الجدل الهيجلي في مؤلف رأس المال - 7


علي عامر
2016 / 9 / 1 - 22:28     

{قراءات في كتاب رأس المال في ضوء الجدل الهيجلي}- 7

الفرضية:

1- الماركسية ليست الا تطبيق الهيجلية في وسط مادي.

" كان الديالكتيك يسير على رأسه، ويكفي اعادته على قدميه لكي نرى له هيأة معقولة"

2- ماركس التزم حرفيا بالمنهج الجدلي.

"اعلنت نفسي تلميذا لهذا الفيلسوف العظيم"

وهذا ما سيتم اثباته في هذه السلسلة.

الحلقة السابعة: تشريح الشبح, تحديدات الكتلة البشرية.

نقتبس من الحلقة السابقة ما يلي:

{يقول ماركس في رأس المال: "لننظر الآن ماذا بقي من منتوجات العمل. لم يبق منها سوى شبح مشترك لها كلّها, سوى مجرّد كتلة من العمل البشري غير المتمايز, أي إنفاق قوّة العمل البشرية بصرف النظر عن شكل هذا الإنفاق.
...أي وحسب ماركس, في خضمّ الانتقال من البضاعة إلى ماهيّتها, وهي العمل البشري المبذول فيها, وقبل الولوج إلى تحديدات الماهية وتمايزها, أو شكل العمل البشري المبذول, لا بدّ من العبور في هذه المنطقة الانتقالية التي تظهر كشبح, أو ككتلة غير متمايزة من العمل البشري, التي تفصل البضاعة وتحديداتها, عن العمل البشري وتحديداته أو شكله.} انتهى الاقتباس من الحلقة السابقة.

وإذا كنّا قد انتهينا من تحليل البضاعة (دائرة الوجود عند هيجل), وبدأنا بتحليل العمل البشري المبذول في البضاعة (دائرة الماهيّة عند هيجل), فسنأخذ هذا (الشبح, كتلة من العمل البشري غير المتمايز) من جهة العمل البشري, أي سننظر لهذه الوحدة التي يتماهى فيها الوجود مع الماهيّة من جهة الماهيّة, من جهة العمل البشري, وبهذا نكون قد تخطينا العتبة التي تفصل الدائرتين, وإن كنّا لم نتجاوزها تجاوزاً كاملاً بعد.

حيث يقول ماركس:
1-" الذي يخلق جوهر القيمة, عمل إنساني متجانس, اي بذل قوّة عمل متجانسة."
2-"والمجموع الكلّي لقوّة عمل المجتمع كما يتمثّل في القيمة الإجمالية لكافّة السلع التي ينتجها المجتمع, يُحسب هنا ككتلة متجانسة من الطاقة الإنسانية على العمل وإن كان مكوّناً من وحدات مفردة لا عداد لها."
3-"كل وحدة من وحدات قوّة العمل تماثل الأخرى, من حيث أنّ لها خواص متوسط قوّة العمل الاجتماعيّة."

إذن هنا يبدأ ماركس بكشف حقيقة الشبح الذي ذكره أعلاه, يبدأ في الولوج بتحديداته الداخلية, فها هو, يحدد التمايز الداخلي الأوّل, داخل تلك الكتلة المتجانسة وغير المتمايزة من العمل البشري, فها هو يقول لنا, أنّ تلك الكتلة التي بدت متجانسة بداية, ذاك الشبح الذي ظهر أصم بدايةً, ليسا كذلك.
فكتلة العمل البشري التي ظهرت بدايةً ككتلة متجانسة, وغير متمايزة, تكشّف لنا ومن خلال سير المنهج, وعن طريق هذا المشوار الجدلي (الشاق والشيّق) الذي نخوض غماره, أنّها ليست كذلك, بل هي كتلة من التمايزات, حيث تتكوّن من "وحدات مفردة لا عداد لها" حسب تعبير ماركس.
ثم يؤكد ماركس: "أنّ كل وحدة من وحدات قوّة العمل تماثل الأخرى".
إذن فنحن نقف عند نقطة, ندرك فيها كتلة العمل البشري, المنتجة للعدد اللّانهائي من البضائع, ككتلة تتكوّن من وحدات (مفردة) و (متماثلة) و (لانهائية) من العمل البشري.

يقول هيجل في الموسوعة, فقرة 114, في ترجمة لإمام عبدالفتاح إمام:
"لأنّه طالما أنّ فكرة واحدة بعينها هي التي تسود المنطق كلّه, فسوف يظهر في سير الجدل في دائرة الماهيّة نفس الخصائص أو الحدود التي ظهرت في سيره في دائرة الوجود, ولكن في صورة منعكسة."
لذا فقد ظهرت البضاعة (دائرة الوجود), في عدد لا نهائي من الوحدات, يقول ماركس: "تبدو ثروة المجتمعات التي يسودها الأسلوب الرأسمالي في الإنتاج, تراكماً واسع النطاق من السلع, ووحداته التي يتكوّن منها عبارة عن السلع الفرديّة", أي أنّ عدد البضائع المنتجة, هو عدد لانهائي من السلع الفرديّة. كذلك ظهر أساسها في (دائرة الماهيّة) وهو كتلة العمل البشري, ككتلة تتكوّن من عدد لانهائي من وحدات العمل البشري المتماثلة.

وكما قال ماركس بدايةً عن السلع أنّها:"حاجات لا تختلف ماهيّتها". كذلك يقول عن وحدات العمل البشري بأنّها "متماثلة".
في تحقق عملي تاريخي لقول هيجل:"فسوف يظهر في سير الجدل في دائرة الماهيّة (العمل البشري عند ماركس) نفس الخصائص أو الحدود التي ظهرت في سيره في دائرة الوجود (البضاعة عند ماركس), ولكن في صورة منعكسة".
أو لنكون صحيحين, ليست فكرة هيجل هي التي تحققت عملياً وتاريخياً, ولكن التاريخ العملي الحقيقي انعكس في دماغ هيجل كفيلسوف, أو أنّ هييجل استطاع أن يكتشف حقيقة الوجود.