبروليتاريا".

* لينين: "فيما مضى كانت المسألة تطرح بالشكل الآتي: يتوجب على البروليتاريا , لكيما تكتسب حريتها , أن تسقط البرجوازية وأن تظفر بالسلطة السياسية وأن تقيم ديكتاتوريتها الثورية".

* ينم هذا الموقف الأخير, عن غياب التفكير العلمي والنظرة التخطيطية للقضايا, أمّا حين طوّر ماركس رأيه العلمي بخصوص الدولة, فأصبحت القضية كالتالي: يقول لينين: "أما الآن فتطرح المسألة بشكل يختلف بعض الشيء: ان الانتقال من المجتمع الرأسمالي بسبيل التطوّر نحو الشيوعية, إلى المجتمع الشيوعي, يستحيل دون (مرحلة انتقال سياسية), ولا يمكن للدولة في هذه المرحلة أن تكون غير الديكتاتورية الثورية للبروليتاريا".

* ما هو موقف ديكتاتورية البروليتاريا من الديمقراطية؟

* لينين: "الديمقراطية في المجتمع الرأسمالي , مضغوطة على الدوام في إطار ضيّق من الاستثمار الرأسمالي, وهي تبقى لذلك على الدوام في جوهرها, ديمقراطيّة للأقليّة, للطبقات المالكة, للأغنياء وحدهم".

* لينين: "إن الحرية في المجتمع الرأسمالي... حرية لمالكي العبيد".

* ماركس في تحليله للكومونة وصف الديمقراطية البرجوازية: "يُسمح للمظلومين مرة كل عدة سنوات بأن يقرروا : من من ممثلي الطبقة الظالمة سيمثلهم في البرلمان ويسحقهم!".

* لينين: "التطوّر للأمام نحو الشيوعية, يتم عبر ديكتاتورية البروليتاريا, ولا طريق غير هذا الطريق, لأنّه ما من طبقة أخرى أو طريق آخر لتحطيم مقاومة المستثمرين الرأسماليين".

* من أهداف ديكتاتوريّة البروليتاريا, توسيع الديمقراطيّة, التي ستصبح ديمقراطيّة للفقراء, ديمقراطيّة للشعب, ولكن كيف يتم التوفيق بين كونها ديكتاتوريّة و بين دورها في توسيع الديمقراطية؟

* لأنها حسب لينين: "تفرض جملة من التقييدات على الحرية حيال الظالمين, المستثمٍرين, الرأسماليين".

* لذا ومن هذه المهمة بالذات, مهمة القضاء على الظالمين, البرجوازين, وتقييد حرياتهم, وقمعهم, يبرز دور الدولة في الفترة الانتقالية.

* يقول انجلس في رسالته إلى بيبل: "إن البروليتاريا بحاجة إلى الدولة لا من أجل الحرية, بل من أجل قمع خصومها , وعندما يصبح بالامكان الحديث عن الحرية , عندئذ تزول الدولة".

* لينين: "ديمقراطيّة من أجل الأكثرية العظمى من الشعب, وقمع بالقوة - استثناء من الديمقراطية- للمستثمٍرين, لظالمي الشعب, هذا هو التغيير الذي يطرأ على الديمقراطية أثناء الانتقال من الرأسمالية إلى الشيوعية."

* متى تزول الدولة؟

* لينين: "في المجتمع الشيوعي فقط, عندما تحطم مقاومة الرأسماليين بصورة نهائية, عندما يتلاشى الرأسماليون, عندما تنعدم الطبقات, عندها فقط تزول الدولة, ويصبح بالامكان الحديث عن الحرية."

* لينين: "عندئذ تتحقق الديمقراطية الكاملة حقاً, الديمقراطية الخالية حقاً من كل قيد."

تلخيص: ديكتاتورية البروليتاريا الثورية, هي كما كل المفاهيم الماركسية تخضع لقانون الهوية الجدلية (وحدة النقيضين: ديكتاتورية ديمقراطية).

فهي ديمقراطيّة, لأنها تسعى لتوسيع الديمقراطية لمعظم فئات الشعب والفقراء, وتحويلها لديمقراطية حقيقة, بدلاً من الديمقراطية الزائفة, ديمقراطية الأقلية البرجوازية.

و هي ديكتاتورية وتحتاج جهاز الدولة, من أجل قمع أعداء الشعب, والظالمين , والرأسماليين, وتقييد حريتهم, ونزع وتصفية ملكياتهم, وما أن تنتهي هذه المهمة, عند تلك اللحظة من انتزاع آخر ملكية خاصة, عند تلك اللحظة بالذات, ينتهي دور الدولة التارخية, وتتلاشى مرّة واحدة وللأبد.

فإذا كانت الملكية الخاصة هي سبب نشوء الدولة, فإنّ الدولة ستقضي على ذاتها, حين تنقلب للقضاء على سببها.

وبهذا الموقف الماركسي المتكامل, تتميز الماركسية وتعلو فوق تيّار اللاسلطوية والأناركية حين تحدد دور وضرورة الدولة في المرحلة الانتقالية.

كما تسمو الماركسية على التيّارات التي تعتقد بخلود الدولة, مثل الاصلاحية والليبرالية وغيرها, وتؤكد حتميّة فنائها, من حيث أنّها جاءت لتلعب دوراً محدداً في التاريخ, وستنتهي بنهايته.